Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

Gözat Başlıkları Bölüm I: Bilgi Üzerine (Maarif) Bölüm II: Etkileşimler (Muamalat) Bölüm IV: Meskenler (Manazil) Girişler Bölüm V: Tartışmalar (Munazalat) Bölüm III: Eyaletler (Ahwal) Bölüm VI: İstasyonlar (Kutup Makamı) Birinci Bölüm İkinci Bölüm Üçüncü Bölüm Dördüncü Bölüm

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام الرؤيا وهى المبشرات

( (بسم الله الرحمن الرحيم))

(الباب الثامن والثمانون ومائة في معرفة مقام الرؤيا وهي المبشرات)

بالصدق رؤيا الرجال الصادقين ومن *** يصاحب الضد لم تصدق له رؤيا

الصدق بالعدوة القصوى منازله *** وضده ضده بالعدوة الدنيا

هي النبوة إلا أنها قصرت *** عن نسخ شرع وهذي رتبة عليا

إني رأيت سيوفا للهوى انتضيت *** وفي يميني سيف للهوى دنيا

فما تركت لها عينا ولا أثرا *** بذلك السيف في الأخرى وفي الدنيا

[أن للإنسان حالتين حالة النوم وحالة اليقظة]

اعلم أيدك الله أن للإنسان حالتين حالة تسمى النوم وحالة تسمى اليقظة وفي كلتا الحالتين قد جعل الله له إدراكا يدرك به الأشياء تسمى تلك الإدراكات في اليقظة حسا وتسمى في النوم حسا مشتركا فكل شي‏ء تبصره في اليقظة يسمى رؤية وكل ما تبصره في النوم يسمى رؤيا مقصورا وجميع ما يدركه الإنسان في النوم هو مما ضبطه الخيال في حال اليقظة من الحواس وهو على نوعين إما ما أدرك صورته في الحس وإما ما أدرك أجزاء صورته التي أدركها في النوم بالحس لا بد من ذلك فإن نقصه شي‏ء من إدراك الحواس في أصل خلقته فلم يدرك في اليقظة ذلك الأمر الذي فقد المعنى الحسي الذي يدركه به في أصل خلقته فلا يدركه في النوم أبدا فالأصل الحس والإدراك به في اليقظة والخيال تبع في ذلك وقد يتقوى الأمر على بعض الناس فيدركون في اليقظة ما كانوا يدركونه في النوم وذلك نادر وهو لأهل هذا الطريق من نبي وولي هكذا عرفناه فإذا علمت هذا

[خطاب الله تعالى أو كلام الله تعالى أنبيائه في حالة النوم أو اليقظة]

فاعلم أيضا أن النبوة خطاب الله تعالى أو كلام الله تعالى كيفما شئت قلت لمن شاء من عباده في هاتين الحالتين من يقظة ومنام وهذا الخطاب الإلهي المسمى نبوة على ثلاثة أنواع نوع يسمى وحيا ونوع يسمعه كلامه من وَراءِ حِجابٍ ونوع بوساطة رسول فيوحي ذلك الرسول من ملك أو بشر بإذن الله ما يشاء لمن أرسله إليه وهو كلام الله إذ كان هذا الرسول إنما يترجم عن الله كما قال تعالى وما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْياً أَوْ من وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فالوحي منه ما يلقيه إلى قلوب عباده من غير واسطة فأسمعهم في قلوبهم حديثا لا يكيف سماعه ولا يأخذه حد ولا يصوره خيال ومع هذا يعقله ولا يدري كيف جاء ولا من أين جاء ولا ما سببه وقد يكلمه من وراء حجاب صورة ما يكلمه به وقد يكون الحجاب بشريته وقد يكون الحجاب كما كلم موسى من الشَّجَرَةِ ... من جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ له لأنه لو كلمه من الأيسر الذي هو جهة قلبه ربما التبس عليه بكلام نفسه فجاءه الكلام من الجانب الذي لم تجر العادة أن تكلمه نفسه منه وقد يكلمه بوساطة رسول من ملك كقوله نَزَلَ به الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى‏ قَلْبِكَ يعني بالقرآن الذي هو كلام الله وقد يكون بوساطة بشر وهو قوله فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله فأضاف الكلام إلى الله وما سمعته الصحابة ولا هذا الأعرابي إلا من لسان رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وليست النبوة بأمر زائد على الإخبار الإلهي بهذه الأقسام والقرآن خبر الله وهو النبوة كلها لأنه الجامع لجميع ما أراد الله أن يخبر به عباده وصح في الحديث أنه من حفظ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه‏

فإذا تقرر ما ذكرناه‏

[أن مبدأ الوحي الرؤيا الصادقة]

فاعلم أن مبدأ الوحي الرؤيا الصادقة وهي لا تكون إلا في حال النوم‏

قالت عائشة في الحديث الصحيح أول ما بدي‏ء به رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من الوحي الرؤيا الصادقة

فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح وسبب ذلك صدقه ص‏

فإنه ثبت عنه أنه قال أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا

فكان لا يحدث أحدا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بحديث عن تزوير يزوره في نفسه بل يتحدث بما يدركه بإحدى قواه الحسية أو بكلها ما كان يحدث بالغرض ولا يقول ما لم يكن ولا ينطق في اليقظة عن شي‏ء يصوره في خياله مما لم ير لتلك الصورة بجملتها عينا في الحس فهذا سبب صدق رؤياه وإنما بدي‏ء الوحي بالرؤيا دون الحس لأن المعاني المعقولة أقرب إلى الخيال منها إلى الحس لأن الحس طرف أدنى والمعنى طرف أعلى وألطف والخيال بينهما والوحي معنى فإذا أراد المعنى أن ينزل إلى الحس فلا بد أن يعبر على حضرة الخيال قبل وصوله إلى الحس والخيال من حقيقته أن‏

يصور كل ما حصل عنده في صورة المحسوس لا بد من ذلك فإن كان ورود ذلك الوحي الإلهي في حال النوم سمي رؤيا وإن كان في حال اليقظة سمي تخيلا أي خيل إليه فلهذا بدي‏ء الوحي بالخيال ثم بعد ذلك انتقل الخيال إلى الملك من خارج فكان يتمثل له الملك رجلا أو شخصا من الأشخاص المدركة بالحس فقد ينفرد هذا الشخص المراد بذلك الوحي بإدراك هذا الملك وقد يدركه الحاضرون معه فيلقي على سمعه حديث ربه وهو الوحي وتارة ينزل على قلبه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فتأخذه البرحاء وهو المعبر عنه بالحال فإن الطبع لا يناسبه فلذلك يشتد عليه وينحرف له مزاج الشخص إلى أن يؤدي ما أوحى به إليه ثم يسرى عنه فيخبر بما قيل له وهذا كله موجود في رجال الله من الأولياء والذي اختص به النبي من هذا دون الولي الوحي بالتشريع فلا يشرع إلا النبي ولا يشرع إلا رسول خاصة فيحلل ويحرم ويبيح ويأتي بجميع ضروب الوحي والأولياء ليس لهم من هذا الأمر إلا الإخبار بصحة ما جاء به هذا الرسول وتعيينه حتى يكون هذا التابع على بصيرة فيما تعبده به ربه على لسان هذا الرسول إذ كان هذا الولي لم يدرك زمانه حتى يسمع منه كما سمع أصحابه فصار هذا الولي بهذا النوع من الخطاب بمنزلة الصاحب الذي سمع من لفظ رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ما شرع ولذلك جاء في القرآن أَدْعُوا إِلَى الله عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومن اتَّبَعَنِي وهم هؤلاء الذين ذكرناهم فرب حديث صحيح من طريق رواية الثقات عندنا ليس بصحيح في نفس الأمر فنأخذه على طريق غلبة الظن لا على العلم وهذه الطائفة التي ذكرناها تأخذه من هذا الطريق فنكون من عدم صحة ذلك الخبر الصحيح عندنا على بصيرة أنه ليس بصحيح في نفس الأمر وبالعكس وهو أن يكون الحديث ضعيفا من أجل ضعف الطريق من وضاع فيه أو مدلس وهو في نفس الأمر صحيح فتدرك هذه الطائفة صحته فتكون فيه على بصيرة فهذا معنى قوله تعالى أَدْعُوا إِلَى الله عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومن اتَّبَعَنِي وهم هؤلاء فهم ورثة الأنبياء لاشتراكهم في الخبر وانفراد الأنبياء بالتشريع قال تعالى يُلْقِي الرُّوحَ من أَمْرِهِ عَلى‏ من يَشاءُ من عِبادِهِ فجاء بمن وهي نكرة لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ فجاء بما ليس بشرع ولا حكم بل بإنذار فقد يكون الولي بشيرا ونذيرا ولكن لا يكون مشرعا فإن الرسالة والنبوة بالتشريع قد انقطعت فلا رسول بعده ولا نبي أي لا مشرع ولا شريعة فاعلم ذلك فلنرجع إلى ما بوبنا عليه‏

ثبت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أنه قال إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي قال فشق ذلك على الناس فقال لكن المبشرات فقالوا يا رسول الله وما المبشرات فقال رؤيا المسلم وهي جزء من أجزاء النبوة

هذا حديث حسن صحيح من حديث أنس بن مالك حدثنا به إمام المقام بالحرم المكي الشريف تجاه الركن اليماني الذي فيه الحجر الأسود سنة أربع وستمائة شيخنا مكين الدين أبو شجاع زاهر بن رستم الأصفهاني البزار وغيره عن أبي الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكرخي الهروي قال أخبرني أبو عامر محمود بن القاسم الأزدي وأبو نصر عبد العزيز بن محمد الترياقي وأبو بكر أحمد بن أبي حاتم العورجي التاجر قالوا أخبرنا محمد بن عبد الجبار الجراحي قال أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي قال أخبرنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا عفان بن مسلم حدثنا عبد الواحد حدثنا المختار بن فلفل حدثنا أنس بن مالك قال قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وذكر هذا الحديث قال وفي الباب عن أبي هريرة وحذيفة وابن عباس وأم كرز

فأخبر صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة

فقد بقي للناس من النبوة هذا وغيره ومع هذا لا يطلق اسم النبوة ولا النبي إلا على المشرع خاصة فحجر هذا الاسم لخصوص وصف معين في النبوة وما حجر النبوة التي ليس فيها هذا الوصف الخاص وإن كان حجر الاسم فنتأدب ونقف حيث وقف صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بعد علمنا بما قال وما أطلق وما حجر فنكون على بينة من أمرنا وإذا علمت هذا فلنقل إن الرؤيا ثلاث منها بشرى وهي ما نحن بصدده في هذا الباب ورؤيا مما يحدث المرء به نفسه في اليقظة فيرتقم في خياله فإذا نام أدرك ذلك بالحس المشترك لأنه تصوره في يقظته فبقي مرتسما في خياله فإذا نام وانصرفت الحواس إلى خزانة الخيال أبصرت ذلك وسيأتي علم ذلك كله وصورته والرؤيا الثالثة من الشيطان وروينا في هذا حديثا صحيحا من حديث أبي عيسى الترمذي قال حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن‏

تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ورؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة والرؤيا ثلاث فالرؤيا الصالحة بشرى من الله تعالى ورؤيا من تحزين الشيطان ورؤيا مما يحدث الرجل به نفسه وإذا رأى أحدكم ما يكره فليقم وليتفل ولا يحدث به الناس‏

الحديث وقال فيه حديث صحيح وفي حديث أبي قتادة عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليستعذ بالله من شرها فإنها لا تضره‏

وهو حديث حسن صحيح وفي الحديث الصحيح عن النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أن رؤيا المسلم على رجل طائر ما لم يحدث بها فإذا حدث بها وقعت‏

[إن لله ملكا موكلا بالرؤيا يسمى الروح‏]

فاعلم إن لله ملكا موكلا بالرؤيا يسمى الروح وهو دون السماء الدنيا وبيده صور الأجساد التي يدرك النائم فيها نفسه وغيره وصور ما يحدث من تلك الصور من الأكوان فإذا نام الإنسان أو كان صاحب غيبة أو فناء أو قوة إدراك لا يحجبه المحسوسات في يقظته عن إدراك ما بيد هذا الملك من الصور فيدرك هذا الشخص بقوته في يقظته ما يدركه النائم في نومه وذلك أن اللطيفة الإنسانية تنتقل بقواها من حضرة المحسوسات إلى حضرة الخيال المتصل بها الذي محله مقدم الدماغ فيفيض عليها ذلك الروح الموكل بالصور من الخيال المنفصل عن الأذن الإلهي ما يشاء الحق أن يريه هذا النائم أو الغائب أو الفاني أو القوي من المعاني متجسدة في الصور التي بيد هذا الملك فمنها ما يتعلق بالله وما يوصف به من الأسماء فيدرك الحق في صورة أو القرآن أو العلم أو الرسول الذي هو على شرعه فهنا يحدث للرائي ثلاث مراتب أو إحداهن المرتبة الواحدة أن تكون الصورة المدركة راجعة للمرئي بالنظر إلى منزلة ما من منازله وصفاته التي ترجع إليه فتلك رؤيا الأمر على ما هو عليه بما رجع إليه والمرتبة الثانية أن تكون الصورة المرئية راجعة إلى حال الرائي في نفسه والمرتبة الثالثة أن تكون الصورة المرئية راجعة إلى الحق المشروع والناموس الموضوع أي ناموس كان في تلك البقعة التي ترى تلك الصورة فيها في ولاة أمر ذلك الإقليم القائمين بناموسه وما ثم مرتبة رابعة سوى ما ذكرناه فالأولى وهي رجوع الصورة إلى عين المرئي فهي حسنة كاملة ولا بد لا تتصف بشي‏ء من القبح والنقص والمرتبتان الباقيتان قد تظهر الصورة فيهما بحسب الأحوال من الحسن والقبح والنقص والكمال فلينظر إن كان من تلك الصورة خطاب فبحسب ما يكون الخطاب يكون حاله وبقدر ما يفهم منه في رؤياه ولا يعول على التعبير في ذلك بعد الرجوع إلى عالم الحس إلا إن كان عالما بالتعبير أو يسأل عالما بذلك ولينظر أيضا حركته أعني حركة الرائي مع تلك الصورة من الأدب والاحترام أو غير ذلك فإن حاله بحسب ما يصدر منه في معاملته لتلك الصورة فإنها صورة حق بكل وجه وقد يشاهد الروح الذي بيده هذه الحضرة وقد لا يشاهده وما عدا هذه الصورة فليست إلا من الشيطان إن كان فيه تحزين أو مما يحدث المرء به نفسه في حال يقظته فلا يعول على ما يرى من ذلك ومع هذا وكونها لا يعول عليها إذا عبرت كان لها حكم ولا بد يحدث لها ذلك من قوة التعبير لا من نفسها وهو أن الذي يعبرها لا يعبرها حتى يصورها في خياله من المتكلم فقد انتقلت تلك الصورة عن المحل الذي كانت فيه حديث نفس أو تحزين شيطان إلى خيال العابر لها وما هي له حديث نفس فيحكم على صورة محققة ارتسمت في ذاته فيظهر لها حكم أحدثه حصول تلك الصورة في نفس العابر كما جاء في قصة يوسف مع الرجلين وكانا قد كذبا فيما صوراه فكان مما حدثا به أنفسهما فتخيلاه من غير رؤيا وهو أبعد في الأمر إذ لو كان رؤيا لكان أدخل في باب التعبير فلما قصاه على يوسف حصل في خيال يوسف عليه السلام صورة من ذلك لم يكن يوسف حدث بذلك نفسه فصارت حقا في حق يوسف وكأنه هو الرائي الذي رأى تلك الرؤيا لذلك الرجل وقاما له مقام الملك الذي بيده صور الرؤيا فلما عبر لهما رؤياهما قالا له أردنا اختبارك وما رأينا شيئا فقال يوسف قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ فخرج الأمر في الحس كما عبر ثم إن الله تعالى إذا رأى أحد رؤيا فإن صاحبها له فيما رآه حظ من الخير والشر بحسب ما تقتضي رؤياه أو يكون الحظ في ناموس الوقت في ذلك الموضع وأما في الصورة المرئية فلا فيصور الله ذلك الحظ طائرا وهو ملك في صورة طائر كما يخلق من الأعمال صورا ملكية روحانية جسدية برزخية وإنما جعلها في صورة طائر لأنه يقال طار له سهمه بكذا والطائر الحظ قال الله عز وجل قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أي حظكم ونصيبكم معكم من الخير والشر وبجعل الرؤيا معلقة من رجل هذا الطائر وهي عين الطائر ولما كان الطائر إذا اقتنص شيئا من الصيد من الأرض‏

إنما يأخذه برجله لأنه لا يد له وجناحه لا يتمكن له الأخذ به فلذلك علق الرؤيا برجله فهي المعلقة وهي عين الطائر فإذا عبرت سقطت لما قيلت له وعند ما تسقط ينعدم الطائر لأنه عين الرؤيا فينعدم بسقوطها ويتصور في عالم الحس بحسب الحال التي تخرج عليه تلك الرؤيا فترجع صورة الرؤيا عين الحال لا غير فتلك الحال إما عرض أو جوهر أو نسبة من ولاية أو غيرها هي عين صورة تلك الرؤيا وذلك الطائر ومنه خلقت هذه الحالة ولا بد سواء كانت جسما أو عرضا أو نسبة أعني تلك الصورة كما خلق آدم من تراب ونحن من ماء مهين حتى إذا دلت الرؤيا على وجود ولد فذلك الولد مخلوق من عين تلك الرؤيا ماء في صلب أبيه وإن كان الماء قد نزل في الرحم تصورت فيه تلك الرؤيا ولد فهو ولدا رؤيا وإن لم تتقدم له رؤيا فهو على أصل نشأته كما هو سائر الأولاد فاعلم ذلك فإنه سر عجيب وكشف صحيح وكل ولد يكون عن رؤيا ترى له تمييزا على غيره ويكون أقرب إلى الأرواح من غيره إن جعلت بالك هكذا تبصره وكل مخلوق من حالة أو عرض أو نسبة من ولاية أو غيرها يكون عن رؤيا يكون له ميز على من ليس عن رؤيا وانظر ذلك في رؤيا آمنة أم رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يبدلك صحة ما ذكرناه فكان صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم عين رؤيا أمه ظهرت في ماء أبيه بتلك الصورة التي رأته أمه ولذلك كثرت المرائي فيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فتميز عن غيره ولا يعرف ما قلناه إلا أهل العلم بصورة الكشف وهو من أسرار الله في خلقه وإن أردت تأنيسا لما ذكرناه‏

[سر عجيب في علم الطبيعة]

فانظر في علم الطبيعة إذا توحمت المرأة وهي حامل على شي‏ء خرج الولد يشبه ذلك الشي‏ء وإذا نظرت عند الجماع أو تخيل الرجل صورة عند الوقاع وإنزال الماء يكون الولد على خلق صورة ما تخيل ولذلك كانت الحكماء تأمر بتصوير صور الفضلاء من أكابر الحكماء في الأماكن بحيث تنظر إلى تلك الصورة المرأة عند الجماع والرجل فتنطبع في الخيال فتؤثر في الطبيعة فتخرج تلك القوة التي كانت عليها تلك الصورة في الولد الذي يكون من ذلك الماء وهو سر عجيب في علم الطبيعة وانظر في تكوين عيسى عليه السلام عن مشاهدة مريم جبريل في صورة بشر كيف جمع بين كونه روحا يحيي الموتى وبين كونه بشرا إذا كان الروح به تحيا الأجسام الطبيعية وأقوى من ذلك ما فعله السامري من قبضة أثر جبريل لما علم أن الروح تصحبه الحياة حيث حل فرمى ما قبضه في العجل فخار العجل بذلك الأثر المقبوض من وطء الروح ولو رماه في شكل فرس لصهل أو في شكل إنسان نطق فإن الاستعداد لما ظهر بالحياة إنما كان للقابل ومن هنا تعرف صورة الظاهر في المظاهر وأن المظاهر تعطي باستعدادها في الظاهر فيها ما يظهر به من الصور الحاملة والمحمولة ولهذا أظهر الله هذه الحكمة لتقف من ذلك على ما هو الأمر عليه ثم إن تسمية النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لها بشرى ومبشرة لتاثيرها في بشرة الإنسان فإن الصورة البشرية تتغير بما يرد عليها في باطنها مما تتخيله من صورة تبصرها أو كلمة تسمعها إما بحزن أو فرح فيظهر لذلك أثر في البشرة لا بد من ذلك فإنه حكم طبيعي أودعه الله في الطبيعة فلا يكون إلا هكذا

(تكملة) للرؤيا مكان ومحل وحال‏

فحالها النوم وهو الغيبة عن المحسوسات الظاهرة الموجبة للراحة لأجل التعب الذي كانت عليه هذه النشأة في حال اليقظة من الحركة وإن كان في هواها قال تعالى وجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً يقول وجعلنا النوم لكم راحة تستريح به النفوس وهو على قسمين قسم انتقال وفيه بعض راحة أو نيل غرض أو زيادة تعب والقسم الآخر قسم راحة خاصة وهو النوم الخالص الصحيح الذي ذكر الله أنه جعله راحة لما تعبت فيه هذه الآلات والجوارح والأعضاء البدنية في حال اليقظة وجعل زمانه الليل وإن وقع بالنهار كما جعل النهار للمعاش وإن وقع بالليل ولكن الحكم للغالب فأما قسم الانتقال فهو النوم الذي يكون معه الرؤيا فتنقل هذه الآلات من ظاهر الحس إلى باطنه ليرى ما تقرر في خزانة الخيال الذي رفعت إليه الحواس ما أخذته من المحسوسات وما صورته القوة المصورة التي هي من بعض خدم هذه الخزانة لترى هذه النفس الناطقة التي ملكها الله هذه المدينة ما استقر في خزانتها كما جرت العادة في الملوك إذا دخلوا خزائنهم في أوقات خلواتهم ليطلعوا على ما فيها وعلى قدر ما كمل لهذه النشأة من الآلات التي هي الجوارح والخدام الذين هم القوي الحسية يكون الاختزان فثم خزانة كاملة لكمال الحياة وثم خزانة ناقصة كالأكمه فإنه لا ينتقل إلى خزانة خياله صور الألوان والخرس لا ينتقل إلى خزانة الخيال صور الأصوات ولا الحروف اللفظية هذا كله إذا عدمها في أصل نشأته وأما إذا طرأت عليه هذه الآفات فلا فإنه إذا انتقل بالنوم إلى‏

باطن النشأة ودخل الخزانة وجد صور الألوان التي اختزنها فيها قبل طرق الآفة وكذلك كل ما أعطته قوة من قوى الحس الذين هم جباة هذه المملكة ولله تجل في هذه الخزانة في صورة طبيعية بصفات طبيعية مثل‏

قوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم رأيت ربي في صورة شاب‏

وهو ما يراه النائم في نومه من المعاني في صور المحسوسات لأن الخيال هذه حقيقته أن يجسد ما ليس من شأنه أن يكون جسدا وذلك لأن حضرته تعطي ذلك وما ثم في طبقات العالم من يعطي الأمر على ما هو عليه سوى هذه الحضرة الخيالية فإنها تجمع بين النقيضين وفيها تظهر الحقائق على ما هي عليه لأن الحق في الأمور أن تقول في كل أمر تراه أو تدركه بأي قوة كان الإدراك إن ذلك الذي أدركته هو لا هو كما قال وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ فلا تشك في حال الرؤيا في الصورة التي تراها أنها عين ما قيل لك إنه هو وما تشك في التعبير إذا استيقظت أنه ليس هو ولا تشك في النظر الصحيح أن الأمر هو لا هو قيل لأبي سعيد الخراز بم عرفت الله قال بجمعه بين الضدين فكل عين متصفة بالوجود فهي لا هي فالعالم كله هو لا هو والحق الظاهر بالصورة هو لا هو فهو المحدود الذي لا يحد والمرئي الذي لا يرى وما ظهر هذا الأمر إلا في هذه الحضرة الخيالية في حال النوم أو الغيبوبة عن ظاهر المحسوسات بأي نوع كان وهي في النوم أتم وجودا وأعمه لأنه للعارفين والعامة وحال الغيبة والفناء والمحو وشبه ذلك ما عدا النوم لا يكون للعامة في الإلهيات فما أوجد الله شيئا من الكون على صورة الأمر على ما هو عليه في نفسه إلا هذه الحضرة فلها الحكم العام في الطرفين كما للممكن قبول النقيضين فيكون له ذلك ذوقا فإن الذي يستحيل عليه العدم وإن كان له العلم بالعدم لا يكون علمه ذاتيا وهو الذي يسمى ذوقا بخلاف الممكن فإن العدم له ذوق والذي يستحيل عليه الوجود والعلم به لا ذوق له في الوجود رأسا والممكن له في الوجود ذوق فأوجد الله هذه الحضرة الخيالية ليظهر فيها الأمر الذي هو الأصل على ما هو عليه‏

[النوم معبر]

فاعلم أن الظاهر في المظاهر مظاهر الأعيان هو الوجود الحق وأنه ما هو لما ظهر به من الأشكال والنعوت التي أعيان الممكنات عليها وجعل هذه الحضرة كالجسر بين الشطين للعبور عليه من هذا الشط إلى هذا الشط فجعل النوم معبرا وجعل المشي عليه عبورا قال تعالى إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ وجعل إدراك ذلك في حالة تسمى راحة وهي النوم من حقيقة قوله ولَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ والْأَرْضَ وما بَيْنَهُما في سِتَّةِ أَيَّامٍ فأضاف العمل إليه وذكر في الخلق أنه بيديه وبأيد وبيده وبقوله ثم أعلمنا أنه وإن اتصف بالعمل إنه لم يؤثر فيه تعب فقال وما مَسَّنا من لُغُوبٍ وقال ولَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ فمن هذه الحقيقة ظهرت الأعمال العظيمة المحرجة المتعبة في النوم الذي هو راحة البدن أي الطبيعة مستريحة في هذه الحال من الحركات الحسية الظاهرة فهذا هو العمل العظيم في راحة من حيث لا يشعر إنه في راحة ولا سيما إذا رأى في النوم أمورا هائلة مفزعة فإذا استيقظ وجد الراحة فعلم أنه كان في راحة من حيث لا يشعر ومنهم من يعلم في النوم أنه في النوم والناس فيه على طبقات وإنما سمينا هذه الحالة بانتقال لأن المعاني تنتقل من تجريدها عن المواد إلى لباس المواد كظهور الحق في صور الأجسام والعلم في صورة اللبن وما أشبه ذلك والانتقال الثاني انتقال الحواس من الظاهر المحسوس إلى هذه الحضرة بالظاهر المحسوس ولكن له في هذه الحضرة ثبوته الذي له في حضرة اليقظة فإنه سريع التبدل في هذه الحضرة كما يتبدل في اليقظة في صور مختلفة في باطنه لا في ظاهره فباطنه في اليقظة هي هذه الحضرة وجعل الليل لباسا لها فإن الليل لا يعطي للناظر في نظرة سوى نفسه فهو يدرك ولا يدرك به فإنه غيب وظلمة والغيب والظلمة يدركان ولا يدرك بهما والضوء يدرك ويدرك به وهو حال اليقظة فلهذا تعبر الرؤيا ولا يعبر ما أدركه الحس فإذا ارتقى الإنسان في درج المعرفة علم أنه نائم في حال اليقظة المعهودة وأن الأمر الذي هو فيه رؤيا إيمانا وكشفا ولهذا ذكر الله أمورا واقعة في ظاهر الحس وقال فاعتبروا وقال إِنَّ في ذلِكَ لَعِبْرَةً أي جوزوا واعبروا مما ظهر لكم من ذلك إلى علم ما بطن به وما جاء له‏

قال عليه السلام الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا

ولكن لا يشعرون ولهذا قلنا إيمانا وقد ذكرنا هذا المقام مستوفى في باب المعرفة من هذا الكتاب وقد تقدم وهو الباب السابع والسبعون ومائة فالوجود كله نوم ويقظته نوم فالوجود كله راحة والراحة رحمة ف وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فإليها المال تقول الملائكة لله وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وعِلْماً وهنا سر إن بحثت عليه انتهيت إليه وهو رحمته بالأسماء



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!