﴿نُورُ السَّمٰاوٰاتِ﴾ [النور:35] و هي ما علا ﴿وَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة:33] و هي ما سفل فتأمل في إضافته النور إلى السموات و الأرض و لو لا النورية التي في الأجسام الكثيفة ما صح للمكاشف أن يكشف ما خلف الجدران و ما تحت الأرض و ما فوق السموات و لو لا اللطافة التي هي أصلها ما صح اختراق بعض الأولياء الجدران و لا كان قيام الميت في قبره و التراب عليه أو التابوت مسمرا عليه مجعولا عليه التراب لا يمنعه شيء من ذلك عن قعوده و إن كان اللّٰه قد أخذ بأبصارنا عنه و يكشفه المكاشف منا و قد ورد في ذلك أخبار كثيرة و حكايات عن الصالحين و لهذا ما ترى جسما قط خلقه اللّٰه و بقي على أصل خلقته مستقيما قط ما يكون أبدا إلا مائلا للاستدارة لا من جماد و لا من نبات و لا من حيوان و لا سماء و لا أرض و لا جبل و لا ورق و لا حجر و سبب ذلك ميلة إلى أصله و هو النور فأول موجود العقل و هو القلم و هو نور إلهي إبداعي و أوجد عنه النفس و هو اللوح المحفوظ و هي دون العقل في النورية للواسطة التي بينها و بين اللّٰه و ما زالت الأشياء تكثف حتى انتهت إلى الأركان و المولدات و بما كان لكل موجود وجه خاص إلى موجدة به كان سريان النور فيه و بما كان له وجه إلى سببه به كان فيه من الظلمة و الكثافة ما فيه فتأمل إن كنت عاقلا فلهذا كان الأمر كلما نزل أظلم و أكثف فأين منزلة العقل من منزلة الأرض كم بينهما من الوسائط ثم لتعلم إن جسم الإنسان آخر مولد فهو آخر الأولاد مركب
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية