فهذا الضعف الأخير إنما أعده لإقامة النشأة الآخرة عليه كما قامت نشأة الدنيا على الضعف و لقد علمتم النشأة الأولى
[الجزع في الإنسان دليل افتقاره إلى اللّٰه]
و إنما كان هذا ليلازم ذاته الذلة و الافتقار و طلب المعونة و الحاجة لي خالقه و مع هذا كله يذهل عن أصله و يتيه بما عرض له من القوة فيدعي و يقول أنا و يمني نفسه بمقابلة لأهوال العظام فإذا قرصة برغوث أظهر الجزع لوجود الألم و بادر لإزالة ذلك الضرر و لم يقربه قرار حتى يجده فيقتله و ما عسى أن يكون البرغوث حتى يعتني به هذا الاعتناء و يزلزله عن مضجعه و لا يأخذه نوم فأين تلك الدعوى و الإقدام على الأهوال العظام و قد فضحته قرصة برغوث أو بعوضة هذا أصله ذلك ليعلم أن إقدامه على الأهوال العظام إنما هو بغيره لا بنفسه و هو ما يؤيده اللّٰه به من ذلك كما قال ﴿وَ أَيَّدْنٰاهُ﴾ [البقرة:87]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية