Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

Gözat Başlıkları Bölüm I: Bilgi Üzerine (Maarif) Bölüm II: Etkileşimler (Muamalat) Bölüm IV: Meskenler (Manazil) Girişler Bölüm V: Tartışmalar (Munazalat) Bölüm III: Eyaletler (Ahwal) Bölüm VI: İstasyonlar (Kutup Makamı) Birinci Bölüm İkinci Bölüm Üçüncü Bölüm Dördüncü Bölüm

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل سر وسرين وثنائك عليك بما ليس لك وإجابة الحق إياك فى ذلك لمعنى شرفك به من حضرة محمدية

«الباب الثاني والسبعون وثلاثمائة في معرفة منزل سر وسرين وثنائك عليك بما ليس لك وإجابة الحق إياك في ذلك لمعنى شرفك به من حضرة محمدية»

من حاز شطر الكون في خلقه *** وشطره الآخر في خلقه‏

فذاك عين الوقت في وقته *** وبدره الطالع في أفقه‏

فبدره يطلع من غربه *** وضوؤه يغرب في شرقه‏

فكل مخلوق به هائم *** وكلنا نهلك في حقه‏

[إن العالم كله في غاية الجمال‏]

ورد في الخبر الصحيح في صحيح مسلم عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أنه قال إن الله جميل يحب الجمال‏

وهو تعالى صانع العالم وأوجده على صورته فالعالم كله في غاية الجمال ما فيه شي‏ء من القبح بل قد جمع الله له الحسن كله والجمال فليس في الإمكان أجمل ولا أبدع ولا أحسن من العالم ولو أوجد ما أوجد إلى ما لا يتناهى فهو مثل لما أوجد لأن الحسن الإلهي والجمال قد حازه وظهر به فإنه كما قال تعالى أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ فهو جماله إذ لو نقص منه شي‏ء لنزل عن درجة كمال خلقه فكان قبيحا ثم هدى أي بين ذلك لنا بقوله أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ‏

ولما رأينا الحق في صورة البشر *** علمنا بأن العقل فيه على خطر

فمن قيد الحق المبين بعقله *** ولم يطلق التقييد ما عنده خبر

إذا ما تجلى لي على مثل صورتي *** تجليت في التنزيه عن سائر الصور

فإن قال ما ذا قلت أنت ذكرت لي *** بأنك تعفو عن ظلوم إذا انتصر

وما أنت مثلي قل فلم خرت صورتي *** ورؤيتى إياكم كما يبصر القمر

فإن كنت مثلي فالتماثل حاكم *** على كل مثل كالذي يقتضي النظر

فكل شبيه للشبيه مشاكل *** على كل حال في القديم وفي البشر

لقد شرع الله السجود لسهونا *** بإرغام شيطان وجبر لما انكسر

فما لك لم تسجد وأنت إمامنا *** فأنت جدير بالسجود كما ذكر

أتيناك نسعى فانثنيت مهر ولا *** وأين خطي الاقدام من خطوة البصر

ومنها أيضا

فمن فصلنا أو بمن قد وصلتنا *** وما هو إلا الله بالعين والأثر

فشكرا لما أخفى وشكرا لما بدا *** وحاز مزيد الخير عبد إذا شكر

وما هو إلا الحق يشكر نفسه *** ولكن حجاب القرب أرسل فاستتر

فالعالم كله جماله ذاتي وحسنه عين نفسه إذ صنعه صانعه عليه ولهذا هام فيه العارفون وتحقق بمحبته المتحققون ولهذا قلنا فيه في بعض عباراتنا عنه إنه مرآة الحق فما رأى العارفون فيه إلا صورة الحق وهو سبحانه الجميل والجمال محبوب لذاته والهيبة له في قلوب الناظرين إليه ذاتية فأورث المحبة والهيبة فإن الله ما كثر لنا الآيات في العالم وفي أنفسنا إذ نحن من العالم إلا لنصرف نظرنا إليه ذكرا وفكرا وعقلا وإيمانا وعلما وسمعا وبصرا ونهيا ولبا وما خلقنا إلا لنعبده ونعرفه وما أحالنا في ذلك على شي‏ء إلا على النظر في العالم لجعله عين الآيات والدلالات على العلم به مشاهدة وعقلا فإن نظرنا فإليه وإن سمعنا فمنه وإن عقلنا فعنه وإن فكرنا ففيه وإن علمنا فإياه وإن آمنا فبه فهو المتجلي في كل وجه والمطلوب من كل آية والمنظور إليه بكل عين والمعبود في كل معبود والمقصود في الغيب والشهود لا يفقده أحد من خلقه بفطرته وجبلته فجميع العالم له مصل وإليه ساجد وبحمده مسبح فالألسنة به ناطقة والقلوب به هائمة عاشقة والألباب فيه حائرة يروم العارفون أن يفصلوه من العالم فلا يقدرون ويرومون أن يجعلوه عين العالم فلا يتحقق لهم ذلك فهم يعجزون فتكل أفهامهم وتتحير عقولهم وتتناقض عنه في التعبير ألسنتهم فيقولون في وقت هو وفي وقت ما هو وفي وقت هو ما هو فلا تستقر لهم فيه قدم ولا يتضح لهم إليه طريق أمم لأنهم يشهدونه عين الآية والطريق فتحول هذه المشاهدة

بينهم وبين طلب غاية الطريق إذ لا تسلك الطريق إلا إلى غاياتها والمقصود معهم وهو الرفيق فلا سالك ولا مسلوك فتذهب الإشارات وليست سواه وتطيح العبارات وما هي إلا إياه فلا ينكر على العارف ما يهيم فيه من العالم وما يتوهمه من المعالم ولو لا إن هذا الأمر كما ذكرناه ما أحب نبي ولا رسول أهلا ولا ولدا ولا آثر على أحد أحدا وذلك لتفاضل الآيات وتقلب العالم هو عين الآيات وليست غير شئون الحق التي هو فيها وقد رفع بعضها فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لأنه بتلك الصورة ظهر في أسمائه فعلمنا تفاضل بعضها على بعض بالعموم والخصوص فهو الغني عن العالمين وهو القائل وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فأين الخالق من الغني وأين القابض منه والمانع وأين العالم في إحاطته من القادر والقاهر فهل هذا كله إلا عين ما وقع في العالم فما تصرف رسول ولا عارف إلا فيه ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ وذلك لأن من الناس من في أذنه وقر وعلى بصره غشاوة وعلى قلبه قفل وفي فكره حيرة وفي علمه شبهة وبسمعه صمم وو الله ما هو هذا كله عند العارف إلا للقرب المفرط ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ ولَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ ونَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ به نَفْسُهُ ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ من حَبْلِ الْوَرِيدِ وأين الوسوسة من الإلهام وأين اسم الإنسان من اسم العالم‏

فمن ليلى ومن لبني *** ومن هند ومن بثنه‏

ومن قيس ومن بشر *** أ ليسوا كلهم عينه‏

لقد أصبحت مشغوفا *** به إذا كان لي كونه‏

فكل الخلق محبوبي *** فأين مهيمي أينه‏

فمن يبحث على قولي *** يجد في بينه بينه‏

وأما أهل الجمال العرضي والحب العرضي فظل زائل وغرض مائل وجدار مائل بخلاف ما هو عند العلماء بالله فإن الظل عند العالم بالله ساجد والعارض للوجود مستعد والجدار لم يمل إلا عبادة ليظهر ما تحته من كنوز المعارف التي يستغني بها العارف الواقف فخلق الله الغيرة في صورة الخضر فأقامه من انحنائه لما علم إن الأهلية ما وجدت في ذلك الوقت في رب المال فيقع التصرف فيه على غير وجهه ولتعلمن نبأه بعد حين فلو ظهر اتخذ عبثا وعاثت فيه الأيدي فسبحان واضع الحكم وناصب الآيات ومظهر جمال الدلالات ومن أجملها عينا وأكملها كونا عالم الخيال وبه ضرب الله الأمثال وبين تعالى أنه المنفرد بعلمه فإنه قال ناهيا فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ الله يَعْلَمُ وأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وما جاء بهذه الآية إلا عند ما ضرب لنا الأمثال منه فظهر للكون وهو مقدمته أ لا ترى الرؤيا وبعينها يدرك الخيال يرى ما يكون قبل كونه وما كان وما هو الوقت عليه وأي حضرة تجد فيها هذه الجمعية إلا حضرة الخيال وكل من تعشق بأمر ما فما تعشق به إلا بعد أن حصله في خياله وجعل له في وهمه مثالا وطبق محبوبه على مثاله ولو لم يكن الأمر كذلك لكان إذا فارقه من تعلق بصره به أو سمعه أو شي‏ء من حواسه فارق التعلق به ونحن لا نجد الأمر كذلك فدل على إن المحبوب عند المحب على مثال صورة وأنشأه في خياله فلزم مشاهدته فتضاعف وجده وتزايد حبه وصار ذلك المثال الذي صوره يحرض مصوره على طلب من صوره على صورته فإن ذلك الأصل هو روح هذا الخيال وبه بقاؤه وهو الذي يحفظه وما اشتد حب المحب إلا في صنعته وفعله فإن الصورة التي تعشق بها في خياله هي من صنعته فما أحب إلا ما هو راجع إليه فبنفسه تعلق وعلى فعله أثنى فمن علم هذا علم حب الله عباده‏

وأنه تعالى أشد حبا فيهم منهم فيه بل لا يحبونه عينا وإنما يحبون إحسانه فإن الإحسان هو مشهودهم ومن أحبه عينا فإنما أحب مثالا صوره في نفسه وتخيله وليس إلا المشبهة خاصة فكل محب فلو لا التشبيه ما أحبه ولو لا التخيل ما تعلق به ولهذا جعله الشارع في قبلته ووسعه قلب عبده وجعله من القرب به كهو أو كبعض أجزائه فمثل هؤلاء عبدوه مثلا وشاهدوه محصلا وأما المنزهة فحائرة في عمياء يخبطون فيها

