﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [المائدة:105] أي ألزمونا و ثابروا علينا و ألظوا بنا ثم قلت ﴿لاٰ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ﴾ [المائدة:105] أي حار و تلف حين طلبنا بفكره فأراد أن يدخلنا تحت حكم نظره و عقله ﴿إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة:105] بما عرفتكم به مني في كتابي و على لسان رسولي فعرفتموني بما وصفت لكم به نفسي فما عرفتموني إلا بي فلم تضلوا فكانت لكم هدايتي و تقريبي نورا تمشون به على صراطنا المستقيم فلا يزال دأب أهل الليل هكذا مع اللّٰه في كل آية يقرءونها في صلاتهم و في كل ذكر يذكرونه به حتى ينصدع الفجر
[الليل لله و النهار للإنسان]
قال محمد بن عبد الجبار النفري و كان من أهل الليل أوقفني الحق في موقف العلم و ذكر رضي اللّٰه عنه ما قال له الحق في موقفه ذلك فكان من جملة ما قال له في ذلك الموقف يا عبدي الليل لي لا للقرآن يتلى الليل لي لا للمحمدة و الثناء يقول اللّٰه تعالى ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهٰارِ سَبْحاً طَوِيلاً﴾ [المزمل:7] فاجعل الليل لي كما هو لي فإن في الليل نزولي فلا أراك في النهار في معاشك فإذا جاء الليل و طلبتك و نزلت إليك وجدتك نائما في راحتك و في عالم حياتك و ما ثم إلا ليل و نهار فلا في النهار وجدتك و قد جعلته لك و لم أنزل فيه إليك و سلمته لك و جعلت الليل لي فنزلت إليك فيه لأناجيك و أسامرك و أقضي حوائجك فوجدتك قد نمت عني و أسأت الأدب معي مع دعواك محبتي و إيثار جنابي فقم بين يدي و سلني حتى أعطيك مسألتك و ما طلبتك لتتلو القرآن فتقف مع معانيه فإن معانيه تفرقك عني فآية تمشي بك في جنتي و ما أعددت لأوليائي فيها فأين أنا إذا كنت أنت في جنتي مع الحور المقصورات في الخيام كأنهن الياقوت و المرجان متكئا ﴿عَلىٰ فُرُشٍ بَطٰائِنُهٰا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دٰانٍ﴾ [الرحمن:54] تسقى ﴿مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ [المطففين:25]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية