الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة العلق: [الآية 18]

سورة العلق
سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ ﴿18﴾

تفسير الجلالين:

(سندع الزبانية) الملائكة الغلاظ الشداد لإهلاكه كما في الحديث "" لو دعا ناديه لأخذته الزبانية عيانا "".

تفسير الشيخ محي الدين:

كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (15) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (18) كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)

جاء الأمر بالسجود هنا بعد كلمة ردع وزجر ، وهو قوله «كَلَّا» «لا تُطِعْهُ»

لما جاء به من لا يؤمن باللّه واليوم الآخر ، يقول له ربه :وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ»

[ «كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ» الآية: ]

لما تعتصم مما دعاك إليه فتأمن من غائلة ذلك ، وقد جعل اللّه القربة في الصلاة في حال السجود ، وليس الإنسان بمعصوم من الشيطان في شيء من صلاته إلا في السجود ، فإنه إذا سجد اعتزل عنه الشيطان يبكي على نفسه ، ويقول :أمر ابن آدم بالسجود فله الجنة ، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار ؛ وإنما أمرت الملائكة والخلق بالسجود وجعل معه القربة ، وقال صلّى اللّه عليه وسلّم [ أقرب ما يكون العبد من اللّه في سجوده ]

ليعلموا أن الحق في نسبة الفوق إليه من قوله : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ)

و (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) كنسبة التحت إليه ، فإن السجود طلب السفل بوجهه ، كما أن القيام يطلب الفوق إذا رفع وجهه بالدعاء ويديه ، وقد جعل اللّه السجود حالة القرب من اللّه ، فلم يقيده سبحانه الفوق عن التحت ولا التحت عن الفوق ، فإنه خالق الفوق والتحت ، فشرع اللّه للعبد السجود ، وجعل له فيه القربة ، لأنه ربما يتخيل العبد تنزيه الحق عن التحت أن يكون له نسبة إليه ، فطلبت الوجوه بالسجود رؤية ربها ، لأن الوجوه مكان الأعين ، والأعين محل الأبصار ، فطلبه العبد في سجوده ليراه من حيث


حقيقته ، فإن التحت للعبد لأنه سفل ، ونبّه الشرع على ذلك بحديث الهبوط ، وهو أنا روينا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال : [ لو دليتم بحبل لهبط على اللّه ]

فنسبة التحت والفوق إليه سبحانه على السواء ، لا تحده الجهات ولا تحصره ، وكل أحد إنما يطلب ربه من حقيقته ، ومن حيث هو ، فنسبة العلو والسفل من اللّه واحدة ، فالعلو للّه عرفا وعلما ، والمعية علما وشرعا لا عرفا ، ولما كان السجود في العرف بعدا عما يجب للّه من العلو ، أراد اللّه أن يرى حكمه في الغاية وليس إلا السجود ، فمن سجد اقترب من اللّه ضرورة ، فيشهده الساجد في علوه ،

ولهذا شرع للعبد أن يقول في سجوده [ سبحان ربي الأعلى ] ينزهه عن تلك الصفة ، ولما كان السجود حال القربة وصفة المقربين

قال له : «اسْجُدْ وَاقْتَرِبْ» يعني اقتراب كرامة وبر وتحف ، كما يقول الملك للرجل إذا دخل عليه فحياه بالسجود له بين يديه ،

فيقول له الملك : أدنه أدنه ، حتى ينتهي منه حيث يريد من القربة ، فهذا معنى قوله «وَاقْتَرِبْ» في حال السجود ، إعلاما بأنه قد شاهد من سجد له ، وأنه بين يديه ، وهو يقول له : اقترب ؛ ليضاعف له القربة ،

كما قال [ من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا ] فإذا كان اقتراب العبد عن أمر إلهي كان أعظم وأتم في بره وإكرامه ، لأنه ممتثل أمر سيده على الكشف والشهود ،

ودلّت هذه الآية على أن أول شيء يمنحك السجود هو القربة ، ثم بعد ذلك تعطى من مقام القربة ما يليق بالمقربين من الملائكة والنبيين ،

وليس في العبادات ما يلحق العبد بمقامات المقربين - وهو أعلى مقام أولياء اللّه من ملك ورسول ونبي وولي ومؤمن - إلا الصلاة ، فإن اللّه في هذه الحالة يباهي به المقربين من ملائكته ،

وذلك أنه يقول لهم : يا ملائكتي أنا قربتكم ابتداء وجعلتكم من خواصّ ملائكتي ، وهذا عبدي جعلت بينه وبين مقام القربة حجبا كثيرة وموانع عظيمة ، من أغراض نفسية وشهوات حسية ، وتدبير أهل ومال وولد وخدم وأصحاب وأهوال عظام ،

فقطع كل ذلك وجاهد حتى سجد واقترب فكان من المقربين ، فانظروا ما خصصتكم به يا ملائكتي من شرف المقام حيث ما ابتليتكم بهذه الموانع ولا كلفتكم مشاقها ،

فاعرفوا قدر هذا العبد وراعوا له حق ما قاساه في طريقه من أجلي ، فتقول الملائكة : يا ربنا لو كنا ممن يتنعم بالجنان وتكون محلا لإقامتنا ألست كنت تعيّن لنا فيها منازل تقتضيها أعمالنا ؟

ربنا نحن نسألك أن تهبها لهذا العبد ، فيعطيه اللّه ما سألته فيه الملائكة ، فانظروا ما أشرف الصلاة ، وأفضل ما فيها ذكر اللّه من الأقوال ،


والسجود من الأفعال ، وفيه العصمة من الشيطان ، فإنه لا يفارق المصلي في شيء من أفعال الصلاة إلا في السجود خاصة ، لأنه خطيئته ، وعند السجود يبكي ويتأسف ثم يعود إلى الإغواء عند الرفع من السجود ، ومن جهة أخرى ، لما كان الإنسان مظهرا للأسماء الإلهية ، وكونه على الصورة أعطاه ذلك الرفعة ، ولاتصافه بالرفعة أمر بالسجود ليمنحه التقريب ، فهذه السجدة سجدة طلب القرب من اللّه

[ إشارة : الحق قبلة القلب ]

-إشارة - اعلمأن اللّه تعالى لما خلق العالم جعل له ظاهرا وباطنا ، وجعل منه غيبا وشهادة ، وكله للّه شهادة وظاهر ، فجعل القلب من عالم الغيب وجعل الوجه من عالم الشهادة ، وعيّن للوجه جهة يسجد لها سماها بيته وقبلته ،

أي يستقبلها بوجهه إذا صلى ، وجعل استقبالها عبادة ، وجعل أفضل أفعال الصلاة السجود وأفضل أقوالها ذكر اللّه بالقرآن ، وعيّن للقلب نفسه سبحانه ، فلا يقصد غيره ، وأمره أن يسجد له ، فإن سجد عن كشف لم يرفع رأسه أبدا من سجدته دنيا وآخرة ،

ومن سجد من غير كشف رفع رأسه ، ورفعه المعبر عنه بالغفلة عن اللّه ونسيان اللّه في الأشياء ، فمن لم يرفع رأسه في سجود قلبه فهو الذي لا يزال يشهد الحق دائما في كل شيء ، فلا يرى شيئا إلا ويرى اللّه قبل ذلك الشيء ، وهذه حالة أبي بكر الصديق .

[ شاهد السجدتين ]

-إشارة - شاهد السجدتين، أنت كل من حيث حقك وحقيقتك ، وأنت جزء من حيث أحدهما ، فله عليك سجدتان ، لكونك على حقيقتين ، فاسجد له من حيث كلك سجود العالم كله ، فتجدك قد استوفيت حقائق سجودهم في سجدتك ، وإن لم تجد ذلك فما سجدت ، واسجد له أيضا السجدة الثانية التي لا تعم ، وهو سجود الاختصاص ، بما تختص به خاصيتك التي لا مشاركة فيها ، ولا يقبل السجود الخاص إلا في الصلاة ، وهو سجود القلب ، وسجود كل قلب على حدّ علمه ، وعلمه على حدّ ما يتجلى له ، وهاتان السجدتان ، خلع الثياب ، وتحجير الأسباب ، وذبح النفس ، ورمي الكون ، وإلا فكيف يصح سجود الاختصاص بوجود الكثرة ؟

- إشارة" وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ "

دعاك إلى الاقتراب الاسم القريب ، فإنك المحب ليس الحبيب ، ولهذا قال لك «وَاقْتَرِبْ» ولو كنت محبوبا لقال لك : تقترب ؛ فإذا لاحت لك عبوديتك في سجودك ، وصحت لك القربة من معبودك ، وتحققت كبرياءه فيها ، وقلت عند ذلك :نوفيها ، غلطت وأصبت ، وأحطت وخبتّ ، فانظر في علوه ، ونزاهته في


سموه ، وسبحه على قدر ما ظهر ، كما شرع وأمر ، يبدو لك في هذا الخضوع ، ما بدا لك في الركوع ، من إعادة التنزيه إليك ، ورده عليك «1» ،

واجتهد في الدعاء ، مع أن قبلته في السماء ، وقبلتك في سجودك في الأرض ، محل الانحطاط والخفض ، لا تجزع أيها الساجد ، فإنك لفخذ نقطة الدائرة المشاهد ، وهي الغيب الحقيقي ، والإله الخالقي ، فمكّن كفيك من الترب ،

فإنك في محل القرب ، فتفطّن لما رمزناه ، وفك المعمى الذي ألغزناه ، واعلم أنك معصوم في سجودك من الشيطان ، فإنه قهارة فليس له عليك سلطان ، إذا عاين هذه الحال اشتغل بنفسه ، واحترق في برج نحسه ، وصار شاهدا لك عند ربك بالطاعة ، ومشاهدا لما يؤول إليه من الخسران يوم قيام الساعة ، ويكفيك هذا القدر في سجودك ، فإنه حجابك في استمرار وجودك ، جعلنا اللّه وإياكم ممن سجد فوجد ، وتهجد فتمجد ، بمنه وكرمه .

(97) سورة القدر مكيّة

------------

(19) الفتوحات ج 1 / 515">515 - ج 3 / 379 - ج 1 / 264 - ج 4 / 431 ، 189 - ج 2 / 34 ، 102 - ج 1 / 515">515- ج 3 / 303 - كتاب التنزلات الموصلية - كتاب الشاهد

تفسير ابن كثير:

( سندع الزبانية ) وهم ملائكة العذاب ، حتى يعلم من يغلب : أحزبنا أو حزبه .

قال البخاري : حدثنا يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه . فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " لئن فعله لأخذته الملائكة " . ثم قال : تابعه عمرو بن خالد ، عن عبيد الله - يعني ابن عمرو - ، عن عبد الكريم .

وكذا رواه الترمذي والنسائي في تفسيرهما من طريق عبد الرزاق به ، وهكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن زكريا بن عدي ، عن عبيد الله بن عمرو به .

وروى أحمد والترمذي وابن جرير - وهذا لفظه - من طريق داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام ، فمر به أبو جهل بن هشام ، فقال : يا محمد ألم أنهك عن هذا ؟ - وتوعده - فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره ، فقال : يا محمد بأي شيء تهددني ؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا ! فأنزل الله : ( فليدع ناديه سندع الزبانية ) قال ابن عباس : لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته وقال الترمذي : حسن صحيح .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا إسماعيل بن زيد أبو يزيد ، حدثنا فرات ، عن عبد الكريم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال أبو جهل : لئن رأيت رسول الله يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه . قال : فقال : " لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا " .

وقال ابن جرير أيضا : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق ، عن الوليد بن العيزار ، عن ابن عباس ، قال : قال أبو جهل : لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه . فأنزل الله عز وجل : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق [ خلق الإنسان من علق ] ) حتى بلغ هذه الآية : ( لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع الزبانية ) فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى فقيل : ما يمنعك ؟ قال : قد اسود ما بيني وبينه من الكتائب . قال ابن عباس : والله لو تحرك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، حدثنا نعيم بن أبي هند ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ قالوا : نعم . قال : فقال : واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته ، قال : فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه ، قال : فقيل له : ما لك ؟ فقال : إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة . قال : فقال رسول الله : " لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا " . قال : وأنزل الله - لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا - : ( كلا إن الإنسان ليطغى ) إلى آخر السورة .

وقد رواه أحمد بن حنبل ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم ، من حديث معتمر بن سليمان به .


تفسير الطبري :

قوله تعالى {فليدع ناديه} أي أهل مجلسه وعشيرته، فليستنصر بهم. {سندع الزبانية} أي الملائكة الغلاظ الشداد - عن ابن عباس وغيره - واحدهم زبني؛ قاله الكسائي. وقال الأخفش : زابن. أبو عبيدة : زبنية. وقيل : زباني. وقيل : هو اسم للجمع؛ كالأبابيل والعباديد. وقال قتادة : هم الشرط في كلام العرب. وهو مأخوذ من الزبن وهو الدفع؛ ومنه المزابنة في البيع. وقيل : إنما سموا الزبانية لأنهم يعملون بأرجلهم، كما يعملون بأيديهم؛ حكاه أبو الليث السمرقندي - رحمه اللّه - قال : وروي في الخبر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما قرأ هذه السورة، وبلغ إلى قوله تعالى {لنسفعا بالناصية} قال أبو جهل : أنا أدعو قومي حتى يمنعوا عني ربك. فقال اللّه تعالى {فليدع ناديه، سندع الزبانية}. فلما سمع ذكر الزبانية رجع فزعا؛ فقيل له : خشيت منه قال لا ولكن رأيت عنده فارسا يهددني بالزبانية. فما أدري ما الزبانية، ومال إلي الفارس، فخشيت منه أن يأكلني. وفي الأخبار أن الزبانية رؤوسهم في السماء وأرجلهم في الأرض، فهم يدفعون الكفار في جهنم وقيل : إنهم أعظم الملائكة خلقا، وأشدهم بطشا. والعرب تطلق هذا الاسم على من أشتد بطشه. قال الشاعر : مطاعيم في القصوى مطاعين في الوغى ** زبانية غلب عطام حلومها وعن عكرمة عن ابن عباس {سندع الزبانية} قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه. فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : (لو فعل لأخذته الملائكة عيانا). قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب. وروى عكرمة عن ابن عباس قال : مر أبو جهل على النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يصلي عند المقام، فقال : ألم أنهك عن هذا يا محمد فأغلظ له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ فقال أبو جهل : بأي شيء تهددني يا محمد، واللّه إني لأكثر أهل الوادي هذا ناديا؛ فأنزل اللّه عز وجل {فليدع ناديه. سندع الزبانية}. قال ابن عباس : واللّه لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب من ساعته."" أخرجه الترمذي"" بمعناه، وقال : حسن غريب صحيح. والنادي في كلام العرب : المجلس الذي ينتدي فيه القوم؛ أي يجتمعون، والمراد أهل النادي؛ كما قال جرير : لهم مجلس صهب السبال أذلة وقال زهير : وفيهم مقامات حسان وجوههم وقال آخر : واستب بعدك يا كليب المجلس وقد ناديت الرجل أناديه إذا جالسته. قال زهير : وجار البيت والرجل المنادي ** أمام الحي عقدهما سواء

التفسير الميسّر:

