Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

Gözat Başlıkları Bölüm I: Bilgi Üzerine (Maarif) Bölüm II: Etkileşimler (Muamalat) Bölüm IV: Meskenler (Manazil) Girişler Bölüm V: Tartışmalar (Munazalat) Bölüm III: Eyaletler (Ahwal) Bölüm VI: İstasyonlar (Kutup Makamı) Birinci Bölüm İkinci Bölüm Üçüncü Bölüm Dördüncü Bölüm

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة سر سلمان الذى ألحقه بأهل البيت والأقطاب الذين ورثه منهم ومعرفة أسرارهم

لا يفاضل وإما أن يكون مخيرا فيكون بحسب ما يقصده المتلفظ وبحسب حكم الله فيه وإذا أطلقناه فلا يخلو الإنسان إما أن يطلقه ويصحب نفسه في ذاك الإطلاق المعنى المفهوم منه في الوضع بذلك اللسان أو لا يطلقه إلا تعبدا شرعيا على مراد الله فيه من غير أن يتصور المعنى الذي وضع له في ذلك اللسان كالفارسي الذي لا يعلم اللسان العربي وهو يتلو القرآن ولا يعقل معناه وله أجر التلاوة كذلك العربي فيما تشابه من القرآن والسنة يتلوه أو يذكر به ربه تعبدا شرعيا على مراد الله فيه من غير ميل إلى جانب بعينه مخصص فإن التنزيه ونفي التشبيه يطلبه أن وقف بوهمه عند التلاوة لهذه الآيات فالأسلم والأولى في حق العبد أن يرد علم ذلك إلى الله في إرادته إطلاق تلك الألفاظ عليه إلا إن أطلعه الله على ذلك وما المراد بتلك الألفاظ من نبي أو ولي محدث ملهم عَلى‏ بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ فيما يلهم فيه أو يحدث فذلك مباح له بل واجب عليه أن يعتقد المفهوم منه الذي أخبر به في الهامة أو في حديثه وليعلم أن الآيات المتشابهات إنما نزلت ابتلاء من الله لعباده ثم بالغ سبحانه في نصيحة عباده في ذلك ونهاهم أن يتبعوا المتشابه بالحكم أي لا يحكموا عليه بشي‏ء فإن تأويله لا يعلمه إلا الله وأما الرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ إن علموه فبإعلام الله لا بفكرهم واجتهادهم فإن الأمر أعظم أن تستقل العقول بإدراكه من غير إخبار إلهي فالتسليم أولى والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏

[العلم بالكيفيات‏]

وأما قوله أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ وأطلق النظر على الكيفيات فإن المراد بذلك بالضرورة المكيفات لا التكييف فإن التكييف راجع إلى حالة معقولة لها نسبة إلى المكيف وهو الله تعالى وما أحد شاهد تعلق القدرة الإلهية بالأشياء عند إيجادها قال تعالى ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ والْأَرْضِ فالكيفيات المذكورة التي أمرنا بالنظر إليها لا فيها إنما ذلك لنتخذها عبرة ودلالة على إن لها من كيفها أي صيرها ذات كيفيات وهي الهيئات التي تكون عليها المخلوقات المكيفات فقال أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ... وإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وغير ذلك ولا يصح أن تنظر إلا حتى تكون موجودة فننظر إليها وكيف اختلفت هيئاتها ولو أراد بالكيف حالة الإيجاد لم يقل انظر إليها فإنها ليست بموجودة فعلمنا إن الكيف المطلوب منا في رؤية الأشياء ما هو ما يتوهم من لا علم له بذلك أ لا تراه سبحانه لما أراد النظر الذي هو الفكر قرنه بحرف في ولم يصحبه لفظ كيف فقال تعالى أَ ولَمْ يَنْظُرُوا في مَلَكُوتِ السَّماواتِ والْأَرْضِ المعنى أن يفكروا في ذلك فيعلموا أنها لم تقم بأنفسها وإنما أقامها غيرها وهذا النظر لا يلزم منه وجود الأعيان مثل النظر الذي تقدم وإنما الإنسان كلف أن ينظر بفكره في ذلك لا بعينه ومن الملكوت ما هو غيب وما هو شهادة فما أمرنا قط بحرف في إلا في المخلوقات لا في الله لنستدل بذلك عليه أنه لا يشبهها إذ لو أشبهها لجاز عليه ما يجوز عليها من حيث ما أشبهها وكان يؤدي ذلك إلى أحد محظورين إما أن يشبهها من جميع الوجوه وهو محال لما ذكرناه أو يشبهها من بعض الوجوه ولا يشبهها من بعض الوجوه فتكون ذاته مركبة من أمرين والتركيب في ذات الحق محال فالتشبيه محال والذي يليق بهذا الباب من الكلام يتعذر إيراده مجموعا في باب واحد لما يسبق إلى الأوهام الضعيفة من ذلك لما فيه من الغموض ولكن جعلناه مبددا في أبواب هذا الكتاب فاجعل بالك منه في أبواب الكتاب تعثر على مجموع هذا الباب ولا سيما حيثما وقع لك مسألة تجل إلهي فهناك قف وانظر تجد ما ذكرته لك مما يليق بهذا الباب والقرآن مشحون بالكيفية فإن الكيفيات أحوال والأحوال منها ذاتية للمكيف ومنها غير ذاتية والذاتية حكمها حكم المكيف سواء كان المكيف يستدعي مكيفا في كيفيته أو كان لا يستدعي مكيفا لتكييفه بل كيفيته عين ذاته وذاته لا تستدعي غيرها لأنها لنفسها هي فكيفيته كذلك لأنها عينه لا غيره ولا زائد عليه فافهم والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

(الباب التاسع والعشرون) في معرفة سر سلمان الذي ألحقه بأهل البيت والأقطاب الذين ورثه منهم ومعرفة أسرارهم‏

العبد مرتبط بالرب ليس له *** عنه انفصال يرى فعلا وتقديرا

والابن أنزل منه في العلى درجا *** قد حرر الشرع فيه العلم تحريرا

فالابن ينظر في أموال والده *** إذ كان وارثه شحا وتقتيرا

والابن يطمع في تحصيل رتبته *** وأن يراه مع الأموات مقبورا

والعبد قيمته من مال سيده *** إليه يرجع مختارا ومجبورا

والعبد مقداره في جاه سيده *** فلا يزال بستر العز مستورا

الذل يصحبه في نفسه أبدا *** فلا يزال مع الأنفاس مقهورا

والابن في نفسه من أجل والده *** عز فيطلب توقيرا وتعزيرا

[إرادة التجريد أو التحرر من جميع الأكوان‏]

اعلم أيدك الله‏

أنا روينا من حديث جعفر بن محمد الصادق عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال مولى القوم منهم‏

وخرج الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أهل القرآن هم أهل الله وخاصته‏

وقال تعالى في حق المختصين من عباده إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ فكل عبد إلهي توجه لأحد عليه حق من المخلوقين فقد نقص من عبوديته لله بقدر ذلك الحق فإن ذلك المخلوق يطلبه بحقه وله عليه سلطان به فلا يكون عبدا محضا خالصا لله وهذا هو الذي رجح عند المنقطعين إلى الله انقطاعهم عن الخلق ولزومهم السياحات والبراري والسواحل والفرار من الناس والخروج عن ملك الحيوان فإنهم يريدون الحرية من جميع الأكوان ولقيت منهم جماعة كبيرة في أيام سياحتي ومن الزمان الذي حصل لي فيه هذا المقام ما ملكت حيوانا أصلا بل ولا الثوب الذي ألبسه فإني لا ألبسه إلا عارية لشخص معين أذن لي في التصرف فيه والزمان الذي أتملك الشي‏ء فيه أخرج عنه في ذلك الوقت إما بالهبة أو بالعتق إن كان ممن يعتق وهذا حصل لي لما أردت التحقق بعبودية الاختصاص لله قيل لي لا يصح لك ذلك حتى لا يقوم لأحد عليك حجة قلت ولا لله إن شاء الله قيل لي وكيف يصح لك أن لا يقوم لله عليك حجة قلت إنما تقام الحجج على المنكرين لا على المعترفين وعلى أهل الدعاوي وأصحاب الحظوظ لا على من قال مالي حق ولا حظ

[أهل البيت ومواليهم‏]

ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا محضا قد طهره الله وأهل بيته تطهيرا وأذهب عنهم الرجس وهو كل ما يشينهم فإن الرجس هو القذر عند العرب هكذا حكي الفراء قال تعالى إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فلا يضاف إليهم إلا مطهر ولا بد فإن المضاف إليهم هو الذي يشبههم فما يضيفون لأنفسهم إلا من له حكم الطهارة والتقديس فهذه شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم لسلمان الفارسي بالطهارة والحفظ الإلهي والعصمة حيث‏

قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت‏

وشهد الله لهم بالتطهير وذهاب الرجس عنهم وإذا كان لا ينضاف إليهم إلا مطهر مقدس وحصلت له العناية الإلهية بمجرد الإضافة فما ظنك بأهل البيت في نفوسهم فهم المطهرون بل هم عين الطهارة فهذه الآية تدل على إن الله قد شرك أهل البيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى لِيَغْفِرَ لَكَ الله ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ وأي وسخ وقذر أقذر من الذنوب وأوسخ فطهر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بالمغفرة فما هو ذنب بالنسبة إلينا لو وقع منه صلى الله عليه وسلم لكان ذنبا في الصورة لا في المعنى لأن الذم لا يلحق به على ذلك من الله ولا منا شرعا فلو كان حكمه حكم الذنب لصحبة ما يصحب الذنب من المذمة ولم يصدق قوله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فدخل الشرفاء أولاد فاطمة كلهم ومن هو من أهل البيت مثل سلمان الفارسي إلى يوم القيامة في حكم هذه الآية من الغفران فهم المطهرون اختصاصا من الله وعناية بهم لشرف محمد صلى الله عليه وسلم وعناية الله به ولا يظهر حكم هذا الشرف لأهل البيت إلا في الدار الآخرة فإنهم يحشرون مغفورا لهم وأما في الدنيا فمن أتى منهم حدا أقيم عليه كالتائب إذا بلغ الحاكم أمره وقد زنى أو سرق أو شرب أقيم عليه الحد مع تحقق المغفرة كما عز وأمثاله ولا يجوز ذمه‏

[أهل البيت: جميع ما يصدر منهم قد عفا الله عنه‏]

وينبغي لكل مسلم مؤمن بالله وبما أنزله أن يصدق الله تعالى في قوله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فيعتقد في جميع ما يصدر من أهل البيت إن الله قد عفا عنهم فيه فلا ينبغي لمسلم أن يلحق المذمة بهم ولا ما يشنأ أعراض من قد شهد الله بتطهيره وذهاب الرجس عنه لا يعمل عملوه ولا بخير قدموه بل سابق عناية من الله بهم ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ من يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وإذا صح الخبر الوارد في سلمان الفارسي فله هذه الدرجة فإنه لو كان سلمان على أمر يشنؤه‏

ظاهر الشرع وتلحق المذمة بعامله لكان مضافا لي أهل البيت من لم يذهب عنه الرجس فيكون لأهل البيت من ذلك بقدر ما أضيف إليهم وهم المطهرون بالنص فسلمان منهم بلا شك فأرجو أن يكون عقب علي وسلمان تلحقهم هذه العناية كما لحقت أولاد الحسن والحسين وعقبهم وموالي أهل البيت فإن رحمة الله واسعة

[أهل البيت أقطاب العالم‏]

يا ولي وإذا كانت منزلة مخلوق عند الله بهذه المثابة أن يشرف المضاف إليهم بشرفهم وشرفهم ليس لأنفسهم وإنما الله تعالى هو الذي اجتباهم وكساهم حلة الشرف كيف يا ولي بمن أضيف إلى من له الحمد والمجد والشرف لنفسه وذاته فهو المجيد سبحانه وتعالى فالمضاف إليه من عباده الذين هم عباده وهم الذين لا سلطان لمخلوق عليهم في الآخرة قال تعالى لإبليس إِنَّ عِبادِي فأضافهم إليه لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وما تجد في القرآن عبادا مضافين إليه سبحانه إلا السعداء خاصة وجاء اللفظ في غيرهم بالعباد فما ظنك بالمعصومين المحفوظين منهم القائمين بحدود سيدهم الواقفين عند مراسمه فشرفهم أعلى وأتم وهؤلاء هم أقطاب هذا المقام‏

[سر سلمان‏]

ومن هؤلاء الأقطاب ورث سلمان شرف مقام أهل البيت فكان رضي الله عنه من أعلم الناس بما لله على عباده من الحقوق وما لأنفسهم والخلق عليهم من الحقوق وأقواهم على أدائها وفيه‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان الايمان بالثريا لنا له رجال من فارس وأشار إلى سلمان الفارسي‏

وفي تخصيص النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ذكر الثريا دون غيرها من الكواكب إشارة بديعة لمثبتي الصفات السبعة لأنها سبعة كواكب فافهم فسر سلمان الذي ألحقه بأهل البيت ما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم من أداء كتابته وفي هذا فقه عجيب فهو عتيقة صلى الله عليه وسلم ومولى القوم منهم والكل موالي الحق ورحمته وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وكل شي‏ء عبده ومولاه‏

[أهل البيت: لا ينبغي لمسلم أن يذمهم‏]

