الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 71]

سورة الأنعام
قُلْ أَنَدْعُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰٓ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِى ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَٰطِينُ فِى ٱلْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُۥٓ أَصْحَٰبٌ يَدْعُونَهُۥٓ إِلَى ٱلْهُدَى ٱئْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿71﴾

تفسير الجلالين:

«قل أندعوا» أنعبد «من دون الله ما لا ينفعنا» بعبادته «ولا يضرنا» بتركها وهو الأصنام «ونُرد على أعقابنا» نرجع مشركين «بعد إذ هدانا الله» إلى الإسلام «كالذي استهوته» أضلته «الشياطين في الأرض حيران» متحيرا لا يدري أين يذهب حال من الهاء «له أصحاب» رفقة «يدعونه إلى الهدى» أي ليهدوه الطريق يقولون له «ائتنا» فلا يجيبهم فيهلك والاستفهام للإنكار وجمله التشبيه حال من ضمير نرد «قل إن هدى الله» الذي هو الإسلام «هو الهدى» وما عداه ضلال «وأمرنا لنسلم» أي بأن نسلم «لرب العالمين».

تفسير الشيخ محي الدين:

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)

«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»

[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]

هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،

فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،

فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،

ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»

[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]

ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،

ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :

[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .

(7) سورة الأعراف مكيّة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

------------

(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401

تفسير ابن كثير:

قال السدي : قال المشركون للمؤمنين : اتبعوا سبيلنا ، واتركوا دين محمد فأنزل الله ، عز وجل : ( قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا ) أي : في الكفر ( بعد إذ هدانا الله ) فيكون مثلنا مثل الذي ( استهوته الشياطين في الأرض [ حيران ] ) يقول : مثلكم ، إن كفرتم بعد الإيمان ، كمثل رجل كان مع قوم على الطريق ، فضل الطريق ، فحيرته الشياطين ، واستهوته في الأرض ، وأصحابه على الطريق ، فجعلوا يدعونه إليهم يقولون : " ائتنا فإنا على الطريق " ، فأبى أن يأتيهم . فذلك مثل من يتبعهم بعد المعرفة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ومحمد هو الذي يدعو إلى الطريق ، والطريق هو الإسلام . رواه ابن جرير .

وقال قتادة : ( استهوته الشياطين في الأرض ) أضلته في الأرض ، يعني : استهوته مثل قوله : ( تهوي إليهم ) [ إبراهيم : 37 ] .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ) الآية . هذا مثل ضربه الله للآلهة ومن يدعو إليها ، والدعاة الذين يدعون إلى الله ، عز وجل ، كمثل رجل ضل عن طريق تائها ضالا إذ ناداه مناد : " يا فلان بن فلان ، هلم إلى الطريق " ، وله أصحاب يدعونه : " يا فلان ، هلم إلى الطريق " ، فإن اتبع الداعي الأول ، انطلق به حتى يلقيه إلى الهلكة وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى ، اهتدى إلى الطريق . وهذه الداعية التي تدعو في البرية من الغيلان ، يقول : مثل من يعبد هذه الآلهة من دون الله ، فإنه يرى أنه في شيء حتى يأتيه الموت ، فيستقبل الهلكة والندامة . وقوله : ( كالذي استهوته الشياطين في الأرض ) هم " الغيلان " ، يدعونه باسمه واسم أبيه وجده ، فيتبعها وهو يرى أنه في شيء ، فيصبح وقد ألقته في هلكة ، وربما أكلته - أو تلقيه في مضلة من الأرض ، يهلك فيها عطشا ، فهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون الله ، عز وجل . رواه ابن جرير .

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران ) قال : رجل حيران يدعوه أصحابه إلى الطريق ، وذلك مثل من يضل بعد أن هدي .

وقال العوفي عن ابن عباس قوله : ( كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران ) هو الذي لا يستجيب لهدى الله ، وهو رجل أطاع الشيطان ، وعمل في الأرض بالمعصية ، وجار عن الحق وضل عنه ، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى ، ويزعمون أن الذي يأمرونه به هدى ، يقول الله ذلك لأوليائهم من الإنس ، يقول [ الله ] ( إن هدى الله هو الهدى ) والضلال ما يدعو إليه الجن . رواه ابن جرير ، ثم قال : وهذا يقتضي أن أصحابه يدعونه إلى الضلال ، ويزعمون أنه هدى . قالت : وهذا خلاف ظاهر الآية ; فإن الله أخبر أن أصحابه يدعونه إلى الهدى ، فغير جائز أن يكون ضلالا وقد أخبر الله أنه هدى .

وهو كما قال ابن جرير ، وكان سياق الآية يقتضي أن هذا الذي استهوته الشياطين في الأرض حيران ، وهو منصوب على الحال ، أي : في حال حيرته وضلاله وجهله وجه المحجة ، وله أصحاب على المحجة سائرون ، فجعلوا يدعونه إليهم وإلى الذهاب معهم على الطريقة المثلى . وتقدير الكلام : فيأبى عليهم ولا يلتفت إليهم ، ولو شاء الله لهداه ، ولرد به إلى الطريق ; ولهذا قال : ( قل إن هدى الله هو الهدى ) كما قال : ( ومن يهد الله فما له من مضل ) [ الزمر : 37 ] ، وقال : ( إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين ) [ النحل : 37 ] ، وقوله ( وأمرنا لنسلم لرب العالمين ) أي : نخلص له العبادة وحده لا شريك له .


تفسير الطبري :

قوله تعالى {قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا} أي ما لا ينفعنا إن دعوناه. {ولا يضرنا} إن تركناه؛ يريد الأصنام. {ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله} أي نرجع إلى الضلالة بعد الهدى. وواحد الأعقاب عقب وهو مؤنث، وتصغيره عقيبة. يقال : رجع فلان على عقبيه، إذا أدبر. قال أبو عبيدة : يقال لمن رد عن حاجته ولم يظفر بها : قد رد على عقبيه. وقال المبرد : معناه تعقب بالشر بعد الخير. وأصله من العاقبة والعقبى وهما ما كان تاليا للشيء واجبا أن يتبعه؛ ومنه {والعاقبة للمتقين} [الأعراف : 128]. ومنه عقب الرجل. ومنه العقوبة، لأنها تالية للذنب، وعنه تكون. قوله تعالى {كالذي} الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف. {استهوته الشياطين في الأرض حيران} أي استغوته وزينت له هواه ودعته إليه. يقال : هوى يهوي إلى الشيء أسرع إليه. وقال الزجاج : هو من هوى يهوي، من هوى النفس؛ أي زين له الشيطان هواه. وقراءة الجماعة {استهوته} أي هوت به، على تأنيث الجماعة. وقرأ حمزة {استهواه الشياطين} على تذكير الجمع. وروي عن ابن مسعود {استهواه الشيطان}، وروي عن الحسن، وهو كذلك في حرف أبي. ومعنى {ائتنا} تابعنا. وفي قراءة عبدالله أيضا {يدعونه إلى الهدى بينا}. وعن الحسن أيضا {استهوته الشياطون}. {حيران} نصب على الحال، ولم ينصرف لأن أنثاه حيرى كسكران وسكرى وغضبان وغضبى. والحيران هو الذي لا يهتدي لجهة أمره. وقد حار يحار حيرا وحيرورة، أي تردد. وبه سمي الماء المستنقع الذي لا منفذ له حائرا، والجمع حوران. والحائر الموضع الذي يتحير فيه الماء. قال الشاعر : تخطو على برديتين غذاهما ** غدق بساحة حائر يعبوب قال ابن عباس : أي مثل عابد الصنم مثل من دعاه الغول فيتبعه فيصبح وقد ألقته في مضلة ومهلكة؛ فهو حائر في تلك المهامه. وقال في رواية أبي صالح : نزلت في عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، كان يدعو أباه إلى الكفر وأبواه يدعوانه إلى الإسلام والمسلمون؛ وهو معنى قوله {له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى} فيأبى. قال أبو عمر : أمه أم رومان بنت الحارث بن غنم الكنانية؛ فهو شقيق عائشة. وشهد عبدالرحمن بن أبي بكر بدرا وأحدا مع قومه وهو كافر، ودعا إلى البراز فقام إليه أبوه ليبارزه فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له (متعني بنفسك). ثم أسلم وحسن إسلامه، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم في هدنة الحديبية. هذا قول أهل السير. قالوا : كان اسمه عبدالكعبة فغير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه عبدالرحمن، وكان أسن ولد أبي بكر. قال : إنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم أربعة ولاء : أب وبنوه إلا أبا قحافة وابنه أبا بكر وابنه عبدالرحمن بن أبي بكر وابنه أبا عتيق محمد بن عبدالرحمن. والله أعلم. قوله تعالى {وأمرنا لنسلم لرب العالمين وأن أقيموا الصلاة واتقوه} اللام لام كي، أي أمرنا كي نسلم وبأن أقيموا الصلاة؛ لأن حروف الإضافة يعطف بعضها على بعض. قال الفراء : المعنى أمرنا بأن نسلم؛ لأن العرب تقول : أمرتك لتذهب، وبأن تذهب بمعنى. قال النحاس : سمعت أبا الحسن بن كيسان يقول هي لام الخفض، واللامات كلها ثلاث : لام خفض ولام أمر ولام توكيد، لا يخرج شيء عنها. والإسلام الإخلاص. وإقامة الصلاة الإتيان بها والدوام عليها. ويجوز أن يكون {وأن أقيموا الصلاة} عطفا على المعنى، أي يدعونه إلى الهدى ويدعونه أن أقيموا الصلاة؛ لأن معنى ائتنا أن ائتنا. قوله تعالى {وهو الذي إليه تحشرون} ابتداء وخبر وكذا {وهو الذي خلق السماوات والأرض} أي فهو الذي يجب أن يعبد لا الأصنام. ومعنى {بالحق} أي بكلمة الحق. يعني قوله {كن}.

التفسير الميسّر:

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أنعبد من دون الله تعالى أوثانًا لا تنفع ولا تضر؟ ونرجع إلى الكفر بعد هداية الله تعالى لنا إلى الإسلام، فنشبه -في رجوعنا إلى الكفر- مَن فسد عقله باستهواء الشياطين له، فَضَلَّ في الأرض، وله رفقة عقلاء مؤمنون يدعونه إلى الطريق الصحيح الذي هم عليه فيأبى. قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إنَّ هدى الله الذي بعثني به هو الهدى الحق، وأُمِرنا جميعًا لنسلم لله تعالى رب العالمين بعبادته وحده لا شريك له، فهو رب كل شيء ومالكه.

تفسير السعدي

{ قُلْ } يا أيها الرسول للمشركين بالله، الداعين معه غيره، الذين يدعونكم إلى دينهم، مبينا وشارحا لوصف آلهتهم، التي يكتفي العاقل بذكر وصفها، عن النهي عنها، فإن كل عاقل إذا تصور مذهب المشركين جزم ببطلانه، قبل أن تقام البراهين على ذلك، فقال: { أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا } وهذا وصف، يدخل فيه كل مَن عُبِد مِنْ دون الله، فإنه لا ينفع ولا يضر، وليس له من الأمر شيء، إن الأمر إلا لله. { وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ } أي: وننقلب بعد هداية الله لنا إلى الضلال، ومن الرشد إلى الغي، ومن الصراط الموصل إلى جنات النعيم، إلى الطرق التي تفضي بسالكها إلى العذاب الأليم. فهذه حال لا يرتضيها ذو رشد، وصاحبها { كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ } أي: أضلته وتيهته عن طريقه ومنهجه له الموصل إلى مقصده. فبقي { حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى } والشياطين يدعونه إلى الردى، فبقي بين الداعيين حائرا وهذه حال الناس كلهم، إلا من عصمه الله تعالى، فإنهم يجدون فيهم جواذب ودواعي متعارضة، دواعي الرسالة والعقل الصحيح، والفطرة المستقيمة { يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى } والصعود إلى أعلى عليين. ودواعي الشيطان، ومن سلك مسلكه، والنفس الأمارة بالسوء، يدعونه إلى الضلال، والنزول إلى أسفل سافلين، فمن الناس من يكون مع داعي الهدى، في أموره كلها أو أغلبها، ومنهم من بالعكس من ذلك. ومنهم من يتساوى لديه الداعيان، ويتعارض عنده الجاذبان، وفي هذا الموضع، تعرف أهل السعادة من أهل الشقاوة. وقوله: { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى } أي: ليس الهدى إلا الطريق التي شرعها الله على لسان رسوله، وما عداه، فهو ضلال وردى وهلاك. { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } بأن ننقاد لتوحيده، ونستسلم لأوامره ونواهيه، وندخل تحت عبوديته، فإن هذا أفضل نعمة أنعم الله بها على العباد، وأكمل تربية أوصلها إليهم.


تفسير البغوي

( قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ) إن عبدناه ، ( ولا يضرنا ) إن تركناه ، يعني : الأصنام ليس إليها نفع ولا ضر ، ( ونرد على أعقابنا ) إلى الشرك [ مرتدين ] ( بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض ) ، أي : يكون مثلنا كمثل الذي استهوته الشياطين ، أي : أضلته ، ( حيران ) قال ابن عباس : كالذي استهوته الغيلان في المهامة فأضلوه فهو حائر بائر ، والحيران : المتردد في الأمر ، لا يهتدي إلى مخرج منه ، ( له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا ) هذا مثل ضربه الله تعالى لمن يدعو إلى الآلهة ولمن يدعو إلى الله تعالى ، كمثل رجل في رفقة ضل به الغول عن الطريق يدعوه أصحابه من أهل الرفقة هلم إلى الطريق ، ويدعوه الغول [ هلم ] فيبقى حيران لا يدري أين يذهب ، فإن أجاب الغول انطلق به حتى يلقيه إلى الهلكة ، وإن أجاب من يدعوه إلى الطريق اهتدى .