عشواء لا ظل في ظلمتها ولا ما يمنعهم الدليل من التشبيه وما ثم إيمان يفوق نوره نور الأدلة حتى يدرجها فيه فلا يزال المنزه غير قابض على شي‏ء ولا محصل لأمر فهم أهل البيت لأن همهم متفرق والوهم منهم بعيد فنقصهم من كمال معرفة الوجود حكم الأوهام فيهم ولا حكم للأوهام إلا في الكمل من الرجال ولهذا جاءت الشرائع في الله بما تحيله الأدلة فمن تقوى نور إيمانه على نور عقله كما تقوى نور الشمس على نور غيره من الكواكب فما أذهب عين أنوارها وإنما أدرجها في نوره فالعالم مستنير كله بنور الشمس ونور الكواكب ولكنهم لا يبصرون إلا نور الشمس ولا يبصرون المجموع كذلك الكامل من‏

أهل الله إذا أدرج نور عقله في نور إيمانه صوب رأى المنزهة إذ ما تعدت ما كشفته لهم أنوارها وصوب رأى المشبهة إذ ما تعدت ظاهر ما أعطاها نور إيمانها بما ضرب الله لها من المثل فعرفه الكامل عقلا وإيمانا فحاز درجة الكمال كما حاز الخيال درجة الحس والمعنى فلطف المحسوس وكثف المعنى فكان له الاقتدار التام ولذلك قال يعقوب لابنه لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى‏ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً لما علم من علمهم بتأويل ما مثل الحق له في رؤياه إذ ما كان ما رآه وما مثل له إلا عين إخوته وأبويه فأنشأ الخيال صور الأخوة كواكب وصور الأبوين شمسا وقمرا وكلهم لحم ودم وعروق وأعصاب فانظر هذه النقلة من عالم السفل إلى عالم الأفلاك ومن ظلمة هذا الهيكل إلى نور هذا الكوكب فقد لطف الكثيف ثم عمد إلى مرتبة التقدم وعلو المنزلة والمعاني المجردة فكساها صورة السجود المحسوس فكثف لطيفها والرؤيا واحدة فلو لا قوة هذه الحضرة ما جرى ما جرى ولو لا أنها في الوسط ما حكمت على الطرفين فإن الوسط حاكم على الطرفين لأنه حد لهما كما إن الآن عين الماضي والمستقبل كما إن الإنسان الكامل جعل الله رتبته وسطا بين كينونته مستويا على عرشه وبين كينونته في قلبه الذي وسعه فله نظر إليه في قلبه فيرى أنه نقطة الدائرة وله نظر إليه في استواءه على عرشه فيرى أنه محيط الدائرة فهو بكل شي‏ء محيط فلا يظهر خط من النقطة إلا ونهايته إلى المحيط ولا يظهر خط من المحيط من داخله إلا ونهايته إلى النقطة وليست الخطوط سوى العالم فإنه بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ والكل في قبضته وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فالخلاء ما فرض بين النقطة والمحيط وهو الذي عمر العالم بعينه وكونه وفيه ظهرت الاستحالات من نقطة إلى محيط ومن محيط إلى نقطة فما خرج عنه عز وجل شي‏ء ولا ثم شي‏ء خارج عن المحيط فيدخل في إحاطته بل الكل منه انبعث وإليه ينتهي ومنه بدأ وإليه يعود فمحيطه أسماؤه ونقطته ذاته فلهذا هو الواحد العدد والواحد الكثير فما كل عين له ناظر إلا عين الإنسان ولو لا الإنسان العين ما نظرت عين الإنسان فبالإنسان نظر الإنسان فبالحق ظهر الحق‏

فقلنا فيه حق *** وقلنا فيه خلق‏

وقلنا فيه در *** وقلنا فيه حق‏

فهو الملك والملك *** وهو الفلك والفلك‏

فإذا ما هويته *** قال للحب هيت لك‏

أي حسنت هيأتي إذ هيت لك إذ لو لا حسن العالم ما علم حسن القديم ولا جماله ولو لا جمال الحق ما ظهر في العالم جمال فالأمر دوري وبه دار الفلك فدوران الفلك سعيه وما برح من مكانه فهو بكليته المنتقل الذي لم يفارق مكانه تنبيها من الله لعباده أو ضرب مثل أن الحق وإن أوجد العالم ووصف نفسه بما وصف ما زال في منزلة تنزيهه وتمييزه عن خالقه بذاته مع معينه بكل خلق من خلقه بخلاف الخطوط فإنها متحركة من الوسط وإلى الوسط فهي مفارقة وقاطعة منازل وحركة الوسط لم تفارق منزلتها ولا تحركت في غيرها وهي أعجوبة المسائل التي حار فيها المجيب والسائل‏

ألا أيها الفلك الدائر *** لمن أنت في سيركم سائر

إلينا فنحن بأحشائكم *** إليه فسيركم بائر

تعالى عن الحد في نفسه *** وقال هو الباطن الظاهر

تدور علينا بأنفاسنا *** وأنت لنا الحكم القاهر

فشغلك بي شغل شاغل *** وأنت إذا ما انقضى خاسر

فإن كنت في ذاك عن أمره *** فأنت به الرابح التاجر

ومن فوقكم ثم من«1» فوقه *** إله لرتقكم فاطر

تعين بالفتق في رتقكم *** فعقلك في صنعه حائر

لذاك تدور وما تبرحن *** بمثواك والمقبل الغابر

فقف فأبى الجبر إلا السري *** وقال أنا الكاسر الجابر

سترت عيون النهي فانثنت *** وقد علمت أنني الساتر

فسبحان من حكمه حكمة *** ومن عينه الوارد الصادر

فلولاك ما لاح في أفقه *** بدورته كوكب زاهر

ولما خلق الله تعالى العالم واقتضت ذات العالم أن يستحيل بعضه لبعضه بما ركبه الله عليه من الحقائق والاستعداد لقبول الاستحالة طلب بذاته العوارض الإمكانية التي تراها في العالم فمن العالم من له قصد في ذلك الطلب وهو تعيين عارض خاص كقائم يطلب القعود ممن يعقل ومنهم من يطلبه من غير قصد كالشجرة تطلب السقي من أجل الثمرة التي خلقت لها وطلبها لذلك ذاتي على مقدار معلوم إن زاد على ذلك كان حكمه حكم نقصانه في الهلاك وما الماء بحكمها فلا بد من حافظ يحفظ عليها القدر المعلوم وليس إلا خالقها وهذه الأمور العوارض التي تعرض لجوهر العالم منها ما يقال فيه صلاح ومنه ما يقال فيه فساد ولكن في نفس الأمر لا يصح أن يعرض للعالم فساد لا صلاح فيه فإنه يكون خلاف ما أريد له وجوده وأما صلاح لا فساد فيه فهو الواقع المراد لصانع العالم فإنه لذلك خلق العالم وأما الأحوال فذاتية للمعاني فإنها أحكامها وليس لها وجود ولا هي معدومة كالأحمر لمن قامت به الحمرة وهذا حكم لا يتصف بالخلق لأنه معقول لا عين له في الوجود العيني بل المعاني كلها التي أوجبت أحكامها لمن اتصف بها نسب عدمية لا عين لها في الوجود ولها الحكم والحال ولا عين لحكمها ولا لحالها في الوجود فصار الحاكم والمحكوم به في الحقيقة أمورا عدمية مع أنها معقولة فعلى الحقيقة لا أثر لموجود في موجود وإنما الأثر للمعدوم في الموجود وفي المعدوم لأن الأثر للنسب كله وليست النسب إلا أمورا عدمية يظهر ذلك بالبديهة في أحكام المراتب كمرتبة السلطنة ومرتبة السوقية في النوع الإنساني مثلا فيحكم السلطان في السوقة بما تريد رتبة السلطانة وليس للسلطنة وجود عيني وإذا كان الحكم للمراتب فالأعيان التي من حقيقتها أن لا تكون على صورة طبيعية جسمية في نفسها إذا ظهرت لمن ظهرت له في صورة طبيعية جسدية في عالم التمثيل كالملك يتمثل بَشَراً سَوِيًّا وكالتجلي الإلهي في الصور فهل تقبل تلك الصورة الظاهرة في عين الرائي حكم ما لتلك الصورة في التي هي له حقيقة كصورة الإنسان والحيوان فتحكم عليه بالتفكر وقيام الآلام واللذات به فهل تلك الصورة التي ظهرت تشبه الحيوان أو الإنسان أو ما كان تقبل هذا الحكم في نفس الأمر أو الرائي إذا لم يعلم أنها إنسان أو حيوان ما له أن يحكم عليها بما يحكم علي من تلك الصورة عينه كيف الأمر في ذلك فاعلم إن الملك على صورة تخالف البشر في نفسه وعينه وكما تخالف البشر فقد خالفه أيضا البشر مثل جبريل ظهر بصورة أعرابي بكلامه وحركته المعتادة من تلك الصورة في الإنسان هي في الصورة الممثلة كما هي في الإنسان أو هي من الصورة كما هي الصورة متخيلة أيضا ويتبع تلك الصورة جميع أحكامها من القوي القائمة بها في الإنسان كما قام بها الكلام والحركة والكيفيات الظاهرة فهو في الحقيقة إنسان خيالي أعني الملك في ذلك الزمان وله حكم تلك الصورة في نفس الأمر أيضا على حد الصورة من كونها إنسانا خياليا فإذا ذهبت تلك الصورة ذهبت أحكامها لذهابها وسبب ذلك أن جوهر العالم في الأصل واحد لا يتغير عن حقيقته وأن كل صورة تظهر فيه فهي عارضة تستحيل في نفس الأمر في كل زمان فرد والحق يوجد الأمثال على الدوام لأنه الخالق على الدوام والممكنات في حال عدمها مهياة لقبول الوجود فمهما ظهرت صورة في ذلك الجوهر ظهرت بجميع أحكامها سواء كانت تلك الصورة محسوسة أو متخيلة فإن أحكامها تتبعها كما

قال الأعرابي لما سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يصف الحق جل جلاله بالضحك قال لا نعدم خيرا من رب يضحك‏

إذ من شأن من يضحك أن يتوقع منه وجود الخير فكما أتبع الصورة الضحك اتبعها وجود الخير منها وهذا في الجناب الإلهي فكيف في جوهر العالم ولا يهون مثل هذا عند عالم ولا يقبله متسع الخاطر إلا من عرف أن جوهر العالم هو النفس الرحماني الذي ظهرت فيه صور العالم ومن لم يعلم ذلك فإنه يدركه في نفسه تكلف ومشقة في قبول ذلك في حق الحق وحق كل ظاهر في صورة يعلم أنها ما هي له حقيقة فيتأول ويتعذر عليه في أوقات التأويل فيؤمن ويسلم ولا يدري كيف الأمر بخلاف العالم المحقق الذي قد أطلعه الله تعالى على ما هي الأمور عليه في أنفسها فالعالم كله من حيث جوهره شريف لا تفاضل فيه وإن الدودة والعقل الأول على السواء في فضل الجوهر وما ظهرت المفاضلة إلا في الصور وهي أحكام المراتب فشريف وأشرف ووضيع وأوضع ومن علم هذا هان عليه قبول جميع ما وردت به الشرائع من الأمور في حق الله والدار الآخرة

والأمور الغائبة التي لا تدركها العقول بأفكارها وليس لها مدرك إلا بالخير وليست الصور بشي‏ء غير أعيان الممكنات وليس جوهر العالم سوى ما ذكرنا فللإطلاق على العالم من حيث جوهره حكم لا يكون له من حيث صورته وله حكم من حيث صورته لا يكون له من حيث جوهره فمن الناس من علم ذلك على الكشف وهم أصحابنا والرسل والأنبياء والمقربون ومن الناس من وجد ذلك في قوته وفي عقله ولم يعرف من أين جاء ولا كيف حصل له فيشرك أهل الكشف في الحكم ولا يدري على التحقق ما هو الأمر وهم القائلون‏

بالعلة والقائلون بالدهر والقائلون بالطبيعة وما عدى هؤلاء فلا خبر عندهم بشي‏ء من هذا الحكم كما إن هؤلاء الطوائف لا علم لهم بما يعلمه أهل الله وإن اشتركا في هذا الحكم فلو سألت علماء طائفة منهم ما أنكر لك عين ما أبانه أهل الله من ذلك وما حكم عليهم القول بذلك الحكم إلا ما عرفه أهل الله هم والقائلون بالعلة لا يشعرون أ لا ترى الشارع وهو المخبر عن الله ما وصف الحق بأمر فيه تفصيل إلا وهو صفة المحدث المخلوق مع قدم الموصوف به وهو الله ولا قدم للعقل في ذلك من حيث نظره وفكره وسبب ذلك لا يعرف أصله ولا يعلم أنه صورته في جوهر العالم بل يتخيل أنه عين الجوهر فإن أردت السلامة فاعبد ربا وصف نفسه بما وصف ونفى التشبيه وأثبت الحكم كما هو الأمر عليه لأن الجوهر ما هو عين الصورة فلا حكم للتشبيه عليه ولهذا قال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ لعدم المشابهة فإن الحقائق ترمي بها وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ إثباتا للصور لأنه فصل حي فمن لم يعلم ربه من خبره عن نفسه فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً وأدنى درجته أن يكون مؤمنا بالخبر في صفاته كما آمن إنه ليس كمثله شي‏ء وكلا الحكمين حق نظرا عقليا وقبولا والله يقول إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ وعلى كل شي‏ء حفيظ أ تراه يحيط به وهو خارج عنه ويحفظ عليه وجوده من غير نسبة إليه فقد تداخلت الأمور واتحدت الأحكام وتميزت الأعيان فقيل من وجه هذا ليس هذا عن زيد وعمرو وقيل من وجه هذا عين هذا عن زيد وعمرو وإنها إنسان كذلك نقول في العالم من حيث جوهره ومن حيث صورته كما قال الله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وهو يعني هذا الذي ليس كمثله شي‏ء وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وحكم السمع ما هو حكم البصر ففصل ووصل وما انفصل ولا اتصل‏

فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ ومن شاءَ فَلْيَكْفُرْ *** ومن شاء فيعجز ومن شاء فلينظر

فمن علم العلم الذي قد علمته *** حقيق عليه إن يسر وأن يشكر

إذا ناله التقوى فكن فطنا بما *** يقول لمن يدري بذلك ويشعر

وما قال هذا القول للخلق باطلا *** ولكنه ذكرى لمن شاء فليذكر

هو الحيرة العمياء لمن كان ذا عمى *** هو المنظر الأجلى لذي بصر يبصر

ولما ظهرنا في وجود عمائه *** علمنا وجود القرب فينا ولم نحصر

«وصل إشارة وتنبيه»

اعلم أن كل متلفظ من الناس بحديث فإنه لا يتلفظ به حتى تخيله في نفسه ويقيمه صورة يعبر عنها لا بد له من ذلك ولما كان الخيال لا يراد لنفسه وإنما يراد لبروزه إلى الوجود الحسي في عينه أي يظهر حكمه في الحس فإن المتخيل قد يكون مرتبة وقد يكون ما يقبل الصورة الوجودية كمن يتخيل أن يكون له ولد فيولد له ولد فيظهر في عينه شخصا قائما مثله وقد يتخيل أن يكون ملكا وهي رتبة فيكون ملكا ولا عين للمملكة في الوجود وإنما هي نسبة وإذا كان هذا وكان ما يتخيل يعبر كالرؤيا كذلك يعبر كل كلام ويتأول فما في الكون كلام لا يتأول ولذلك قال ولِنُعَلِّمَهُ من تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وكل كلام فإنه حادث عند السامع فمن التأويل ما يكون إصابة لما أراده المتكلم بحديثه ومن التأويل ما يكون خطأ عن مراد المتكلم وإن كان التأويل إصابة في كل وجه سواء أخطأ مراد المتكلم أو أصاب فما من أمر لا وهو يقبل التعبير عنه ولا يلزم في ذلك فهم السامع الذي لا يفهم ذلك الاصطلاح ولا تلك العبارة فإن علوم الأذواق والكيفيات وإن قبلت لانتقال ولكن لما كان القول بها والعبارة عنها لإفهام السامع لذلك قالوا ما ينقال ولا يلزم ما لا يفهم السامع المدرك له أن لا يصطلح مع نفسه على لفظ يدل به على ما ذاقه ليكون له ذلك اللفظ منبها ومذكرا له إذا نسي ذلك في وقت آخر وإن لم يفهم عنه من لا ذوق له فيه والتأويل عبارة عما يؤول إليه ذلك الحديث‏

