وصايا الشيخ الأكبر
وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة
وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية
(وصايا)
![]() |
![]() |
(وصايا)
(وصايا)
من منثور الحكم وميسور الكلم ينسب إلى جماعة من العلماء الصالحين من اكتفى باليسير استغنى عن الكثير من صح دينه صح يقينه من استغنى عن الناس أمن من عوارض الإفلاس الدين أقوى عصمة والأمن أسنى نعمة الصبر عند المصائب من أعظم المواهب عش ما عشت في ظل يقيك وقوت يكفيك البخيل حارس نعمة وخازن ورثة من لزم الطمع عدم الورع الحسد شر عرض والطمع أضر غرض الرضاء بالكفاف خير من السعي للاشراف أفضل الأعمال ما أوجب الشكر وأنفع الأموال ما أعقب الأجر لا تثق بالدولة فإنها ظل زائل ولا تعتمد على النعمة فإنها ضيف راحل مالك ما رجى يوميك وتوفر أجره وثوابه عليك الكريم من كف أذاه والقوي من غلب هواه من ركب الهوى أدرك العمي من غالب الحق لأن ومن تهاون بالدين هان المؤمن غر كريم والمنافق خب لئيم إذا ذهب الحياء يحل البلاء كل إنسان طالب أمنية ومطلوب لمنية علم لا ينفع كدواء لا ينجع أحسن العلم ما كان مع العمل وأحسن الصمت ما كان عن الخطل اعص الجاهل تسلم وأطع العاقل تغنم من صبر على شهوته بالغ في مروته من كثر ابتهاجه بالمواهب اشتد انزعاجه للمصائب من تمسك بالدين عز نصره ومن استظهر بالحق ظهر قهره من استقصر بقاءه وأجله قصر رجاؤه وأمله لا تبت على غير وصية وإن كنت من جسمك في صحة ومن عمرك في فسحة فإن الدهر خائن وما هو كائن كائن لا تخل نفسك من فكرة تزدك حكمة
وتفيدك عصمة من جعل ملكه خادما لدينه انقاد له كل سلطان ومن جعل دينه خادما لملكه طمع فيه كل إنسان من سلك سبيل الرشاد بلغ كنه المراد من لزم العافية سلم ومن قبل النصيحة غنم قلب تأثر من صادق مؤثر حدثنا أحمد بن مسعود ابن شداد المقري الموصلي بالموصل سنة إحدى وستمائة وكان ثقة قال حدثنا أبو جعفر بن القاص قال حدثنا يوسف ابن أبي القاسم الديار بكري حدثنا جمال الإسلام أبو الحسن علي بن أحمد القرشي الهكاري حدثنا أبو الحسن الكرخي حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الفضل النهاوندي قال سمعت شيخي جعفر بن محمد الخلدي يقول كنت مع الجنيد رحمه الله في طريق الحجاز حتى صرنا إلى جبل طور سيناء فصعده الجنيد وصعدنا معه فلما وقفنا في الموضع الذي وقف فيه موسى عليه السلام وقعت علينا هيبة المكان وكان معنا قوال فأشار إليه الجنيد أن يقول شيئا فقال
وبدا له من بعد ما اندمل الهوى *** برق تألق موهنا لمعانه
يبدو كحاشية الرداء ودونه *** صعب الذرا متمنع أركانه
فبدا لينظر كيف لاح فلم يطق *** نظرا إليه وصده سبحانه
فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه *** والماء ما سمحت به أجفانه
قال فتواجد الجنيد وتواجدنا فلم يدر أحد منا أ في السماء نحن أو في الأرض وكان بالقرب منا دير فيه راهب فنادى يا أمة محمد بالله أجيبوني فلم يلتفت إليه أحد لطيب الوقت فنادانا الثانية بدين الحنيفية إلا أجبتموني فلم يجبه أحد فنادانا الثالثة بمعبودكم إلا أجبتموني فلم يرد عليه أحد جوابا فلما فترنا من السماع وهم الجنيد بالنزول قلنا له إن هذا الراهب نادانا وأقسم علينا ولم نرد عليه فقال الجنيد ارجعوا بنا إليه لعل الله يهديه إلى الإسلام فناديناه فنزل إلينا وسلم علينا فقال أيما منكم الأستاذ فقال الجنيد هؤلاء كلهم سادات وأستاذون فقال لا بد أن يكون واحد هو أكبركم فأشاروا إلى الجنيد فقال أخبرني عن هذا الذي فعلتموه هو مخصوص في دينكم أو معموم فقال بل مخصوص فقال الراهب لأقوام مخصوصين أو معمومين فقال بل لأقوام مخصوصين فقال بأي نية يقومون فقال بنية الرجاء والفرح بالله تعالى فقال بأي نية تسمعون فقال بنية السماع من الله تعالى فقال بأي نية تصيحون فقال بنية إجابة العبودية الربوبية لما قال الله تعالى للأرواح أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا قال فما هذا الصوت قال نداء أزلي فقال بأي نية تقعدون قال بنية الخوف من الله تعالى قال صدقت ثم قال الراهب للجنيد مد يدك أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم عبده ورسوله وأسلم الراهب وحسن إسلامه فقال له الجنيد بم عرفت أني صادق قال لأني قرأت في الإنجيل المنزل على المسيح بن مريم خواص أمة محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يلبسون الخرقة ويأكلون الكسرة ويرضون بالبلغة ويقومون في صفاء أوقاتهم بالله يفرحون وإليه يشتاقون وفيه يتواجدون وإليه يرغبون ومنه يرهبون فبقي الراهب معنا ثلاثة أيام على الإسلام ثم مات رحمه الله
![]() |
![]() |




