«على الأرائك» السرر في الحجال «ينظرون» ما أعطوا من النعيم.
عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (36)
فعمّ بالألف واللام ، ورد الفعل عليهم ، وهو قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) فانتقلت صفات هؤلاء إلى هؤلاء ، وهؤلاء إلى هؤلاء ،
انتقل ذل الأولياء وتعبهم ونصبهم ومكابدتهم وكدهم في الدنيا في طاعة ربهم إلى الأشقياء من الجبابرة في النار ، وانتقل سرور الجبابرة وراحة أهل الثروة في الدنيا إلى أهل السعادة أهل الجنة في الآخرة .
(84) سورة الانشقاق مكيّة
------------
(36) الفتوحات ج 2 /
682 - ج 1 /
417
( على الأرائك ) وهي السرر تحت الحجال ، ( ينظرون ) قيل : معناه ينظرون في ملكهم وما أعطاهم الله من الخير والفضل الذي لا ينقضي ولا يبيد وقيل معناه ( على الأرائك ينظرون ) إلى الله عز وجل وهذا مقابلة لما وصف به أولئك الفجار ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) فذكر عن هؤلاء أنهم يباحون النظر إلى الله عز وجل وهم على سررهم وفرشهم كما تقدم في حديث ابن عمر إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه وإن أعلاه لمن ينظر إلى الله في اليوم مرتين "
قوله تعالى {إن الأبرار} أي أهل الصدق والطاعة. {لفي نعيم} أي نعمة، والنعمة بالفتح : التنعيم؛ يقال : نعمه الله وناعمه فتنعم وامرأة منعمة ومناعمة بمعنى. أي إن الأبرار في الجنات يتنعمون. {على الأرائك} وهي الأسرة في الحجال {ينظرون} أي إلى ما أعد الله لهم من الكرامات؛ قال عكرمة وابن عباس ومجاهد. وقال مقاتل : ينظرون إلى أهل النار. وعن النبي صلى الله عليه وسلم : (ينظرون إلى أعدائهم في النار) ذكره المهدوي. وقيل : على أرائك أفضاله ينظرون إلى وجهه وجلاله. قوله تعالى {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} أي بهجته وغضارته ونوره؛ يقال : نضر النبات : إذا أزهر ونور. وقراءة العامة {تعرف} بفتح التاء وكسر الراء {نضرة} نصبا؛ أي تعرف يا محمد. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع ويعقوب وشيبة وابن أبي إسحاق {تعرف} بضم التاء وفتح الراء على الفعل المجهول {نضرة} رفعا. {يسقون من رحيق} أي من شراب لا غش فيه. قاله الأخفش والزجاج. وقيل، الرحيق الخمر الصافية. وفي الصحاح : الرحيق صفوة الخمر. والمعنى واحد. الخليل : أقصى الخمر وأجودها. وقال مقاتل وغيره : هي الخمر العتيقة البيضاء الصافية من الغش النيرة، قال حسان : يسقون من ورد البريص عليهم ** بردي يصفق بالرحيق السلسل وقال آخر : أم لا سبيل إلى الشباب وذكره ** أشهى إلي من الرحيق السلسل قوله تعالى {مختوم} المختوم الممزوج. وقيل : مختوم أي ختمت ومنعت عن أن يمسها ماس إلى أن يفك ختامها الأبرار. وقرأ علي وعلقمة وشقيق والضحاك وطاوس والكسائي {خاتمه} بفتح الخاء والتاء وألف بينهما. قاله علقمة : أما رأيت المرأة تقول للعطار : أجعل خاتمه مسكا، تريد آخره. والخاتم والختام متقاربان في المعنى، إلا أن الخاتم الاسم، والختام المصدر؛ قال الفراء. وفي الصحاح : والختام : الطين الذي يحتم به. وكذا قال مجاهد وابن زيد : ختم إناؤه بالمسك بدلا من الطين. حكاه المهدوي. وقال الفرزدق : وبت أفض أغلاق الختام وقال الأعشى : وأبرزها وعليها ختم أي عليها طينة مختومة؛ مثل نفض بمعنى منفوض، وقبض بمعنى مقبوض. وذكر ابن المبارك وابن وهب، واللفظ لابن وهب، عن عبدالله. بن مسعود في قوله تعالى {ختامه مسك} : خلطه، ليس بخاتم يختم، ألا ترى إلى قول المرأة من نسائكم : إن خلطه من الطيب كذا وكذا. إنما خلطه مسك؛ قال : شراب أبيض مثل الفضة يختمون به آخر أشربتهم، لو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل فيه يده ثم أخرجها، لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها. وروى أبي بن كعب قال : قيل يا رسول الله ما الرحيق المختوم؟ قال : (غدران الخمر). وقيل : مختوم في الآنية، وهو غير الذي يجري في الأنهار. فالله أعلم. {وفي ذلك} أي وفي الذي وصفناه من أمر الجنة {فليتنافس المتنافسون} أي فليرغب الراغبون يقال : نفست عليه الشيء أنفسه نفاسة : أي ضننت به، ولم أحب أن يصير إليه. وقيل : الفاء بمعنى إلى، أي وإلى ذلك فليتبادر المتبادرون في العمل؛ نظيره {لمثل هذا فليعمل العاملون}. قوله تعالى {ومزاجه} أي ومزاجه ذلك الرحيق {من تسنيم} وهو شراب ينصب عليهم من علو، وهو أشرف شراب في الجنة. وأصل التسنيم في اللغة : الارتفاع فهي عين ماء تجري من علو إلى أسفل؛ ومنه سنام البعير لعلوه من بدنه، وكذلك تسنيم القبور. وروي عن عبدالله قال : تسنيم عين في الجنة يشرب بها المقربون صرفا، ويمزج منها كأس أصحاب اليمين فتطيب. وقال ابن عباس في قوله عز وجل {ومزاجه من تسنيم} قال : هذا مما قال الله تعالى {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}[
السجدة : 17]. وقيل : التسنيم عين تجري في الهواء بقدرة الله تعالى، فتنصب في أواني أهل الجنة على قدر مائها، فإذا امتلأت أمسك الماء، فلا تقع منه قطرة على الأرض، ولا يحتاجون إلى الاستقاء؛ قال قتادة، ابن زيد : بلغنا أنها عين تجري من تحت العرش. وكذا في مراسيل الحسن. وقد ذكرناه في سورة الإنسان {عينا يشرب بها المقربون} أي يشرب منها أهل جنة عدن، وهم أفاضل أهل الجنة صرفا، وهي لغيرهم مزاج. و{عينا} نصب على المدح. وقال الزجاج : نصب على الحال من تسنيم، وتسنيم معرفة، ليس يعرف له أشتقاق، وإن جعلته مصدرا مشتقا من السنام فـ {عينا} نصب؛ لأنه مفعول به؛ كقوله تعالى {أو إطعام في يوم ذي مسغبة. يتيما}[
البلد : 14] وهذا قول الفراء إنه منصوب بتسنيم. وعند الأخفش بـ {يسقون} أي يسقون عينا أو من عين. وعند المبرد بإضمار أعني على المدح.
إن أهل الصدق والطاعة لفي الجنة يتنعمون، على الأسرَّة ينظرون إلى ربهم، وإلى ما أعدَّ لهم من خيرات، ترى في وجوههم بهجة النعيم، يُسْقَون من خمر صافية محكم إناؤها، آخره رائحة مسك، وفي ذلك النعيم المقيم فليتسابق المتسابقون. وهذا الشراب مزاجه وخلطه من عين في الجنة تُعْرَف لعلوها بـ "تسنيم"، عين أعدت؛ ليشرب منها المقربون، ويتلذذوا بها.
{ عَلَى الْأَرَائِكِ } أي: [على] السرر المزينة بالفرش الحسان.
{ يُنْظَرُونَ } إلى ما أعد الله لهم من النعيم, وينظرون إلى وجه ربهم الكريم،
"على الأرائك ينظرون"، إلى ما أعطاهم الله من الكرامة والنعمة، وقال مقاتل: ينظرون إلى عدوهم كيف يعذبون.
(عَلَى الْأَرائِكِ) الجار والمجرور متعلقان بما بعدهما و(يَنْظُرُونَ) مضارع وفاعله والجملة حال.
Traslation and Transliteration:
AAala alaraiki yanthuroona
On couches, gazing,
Tahtlar üstünde bakarlar.
sur les divans, ils regardent.
Sie sind auf Liegen, sie schauen.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة المطففين (Al-Mutaffifin - The Defrauding) |
ترتيبها |
83 |
عدد آياتها |
36 |
عدد كلماتها |
169 |
عدد حروفها |
740 |
معنى اسمها |
التَّطْفِيفُ: نَقْصُ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ. وَالمُرَادُ (بالمُطَفِّفِيِنَ): كُلُّ مَنِ اتَّصَفَ بِالتَّطْفِيِفِ الْحِسِّيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الْمُطَفِّفِينَ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْمُطَفِّفِينَ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (التَّطْفِيفِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ عَدْلِ اللهِ تَعَالَى فِي بَعْثِ النَّاسِ يَومَ الْقِيَامَةِ، وَذِكْرُ أَقْسَامِهِمْ وَعَاقِبَتَهُمْ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: «لمَّا قَدِمَ النَّبيُّ ﷺ المَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلًا فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ﴾ فَأَحْسَنُوا الْكَيْلَ بَعْدَ ذَلِكَ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ ابْنُ ماجَة) |
فضلها |
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، ...(وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ) فِي رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (المُطَفِّفِينَ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ جَزَاءِ الْكَافِرِينَ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ ١﴾... الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿هَلۡ ثُوِّبَ ٱلۡكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ٣٦﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (المُطَفِّفِينَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْانفِطَارِ): لَمَّا أَجْمَلَتِ (الْانْفِطَارُ) حَالَ الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ بِقَولِهِ: ﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ ١٣ وَإِنَّ ٱلۡفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٖ ١٤﴾ فَصَّلَتِ (الْمُطَفِّفِينَ) حَالَتَهُمَا بِقَولِهِ: ﴿كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٖ ٧﴾... الآيَاتِ |