﴿خٰائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾ [غافر:19] فوصفت بالخيانة و الخيانة التصرف في الأمانة فإن الأمانة ليست بملك لك و إنك مأمور بأدائها إلى أهلها فإذا اقتضى المنزل الأمر بخير و شر في حق شخص و في قوة العين الإفصاح عن ذلك لمن يشير إليه به فعلمت إن ذلك صفة للكلام فلم تفعل و ردت تلك الأمانة إلى اللسان فنطق فقد أدت هذه العين الأمانة إلى أهلها و لم تخن فيها قال تعالى ﴿يَعْلَمُ خٰائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾ [غافر:19] أي يعلم أنها خيانة و كيف هي خيانة و لم يقل يعلم ما أشارت به الأعين و ما أومأت فإن المشار إليه يعلم ذلك فلا يكون مدحا و لكن لا يعلم كل أحد أنها خيانة إلا من أعلمه اللّٰه بذلك و قد أعلمنا بها فعلمناها فهي في الخير خيانة محمودة و في الشر خيانة مذمومة و ما زالت عن كونها خيانة في الحالين و بعد أن بينا لك هذا الأمر فتحفظ منها ما استطعت أن تفعلها مع الحضور فإنك لست بمعصوم فاستعمل الحضور عسى تفوز بهذا المقام فإن قلت قد أشارت من شهد لها بالكمال و منعت من الكلام و هي مريم إلى عيسى إن يسألوه عن شأنه قلنا بعد ذلك نالت الكمال لا في ذلك الوقت أ لا ترى زكريا قيل له
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية