Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

Gözat Başlıkları Bölüm I: Bilgi Üzerine (Maarif) Bölüm II: Etkileşimler (Muamalat) Bölüm IV: Meskenler (Manazil) Girişler Bölüm V: Tartışmalar (Munazalat) Bölüm III: Eyaletler (Ahwal) Bölüm VI: İstasyonlar (Kutup Makamı) Birinci Bölüm İkinci Bölüm Üçüncü Bölüm Dördüncü Bölüm

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة أسرار أصول أحكام الشرع

من النار وأشجار الجنة مغروسة في تلك التربة المسكية كما يقتضي حال نبات هذه الدار الدنيا الزبل لما فيه من الحرارة الطبيعية لأنه معفن والحرارة تعطي التعفين في الأجسام القابلة للتعفين وهذا القدر كاف في تقوى النار أعاذنا الله منها في الدارين‏

(الباب الثامن والثمانون في معرفة أسرار أصول أحكام الشرع)

الشرع ما شرع الإله تخلقا *** فهو العليم بحقهم وبحقه‏

فإذا أتى عبد يشرع شرعة *** قام الإله بحقها في حقه‏

والشرعتان هما من أصل واحد *** ما لم يقل قال الإله لخلقه‏

فإذا يقول فإنها أحبولة *** نجم القرين بنجمها من أفقه‏

ليصدقوا ما قلدوا أفكارهم *** فهو الكذوب وإن أتاك بصدقه‏

فلتعتبر أحكام أصل كتابها *** فلربما غص اللعين بريقه‏

[أصول الشرع المتفق عليها والمختلف فيها]

اعلم أن أصول أحكام الشرع المتفق عليها ثلاث الكتاب والسنة المتواترة والإجماع واختلف العلماء في القياس فمن قائل بأنه دليل وأنه من أصول الأحكام ومن قائل بمنعه وبه أقول‏

[التقوى عمل مشروع فلا بد أن ينسب حكمه إلى دليل أو أصل شرعي‏]

قال الله تعالى واتَّقُوا الله ويُعَلِّمُكُمُ الله وقال إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وقال اتَّقُوا الله وآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ من رَحْمَتِهِ ويَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ به ويَغْفِرْ لَكُمْ مثل قوله في عبده خضر آتَيْناهُ رَحْمَةً من عِنْدِنا وعَلَّمْناهُ من لَدُنَّا عِلْماً فجعل إعطاءه العلم عبده من رحمته والتقوى عمل مشروع لنا فلا بد أن تكون التقوى نسبة حكمه إلى دليل من هذه الأدلة أو إلى كلها في أي مسألة يلزمنا فيها تقوى الله‏

[الأصول الفاعلة والمنفعلة في الشرع والحقائق الإلهية والكونية]

قال الجنيد علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة وهما الأصلان الفاعلان والإجماع والقياس إنما يثبتان وتصح دلالتهما بالكتاب والسنة فهما أصلان في الحكم منفعلان فظهرت عن هذه الأربع الحقائق نشأة الأحكام المشروعة التي بالعمل بها تكون السعادة فإن الموجودات ظهرت عن أربع حقائق إلهية وهي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والأجسام ظهرت عن أربع حقائق عن حرارة وبرودة ويبوسة ورطوبة والمولدات ظهرت عن أربعة أركان نار وهواء وماء وتراب وجسم الإنسان والحيوان ظهر عن أربعة أخلاط صفرا وسودا ودم وبلغم فالحرارة والبرودة فاعلان والرطوبة واليبوسة منفعلتان فاعلم‏

[المعنى البعيد لقول الجنيد: علمنا مقيد بالكتاب والسنة]

ولما كان من لا يؤمن بالشرائع المنزلة يشاركنا بالرياضة والمجاهدة وتخليص النفس من حكم الطبيعة يظهر عليه الاتصال بالأرواح الطاهرة الزكية ويظهر حكم ذلك الاتصال عليه مثل ما يظهر من المؤمنين العاملين منا بالشرائع المنزلة بما وقع من التشبيه والاشتراك فيما ذكرناه عند عامة الناس ونطقنا بالعلوم التي يعطيها كشف الرياضة وإمداد الأرواح العلوية وانتقش في هذه النفوس الفاضلة جميع ما في العالم فنطقوا بالغيوب قال الجنيد علمنا هذا وإن وقع فيه الاشتراك بيننا وبين العقلاء فأصل رياضتنا ومجاهدتنا وأعمالنا التي أعطتنا هذه العلوم والآثار الظاهرة علينا إنما كان من عملنا على الكتاب والسنة فهذا معنى قوله علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة وتتميز يوم القيامة عن أولئك بهذا القدر فإنهم ليس لهم في الإلهيات ذوق فإن فيضهم روحاني وفيضنا روحاني وإلهي لكوننا سلكنا على طريقة إلهية تسمى شريعة فأوصلتنا إلى المشرع وهو الله تعالى لأنه جعلها طريقا إليه فاعلم ذلك‏

[الإجماع لا بد أن يستند إلى نص وإن لم ينطق به‏]

ولما كان شرع الله وحكمه في حركات الإنسان المكلف لا يؤخذ إلا من القرآن كذلك لم توجد إلا بالمتكلم به وهو الله تعالى فقال للشي‏ء كن فكان فالقرآن أقوى دليل يستند إليه أو ما صح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم الذي قام الدليل على صدقه أنه مخبر عن الله جميع ما شرعه في عبيد الله وقد يكون ذلك الخبر إما بإجماع من الصحابة وهو الإجماع أو من بعضهم بنقل العدل عن العدل وهو خبر الواحد وبأي طريق وصل إلينا فنحن متعبدون بالعمل به بلا خلاف بين علماء الإسلام ولهذا يقول أهل الأصول في الإجماع إنه لا بد أن يستند إلى نص وإن لم ينطق به‏

[القياس مختلف في اتخاذه دليلا شرعيا وأصلا دينيا]

وأما القياس فمختلف في اتخاذه دليلا وأصلا فإن له وجها في المعقول ففي مواضع تظهر قوة الأخذ به على تركه وفي مواضع لا يظهر ذلك ومع هذا فما هو دليل مقطوع به فأشبه خبر الآحاد فإن الاتفاق على الأخذ به مع كونه لا يفيد العلم وهو أصل من أصول إثبات الأحكام فليكن‏

القياس مثله إذا كان جليا لا يرتاب فيه وعندنا وإن لم نقل به في حقي فإني أجيز الحكم به لمن أداه اجتهاده إلى إثباته أخطأ في ذلك أو أصاب فإن الشارع أثبت حكم المجتهد وإن أخطأ وأنه ما جور فلو لا أن المجتهد استند إلى دليل في إثبات القياس من كتاب أو سنة أو إجماع أو من كل أصل منها لما حل له أن يحكم به بل ربما يكون في حكم النظر عند المنصف القياس الجلي أقوى في الدلالة على الحكم من خبر الواحد الصحيح فإنا إنما نأخذه بحسن الظن برواته ولا نزكيه علما على الله فإن الشرع منعنا أن نزكي على الله أحدا ولنقل أظنه كذا وأحسبه كذا

[القياس الجلي والنظر الصحيح العقلي‏]

والقياس الجلي يشاركنا فيه النظر الصحيح العقلي وقد كنا أثبتنا بالنظر العقلي الذي أمرنا به شرعا في قوله أَ ولَمْ يَنْظُرُوا في مَلَكُوتِ السَّماواتِ والْأَرْضِ أَ ولَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ من جِنَّةٍ وفي القرآن من مثل هذا كثير فقد اعتبر الشارع حكم النظر العقلي في إثبات وجود الله أو لا وهو الركن الأعظم ثم اعتبره في توحيده في ألوهته فكلفنا النظر في أنه لا إله إلا الله بعقولنا ثم نظرنا بالدليل العقلي ما يجب لهذا الإله من الأحكام ثم نظرنا بالنظر العقلي الذي أمرنا به في تصديق ما جاء به هذا الرسول من عنده إذ كان بشرا مثلنا فنظرنا بالعقول في آياته وما نصبه دليلا على صدقه فأثبتناه وهذه كلها أصول لو انهد ركن منها بطلت الشرائع ومستند ثبوتها النظر العقلي واعتبره الشرع وأمر به عباده والقياس نظر عقلي أ ترى الحق يبيحه في هذه المهمات والأركان العظيمة ويحجزه علينا في مسألة فرعية ما وجدنا لها ذكرا في كتاب ولا سنة ولا إجماع ونحن نقطع أنه لا بد فيها من حكم إلهي مشروع وقد انسدت الطرق فلجأنا إلى الأصل وهو النظر العقلي واتخذنا قواعد إثبات هذا الأصل كتابا وسنة فنظرنا في ذلك فأثبتنا القياس أصلا من أصول أدلة الأحكام بهذا القدر من النظر العقلي حيث كان له حكم في الأصول فقسنا مسكوتا عنه على منطوق به لعلة معقولة لا يبعد أن تكون مقصودة للشارع تجمع بينهما في مواضع الضرورة إذا لم نجد فيه نصا معينا فهذا مذهبنا في هذه المسألة

[تخطئة مثبتى القياس والمجتهدين في الفروع إساءة أدب على الشارع‏]

وكل من خطأ عندي مثبت القياس أصلا أو خطأ مجتهدا في فرع كان أو في أصل فقد أساء الأدب على الشارع حيث أثبت حكمه والشارع لا يثبت الباطل فلا بد أن يكون حقا ويكون نسبة الخطاء إلى ذلك نسبة أنه أخطا دليل المخالف الذي لم يصح عند المجتهد أن يكون ذلك دليلا والمخطئ في الشرع واحد لا بعينه فلا بد من الأخذ بقوله ومن قوله إثبات القياس فقد أمر الشارع بالأخذ به وإن كان خطأ في نفس الأمر فقد تعبده به فإن للشارع أن يتعبد بما شاء عباده وهذه طريقة انفردنا بها في علمنا مع أنا لا نقول بالقياس بالنظر إلينا ونقول به بالنظر لمن أداه إليه اجتهاده لكون الشارع أثبته فلو أنصف المخالف لسكت عن النزاع في هذه المسألة فإنها أوضح من أن ينازع فيها والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

[ترتيب أبواب الفتوحات ليس باختيار ولا عن نظر فكر بل بإلهام‏]

ثم نبين في هذا الباب ما يتعلق بأصول الأحكام عند علماء الإسلام كما علمنا في العبادات وكان الأولى تقديم هذا الباب في أول العبادات قبل الشروع فيها ولكن هكذا وقع فإنا ما قصدنا هذا الترتيب عن اختيار ولو كان عن نظر فكري لم يكن هذا موضعه في ترتيب الحكمة فأشبه آية قوله حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ والصَّلاةِ الْوُسْطى‏ بين آيات طلاق ونكاح وعدة وفاة يتقدمها ويتأخرها فيعطي الظاهر أن ذلك ليس موضعها وقد جعل الله ذلك موضعها لعلمه بما ينبغي في الأشياء فإن الحكيم من يعمل ما ينبغي لما ينبغي كما ينبغي وإن جهلنا نحن صورة ما ينبغي في ذلك فالله تعالى رتب على يدنا هذا الترتيب فتركناه ولم ندخل فيه برأينا ولا بعقولنا فالله يملي على القلوب بالإلهام جميع ما يسطره العالم في الوجود فإن العالم كتاب مسطور إلهى‏

[تعارض الآيتين أو الخبرين‏]

وإذا تعارض آيتان أو خبران صحيحان وأمكن الجمع بينهما واستعمالهما معا فلا نعدل عن استعمالهما فإن لم يمكن استعمالهما معا بحيث أن يكون في أحدهما استثناء فيجب أن يؤخذ بالذي فيه الاستثناء وإن كان في أحدهما زيادة أخذت الزيادة وعمل بها فإن لم يوجد شي‏ء من ذلك وتعارضا من جميع الوجوه فينظر إلى التأريخ فيؤخذ بالمتأخر منهما فإن جهل التأريخ وعسر العلم به فلينظر إلى أقربهما إلى رفع الحرج في الدين فيعمل به لأنه يعضده ما (جَعَلَ) عَلَيْكُمْ في الدِّينِ من حَرَجٍ ودين الله يسر

ويُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فدعوه‏

فإن تساويا في رفع الحرج فلا يسقطان وتكون مخيرا فيهما تعمل بأي الخبرين شئت أو الآيتين‏

[تعارض آية وخبر آحاد صحيح وجهل التأريخ‏]

وإذا تعارض آية وخبر صحيح من جميع الوجوه من أخبار الآحاد وجهل التأريخ أخذ بالآية وتركنا الخبر فإن الآية مقطوع بها وخبر الواحد مظنون فإن‏

كان الخبر متواترا كالآية وجهل التأريخ ولم يمكن الجمع بينهما كان الحكم التخيير فيهما إلا أن يكون أحدهما فيه رفع الحرج فيقدم الأخذ به‏

[ترجح الأخذ بحديث الزيادة على معارضه‏]

وكل خبرين أو آيتين تعارضا أو آية وخبر صحيح متواترا وغير متواتر وفي أحدهما زيادة حكم قبلت الزيادة وعمل بها وترجح الأخذ بحديث الزيادة على معارضه‏

[لا يعدل عن الحديث إذا صح وعارضة قول صاحب أو إمام مذهب‏]

ولا يؤخذ من الحديث إلا ما صح فإن كان المكلف مقلدا وبلغ إليه حديث ضعيف مسند إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وقد عارضة قول إمام من الأئمة أو صاحب لا يعرف دليل ذلك القول فيأخذ بالحديث الضعيف ويترك ذلك القول فإن قصاراه أن يكون في درجة ذلك القول إن كان الحديث في نفس الأمر ليس بصحيح ولا يعدل عن الحديث وأما إذا صح الحديث وعارضة قول صاحب أو إمام فلا سبيل إلى العدول عن الحديث ويترك قول ذلك الإمام والصاحب للخبر فإن كان الخبر مرسلا أو موقوفا فلا يعول عليه إلا إذا علم من التابع أنه لا يرسل الحديث إلا عن صاحب لا غير وإن لم يعين ذلك الصاحب فيؤخذ بالمرسل فإنه في حكم المسند وهو أن يقول التابع قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ولا يذكر الصاحب الذي عنه رواه ويعلم أنه ممن أدرك الصحابة وصحبهم وهو ثقة في دينه ويعلم منه أنه ممن لا يرى الكذب على النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في المصالح فإن علم منه ذلك لم يؤخذ بحديثه ولو أسنده ولا يجوز ترك آية أو خبر صحيح لقول صاحب أو إمام ومن يفعل ذلك فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً وخرج عن دين الله‏

[ورود الخبر عن قوم مستورين يعمل به‏]

وإذا ورد الخبر عن قوم مستورين لم يتكلم فيهم بجرح ولا تعديل وجب الأخذ بروايتهم فإن جرح واحد منهم بجرحة تؤثر في صدقه ترك حديثه وإن كانت الجرحة لا تتعلق بنقله وجب الأخذ به إلا شارب الخمر إذا حدث في حال سكره فإن علم أنه حدث في حال صحوه وهو ممن هذه صفته أخذ بقوله والإسلام العدالة والجرحة طارئة وإذا ثبتت على حد ما قلناه ترك الأخذ بحديث صاحب تلك الجرحة

[خبر الواحد الصحيح والمتواتر إذا تعارضا]

ولا فرق بين الأخذ بخبر الواحد الصحيح وبين المتواتر إلا إن تعارضا كما قلناه‏

[ما أوجب الله علينا الأخذ بقول أحد غير رسوله‏]

وما أوجب الله علينا الأخذ بقول أحد غير رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم مع كوننا مأمورين بتعظيمهم ومحبتهم‏

[النسخ انتهاء مدة الحكم في علم الله‏]

وأما النسخ فلا أقول به على حد ما يقولون به فإنه عندنا انتهاء مدة الحكم في علم الله فإذا انتهى فجائز أن يأتي حكم آخر من قرآن أو سنة فإن سمي مثل هذا نسخا قلنا به وإذا كان الأمر على هذا فيجوز نسخ القرآن بالقرآن وبالسنة فإن السنة مبينة لأنه عليه السلام مأمور بأنه يبين للناس ما نزل إليهم وأن يحكم بما أراه الله لا بما أرته نفسه فإنه لا يتبع إلا ما يوحى إليه سواء كان ذلك قرآنا أو غير قرآن ويجوز نسخ السنة بالقرآن والسنة وإذا ورد نص من آية أو خبر لا يجوز الوقوف عن الأخذ بذلك القرآن أو الخبر حتى يرى هل له معارض أم لا بل يعمل بما وصل إليه فإن عثر بعد ذلك على خبر أو آية ناسخ أو مخصص أو معمم للمتقدم كان بحكم ما وصل إليه بشروطه وهو أن يبحث عن التأريخ فإن الخاص قد يتقدم على العام كما يتقدم العام على الخاص والأصل أن الحكم للمتأخر

[تؤخذ ألفاظ الكتاب والسنة بما هو عليه في لغة العرب أو بما فسره الشارع‏]

وإذا وردت الآية أو الخبر بلفظ ما من اللسان فالأصل أن يؤخذ بما هو عليه في لغة العرب فإن أطلقه الشارع على غير المفهوم من اللسان كاسم الصلاة واسم الوضوء واسم الحج واسم الزكاة صار الأصل ما فسره به الشارع وقرره فإذا ورد بعد ذلك خبر بذلك اللفظ حمل على ما فسره به الشارع ولم يحمل على ما هو عليه في اللسان حتى يرد من الرسول في ذلك اللفظ أنه به ما هو عليه في اللسان فيعدل عند ذلك إليه في ذلك الخبر على التعيين‏

[أوامر الشرع محمولة على الوجوب ونواهيه على الحظر]

وأوامر الشرع كلها محمولة على الوجوب ونواهيه محمولة على الحظر ما لم يقترن بالأمر قرينة حال تخرجه عن الوجوب إلى الندب أو الإباحة وكذلك النهي إن اقترنت به قرينة تخرجه من الحظر إلى الكراهة فإن تعرى الأمر عن قرينة الندب أو الإباحة تعين الوجوب وكذلك النهي وقد يرد الأمر الإلهي أو النبوي على النهي برفع التحجير خاصة لا لوجوب فعل المأمور به‏

[الإجماع إجماع الصحابة بعد الرسول لا غير]

والإجماع إجماع الصحابة بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لا غير وما عدا عصرهم فليس بإجماع يحكم به وصورة الإجماع أن يعلم أن المسألة قد بلغت لكل واحد من الصحابة فقال فيها بذلك الحكم الذي قال به الآخر إلى أن لم يبق منهم أحد إلا وقد وصل إليه ذلك الأمر وقال فيه بذلك الحكم فإن نقل عن واحد خلاف في ذلك فليس بإجماع أو نقل عنه سكوت فليس بإجماع‏

[إذا وقع خلاف في شي‏ء وجب رد الحكم فيه إلى الكتاب والسنة]

وإذا وقع خلاف في شي‏ء وجب رد الحكم فيه إلى الكتاب والخبر النبوي فإنه خَيْرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلًا

[الرأى لا يجوز أن يدان الله به‏]

ولا يجوز أن يدان‏

الله بالرأي وهو القول بغير حجة ولا برهان لا من كتاب ولا من سنة ولا من إجماع‏

[القياس لا نقول به ولا نخطى‏ء مثبته‏]

وإن كنا لا نقول بالقياس فلا نخطى‏ء مثبته إذا كانت العلة الجامعة معقولة جلية يغلب على الظن أنها مقصودة للشارع وإنما امتنعنا نحن من الأخذ بالقياس لأنه زيادة في الحكم وفهمنا من الشارع أنه يريد التخفيف عن هذه الأمة وكان يقول اتركوني ما تركتكم وكان يكره المسائل خوفا أن ينزل عليهم في ذلك حكم فلا يقومون به‏

كقيام رمضان والحج في كل سنة وغير ذلك فلما رأيناه على ذلك منعنا القياس في الدين فإن النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ما أمر به ولا أمر به الحق تعالى فتعين علينا تركه فإنه مما يكرهه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وحكم الأصل أن لا تكليف وأن الله خلق لنا ما في الْأَرْضِ جَمِيعاً فمن ادعى التحجير علينا فعليه بالدليل من كتاب أو سنة أو إجماع وأما القياس فلا أقول به ولا أقلد فيه جملة واحدة

[أفعال النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ليست على الوجوب إلا ما أمر به من أفعاله‏]

وأما أفعال النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فليست على الوجوب فإن في ذلك غاية الحرج إلا فعل بين به أمرا تعبدنا به فذلك الفعل واجب مثل‏

قوله صلوا كما رأيتمونى أصلي‏

وخذوا عني مناسككم‏

وأفعال الحج ولو لا نطقه في ذلك في بعض الأفعال لم يكن يلزمنا ذلك الفعل فإنه بشر يتحرك كما يتحرك البشر ويرضى كما يرضى البشر ويغضب كما يغضب البشر فلا يلزمنا اتباعه في أفعاله إلا أن أمر بذلك وتعين عليه أن لا يفعل فعلا سرا بحيث لا يراه أحدكما تعين عليه فيما أمر بتبليغه أن لا يتكلم به وحده بحيث لا يسمعه أحد حتى ينقله إلى من لم يسمعه‏

[شرع من قبلنا لا يلزمنا إلا ما قرر منه شرعنا]

وأما شرع من قبلنا فما يلزمنا اتباعه إلا ما قرر شرعنا منه مع كون ذلك شرعا حقا لمن خوطب به لا نقول فيه بالباطل بل نؤمن بالله ورسوله وما أنزل إليه وما أنزل من قبله من كتاب وشرع منزل‏

[التقليد في دين الله لا يجوز]

والتقليد في دين الله لا يجوز عندنا لا تقليد حي ولا ميت ويتعين على السائل إذا سأل العالم أن يقول له أريد حكم الله أو حكم رسوله في هذه المسألة فإن قال له المسئول هذا حكم الله في المسألة أو حكم رسوله تعين عليه الأخذ بها فإن المسئول هنا ناقل حكم الله وحكم رسوله الذي أمرنا بالأخذ به فإن قال هذا رأيى أو هذا حكم رأيته أو ما عندي في هذه المسألة حكم منطوق به ولكن القياس يعطي أن يكون الحكم فيه مثل الحكم في المسألة الفلانية المنطوق بحكمها لم يجز للسائل أن يأخذ بقوله ويبحث عن أهل الذكر فيسألهم على صفة ما قلنا

[يتعين سؤال أهل الذكر الذين هم أهل القرآن والحديث‏]

ويتعين على كل مسلم أن لا يسأل إلا أهل الذكر وهم أهل القرآن قال تعالى إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وأهل الحديث فإن علم السائل أن هذا المسئول صاحب رأى وقياس فيتركه ويسأل صاحب الحديث فإن كان المسئول صاحب رأى وقياس وحديث فيسأله فإذا أفتاه تعين عليه أن يقول له هذا الحكم رأى أو قياس أو عن حديث فإن قال عن رأى أو قياس تركه وإن قال عن خبر أخذ به‏

[حكم الخطأ والنسيان والسكوت عنه‏]

ولا حكم للخطإ والنسيان إلا حيث جاء في قرآن أو سنة أن يكون لهما حكم فيعمل به مثل صلاة الناسي وقتل الخطاء وكل مسكوت عنه فلا حكم فيه إلا الإباحة الأصلية

[خطاب الشرع متوجه على الأسماء والأحوال لا على الأعيان‏]

وخطاب الشرع متوجه على الأسماء والأحوال لا على الأعيان فلا يكون حكم الفرض إلا على من حاله قبول الفرض من أمر ونهي في عمل أو ترك فكل من عجز عن شي‏ء من ذلك مما كلفه الله به بل ما هو مخاطب به إن الله ما كلف نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وإِلَّا ما آتاها سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً

[العمل المقيد بوقت لا يجوز أداؤه إلا في وقته‏]

وكل عمل مقيد بوقت موسعا كان أو مضيقا فلا يجوز عمله إلا في وقته لا قبله ولا بعده فإن ذلك حد الله المشروع فيه فلا يتعدى‏

[حكم الاجتهاد في الأصول والفروع‏]

وحكم الاجتهاد في الأصول والفروع واحد والحق في الفروع حيث قرره الشرع وقد قرر حكم المجتهدين ولا يقرر إلا ما هو حق فكله حق وأما نسبة الخطاء إلى المجتهد الذي له أجر واحد فهو كونه لم يعثر على حكم الله أو حكم رسوله في تلك المسألة وقد تعبده الله بما انتهى إليه اجتهاده فلو لم يكن حقا عند الله بالنظر إليه لما تعبده به فإن الله لا يقر الباطل فإذا وصل إليه بعد ذلك حكم الله تعالى أو رسوله في تلك المسألة بما يخالف دليله وعلم أن ذلك الحكم متأخر عن حكم دليله وجب عليه الرجوع عن ذلك الحكم الأول ولا يحل له البقاء عليه ولهذا كان من علم مالك بن أنس ودينه وورعه أنه إذا سئل عن مسألة في دين الله يقول نزلت فإن قيل له نعم أفتى وإن قيل لم تنزل لم يفت وسببه ما ذكرنا لأن المصيب للحكم المعين في تلك المسألة واحد لا بعينه والمخطئ واحد لا بعينه ولهذا قالت العلماء كل مجتهد مصيب فأما مصيب للحكم الإلهي فيها على التعيين أو مصيب للحكم المقرر الذي أثبته الله له إذا لم يعثر على ذلك الحكم المعين وأخطأه وهذا القدر كاف في أصول أحكام الشرع في هذا الكتاب لأنه لا يحتمل الاستقصاء

وأما أسرار أصول أحكام الشرع المتفق عليها والمختلف فيها

[سر أصل الأخذ بالكتاب‏]

فإن سر الكتاب هو ما يكون من الله للعبد



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!