فهو المعلم فلهذا قلنا إن التعليم درجة إلهية
[أصناف الزكاة الثمانية و حملة العرش الثمانية]
و جعل أصناف الزكاة ثمانية لما فيها من صلاح العالم فهي فيما تقوم به الأبدان من الغذاء و قضاء الحاجات مطلقا و في هذين الأمرين صلاح العالم فهم حملة العرش الثمانية و العرش الذي هو الملك محمول لهم فمن تلك الحقيقة كانت في ثمانية أصناف مجمع عليها و ما عداها مما اختلف فيه فهو راجع إليها و لما كان العرش الملك و كان حملة هذا العرش الذي هو عبارة عنا كان هؤلاء الأصناف الثمانية حملته و كان هذا القدر من المال المعبر عنه بالزكاة كالأجرة لحملهم
(وصل) [لم سمى المال مالا]
إنما سمي المال مالا لأنه يميل بالنفوس إليه و إنما مالت النفوس إليه لما جعل اللّٰه عنده من قضاء الحاجات به و جبل الإنسان على الحاجة لأنه فقير بالذات فمال إليه بالطبع الذي لا ينفك عنه و لو كان الزهد في المال حقيقة لم يكن مالا و لكان الزهد في الآخرة أتم مقاما من الزهد في الدنيا و ليس الأمر كذلك و قد وعد اللّٰه بتضعيف الجزاء الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فلو كان القليل حجابا لكان الكثير منه أعظم حجابا
[الباب الذي نجد اللّٰه عنده]
أ لا ترى إلى موطن التجلي و الكشف و هو الدار الآخرة و هي محل الرؤية و المشاهدة مع تناول الشهوات النفسية مطلقا من غير تحجير و كلمة كن من كل إنسان فيها حاكمة فلو كان مثل هذا حجابا لكان حجاب الآخرة أكثف و أعظم بما لا يتقارب فسبحان من جعل له في كل شيء بابا إذا فتح ذلك الباب وجد اللّٰه عنده و عين في كل شيء وجها إلهيا إذا تجلى عرف ذلك الوجه من ذلك الشيء قال الصديق ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّٰه قبله فإنه لا يراه إلا بعينه إذ كان الحق بصره في هذا للوطن فيرى نفسه قبل رؤية ذلك الشيء و الإنسان هو المحل لذلك البصر فلهذا قال ما رأيت شيئا لا رأيت اللّٰه قبله و سماها اللّٰه زكاة لما فيها من الربو و الزيادة و لهذا تعطي قليلا و تجدها كثيرا فلو أعطيته لرفع الحجاب لكونه حجابا لكان الثواب حجبا كثيرة أعظم من هذا الحجاب فلم يكن بحمد اللّٰه ما أعطيته حجابا و لا ما وصلت إليه من ذلك حجابا فاعلم ذلك
[تصرف العارف و زهد الزاهد]
و انظر في تصرف العارف في الدنيا كيف هو و لا يحمل تصرفه على تصرفك و جهلك و سوء تأويلك فترى الزهد عند ذلك أفضل منه هيهات ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لاٰ يَعْلَمُونَ إِنَّمٰا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبٰابِ﴾ [الزمر:9]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية