فموضع البشرى فتحا مبينا من غير تكرار الألف فإنها لإطلاق الوقوف في تمام الآية فانظر أعدادها بحساب الجمل فنظرت فوجدت الفتح يكون في سنة إحدى و تسعين و خمسمائة ثم جزت إلى الأندلس إلا أن نصر اللّٰه جيش المسلمين و فتح اللّٰه به قلعة رباح و الأركو و كركوى و ما انضاف إلى هذه القلاع من الولايات هذا عاينته من الفتح ممن هذه صفته فأخذنا للفاء ثمانين و للتاء أربعمائة و للحاء المهملة ثمانية و للالف واحدا و للميم أربعين و للباء اثنين و للياء عشرة و للنون خمسين و الألف قد أخذنا عددها فكان المجموع إحدى و تسعين و خمسمائة كلها سنون من الهجرة إلى هذه السنة فهذا من الفتوح الإلهي لهذا الشخص و كذلك ما ذكرناه من فتح البيت المقدس فيما اجتمع بالضرب في ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ مع البضع من السنين المذكور فيه بالحسابين الجمل الصغير و الكبير فظهر من ذلك فتح البيت المقدس و قد ذكرناه فيما تقدم من هذا الكتاب في باب الحروف منه و هو أن البضع جعلناه ثمانية لكون فتح مكة كان سنة ثمان ثم أخذنا بالجمل الصغير ﴿الم﴾ [الفاتحة:2] ثمانية فأسقطنا الواحد لكون الأس يطلب طرحه لصحة العدد في أصل الضرب في الحساب الرومي و الفتح إنما كان في الروم الذين كانوا بالبيت المقدس فأضفنا ثمانية البضع إلى ما اجتمع من حروف ﴿الم﴾ [الفاتحة:2] بعد طرح الواحد للاس فكان خمسة عشر ثم رجعنا إلى الجمل الكبير فضربنا واحدا و سبعين في ثمانية و الكل سنون لأنه قال ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ [الروم:4] فكان المجموع ثمانية و ستين و خمسمائة فجمعناها إلى الخمسة عشر التي في الجمل الصغير فكان المجموع ثلاثا و ثمانين و خمسمائة و فيها كان فتح البيت المقدس و هذا العلم من هذه الحضرة و لكن عبد السلام أبو الحكم بن برجان ما أخذه من هذا فوقع له غلط و ما شعر به الناس و قد بيناه لبعض أصحابنا حين جاءنا بكتابه فتبين له أنه غلط في ذلك و لكن قارب الأمر و سبب ذلك إنه أدخل عليه علما آخر فأفسده و هذا كله من صورة الفتح لا من معناه و لا من وسطه الذي هو الجامع للطرفين فكان لآدم إحصاء جميع اللغة الواقعة من أصحابها المتكلمين بها إلى يوم القيامة و كان لمحمد ص الرسالة لي الناس كافة باللسان العربي فعم جميع كل لسان فنقل شرعه بالترجمة فعم اللغات و أما الفتح الوسط فهو فتح الأذواق و هو العلم الذي يحصل للعالم به بالتعمل في تحصيله كعلم الفرقان للمتقي فإنه حصله بتقوى اللّٰه مع ما انضاف إليه من تكفير السيئات و غفر الذنوب و هذا علم مخصوص بأهل الطريق و هم أهل اللّٰه و خاصته و هو علم الأحوال و إن كانت مواهب فإنها لا توهب إلا لمن هو على صفة خاصة و إن كانت تلك الصفة لا تنتجها في الدنيا لكل أحد و لكن لا بد أن تنتج في الآخرة فلما لم يكن من شرطها الإنتاج في الدنيا قيل في علم الأحوال أنها مواهب و هو حصولها عن الذوق و معنى عن الذوق أول التجلي فإن التوكل مثلا الذي هو الاعتماد على اللّٰه فيما يجريه أو وعد به فالذوق فيه الزائد على العلم بذلك عدم الاضطراب عند الفقد لما تركن النفس إليه فيكون ركونها في ذلك إلى اللّٰه لا إلى السبب المعين فيجد في نفسه من الثقة بالله في ذلك أعظم مما يجده من عنده السبب الموصل إلى ذلك كالجائع ليس له سبب يصل به إلى نيل ما يزيل جوعه من الغذاء و جائع آخر عنده ما يصل به إلى نيل ما يزيل ما عنده فيكون صاحب السبب قويا لوجود المزيل عنده و هذا الآخر الذي ما عنده إلا اللّٰه يساويه في السكون و عدم الاضطراب لعلمه بأن رزقه إن كان بقي له رزق فلا بد من وصوله إليه فسمى عدم هذا الاضطراب ممن هذه صفته من فقد الأسباب ذوقا و كل عاقد يجد الفرق بين هذين الشخصين فإن العالم الذي ليس له هذا الذوق يضطرب عند فقد المزيل مع علمه بأن رزقه إن كان بقي له رزق لا بد أن يصل إليه و مع هذا العلم لا يجد سكونا نفسيا مع اللّٰه و صاحب الذوق هو الذي يجد السكون كما يجده صاحب السبب المزيل لا فرق بل ربما هو أوثق و هو قول بعض العلماء إن الإنسان لا ينال هذه الدرجة حتى يكون بربه أوثق منه بما في يده لأن الوعد الإلهي صادق لا تتطرق إليه الآفات و الذي بيده من الأسباب يمكن أن يتطرق إليه الآفات فيحال بينه و بين من هو عنده بأي وجه كان فلذلك قلنا إن المتوكل ذوقا أتم في السكون من صاحب السبب الحاصل المزيل لهذا الألم فاعلم ذلك فهذا هو الوسط من علم الفتح و صاحبه يلتذ في باطنه غاية الالتذاذ و أما المعنى من هذه الحضرة فهو ما يطالع به العبد من العلم بالله إذا كان الحق أعني هوية الحق صفات هذا العبد فما يحصل له من العلم إذا كان بهذه الصفة هو المعنى الحاصل من هذه الحضرة و ما كل أحد ينال هذا المقام من هذه الحضرة و إن كان فيها فإن الناس يتفاضلون في ذلك و من هذه الحضرة «قال رسول اللّٰه ﷺ حين ضرب بين كتفيه علمت علم الأولين و الآخرين بذلك الوضع»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية