و ذلك هو ﴿يَوْمَ الْحَسْرَةِ﴾ [مريم:39] فأما أهل الجنة إذا رأوا الموت سروا برؤيته سرورا عظيما و يقولون له بارك اللّٰه لنا فيك لقد خلصتنا من نكد الدنيا و كنت خير وارد علينا و خير تحفة أهداها الحق إلينا «فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم يقول الموت تحفة المؤمن» و أما أهل النار إذا أبصروه يفرقون منه و يقولون له لقد كنت شر وارد علينا حلت بيننا و بين ما كنا فيه من الخير و الدعة ثم يقولون له عسى تميتنا فنستريح مما نحن فيه و إنما سمي يوم الحسرة لأنه حسر للجميع أي ظهر عن صفة الخلود الدائم للطائفتين ثم تغلق أبواب النار غلقا لا فتح بعده و تنطبق النار على أهلها و يدخل بعضها في بعض ليعظم انضغاط أهلها فيها و يرجع أسفلها أعلاها و أعلاها أسفلها و ترى الناس و الشياطين فيها كقطع اللحم في القدر إذ كان تحتها النار العظيمة تغلي ﴿كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾ [الدخان:46] فتدور بمن فيها علوا و سفلا ﴿كُلَّمٰا خَبَتْ زِدْنٰاهُمْ سَعِيراً﴾ [الإسراء:97] بتبديل الجلود
[الموطن] السابع المأدبة
و هي مأدبة الملك لأهل الجنة و في ذلك الوقت يجتمع أهل النار في مندبة فأهل الجنة في المأدب و أهل النار في المنادب و طعامهم في تلك المأدبة زيادة كبد النون و أرض الميدان درمكة بيضاء مثل القرصة و يخرج من الثور الطحال لأهل النار فيأكل أهل الجنة من زيادة كبد النون و هو حيوان بحري مائي فهو من عنصر الحياة المناسبة للجنة و الكبد بيت الدم و هو بيت الحياة و الحياة حارة رطبة و بخار ذلك الدم هو النفس المعبر عنه بالروح الحيواني الذي به حياة البدن فهو بشارة لأهل الجنة ببقاء الحياة عليهم و أما الطحال في جسم الحيوان فهو بيت الأوساخ فإن فيه تجتمع أوساخ البدن و هو ما يعطيه الكبد من الدم الفاسد فيعطي لأهل النار يأكلونه و هو من الثور و الثور حيوان ترابي طبعه البرد و اليبس و جهنم على صورة الجاموس و الطحال من الثور لغذاء أهل النار أشد مناسبة فبما في الطحال من الدمية لا يموت أهل النار و بما فيه من أوساخ البدن و من الدم الفاسد المؤلم لا يحيون و لا ينعمون فيورثهم أكله سقما و مرضا ثم يدخل أهل الجنة الجنة ف ﴿مٰا هُمْ مِنْهٰا بِمُخْرَجِينَ﴾ [الحجر:48]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية