و هو ذلك اليوم فسمي بالملك و يصطف الملائكة عليهم السلام سبعة صفوف محيطة بالخلائق فإذا أبصر الناس جهنم لها فوران و تغيظ على الجبابرة المتكبرين فيفرون الخلق بأجمعهم منها لعظيم ما يرونه خوفا و فزعا و هو الفزع الأكبر إلا الطائفة التي ﴿لاٰ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقّٰاهُمُ الْمَلاٰئِكَةُ هٰذٰا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [الأنبياء:103] فهم الآمنون مع النبيين على أنفسهم غير إن النبيين تفزع على أممها للشفقة التي جبلهم اللّٰه عليها للخلق فيقولون في ذلك اليوم سلم سلم و كان اللّٰه قد أمر أن تنصب للآمنين من خلقه منابر من نور متفاضلة بحسب منازلهم في الموقف فيجلسون عليها آمنين مبشرين و ذلك قبل مجيء الرب تعالى فإذا فر الناس خوفا من جهنم و فرقا لعظيم ما يرون من الهول في ذلك اليوم يجدون الملائكة صفوفا لا يتجاوزونهم فتطردهم الملائكة وزعة الملك الحق سبحانه و تعالى إلى المحشر و تناديهم أنبياؤهم ارجعوا ارجعوا فينادي بعضهم بعضا فهو قول اللّٰه تعالى فيما يقول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ﴿إِنِّي أَخٰافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنٰادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مٰا لَكُمْ مِنَ اللّٰهِ مِنْ عٰاصِمٍ﴾ و الرسل تقول اللهم سلم سلم و يخافون أشد الخوف على أممهم و الأمم يخافون على أنفسهم و المطهرون المحفوظون الذين ما تدنست بواطنهم بالشبه المضلة و لا ظواهرهم أيضا بالمخالفات الشرعية آمنون بغبطهم النبيون في الذي هم عليه من الأمن لما هم النبيون عليه من الخوف على أممهم
[نداءات الحق الثلاث يوم الموقف]
فينادي مناد من قبل اللّٰه يسمعه أهل الموقف لا يدرون أو لا أدري هل ذلك نداء الحق سبحانه بنفسه أو نداء عن أمره سبحانه يقول في ذلك النداء يا أهل الموقف ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم فإنه قال لنا ﴿يٰا أَيُّهَا الْإِنْسٰانُ مٰا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ [الإنفطار:6] تعليما له و تنبيها ليقول كرمك و لقد سمعت شيخنا الشنختة يقول يوما و هو يبكي يا قوم لا تفعلوا بكرمه أخرجنا و لم نكن شيئا و علمنا ما لم نكن نعلم و امتن علينا ابتداء بالإيمان به و بكتبه و رسله و نحن لا نعقل أ فتراه يعذبنا بعد أن عقلنا و آمنا حاشى كرمه سبحانه من ذلك فأبكاني بكاء فرح و بكى الحاضرون ثم نرجع و نقول فيقول الحق في ذلك النداء أين الذين كانت ﴿تَتَجٰافىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضٰاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [ السجدة:16]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية