الفتوحات المكية

وصايا الشيخ الأكبر

وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة

وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية


(وصية)

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

(وصية)

(وصية)

عليك بكثرة الاستغفار ولا سيما بالأسحار في حقك وفي حق غيرك فلله ملائكة يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ في الْأَرْضِ عموما ولله ملائكة يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا خصوصا في كل حال وعند القيام من مجالس تحدثك وعليك بالصدق في الموضع المشروع لك الصدق فيه ولا تجبن ولا تخف واجتنب الكذب في الموضع المشروع لك اجتنابه وخف ثلاثة خف الله وخف نفسك وخف من لا يخاف الله وإن كنت خطيبا إماما فقصر الخطبة وأطل صلاة الجمعة فإن ذلك من فقه الرجل وعليك بالحضور مع الله والنية الصالحة في كل ما تعمله من عمل وعليك بإكرام ذي الشيبة فإن الله يستحيي من ذي الشيبة وعليك بإكرام حملة القرآن وبإكرام الحاكم العادل وإياك والدين فإنه فكرة بالليل وذلة بالنهار واحذر أن يقيمك لعبادة ربك شي‏ء من زينة الحياة الدنيا فإنك لمن أقامك ولا لأغراض النفوس فإن الأغراض أمراض حاضرة فإنه مما رويناه في مثل ذلك أن رجلا من الأبدال كان يمشي في الهواء مع أصحابه فمروا على روضة خضراء فيها عين خرارة فاشتهى أن يتوضأ من ذلك الماء ويصلي في تلك الروضة فسقط من بين الجماعة وتركوه وانصرفوا وانحط عن رتبتهم بهذا القدر فانظر في هذا السر ما أعجبه فإن فيه معنى دقيقا وقد وعظك الله به إن كنت اتعظت وإن استطعت أن لا تمر عليك ساعة من ليل أو نهار إلا وأنت داع فيها ربك فافعل وإذا أديت زكاة فانو في أدائها أداء حق تدفعه لوكيل صاحب الحق وهو العامل عليها الذي نصبه الحق ولا تدفع زكاتك لغير عامل السلطان إلا بأمر السلطان فتكون أنت عين العامل عليها فلا تبرأ ذمتك إلا إن فعلت ما ذكرته لك وإن ظلم‏

العامل أربابها فهو المسئول عن ذلك لا أنت وقد دخل على الناس في هذا شبهة لا يعرفونها إلا في الدار الآخرة واحذر أن تتصدق على شريف من أهل البيت وانو فيما توصله إليهم الهدية لا الصدقة فإنك إن نويت الصدقة عليهم أثمت إلا أن تعرفهم بذلك فإن أكلوا صدقتك فقد أثموا بأكلها وأثمت أنت حيث أعطيتهم مالا يجوز لك أن تعطيه إياهم وتخيلت القرب في عين البعد وإياك أن تخوض في مال الله بغير حق وإياك أن تنتفي عن أبيك كان من كان ولا تتبع عورات الناس ولا مثالبهم واشتغل بنفسك وحسن أدب ابنك واسمه وإن ابتليت بصحبة الزوجة فدارها وتنزل من عقلك إلى عقلها فإن ذلك من كمال عقلك فعامل كل شخص من حيث هو لا من حيث ما أنت عليه فإن الغالب على النساء إنهن لا يستطعن أن يبلغن مبلغ الرجال الكمل إلا من جاء النص بكمالهما وهما مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون فإن النص ورد فيهما بالكمال من النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وعليك بالعدل في الحكم وأطفئ النار إذا فرغت من حاجتك إليها وعليك باستعمال الحبة السوداء وهو الشونيز فإنها شفاء من كل داء إلا السام والسام الموت ولقد ابتلي عندنا رجل من أعيان الناس بالجذام وقال الأطباء بأجمعهم لما أبصروه وقد تمكنت العلة منه ما لهذا المرض دواء فرآه رجل من أهل الحديث من بنى عفير من أهل أبلة يقال له سعد السعود وكان عنده إيمان بالحديث عظيم يقطع به فقال له يا هذا لم لا تطب نفسك فقال له الرجل إن الأطباء قالوا ليس لهذه العلة دواء فقال كذبت الأطباء والنبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أصدق منهم وقد قال في الحبة السوداء إنها شفاء من كل داء

وهذا الداء الذي نزل بك من جملة ذلك ثم قال علي بالحبة السوداء والعسل فخلط هذا بهذا وطلي بهما بدنه كله ورأسه ووجهه إلى رجليه وألعقه من ذلك وتركه ساعة ثم إنه غسل ذلك عنه فانسلخ من جلده ونبت له جلد آخر ونبت ما كان قد سقط من شعره وبري‏ء وعاد إلى ما كان عليه في حال عافيته فتعجب الأطباء والناس من قوة إيمانه بحديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وكان رحمه الله يستعمل الحبة السوداء في كل داء يصيبه حتى في الرمد إذا رمد عينه اكتحل بها فيبرأ من ساعته‏

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!