وبعد أن تبين لك منزلة أهل البيت عند الله وأنه لا ينبغي لمسلم أن يذمهم بما يقع منهم أصلا فإن الله طهرهم فليعلم الذام لهم أن ذلك راجع إليه ولو ظلموه فذلك الظلم هو في زعمه ظلم لا في نفس الأمر وإن حكم عليه ظاهر الشرع بأدائه بل حكم ظلمهم إيانا في نفس الأمر يشبه جرى المقادير علينا في ماله ونفسه بغرق أو بحرق وغير ذلك من الأمور المهلكة فيحترق أو يموت له أحد أحبائه أو يصاب في نفسه وهذا كله مما لا يوافق غرضه ولا يجوز له أن يذم قدر الله ولا قضاءه بل ينبغي له أن يقابل ذلك كله بالتسليم والرضي وإن نزل عن هذه المرتبة فبالصبر وإن ارتفع عن تلك المرتبة فبالشكر فإن في طي ذلك نعما من الله لهذا المصاب وليس وراء ما ذكرناه خير فإنه ما وراءه ليس إلا الضجر والسخط وعدم الرضي وسوء الأدب مع الله فكذا ينبغي أن يقابل المسلم جميع ما يطرأ عليه من أهل البيت في ماله ونفسه وعرضه وأهله وذويه فيقابل ذلك كله بالرضى والتسليم والصبر ولا يلحق المذمة بهم أصلا وإن توجهت عليهم الأحكام المقررة شرعا فذلك لا يقدح في هذا بل يجريه مجرى المقادير وإنما منعنا تعليق الذم بهم إذ ميزهم الله عنا بما ليس لنا معهم فيه قدم وأما أداء الحقوق المشروعة فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقترض من اليهود وإذا طالبوه بحقوقهم أداها على أحسن ما يمكن وإن تطاول اليهودي عليه بالقول يقول دعوه إن لصاحب الحق مقالا وقال صلى الله عليه وسلم في قصة لو أن فاطمة بنت محمد سرقت قطعت يدها

فوضع الأحكام لله يضعها كيف يشاء وعلى أي حال يشاء فهذه حقوق الله ومع هذا لم يذمهم الله وإنما كلامنا في حقوقنا وما لنا أن نطالبهم به فنحن مخيرون إن شئنا أخذنا وإن شئنا تركنا والترك أفضل عموما فكيف في أهل البيت وليس لنا ذم أحد فكيف بأهل البيت فإنا إذا نزلنا عن طلب حقوقنا وعفونا عنهم في ذلك أي فيما أصابوه منا كانت لنا بذلك عند الله اليد العظمى والمكانة الزلفى‏

[محبة آل بيت النبي من محبة النبي‏]

فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما طلب منا عن أمر الله إِلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبى‏ وفيه سر صلة الأرحام ومن لم يقبل سؤال نبيه فيما سأله فيه مما هو قادر عليه بأي وجه يلقاه غدا أو يرجو شفاعته وهو ما أسعف نبيه صلى الله عليه وسلم فيما طلب منه من المودة في قرابته فكيف بأهل بيته فهم أخص القرابة ثم إنه جاء بلفظ المودة وهو الثبوت على المحبة فإنه من ثبت وده في أمر استصحبه في كل حال وإذا استصحبته المودة في كل حال لم يؤاخذ أهل البيت بما يطرأ منهم في حقه مما له أن يطالبهم به فيتركه ترك محبة وإيثارا لنفسه لا عليها قال المحب الصادق‏

وكل ما يفعل المحبوب محبوب‏

وجاء باسم الحب فكيف حال المودة ومن البشرى ورود اسم الودود لله تعالى ولا معنى لثبوتها إلا حصول أثرها بالفعل في الدار الآخرة وفي النار لكل طائفة بما تقتضيه حكمة الله فيهم وقال الآخر في المعنى‏

أحب لحبها السودان حتى *** أحب لحبها سود الكلاب‏

ولنا في هذا المعنى‏

أحب لحبك الحبشان طرا *** وأعشق لاسمك البدر المنيرا

قيل كانت الكلاب السود تناوشه وهو يتحبب إليها فهذا فعل المحب في حب من لا تسعده محبته عند الله ولا تورثه القربة من الله فهل هذا إلا من صدق الحب وثبوت الود في النفس‏

[محبة أهل البيت آية من محبة الله ورسوله‏]

فلو صحت محبتك لله ولرسوله أحببت أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت كل ما يصدر منهم في حقك مما لا يوافق طبعك ولا غرضك إنه جمال تتنعم بوقوعه منهم فتعلم عند ذلك أن لك عناية عند الله الذي أحببتهم من أجله حيث ذكرك من يحبه وخطرت على باله وهم أهل بيت رسوله صلى الله عليه وسلم فتشكر الله تعالى على هذه النعمة فإنهم ذكروك بالسنة طاهرة بتطهير الله طهارة لم يبلغها علمك وإذا رأيناك على ضد هذه الحالة مع أهل البيت الذي أنت محتاج إليهم ولرسول صلى الله عليه وسلم حيث هداك الله به فكيف أثق أنا بودك الذي تزعم به أنك شديد الحب في والرعاية لحقوقي أو لجانبي وأنت في حق أهل نبيك بهذه المثابة من الوقوع فيهم والله ما ذاك إلا من نقص إيمانك ومن مكر الله بك واستدراجه إياك من حيث لا تعلم وصورة المكر أن تقول وتعتقد إنك في ذلك تذب عن دين الله وشرعه وتقول في طلب حقك إنك ما طلبت إلا ما أباح الله لك طلبه ويندرج الذم في ذلك الطلب المشروع والبغض والمقت وإيثارك نفسك على أهل البيت وأنت لا تشعر بذلك والدواء الشافي من هذا الداء العضال أن لا ترى لنفسك معهم حقا وتنزل عن حقك لئلا يندرج في طلبه ما ذكرته لك وما أنت من حكام المسلمين حتى يتعين عليك إقامة حد أو إنصاف مظلوم أو رد حق إلى أهله فإن كنت حاكما ولا بد فاسع في استنزال صاحب الحق عن حقه إذا كان المحكوم عليه من أهل البيت فإن أبي حينئذ يتعين عليك إمضاء حكم الشرع فيه فلو كشف الله لك يا ولي عن منازلهم عند الله في الآخرة لوددت أن تكون مولى من مواليهم فالله يلهمنا رشد أنفسنا فانظر ما أشرف منزلة سلمان رضي الله عن جميعهم‏

[أسرار الأقطاب «السلمانيين»]

ولما بينت لك أقطاب هذا المقام وأنهم عبيد الله المصطفون الأخيار فاعلم إن أسرارهم التي أطلعنا الله عليها تجهلها العامة بل أكثر الخاصة التي ليس لها هذا المقام والخضر منهم رضي الله عنه وهو من أكبرهم وقد شهد الله له أنه آتاه رحمة من عنده وعلمه من لدنه علما اتبعه فيه كليم الله موسى عليه السلام الذي‏

قال فيه صلى الله عليه وسلم لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني‏

فمن أسرارهم ما قد ذكرناه من العلم بمنزلة أهل البيت وما قد نبه الله على علو رتبتهم في ذلك ومن أسرارهم علم المكر الذي مكر الله بعباده في بغضهم مع دعواهم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسؤاله المودة في القربى وهو صلى الله عليه وسلم من جملة أهل البيت فما فعل أكثر الناس ما سألهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر الله فعصوا الله ورسوله وما أحبوا من قرابته إلا من رأوا منه الإحسان فأغراضهم أحبوا وبنفوسهم تعشقوا ومن أسرارهم الاطلاع على صحة ما شرع الله لهم في هذه الشريعة المحمدية من حيث لا تعلم العلماء بها فإن الفقهاء والمحدثين الذين أخذوا علمهم ميتا عن ميت إنما المتأخر منهم هو فيه على غلبة ظن إذ كان النقل شهادة والتواتر عزيز ثم إنهم إذا عثروا على أمور تفيد العلم بطريق التواتر لم يكن ذلك اللفظ المنقول بالتواتر نصا فيما حكموا به فإن النصوص عزيزة فيأخذون من ذلك اللفظ بقدر قوة فهمهم فيه ولهذا اختلفوا وقد يمكن أن يكون لذلك اللفظ في ذلك الأمر نص آخر يعارضه ولم يصل إليهم وما لم يصل إليهم ما تعبدوا به ولا يعرفون بأي وجه من وجوه الاحتمالات التي في قوة هذا اللفظ كان يحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم المشرع فأخذه أهل الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكشف على الأمر الجلي والنص الصريح في الحكم أو عن الله بالبينة التي هم عليها من ربهم والبصيرة التي بها دعوا الخلق إلى الله عليها كما قال الله أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ وقال أَدْعُوا إِلَى الله عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومن اتَّبَعَنِي فلم يفرد نفسه بالبصيرة وشهد لهم بالاتباع في الحكم فلا يتبعونه إلا على بصيرة وهم عباد الله أهل هذا المقام ومن أسرارهم أيضا إصابة أهل العقائد فيما اعتقدوه في الجناب الإلهي وما تجلى لهم حتى اعتقدوا ذلك ومن أين تصور الخلاف مع الاتفاق على السبب الموجب الذي استندوا إليه فإنه ما اختلف فيه اثنان وإنما وقع الخلاف فيما هو ذلك السبب‏



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!