«وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر» شديدة الصوت «عاتية» قوية شديدة على عاد مع قوتهم وشدتهم.
فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51)
العلم الذي هو حق اليقين هو الذي لا يتطرق إليه تهمة ، فحق اليقين هو حق استقراره في القلب ، أي لا يزلزله شيء عن مقره ، وحق استقراره هو حكمه الذي أوجبه على العلم وعلى العين ، فلا يتصرف العلم إلا فيما يجب له التصرف فيه ، ولا تنظر العين إلا فيما يجب لها النظر إليه وفيه ، فذلك هو حق اليقين .
------------
(51) الفتوحات ج 2 /
569
( وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر ) أي : باردة . قال قتادة والربيع والسدي والثوري : ( عاتية ) أي : شديدة الهبوب . قال قتادة : عتت عليهم حتى نقبت عن أفئدتهم .
وقال الضحاك : ( صرصر ) باردة ) عاتية ) عتت عليهم بغير رحمة ولا بركة . وقال علي وغيره : عتت على الخزنة فخرجت بغير حساب .
قوله تعالى {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر} أي باردة تحرق ببردها كإحراق النار؛ مأخوذ من الصر وهو البرد؛ قاله الضحاك. وقيل : إنها الشديدة الصوت. وقال مجاهد : الشديدة السموم. {عاتية} أي عتت على خزانها فلم تطعهم، ولم يطيقوها من شدة هبوبا؛ غضبت لغضب الله. وقيل : عتت على عاد فقهرتهم. روى سفيان الثوري عن موسى بن المسيب عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما أرسل الله من نسمة من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من ماء إلا بمكيال إلا يوم عاد ويوم نوح فإن الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه. سبيل - ثم قرأ - {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية} والريح لما كان يوم عاد عتت على الخزان فلم يكن لهم عليها سبيل - ثم قرأ - {بريح صرصر عاتية}). {سخرها عليهم} أي أرسلها وسلطها عليهم. والتسخير : استعمال الشيء بالاقتدار. {سبع ليال وثمانية أيام حسوما} أي متتابعة لا تفر ولا تنقطع؛ عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما. قال الفراء : الحسوم التباع، من حسم الداء إذا كوي صاحبه، لأنه يكوى بالمكواة ثم يتابع ذلك عليه. قال عبدالعزيز بن زرارة الكلابي : ففرق بين بينهم زمان ** تتابع فيه أعوام حسوم وقال المبرد : هو من قولك حسمت الشيء إذا قطعته وفصلته عن غيره. وقيل : الحسم الاستئصال. ويقال للسيف حسام؛ لأنه يحسم العدو عما يريده من بلوغ عداوته. وقال الشاعر : حسام إذا قمت معتضدا ** به كفى العود منه البدء ليس بمعضد والمعنى أنها حسمتهم، أي قطعتهم وأذهبتهم. فهي القاطعة بعذاب الاستئصال. قال ابن زيد : حسمتهم فلم تبق منهم أحدا. وعنه أنها حسمت الليالي والأيام حتى استوعبتها. لأنها بدأت طلوع الشمس من أول يوم وانقطعت غروب الشمس من آخر يوم. وقال الليث : الحسوم الشؤم. ويقال : هذه ليالي الحسوم، أي تحسم الخير عن أهلها، وقال في الصحاح. وقال عكرمة والربيع بن أنس : مشائيم، دليله قوله تعالى {في أيام نحسات} [
فصلت : 16]. عطية العوفي {حسوما} أي حسمت الخير عن أهلها. واختلف في أولها، فقيل : غداة يوم الأحد، قاله السدي. وقيل : غداة يوم الجمعة، قال الربيع بن أنس. وقيل : غداة يوم الأربعاء، قاله يحيى بن سلام ووهب بن منبه. قال وهب : وهذه الأيام هي التي تسميها العرب أيام العجوز، ذات برد وريح شديدة، وكان أولها يوم الأربعاء وآخرها يوم الأربعاء؛ ونسبت إلى العجوز لأن عجوزا من عاد دخلت سربا فتبعتها الريح فقتلتها في اليوم الثامن. وقيل : سميت أيام العجوز لأنها وقعت في عجز الشتاء. وهي في آذار من أشهر السريانيين. ولها أسام مشهورة، وفيها يقول الشاعر وهو ابن أحمر : كُسِع الشتاء بسبعة غبرِ ** أيام شهلتنا من الشهر فإذا انقضت أيامها ومضت ** صِنٌّ وصَنَّبْـر مع الوبر وبآمر وأخيه مؤتمر ** ومعَلِّل وبمطفئ الجمر ذهب الشتاء موليا عجلا ** وأتتك واقدة من النجْر و {حسوما} نصب على الحال. وقيل على المصدر. قال الزجاج : أي تحسمهم حسوما أي تفنيهم، وهو مصدر مؤكد. ويجوز أن يكون مفعولا له؛ أي سخرها عليهم هذه المدة للاستئصال؛ أي لقطعهم واستئصالهم. ويجوز أن يكون جمع حاسم. وقرأ السدي {حسوما} بالفتح، حالا من الريح؛ أي سخرها عليهم مستأصلة. قوله تعالى {فترى القوم فيها} أي في تلك الليالي والأيام. {صرعى} جمع صريع؛ يعني موتى. وقيل {فيها} أي في الريح. {كأنهم أعجاز} أي أصول. {نخل خاوية} أي بالية؛ قاله أبو الطفيل. وقيل : خالية الأجواف لا شيء فيها. والنخل يذكر ويؤنث. وقد قال تعالى في موضع آخر {كأنهم أعجاز نخل منقعر} [
القمر : 20] فيحتمل أنهم شبهوا بالنخل التي صرعت من أصلها، وهو إخبار عن عظم أجسامهم. ويحتمل أن يكون المراد به الأصول دون الجذوع؛ أي إن الريح قد قطعتهم حتى صاروا كأصول النخل خاوية أي الريح كانت تدخل أجوافهم فتصرعهم كالنخلة الخاوية الجوف. وقال ابن شجرة : كانت الريح تدخل في أفواههم فتخرج ما في أجوافهم من الحشو من أدبارهم، فصاروا كالنخل الخاوية. وقال يحيى بن سلام؛ إنما قال {خاوية} لأن أبدانهم خوت من أرواحهم مثل النخل الخاوية. ويحتمل أن يكون المعنى كأنهم أعجاز نخل خاوية عن أصولها من البقاع؛ كما قال تعالى {فتلك بيوتهم خاوية} [
النمل : 52] أي خربة لا سكان فيها. ويحتمل الخاوية بمعنى البالية كما ذكرنا؛ لأنها إذا بليت خلت أجوافها. فشبهوا بعد أن هلكوا بالنخل الخاوية.
فأما ثمود فأهلكوا بالصيحة العظيمة التي جاوزت الحد في شدتها، وأمَّا عاد فأُهلِكوا بريح باردة شديدة الهبوب، سلَّطها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام متتابعة، لا تَفْتُر ولا تنقطع، فترى القوم في تلك الليالي والأيام موتى كأنهم أصول نخل خَرِبة متآكلة الأجواف. فهل ترى لهؤلاء القوم مِن نفس باقية دون هلاك؟
{ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ } أي: قوية شديدة الهبوب لها صوت أبلغ من صوت الرعد [القاصف] { عَاتِيَةٍ } [أي: ] عتت على خزانها، على قول كثير من المفسرين، أو عتت على عاد وزادت على الحد كما هو الصحيح.
"وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية"، عتت على خزانها فلم تطعهم ولم يكن لهم عليها سبيل، وجاوزت المقدار فلم يعرفوا كم خرج منها.
(وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا) سبق إعراب مثيلها (بِرِيحٍ) متعلقان بالفعل (صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) صفتان لريح.
Traslation and Transliteration:
Waamma AAadun faohlikoo bireehin sarsarin AAatiyatin
And as for A'ad, they were destroyed by a fierce roaring wind,
Ve ama Âd, helak edildi müthiş bir ses çıkaran, yıkıp götüren, silip süpüren soğuk bir kasırgayla.
Et quant aux 'Aad, ils furent détruits par un vent mugissant et furieux
Und hinsichtlich 'Aad, so wurden sie durch einen sehr heftigen Wirbelsturm zugrunde gerichtet.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الحاقة (Al-Haqqah - The Reality) |
ترتيبها |
69 |
عدد آياتها |
52 |
عدد كلماتها |
261 |
عدد حروفها |
1107 |
معنى اسمها |
(الْحَاقَّةُ): مِنْ أَسْمَاءِ يَومِ الْقِيَامَةِ؛ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لأَنَّ حَقَائِقَ الأُمُورِ، وَمُخَبَّآتِ الصُّدُورِ تَظْهَرُ فِيهَا، فَعَظَّمَ اللهُ شَأْنَهَا وَفَخَّمَهُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الْحَاقَةِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْحَاقَّةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (السِّلْسِلَةِ) |
مقاصدها |
إِثْبَاتُ حَقِيقَةِ الْيَومِ الآخِرِ، وَتَصْوِيرُ حَالِ النَّاسِ يَومَ الْحِسَابِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ) فِي رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الحَاقَّةِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ فَضْحِ الْمُكَذِّبِينَ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿كَذَّبَتۡ ثَمُودُ وَعَادُۢ بِٱلۡقَارِعَةِ ٤﴾، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِهَا: ﴿وَإِنَّا لَنَعۡلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ ٤٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْحَاقَّةِ) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْقَلَمِ): لَمَّا جَرَى ذِكْرُ كِتَابَةِ الْقَلَمِ مِنْ مَقَادِيرِ حَقِيقَةِ الْيَومِ الآخِرِ، نَاسَبَ ذِكْرَ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ يَومِ القِيّامِةِ، وَهُوَ: (الْحَاقَّةُ) |