فيعلم إن الأسماء الإلهية كلها كالمؤمنين إخوة ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ [الحجرات:10] يعني إذا تنافروا كالمعز و المذل و الضار و النافع و أما ما عدا الأسماء المتقابلة فهم إخوان ﴿عَلىٰ سُرُرٍ مُتَقٰابِلِينَ﴾ [الحجر:47] و ليس يصلح بين الأسماء إلا الاسم الرب فإنه المصلح و المؤمن من حيث ما هو مرآة فمن رأى نفسه هكذا علم أنه خليفة من الخلفاء بما رآه من الصورة و هذا الإنسان الحيوان لا مرآة له و إن كان له شكل المرآة لكنها ما فيها جلاء و لا صقالة قد طلع عليها الصدا و الران فلا تقبل صورة الناظر فلا تسمى مرآة إلا بالرؤية فإذا أقامك الحق في العبودة المطلقة التي ما فيها ربوبية فأنت خليفة له حقا فإنه لا حكم للمستخلف فيما ولى فيه خليفة عنه جملة واحدة فاستخلفه في العبودة فلا حظ للربوبية فيها لأن الخليفة استقل بها استقلالا ذاتيا فهو بيد اللّٰه و في ملك اللّٰه قال تعالى ﴿سُبْحٰانَ الَّذِي أَسْرىٰ بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء:1] فجعل عبدا محضا و جرده عن كل شيء حتى عن الإسراء فجعله يسرى به و ما أضاف السري إليه فإنه لو قال سبحان الذي دعي عبده لأن يسرى إليه أو إلى رؤية آياته فسرى لكان له أن يقول و لكن المقام منع من ذلك فجعله مجبورا لا حظ له من الربوبية في فعل من الأفعال
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية