
وصايا الشيخ الأكبر
وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة
وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية
(وصية)
![]() |
![]() |
(وصية)
(وصية)
إذا كنت إمام قوم فدعوت فلا تخص نفسك بالدعاء دونهم فإنك إن فعلت ذلك فقد خنتهم وفيه من مذام الأخلاق بتبخيل الحق وتحجير الرحمة التي وسعت كل شيء وإيثار نفسك على غيرك وأن الله ما مدح في القرآن إلا من آثر على نفسه
سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم رجلا من الأعراب يقول اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لقد حجر هذا واسعا
يريد قوله تعالى ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ والذي أوصيك به إياك أن تصلي وأنت حاقن حتى تخفف وإذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة فابدأ بالطعام ثم تصلي بعد ذلك أن كنت ممن يتناوله بعد الصلاة فحينئذ تفعل ذلك وارغب في دعاء الوالدين ودعاء المسافر واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب وعليك بالاستحداد وهو حلق العانة وتقليم الأظفار ونتف الإبط وقص الشارب وإعفاء اللحية ورد السلام وتشميت العاطس وإجابة الداعي وعليك بالعدل في أمورك كلها والمحافظة على
عبادة الله وكسر الشهوتين وتعاهد المساجد للصلاة والبكاء من خشية الله والاعتصام بحبل الله وعليك بمحاب الله ومراضيه فاتبعها فمنها تعاهد المساجد وعليك بصيام داود عليه السلام فهو أحب الصيام إلى الله وأفضله وأعدله وهو صيام يوم وفطر يوم وقد ذكرنا ما يختص من الأسرار والفوائد بالصوم في باب الصوم من هذا الكتاب وكذلك في الطهارة والصلاة والزكاة والحج فلتنظر هناك وأحب الصلاة إلى الله بالليل صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وذلك هو التهجد وإن كان لك ولد فسمه عبد الله أو عبد الرحمن وكنه أبا محمد أو سمع محمدا وكنه بأبي عبد الله أو بأبي عبد الرحمن وإذا عملت عملا من الخير فداوم عليه وإن قل فهو أفضل فإن الله لا يمل حتى تملوا فإن في قطع العمل وعدم المداومة عليه قطع الوصل مع الله فإن العبد لا يعمل عملا إلا بنية القربة إلى الله وحينئذ يكون عملا مشروعا فمتى تركه فقد ترك القربة إلى الله ومن أراد أنه لا يزال في حال قربة من الله دائما فعليه بالحضور الدائم مع الله في جميع أفعاله وتروكه فلا يعمل عملا إلا وهواه مؤمن بما لله فيه من الحكم ولا يترك عملا إلا وهو مؤمن بما في تركه من الحكم لله فإذا كان هذا حاله فلا يزال في كل نفس مع الله وهو الذي يحرم ما حرم الله ويحل ما أحل الله ويكره ما كره الله ويبيح ما أباح الله فهو مع الله في كل حال واحذر من الإلحاد في آيات الله ومن الإلحاد في حرم الله إن كنت فيه والإلحاد الميل عن الحق شرعا ولذلك قال ومن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ فذكر الظلم وعليك بأفضل الصدقات وأفضل الصدقات ما كان عن ظهر غني ومعنى عن ظهر غني أن تستغني بالله عن ذلك الذي تعطيه وتصدق به وإن كنت محتاجا إليه فإن الله مدح قوما فقال ويُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ولَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وذلك أنهم لم يؤثروا على أنفسهم مع الخصاصة حتى استغنوا بالله فإن نزلت عن هذه الدرجة فلتكن صدقتك بحيث أن لا تتبعها نفسك فلتغن أولا نفسك بأن تطعمها فإذا استغنت عن الفاضل فتصدق بالفضل فإنك ما تصدقت إلا بما استغنيت عنه وتلك هي الصدقة عن ظهر غني في حق هذا والأول أفضل وعليك بصيام رجب وشعبان وإن قدرت على صومهما على التمام فافعل فإنه
ورد أفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم وهو رجب فإنه يقال له شهر الله هذا الاسم له دون الأشهر كلها وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يكثر صوم شعبان يقول الراوي ربما صامه كله وحافظ على صوم سرره
ولا يفوتنك إن فاتك صومه وأفطر السادس عشر من شعبان ولا بد حتى تخرج من الخلاف فإنه أولى فإن فطره جائز بلا خلاف وصومه فيه خلاف
فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قال إذا انتصف شعبان فأمسكوا عن الصوم
وعليك بقول الحق في مجلس من يخاف ويرجى من الملوك ولا يعظم عندك على الحق شيء إلا ما أمرك الله بتعظيمه وعليك بعمل البر في يوم النحر فإنه أعظم الأيام عند الله ورد في ذلك خبر نبوي
فأكثر فيه من ذكر الله ومن الصدقة وكل فعل فيه لله رضي وتقدر عليه في هذا اليوم فلا تتخلف عنه فإنه أفضل من يوم عرفة ويوم عاشوراء وفيه خير كما قلنا أعط كل ذي حق حقه حتى الحق أعطه حقه ولا ترى أن لك على أحد حقا فتطلبه منه فانصف من نفسك ولا تطلب النصف من غيرك واقبل العذر ممن اعتذر إليك وإياك والاعتذار فإن فيه سوء الظن منك بمن اعتذرت إليه فإن علمت إن في اعتذارك إليه خيرا له وصلاحا في دينه فاعتذر إليه في حقه من غير سوء ظن به بل قضاء حق له تعين عليك وأحق الحقوق حق الله
![]() |
![]() |