( قل إن هدى الله هو الهدى ) يزجر عن عبادة الأصنام ، كأنه يقول : لا تفعل ذلك فإن الهدى هدى الله ، لا هدى غيره ، ( وأمرنا لنسلم ) أي : أن نسلم ، ( لرب العالمين ) والعرب تقول : أمرتك لتفعل وأن تفعل وبأن تفعل .


الإعراب:

(قُلْ) الجملة مستأنفة (أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ) فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل، تعلق به الجار والمجرور والهمزة للاستفهام (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه (ما) اسم موصول في محل نصب مفعول به (لا يَنْفَعُنا) فعل مضارع ونا مفعوله وفاعله مستتر والجملة صلة الموصول لا محل لها (وَلا يَضُرُّنا) عطف، وجملة أتدعو مقول القول، (وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا) مضارع مبني للمجهول، تعلق به الجار والمجرور ونائب الفاعل نحن والجملة معطوفة على جملة (أَنَدْعُوا).

(بَعْدَ) ظرف زمان متعلق بنرد.

(إِذْ) ظرف لما مضى من الزمن، مبني على السكون في محل جر بالإضافة (هَدانَا اللَّهُ) فعل ماض ومفعوله ولفظ الجلالة فاعله، والجملة في محل جر بالإضافة (كَالَّذِي) الكاف اسم بمعنى مثل صفة لمفعول مطلق محذوف نرد ردا مثل رد الذي استهوته الشياطين، واسم الموصول في محل جر بالإضافة أو الكاف حرف جر واسم الموصول في محل جر بحرف الجر، وهما متعلقان بمحذوف صفة المفعول المطلق.

(اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف المحذوفة والتاء للتأنيث، والهاء مفعول به، والشياطين فاعل، والجملة صلة الموصول لا محل لها (فِي الْأَرْضِ) متعلقان بحال محذوفة (حَيْرانَ) حال (لَهُ) متعلقان بخبر مقدم (أَصْحابٌ) مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، والجملة الفعلية (يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى) في محل رفع صفة أصحاب.

(ائْتِنا) فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره لأنه معتل الآخر أتى وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت، ونا مفعوله، والجملة مقول القول لفعل محذوف تقديره يقولون ائتنا، والجملة المقدرة حالية وجملة (قُلْ) بعدها مستأنفة لا محل لها (إِنَّ هُدَى اللَّهِ) إن واسمها واللّه لفظ الجلالة مضاف إليه (هُوَ) ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ (الْهُدَى) خبره، والجملة الاسمية (هُوَ الْهُدى) في محل رفع خبر إن، وجملة إن هدى اللّه مقول القول.

(وَأُمِرْنا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون، ونا ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل، والجملة معطوفة على جملة إن هدى اللّه (لِنُسْلِمَ) مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل، والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بالفعل وأمرنا، أمرنا بالإسلام لرب العالمين.

(لِرَبِّ) متعلقان بالفعل نسلم (الْعالَمِينَ) مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

---

Traslation and Transliteration:

Qul anadAAoo min dooni Allahi ma la yanfaAAuna wala yadurruna wanuraddu AAala aAAqabina baAAda ith hadana Allahu kaallathee istahwathu alshshayateenu fee alardi hayrana lahu ashabun yadAAoonahu ila alhuda itina qul inna huda Allahi huwa alhuda waomirna linuslima lirabbi alAAalameena

بيانات السورة

اسم السورة سورة الأنعام (Al-An'am - The Cattle)
ترتيبها 6
عدد آياتها 165
عدد كلماتها 3055
عدد حروفها 12418
معنى اسمها (الأَنْعَامُ): كُلُّ مَا لَهُ خُفٌّ وَظِلْفٌ مِن الحَيَوَانَاتِ، وَهِيَ: الإِبِلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ أَحْكَامِ الأَنْعَامِ تَفْصِيلاً
أسماؤها الأخرى لَا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الأنْعَامِ)
مقاصدها تَقْرِيرُ عَقِيدَةِ التَّوحِيدِ، وإثْبَاتِ النُّبُوَةِ، وَالبَعْثِ وَالنُّشُورِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ تَسْوِيَةِ الكَافِرِ عِبَادَةَ غَيْرِ اللهِ مَعَ اللهِ تَعَالَى. فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ثم الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾، وَقَالَ فِي آخِرِهَا: ﴿وَهُم بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ ١٥٠﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (المَائِدَةِ): الحَدِيثُ عَنْ مُلكِ اللهِ؛ إِذْ خُتِمَتِ (المَائدةُ) بِقَولِهِ: ﴿لِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا فِيهِنَّۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرُۢ ١٢٠﴾، وافْتُتِحَتِ (الأَنْعَامُ) بِقَولِهِ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ ...١﴾..
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!