أرأيت أعجب مِن طغيان هذا الرجل (وهو أبو جهل) الذي ينهى عبدًا لنا إذا صلَّى لربه (وهو محمد صلى الله عليه وسلم)؟ أرأيت إن كان المنهي عن الصلاة على الهدى فكيف ينهاه؟ أو إن كان آمرًا غيره بالتقوى أينهاه عن ذلك؟ أرأيت إن كذَّب هذا الناهي بما يُدعى إليه، وأعرض عنه، ألم يعلم بأن الله يرى كل ما يفعل؟ ليس الأمر كما يزعم أبو جهل، لئن لم يرجع هذا عن شقاقه وأذاه لنأخذنَّ بمقدَّم رأسه أخذًا عنيفًا، ويُطرح في النار، ناصيته ناصية كاذبة في مقالها، خاطئة في أفعالها. فليُحْضِر هذا الطاغية أهل ناديه الذين يستنصر بهم، سندعو ملائكة العذاب. ليس الأمر على ما يظن أبو جهل، إنه لن ينالك -أيها الرسول- بسوء، فلا تطعه فيما دعاك إليه مِن تَرْك الصلاة، واسجد لربك واقترب منه بالتحبب إليه بطاعته.

تفسير السعدي

{ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } أي: خزنة جهنم، لأخذه وعقوبته، فلينظر أي: الفريقين أقوى وأقدر؟ فهذه حالة الناهي وما توعد به من العقوبة.


تفسير البغوي

( سندع الزبانية ) جمع زبني مأخوذ من الزبن وهو الدفع ، قال ابن عباس : يريد زبانية جهنم سموا بها لأنهم يدفعون أهل النار إليها ، قال الزجاج : هم الملائكة الغلاظ الشداد ، قال ابن عباس : لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله


الإعراب:

(سَنَدْعُ) السين للاستقبال ومضارع مرفوع بضمة مقدرة على الواو المحذوفة قراءة والفاعل مستتر (الزَّبانِيَةَ) مفعول به. والجملة مستأنفة لا محل لها.

---

Traslation and Transliteration:

SanadAAu alzzabaniyata

بيانات السورة

اسم السورة سورة العلق (Al-Alaq - The Clot)
ترتيبها 96
عدد آياتها 19
عدد كلماتها 72
عدد حروفها 281
معنى اسمها العَلَقُ: الدَّمُ الْغَلِيظُ، وَالْقِطْعَةُ مِنْه عَلَقَةٌ. وَالمُرَادُ (بِالْعَلَقِ): طَورٌ مِنْ أَطْوَارِ خَلْقِ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ
سبب تسميتها لِتَذْكِيرِ الْإِنْسَانَ بِأَصْلِ خِلْقَتِهِ مِنْ (عَلَقٍ) فِي أوَّلِ سُورَةٍ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْعَلقِ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ﴾، وَسُورَةَ (اقْرَأْ)، وَسُورَةَ (الْقَلَمِ)
مقاصدها تَذْكِيرُ الْإِنْسَانِ بِنِعَمِ اللهِ عَلَيهِ، وَتَقْرِيرُ عَاقِبَةِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْوَحْيِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، نَزَلَتْ أَوّلُ خَمْسِ آيَاتٍ مِنْهَا فِي غَارِ حِرَاءِ. (رَوَاهُ مُسْلِم)
فضلها أَوْصَى بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي إِمَامَةِ المُصَلِّينَ، فَقَدْ أَمَرَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ رضي الله عنه إِذَا أَمَّ النَّاسَ أَنْ يُخَفِّفَ وَيَقْرَأَ عَلَيهِمْ بِسُوَرِ: (الشَّمْسِ، وَالأَعْلَى، وَالْعَلَقِ، وَالْلَّيلِ). (رَوَاهُ مُسْلِم)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ سُوْرَةِ (العَلَقِ) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُوْرَةِ (التِّيْنِ):لمَّا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى فِي (التِّينِ) خَلْقَ الْإِنْسَانِ بِقَولِهِ: ﴿لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ ٤﴾، اتَّصَلَ الْكَلَامُ عَنْ خَلْقِهِ فِي (الْعَلَقِ)
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!