الذي حدث عنده في خياله وما سمي الإخبار عن الأمور عبارة ولا التعبير في الرؤيا تعبير إلا لكون المخبر يعبر بما يتكلم به أي يجوز بما يتكلم به من حضرة نفسه إلى نفس السامع فهو ينقله من خيال إلى خيال لأن السامع يتخيله على قدر فهمه فقد يطابق الخيال الخيال خيال السامع مع خيال المتكلم وقد لا يطابق فإذا طابق سمي فهما عنه وإن لم يطابق فليس يفهم ثم المحدث عنه قد يحدث عنه بلفظ يطابقه كما هو عليه في نفسه فحينئذ يسمى عبارة وإن لم يطابقه كان لفظا لا عبارة لأنه ما عبر به عن محله إلى محل السامع وسواء نسب ذلك الكلام إلى من نسب وإنما قصدنا بهذه الإشارة التنبيه على عظم رتبة الخيال وأنه الحاكم المطلق في المعلومات غير إن التعبير عن غير الرؤيا رباعي والتعبير عن الرؤيا ثلاثي أي في الرؤيا وهما من طريق المعنى على السواء وعين الفعل في الماضي في تعبير الرؤيا مفتوح وفي المستقبل مضموم ومخفف وهو في غير الرؤيا مضاعف في الماضي والمستقبل مفتوح العين في الماضي وتكسر في مستقبله وإنما كان التضعيف في غير الرؤيا للقوة في العبارة لأنها أضعف في الخيال من الرؤيا فإن المعبر في غير الرؤيا يعبر عن أمر متخيل في نفسه استحضره ابتداء وجعله كأنه يراه حسا فضعف عمن يعبر عن الخيال من غير فكر ولا استحضار كصاحب الرؤيا فإن الخيال هنالك أظهر له ما فيه من غير استحضار من الرائي والمتيقظ ليس كذلك فهو ضعيف التخيل بسبب حجاب الحس فاحتاج إلى القوة فضعف التعبير عنه فقيل عبر فلان عن كذا وكذا بكذا وكذا بتشديد عين الفعل أ لا ترى قولهم في عبور الوادي يقولون عبرت النهر أعبره من غير تضعيف لأن النهر هنا غير مستحضر بل هو حاضر في الحس كما كان ذلك حاضرا في الخيال من غير استحضار فاستعان بالتضعيف لما في الاستحضار من المشقة والاستعانة تؤذن بالتضعيف أبدا حيث ظهرت لأنه لا يطلب العون إلا من ليس في قوته مقاومة ذلك الأمر الذي يطلب العون عليه فكل ما لا يمكن الاستقلال به فإن العامل له لا بد أن يطلب العون والمعين على ذلك فافهم فإنه من هنا تعرف رتبة ما لا يمكن وجوده للموجد له إلا بمساعدة أمر آخر ما هو عين الموجد فذلك الأمر الآخر معين له على إظهار ذلك الأمر وهنا يظهر معنى قوله حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله إذا أراد الحق إيصاله إلى أذن السامع بالأصوات والحروف أو الإيماء والإشارة فلا بد من الواسطة إذ يستحيل عليه تعالى قيام الحوادث به فافهم وعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ وفي هذا المنزل من العلوم علم ما يفتقر إليه ولا يتصل به وفيه علم بيان الجمع أنه عين الفرق وفيه علم الفرق بين علم الخبر وعلم النظر العقلي وعلم النظر الكشفي وهو الذي يحصل بإدراك الحواس وفيه علم تنبيه الغافل بما ذا ينبه ومراتب التنبيه وفيه علم شرف العلم على شرف الرؤية فقد يرى الشخص شيئا ولا يدري ما هو فيقصه على غيره فيعلمه ذلك الغير ما هو وإن لم يره فالعلم أتم من الرؤية لأن الرؤية طريق من طرق العلم يتوصل بالسلوك فيه من هو عليه إلى أمر خاص وفيه علم ظهور الباطل في صورة الحق وهما على النقيض ومن المحال أن يظهر أمر في صورة أمر آخر من غير تناسب فهو مثله في النسبة لا مثله في العين وهذا هو في صناعة النحو فعل المقاربة يقولون في ذلك كاد النعام يطير وكاد العروس يكون أميرا والحق تعالى يظهر في عين الرائي السراب ماء وليس بماء وهو عنده إذا جاء إليه الظمآن وكذلك المعطش إلى العلم بالله يأخذ في النظر في العلم به فيفيده تقييد تنزيه أو تشبيه فإذا كشف الغطاء وهو حال وصول الظمآن إلى السراب لم يجده كما قيده فأنكره ووجد الله عنده غير مقيد بذلك التقييد الخاص بل له الإطلاق في التقييد فَوَفَّاهُ حِسابَهُ أي تقديره فكأنه أراد صاحب هذا الحال أن يخرج الحق من التقييد فقال له الحق بقوله فَوَفَّاهُ حِسابَهُ لا يحصل لك في هذا المشهد إلا العلم بي إني مطلق في التقييد فإنا عين كل تقييد لأني أنا العالم كله مشهود ومعلوم وهذا هو الكيد الإلهي من قوله وأَكِيدُ كَيْداً ومَكَرُوا ومَكَرَ الله وفيه علم ما هو مربوط بأجل لا يظهر حتى يبلغ الكتاب فيه أجله وفيه علم قيمة المثل وفيه علم تنزيه الأنبياء مما نسب إليهم المفسرون من الطامات مما لم يجي‏ء في كتاب الله وهم يزعمون أنهم قد فسروا كلام الله فيما أخبر به عنهم نسأل الله العصمة في القول والعمل فلقد جاءوا في ذلك بالكبر الكبائر كمسألة إبراهيم الخليل عليه السلام وما نسبوا إليه من الشك وما نظروا

في قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم نحن أولى بالشك من إبراهيم‏

فإن إبراهيم عليه السلام ما شك في إحياء الموتى ولكن لما علم إن لإحياء الموتى وجودها متعددة مختلفة لم يدر بأي وجه منها يكون يحيي الله به الموتى وهو مجبول على طلب العلم فعين الله‏



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!