[ذكر اللّٰه على كل حال]
و عليك بذكر اللّٰه بين الغافلين عن اللّٰه بحيث لا يعلمون بك فتلك خلوة العارف بربه و هو كالمصلي بين النائمين و إياك و منع فضل الماء من ذي الحاجة إليه و احذر من المن في العطاء فإن المن في العطاء يؤذن بجهل المعطي من وجوه منها رؤيته نفسه بأنه رب النعمة التي أعطى و النعمة إنما هي لله خلقا و إيجاد أو الثاني نسيانه منة اللّٰه عليه فيما أعطاه و ملكه من نعمه و أحوج هذا الآخر لما في يده و الثالث نسيانه أن الصدقة التي أعطاها إنما تقع بيد الرحمن و الآخر ما يعود عليه من الخير في ذلك فلنفسه أحسن و لنفسه سعى فكيف له بالمنة على ذلك الآخر إنه ما أوصل إليه إلا ما هو له إذ لو كان رزقه ما أوصله إليه فهو مؤد أمانة من حيث لا يشعر فجهله بهذه الأمور كلها جعله يمتن بالعطاء على من أوصل إليه راحة و أبطل عمله فإن اللّٰه يقول ﴿لاٰ تُبْطِلُوا صَدَقٰاتِكُمْ﴾ [البقرة:264] ﴿بِالْمَنِّ وَ الْأَذىٰ﴾ [البقرة:264] و قال اللّٰه ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لاٰ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلاٰمَكُمْ بَلِ اللّٰهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدٰاكُمْ لِلْإِيمٰانِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ﴾ [الحجرات:17] و إياك أن تتقدم قوما في الصلاة إماما و هم يكرهون تقدمك عليهم في صلاة و في غيرها غير إن هنا دقيقة و هي أن تنظر ما يكرهون منك فإن كرهوا منك ما كره الشرع منك فهو ذاك و إن كرهوا منك ما أحبه الشرع منك فلا تبال بكراهتهم فإنهم إذا كرهوا ما أحب الشرع فليسوا بمؤمنين و إذا لم يكونوا مؤمنين فلا مراعاة لهم و لتتقدم شاءوا أم أبوا فمن ذلك الصلاة إذا كنت أقرأ القوم فأنت أحق بالإمامة بهم أو ذا سلطان فإن اللّٰه قدمك عليهم و مع هذا فينبغي للناصح نفسه أن لا يتصف بصفة يكره منها تقدمه في أمر ديني و ليسع في إزالة تلك الصفة عن نفسه ما استطاع و حافظ على الصلاة لأول ميقاتها و لا تؤخرها حتى يخرج وقتها و إياك أن تتعبد حرا و تسترقه بشبهة و لا ترى أن لك فضلا على أحد فإن الفضل لله يؤتيه من يشاء و اللّٰه ذو الفضل العظيم و تعبد الحر على نوعين إما أن تأخذ من هو حر الأصل فتبيعه و إما أن تعتق عبد أو لا تمكنه من نفسه و تتصرف فيه تصرف السيد لعبده و ليس لك ذلك إلا بإذنه أو إجازته فإني رأيت كثيرا من الناس من يعتق المملوك و لا يمكنه من كتاب عتقه و يستعبده مع حريته و السيد إذا أعتق عبده ما له عليه حكم إلا الولاء فإذا أعتقت عبدا فلا تستخدمه إلا كما تستخدم الحر إما برضاه و إما بالإجازة كالحر سواء فإنه حر
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية