«والتين والزيتون» أي المأكولين أو جبلين بالشام ينبتان المأكولين.
إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)
" إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ " فإن عمله يصعد به إلى عليين (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) فيكون له أجر غير ممنون ، وهو الأجر المكتسب ، ولا يكون الأجر إلا مكتسبا ، فإن أعطى ما هو خارج عن الكسب لا يقال فيه أجر ،
بل هو نور وهبات ، إذا فهمت ذلك علمت أن الإنسان سر الوجود وروحه ومعناه ، وهو البداية والنهاية وهو المقصد الأقصى والعمد الذي لا يرى ، الممسوك لأجله السماوات العلى أن تقع على الأرض ، وهو الختم الحافظ للدنيا ، وبفكه منها يكون ختما على الآخرة ،
فقد جمعت صورته من العوالم ما لا يحصى ، ومن الرقائق والدقائق والحقائق ما لا يستقصى ، فبه دارت الأفلاك ، وله سجدت الأملاك ، فما أشرفه إن عرف نفسه ،
هكذا ، فيعرف ربه الغفار ، فهو إذا في أحسن تقويم وله أجر غير ممنون ، وما أسخفه إن جهلها فيدعى الظالم الكفار ، في لسان الأغيار ، ويرد إلى أسفل سافلين ، فو اللّه ما سبق مقصر مجدا أبد .
[سورة التين (95) : الآيات 7 إلى 8]
فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)
(96) سورة العلق مكيّة
------------
(6) الفتوحات ج 3 /
33 - كتاب تلقيح الأذهان - كتاب مواقع النجوم
تفسير سورة والتين والزيتون وهي مكية .
قال مالك وشعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في سفر في إحدى الركعتين بالتين والزيتون ، فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه . أخرجه الجماعة في كتبهم .
اختلف المفسرون هاهنا على أقوال كثيرة فقيل : المراد بالتين مسجد دمشق . وقيل : هي نفسها . وقيل : الجبل الذي عندها .
وقال القرطبي : هو مسجد أصحاب الكهف .
وروى العوفي ، عن ابن عباس : أنه مسجد نوح الذي على الجودي .
وقال مجاهد : هو تينكم هذا .
( والزيتون ) قال كعب الأحبار وقتادة وابن زيد ، وغيرهم : هو مسجد بيت المقدس .
وقال مجاهد وعكرمة : هو هذا الزيتون الذي تعصرون .
فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى {والتين والزيتون} قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وجابر بن زيد ومقاتل والكلبي : هو تينكم الذي تأكلون، وزيتونكم الذي تعصرون منه الزيت؛ قال اللّه تعالى {وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين}[
المؤمنون : 20]. وقال أبو ذر : أهدي للنبي صلى اللّه عليه وسلم سل تين؛ فقال : [كلوا] وأكل منه. ثم قال : [لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوها فإنها تقطع البواسير، وتنفع من النقرس]. وعن معاذ : انه استاك بقضيب زيتون، وقال سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول : [نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة، يطيب الفم، ويذهب بالحفر، وهي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي]. وروي عن ابن عباس أيضا : التين : مسجد نوح عليه السلام الذي بني على الجودي، والزيتون : مسجد بيت المقدس. وقال الضحاك : التين : المسجد الحرام، والزيتون المسجد الأقصى. ابن زيد : التين : مسجد دمشق، والزيتون : مسجد بيت المقدس. قتادة : التين : الجبل الذي عليه دمشق : والزيتون : الجبل الذي عليه بيت المقدس. وقال محمد بن كعب : التين : مسجد أصحاب الكهف، والزيتون : مسجد إيلياء. وقال كعب الأحبار وقتادة أيضا وعكرمة وابن زيد : التين : دمشق، والزيتون : بيت المقدس. وهذا اختيار الطبري. وقال الفراء : سمعت رجلا من أهل الشام يقول : التين : جبال ما بين حلوان إلى همذان، والزيتون : جبال الشام. وقيل : هما جبلان بالشام، يقال لهما طور زيتا وطور تينا بالسريانية سميا بذلك لأنهما ينبتانهما. وكذا روى أبو مكين عن عكرمة، قال : التين والزيتون : جبلان بالشام. وقال النابغة : أتين التين عن عرض وهذا اسم موضع. ويجوز أن يكون ذلك على حذف مضاف؛ أي ومنابت التين والزيتون. ولكن لا دليل على ذلك من ظاهر التنزيل، ولا من قول من لا يجوز خلافه؛ قاله النحاس. الثانية: وأصح هذه الأقوال الأول؛ لأنه الحقيقة، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل. وإنما أقسم اللّه بالتين، لأنه كان ستر آدم في الجنة؛ لقوله تعالى {يخصفان عليهما من ورق الجنة}[
الأعراف : 22] وكان ورق التين. وقيل : أقسم به ليبين وجه المنة العظمى فيه؛ فإنه جميل المنظر، طيب المخبر، نشر الرائحة، سهل الجني، على قدر المضغة. وقد أحسن القائل فيه : انظر إلى التين في الغصون ضحى ** ممزق الجلد مائل العنق كأنه رب نعمة سلبت ** فعاد بعد الجديد في الخلق أصغر ما في النهود أكبره ** لكن ينادى عليه في الطرق وقال آخر : التين يعدل عندي كل فاكهة ** إذا انثنى مائلا في غصنه الزاهي مخمش الوجه قد سالت حلاوته ** كأنه راكع من خشية الله وأقسم بالزيتون لأنه مثل به إبراهيم في قوله تعالى {يوقد من شجرة مباركة زيتونة}[
النور : 35]. وهو أكثر أُدَم أهل الشام والمغرب؛ يصطبغون به، ويستعملونه في طبيخهم، ويستصبحون به، ويداوي به أدواء الجوف والقروح والجراحات، وفيه منافع كثيرة. وقال عليه السلام : [كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة]. وقد مضى في سورة [المؤمنون] القول فيه. الثالثة: قال ابن العربي ولامتنان البارئ سبحانه، وتعظيم المنة في التين، وأنه مقتات مدخر فلذلك قلنا بوجوب الزكاة فيه. وإنما فرّ كثير من العلماء من التصريح بوجوب الزكاة فيه، تقية جور الولاة؛ فإنهم يتحاملون في الأموال الزكاتية، فيأخذونها مغرما، حسب ما أنذر به الصادق صلى اللّه عليه وسلم. فكره العلماء أن يجعلوا لهم سبيلا إلى مال آخر يتشططون فيه، ولكن ينبغي للمرء أن يخرج عن نعمة ربه، بأداء حقه. وقد قال الشافعي لهذه العلة وغيرها : لا زكاة في الزيتون. والصحيح وجوب الزكاة فيهما.
أَقْسم الله بالتين والزيتون، وهما من الثمار المشهورة، وأقسم بجبل "طور سيناء" الذي كلَّم الله عليه موسى تكليمًا، وأقسم بهذا البلد الأمين من كل خوف وهو "مكة" مهبط الإسلام. لقد خلقنا الإنسان في أحسن صورة، ثم رددناه إلى النار إن لم يطع الله، ويتبع الرسل، لكن الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحة لهم أجر عظيم غير مقطوع ولا منقوص.
(التين) هو التين المعروف، وكذلك { الزَّيْتُونَ } أقسم بهاتين الشجرتين، لكثرة منافع شجرهما وثمرهما، ولأن سلطانهما في أرض الشام، محل نبوة عيسى ابن مريم عليه السلام.
مكية
( والتين والزيتون ) قال ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وإبراهيم ، وعطاء بن أبي رباح ، ومقاتل ، والكلبي : هو تينكم [ هذا ] الذي تأكلونه ، وزيتونكم هذا الذي تعصرون منه الزيت .
قيل : خص التين بالقسم لأنها فاكهة مخلصة لا عجم لها ، شبيهة بفواكه الجنة . وخص الزيتون لكثرة منافعه ، ولأنه شجرة مباركة جاء بها الحديث ، وهو ثمر ودهن يصلح للاصطباغ والاصطباح .
وقال عكرمة : هما جبلان . قال قتادة : " التين " : الجبل الذي عليه دمشق ، و " الزيتون " : الجبل الذي عليه بيت المقدس ، لأنهما ينبتان التين والزيتون .
وقال الضحاك : هما مسجدان بالشام . قال ابن زيد : " التين " : مسجد دمشق ، و " الزيتون " : مسجد بيت المقدس . وقال محمد بن كعب : " التين " مسجد أصحاب الكهف ، و " الزيتون " : مسجد إيليا .
(وَالتِّينِ) جار ومجرور متعلقان بفعل قسم محذوف (وَالزَّيْتُونِ) معطوف على التين.
Traslation and Transliteration:
Waaltteeni waalzzaytooni
By the fig and the olive,
Andolsun Tin'e ve Zeytun'a.
Par le figuier et l'olivier!
Bei den Feigen und den Oliven,
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة التين (At-Tin - The Fig) |
ترتيبها |
95 |
عدد آياتها |
8 |
عدد كلماتها |
34 |
عدد حروفها |
156 |
معنى اسمها |
(التِّينُ): الْفَاكِهَةُ الْمَعْرُوفَةُ، أَقْسَمَ اللهُ بِهَا وَبِالزَّيْتُونِ لِقِيمَتِهِمَا الْغِذَائِيَّةِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِمُفْرَدَةِ (التِّينِ) وَالْقَسَمُ بِهِ، فَسُمِّيَتْ بِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (التِّينِ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ﴾ |
مقاصدها |
بَيَانُ أَنَّ قِيمَةَ الْإِنْسَانِ بِإِيمَانِهِ بِرَبِّهِ، وَأَنَّ لِلْمُؤْمِنِ فَضْلَهُ وَحُرْمَتَهُ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آيَاتِهَا |
فضلها |
اخْتَارَهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي صَلاةِ السَّفَرِ، فَصَحَّ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ (التِّينِ) فَي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَينِ فِي سَفْرَةٍ. (رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسْلِم) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ سُوْرَةِ (التِّيْنِ) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُوْرَةِ (الشَّرْحِ):لَمَّا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى فِي (الشَّرْحِ) الْمِنْحَةَ الْخَاصَّةَ لِلرَّسُولِ ﷺ بِقَولِهِ: ﴿وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ ٤﴾، ذَكَرَ فِي (التِّينِ) الْمِنْحَةَ الْعَامَّةَ لِلْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ ٦﴾ |