و الاستسقاء دعاء مخصوص فأراد الحق أن يكون ذلك الدعاء في مناجاة مخصوصة يدعو فيها بتحصيل قسمه المعنوي من الهداية إلى الصراط المستقيم صراط النبيين الذين هداهم اللّٰه تهمما بطلب الأول الذي فيه السعادة المخصوصة بأهل اللّٰه ثم بعد ذلك يستسقون في طلب ما يعم الجميع من الرزق المحسوس الذي يشترك جميع الحيوانات و جميع الناس من طائع و عاص و سعيد و شقي فيه فابتدأ بالصلاة ليقرع باب التجلي و استجابة الدعاء فيما يزلف عند اللّٰه فيأتي طلب الرزق عقيب ذلك ضمنا ليرزق الكافر بعناية المؤمن و العاصي بعناية الطائع فلهذا شرعت الصلاة في الاستسقاء
[عبودية الاختيار و عبودية الاضطرار]
فعبودية الاختيار قبل عبودية الاضطرار تأهب و استحضار و تزيين محل و تهيؤه و عبودية الاختيار عقيب عبودية الاضطرار شكر و فرح و بشرى بحصول عبودية الاضطرار فالأولى بمنزلة النافلة قبل الفرض و الثانية بمنزلة النافلة بعد أداء الفرض «لما بشر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بأن اللّٰه قد غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر : تنفل حتى تورمت قدماه فسئل في ذلك فقال أ فلا أكون عبدا شكورا»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية