﴿عَذْبٌ فُرٰاتٌ﴾ [الفرقان:53] و منه ﴿مِلْحٌ أُجٰاجٌ﴾ [الفرقان:53] و منه مر زعاق
[ماء الغيث و العلم اللدني]
و ماء الغيث على حالة واحدة ماء نمير خالص سلسال سائغ شرابه و هذه علوم الأفكار الصحيحة و العقول فإن علوم العقل المستفادة من الفكر يشوبها التغير لأنها بحسب مزاج المتفكر من العقلاء لأنه لا ينظر إلا في مواد محسوسة كونية في الخيال و على مثل هذا تقوم براهينها فتختلف مقالاتهم في الشيء الواحد أو تختلف مقالة الناظر الواحد في الشيء الواحد في أزمان مختلفة لاختلاف الأمزجة و التخليط و الأمشاج الذي في نشأتهم فاختلفت أقاويلهم في الشيء الواحد و في الأصول التي يبنون عليها فروعهم و العلم اللدني الإلهي المشروع ذو طعم واحد و إن اختلفت مطاعمه فما اختلفت في الطيب فطيب و أطيب فهو خالص ما شابه كدر لأنه تخلص من حكم المزاج الطبيعي و تأثير المنابيع فيه فكانت الأنبياء و الأولياء و كل مخبر عن اللّٰه على قول واحد في اللّٰه إن لم يزد فلا ينقص و لا تخالف يصدق بعضهم بعضا كما لم يختلف ماء السماء حال النزول فليكن اعتمادك و طهورك في قلبك بمثل هذا العلم و ليس إلا العلم بالشرع المشبه بماء الغيث و إن لم تفعل فما نصحت نفسك و تكون في ذاتك و طهورك بحسب ما تكون البقعة التي نبع منها ذلك الماء فإن فرقت بين عذبه و ملحه فاعلم إنك سليم الحاسة و هذه مسألة لم أجد أحدا نبه عليها فإن آكل السكر بالحلاوة في السكر كذلك و في مرارة الصبر ليس بصحيح و لا يقتضيه الدليل العقلي و قد نبهناك إن تنبهت فانظر ثم يا وليي استدرك استعمال علوم الشريعة في ذاتك و علوم الأولياء و العقلاء الذين أخذوها عن اللّٰه بالرياضات و الخلوات و المجاهدات و الاعتزال عن فضول الجوارح و خواطر النفوس و إن لم تفرق بين هذه المياه فاعلم إنك سيئ المزاج قد غلب عليك خلط من أخلاطك فما لنا فيك من حيلة إلا أن يتدارك اللّٰه برحمته نفسك
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية