«وآتوا» أعطوا «النساء صدقاتهن» جمع صدقة مهورهن «نِحلة» مصدر عطية عن طيب نفس «فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا» تمييز محول عن الفاعل، أي طابت أنفسهن لكم عن شيء من الصداق فوهبنه لكم «فكلوه هنيئا» طيبا «مريئا» محمود العاقبة لا ضرر فيه عليكم في الآخرة نزلت ردا على كره ذلك.
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)
البرهان قوي السلطان ، ولما أزال الحق بالقرآن شبه الضلالات وظلمة الشكوك وأوضح به المشكلات سماه نورا ، وكل ما جاء في معرض الدلالة فهو من كونه نورا ، لأن النور هو المنفر الظلم ، والقرآن ضياء لأن الضياء يكشف ، فكل ما أظهره القرآن فهو من أثر ضيائه ، فبالقرآن يكشف جميع ما في الكتب المنزلة من العلوم ، وفيه ما ليس فيها . فمن أوتي القرآن فقد أوتي الضياء الكامل الذي يتضمن كل علم ؛ فعلوم الأنبياء والملائكة وكل لسان علم فإن القرآن يتضمنه ويوضحه لأهل القرآن بما هو ضياء ، فهو نور من حيث ذاته لأنه لا يدرك لعزته ، وهو ضياء لما يدرك به ولما يدرك منه . فمن أعطي القرآن فقد أعطي العلم الكامل .
------------
(174) الفتوحات ج 4 /
352 - إيجاز البيان - الفتوحات ج 3 /
94 - ج 2 /
107
وقوله : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : النحلة : المهر .
وقال محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : نحلة : فريضة . وقال مقاتل وقتادة وابن جريج : نحلة : أي فريضة . زاد ابن جريج : مسماه . وقال ابن زيد : النحلة في كلام العرب : الواجب ، يقول : لا تنكحها إلا بشيء واجب لها ، وليس ينبغي لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكح امرأة إلا بصداق واجب ، ولا ينبغي أن يكون تسمية الصداق كذبا بغير حق .
ومضمون كلامهم : أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتما ، وأن يكون طيب النفس بذلك ، كما يمنح المنيحة ويعطي النحلة طيبا بها ، كذلك يجب أن يعطي المرأة صداقها طيبا بذلك ، فإن طابت هي له به بعد تسميته أو عن شيء منه فليأكله حلالا طيبا; ولهذا قال [ تعالى ] ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا )
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن السدي ، عن يعقوب بن المغيرة بن شعبة ، عن علي قال : إذا اشتكى أحدكم شيئا ، فليسأل امرأته ثلاثة دراهم أو نحو ذلك ، فليبتع بها عسلا ثم ليأخذ ماء السماء فيجتمع هنيئا مريئا شفاء مباركا .
وقال هشيم ، عن سيار ، عن أبي صالح قال : كان الرجل إذا زوج ابنته أخذ صداقها دونها ، فنهاهم الله عن ذلك ، ونزل : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) رواه ابن أبي حاتم وابن جرير .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، حدثنا وكيع ، عن سفيان عن عمير الخثعمي ، عن عبد الملك بن المغيرة الطائفي ، عن عبد الرحمن بن البيلماني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) قالوا : يا رسول الله ، فما العلائق بينهم ؟ قال : " ما تراضى عليه أهلوهم " .
وقد روى ابن مردويه من طريق حجاج بن أرطاة ، عن عبد الملك بن المغيرة ، عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عمر بن الخطاب قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أنكحوا الأيامى " ثلاثا ، فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله ، ما العلائق بينهم ؟ قال : " ما تراضى عليه أهلوهم " .
ابن البيلماني ضعيف ، ثم فيه انقطاع أيضا .
فيه عشر مسائل: الأولى: قوله تعالى {وآتوا النساء صدقاتهن} الصدقات جمع، الواحدة صدقة. قال الأخفش : وبنو تميم يقولون صدقة والجمع صدقات، وإن شئت فتحت وإن شئت أسكنت. قال المازني : يقال صداق المرأة بالكسر، ولا يقال بالفتح. وحكى يعقوب وأحمد بن يحيى بالفتح عن النحاس. والخطاب في هذه الآية للأزواج؛ قال ابن عباس وقتادة وابن زيد وابن جريج. (أمرهم الله تعالى بأن يتبرعوا بإعطاء المهور نحلة منهم لأزواجهم). وقيل : الخطاب للأولياء؛ قاله أبو صالح. وكان الولي يأخذ مهر المرأة ولا يعطيها شيئا، فنهوا عن ذلك وأمروا أن يدفعوا ذلك إليهن. قال في رواية الكلبي : أن أهل الجاهلية كان الولي إذا زوجها فإن كانت معه في العشرة لم يعطها من مهرها كثيرا ولا قليلا، وإن كانت غريبة حملها على بعير إلى زوجها ولم يعطها شيئا غير ذلك البعير؛ فنزل {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}. وقال المعتمر بن سليمان عن أبيه : زعم حضرمي المراد بالآية المتشاغرون الذين كانوا يتزوجون امرأة بأخرى، فأمروا أن يضربوا المهور. والأول أظهر؛ فإن الضمائر واحدة وهي بجملتها للأزواج فهم المراد؛ لأنه قال {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} إلى قوله {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}. وذلك يوجب تناسق الضمائر وأن يكون الأول فيها هو الآخر. الثانية: هذه الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة، وهو مجمع عليه ولا خلاف فيه إلا ما روي عن بعض أهل العلم من أهل العراق أن السيد إذا زوج عبده من أمته أنه لا يجب فيه صداق؛ وليس بشيء؛ لقوله تعالى {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} فعم. وقال{فانكحوهن بإذن أهلهن وأتوهن أجورهن بالمعروف} [
النساء : 25]. وأجمع العلماء أيضا أنه لا حد لكثيره، واختلفوا في قليله على ما يأتي بيانه في قوله {وآتيتم إحداهن قنطارا} [
النساء : 20]. وقرأ الجمهور "صَدُقاتهن" بفتح الصاد وضم الدال. وقرأ قتادة "صُدْقاتهن" بضم الصاد وسكون الدال. وقرأ النخعي وابن وثاب بضمهما والتوحيد "صُدُقَتَهُنّ" الثالثة: قوله تعالى {نحلة} النِّحلة والنُّحلة، بكسر النون وضمها لغتان. وأصلها من العطاء؛ نحلت فلانا شيئا أعطيته. فالصداق عطية من الله تعالى للمرأة. وقيل {نحلة} أي عن طيب نفس من الأزواج من غير تنازع. وقال قتادة : معنى {نحلة} فريضة واجبة. ابن جريج وابن زيد : فريضة مسماة. قال أبو عبيد : ولا تكون النحلة إلا مسماة معلومة. وقال الزجاج {نحلة} تدينا. والنحلة الديانة والملة. يقال. هذا نحلته أي دينه. وهذا يحسن مع كون الخطاب للأولياء الذين كانوا يأخذونه في الجاهلية، حتى قال بعض النساء في زوجها : لا يأخذ الحلوان من بناتنا ** تقول : لا يفعل ما يفعله غيره. فانتزعه الله منهم وأمر به للنساء. و{نحلة} منصوبة على أنها حال من الأزواج بإضمار فعل من لفظها تقديره أنحلوهن نحلة. وقيل : هي نصب وقيل على التفسير. وقيل : هي مصدر على غير الصدر في موضع الحال. الرابعة: قوله تعالى {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} مخاطبة للأزواج، ويدل بعمومه على أن هبة المرأة صداقها لزوجها بكرا كانت أو ثيبا جائزة؛ وبه قال جمهور الفقهاء. ومنع مالك من هبة البكر الصداق لزوجها وجعل ذلك للولي مع أن الملك لها. وزعم الفراء أنه مخاطبة للأولياء؛ لأنهم كانوا يأخذون الصداق ولا يعطون المرأة منه شيئا، فلم يبح لهم منه إلا ما طابت به نفس المرأة. والقول الأول أصح؛ لأنه لم يتقدم للأولياء ذكر، والضمير في {منه} عائد على الصداق. وكذلك قال عكرمة وغيره. وسبب الآية فيما ذكر أن قوما تحرجوا أن يرجع إليهم شيء مما دفعوه إلى الزوجات فنزلت {فإن طبن لكم}. الخامسة: واتفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها نفذ ذلك عليها، ولا رجوع لها فيه. إلا أن شريحا رأى الرجوع لها فيه، واحتج بقوله{فإن طبن لكم عنه شيء منه نفسا} وإذا كانت طالبة له لم تطب به نفسا. قال ابن العربي : وهذا باطل؛ لأنها قد طابت وقد أكل فلا كلام لها؛ إذ ليس المراد صورة الأكل، وإنما هو كناية عن الإحلال والاستحلال، وهذا بين. السادسة: فإن شرطت عليه عند عقد النكاح ألا يتزوج عليها، وحطت عنه لذلك شيئا من صداقها، ثم تزوج عليها فلا شيء لها عليه في رواية ابن القاسم؛ لأنها شرطت عليه ما لا يجوز شرطه. كما اشترط أهل بريرة أن تعتقها عائشة والولاء لبائعها، فصحح النبي صلى الله عليه وسلم العقد وأبطل الشرط. كذلك ههنا يصح إسقاط بعض الصداق عنه وتبطل الزيجة. قال ابن عبدالحكم : إن كان بقي من صداقها مثل صداق مثلها أو أكثر لم ترجع عليه بشيء، وإن كانت وضعت عنه شيئا من صداقها فتزوج عليها رجعت عليه بتمام صداق مثلها؛ لأنه شرط على نفسه شرطا وأخذ عنه عوضا كان لها واجبا أخذه منه، فوجب عليه الوفاء لقوله عليه السلام : (المؤمنون عند شروطهم). السابعة: وفي الآية دليل على أن العتق لا يكون صداقا؛ لأنه ليس بمال؛ إذ لا يمكن المرأة هبته ولا الزوج أكله. وبه قال مالك وأبو حنيفة وزفر ومحمد والشافعي. وقال أحمد بن حنبل وإسحاق ويعقوب : يكون صداقا ولا مهر لها غير العتق؛ على حديث صفية - رواه الأئمة - أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وجعل عتقها صداقها. وروي عن أنس أنه فعله، وهو راوي حديث صفية. وأجاب الأولون بأن قالوا : لا حجة في حديث صفية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخصوصا في النكاح بأن يتزوج بغير صداق، وقد أراد زينب فحرمت على زيد فدخل عليها بغير ولي ولا صداق. فلا ينبغي الاستدلال بمثل هذا؛ والله أعلم. الثامنة: قوله تعالى {نفسا} قيل : هو منصوب على البيان. ولا يجيز سيبويه ولا الكوفيون أن يتقدم ما كان منصوبا على البيان، وأجاز ذلك المازني وأبو العباس المبرد إذا كان العامل فعلا. وأنشد : وما كان نفسا بالفراق تطيب ** وفي التنزيل {خشعا أبصارهم يخرجون} [
القمر : 7] فعلى هذا يجوز "شحما تفقأت" ، و"وجها حَسُنت". وقال أصحاب سيبويه : إن {نفسا} منصوبة بإضمار فعل تقديره أعني نفسا، وليست منصوبة على التمييز؛ وإذا كان هذا فلا حجة فيه. وقال الزجاج. الرواية : وما كان نفسي... ** واتفق الجميع على أنه لا يجوز تقديم المميز إذا كان العامل غير متصرف كعشرين درهما. التاسعة: قوله تعالى {فكلوه} ليس المقصود صورة الأكل، وإنما المراد به الاستباحة بأي طريق كان، وهو المعني بقوله في الآية التي بعدها {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما}[
النساء : 10]. وليس المراد نفس الأكل؛ إلا أن الأكل لما كان أوفى أنواع التمتع بالمال عبر عن التصرفات بالأكل. ونظيره قوله تعالى {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} [
الجمعة : 9] يعلم أن صورة البيع غير مقصودة، وإنما المقصود ما يشغله عن ذكر الله تعالى مثل النكاح وغيره؛ ولكن ذكر البيع لأنه أهم ما يشتغل به عن ذكر الله تعالى. العاشرة: قوله تعالى {هنيئا مريئا} منصوب على الحال من الهاء في {كلوه} وقيل : نعت لمصدر محذوف، أي أكلا هنيئا بطيب الأنفس. هنأه الطعام والشراب يهنوه، وما كان هنيئا؛ ولقد هنؤ، والمصدر الهنء. وكل ما لم يأت بمشقة ولا عناء فهو هنيء. وهنيء اسم فاعل من هنؤ كظريف من ظرف. وهنئ يهنأ فهو هنيء على فعل كزمن. وهنأني الطعام ومرأني على الإتباع؛ فإذا لم يذكر }هنأني} قلت : أمرأني الطعام بالألف، أي انهضم. قال أبو علي : وهذا كما جاء في الحديث (ارجعن مأزورات غير مأجورات). فقلبوا الواو من {موزورات} ألفا إتباعا للفظ مأجورات. وقال أبو العباس عن ابن الأعرابي : يقال هنيء وهنأني ومرأني وأمرأني ولا يقال مرئني؛ حكاه الهروي. وحكى القشيري أنه يقال : هنئني ومرئني بالكسر يهنأني ويمرأني، وهو قليل. وقيل {هنيئا} لا إثم فيه، و{مريئا} لا داء فيه. قال كثير : هنيئا مريئا غير داء مخامر ** لعزة من أعراضنا ما استحلت ودخل رجل على علقمة وهو يأكل شيئا وهبته امرأته من مهرها فقال له : كل من الهنيء المريء. وقيل : الهنيء الطيب المساغ الذي لا ينغصه شيء، والمريء المحمود العاقبة، التام الهضم الذي لا يضر ولا يؤذي. يقول : لا تخافون في الدنيا به مطالبة، ولا في الآخرة تبعة. يدل عليه ما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه} فقال : (إذا جادت لزوجها بالعطية طائعة غير مكرهة لا يقضي به عليكم سلطان، ولا يؤاخذكم الله تعالى به في الآخرة) وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : (إذا اشتكى أحدكم شيئا فليسأل امرأته درهما من صداقها ثم ليشتر به عسلا فليشربه بماء السماء؛ فيجمع الله عز وجل له الهنيء والمريء والماء المبارك). والله أعلم.
وأعطوا النساء مهورهن، عطية واجبة وفريضة لازمة عن طيب نفس منكم. فإن طابت أنفسهن لكم عن شيء من المهر فوهَبْنه لكم فخذوه، وتصرَّفوا فيه، فهو حلال طيب.
ولما كان كثير من الناس يظلمون النساء ويهضمونـهن حقوقهن، خصوصا الصداق الذي يكون شيئا كثيرًا، ودفعة واحدة، يشق دفعه للزوجة، أمرهم وحثهم على إيتاء النساء { صَدُقَاتِهِنَّ } أي: مهورهن { نِحْلَةً } أي: عن طيب نفس، وحال طمأنينة، فلا تمطلوهن أو تبخسوا منه شيئا. وفيه: أن المهر يدفع إلى المرأة إذا كانت مكلفة، وأنـها تملكه بالعقد، لأنه أضافه إليها، والإضافة تقتضي التمليك. { فَإِنْ طِبْنَ لَكُم عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ } أي: من الصداق { نَفْسًا } بأن سمحن لكم عن رضا واختيار بإسقاط شيء منه، أو تأخيره أو المعاوضة عنه. { فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } أي: لا حرج عليكم في ذلك ولا تبعة. وفيه دليل على أن للمرأة التصرف في مالها -ولو بالتبرع- إذا كانت رشيدة، فإن لم تكن كذلك فليس لعطيتها حكم، وأنه ليس لوليها من الصداق شيء، غير ما طابت به. وفي قوله: { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء } دليل على أن نكاح الخبيثة غير مأمور به، بل منهي عنه كالمشركة، وكالفاجرة، كما قال تعالى: { وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } وقال: { وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ }
( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) قال الكلبي ومجاهد : هذا الخطاب للأولياء ، وذلك أن ولي المرأة كان إذا زوجها فإن كانت معهم في العشيرة لم يعطها من مهرها قليلا ولا كثيرا ، وإن كان زوجها غريبا حملوها إليه على بعير ولم يعطوها من مهرها غير ذلك . فنهاهم الله عن ذلك وأمرهم أن يدفعوا الحق إلى أهله .
[ قال الحضرمي : كان أولياء النساء يعطي هذا أخته على أن يعطيه الآخر أخته ، ولا مهر بينهما ، فنهوا عن ذلك وأمروا بتسمية المهر في العقد . أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك عن نافع ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن الشغار " .
والشغار : أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوج الرجل الآخر ابنته ، وليس بينهما صداق "
وقال الآخرون : الخطاب للأزواج أمروا بإيتاء نسائهم الصداق ، وهذا أصح ، لأن الخطاب فيما قبل مع الناكحين ، والصدقات : المهور ، واحدها صدقة ( نحلة ) قال قتادة : فريضة ، وقال ابن جريج : فريضة مسماة ، قال أبو عبيدة : ولا تكون النحلة إلا مسماة معلومة ، وقال الكلبي : عطية وهبة ، وقال أبو عبيدة : عن طيب نفس ] ، وقال الزجاج : تدينا .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا الليث ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج " .
( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا ) يعني : فإن طابت نفوسهن بشيء من ذلك فوهبن منكم ، فنقل الفعل من النفوس إلى أصحابها فخرجت النفس مفسرا ، فلذلك وحد النفس ، كما قال الله تعالى : " وضاق بهم ذرعا " ( هود - 77 ) ( العنكبوت - 33 ) " وقري عينا " ( مريم - 26 ) وقيل : لفظها واحد ومعناها جمع ، ( فكلوه هنيئا مريئا ) سائغا طيبا ، يقال هنأ في الطعام يهنأ بفتح النون في الماضي وكسرها في الباقي ، وقيل : الهنأ : الطيب المساغ الذي لا ينغصه شيء ، والمريء : المحمود العاقبة التام الهضم الذي لا يضر ، قرأ أبو جعفر ( هنيا مريا ) بتشديد الياء فيهما من غير همز ، وكذلك " بري " ، " وبريون " ، " وبريا " " وكهية " والآخرون يهمزونها .
(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ) فعل أمر وفاعله ومفعولاه (نِحْلَةً) مفعول مطلق أي: انحلوا نحلة أو حال بمعنى: ناحلين أو مفعول لأجله بمعنى: ديانة.
(فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ) إن شرطية لكم متعلقان بطبن طبن فعل ماض مبنى على السكون وهو فعل الشرط ونون النسوة فاعله وعن شيء متعلقان بالفعل (مِنْهُ) متعلقان بمحذوف صفة شيء (نَفْساً) تمييز (فَكُلُوهُ) الفاء رابطة وفعل أمر وفاعله ومفعوله (هَنِيئاً مَرِيئاً) حالان وقيل صفتان لمفعول مطلق محذوف. والجملة في محل جزم جواب الشرط
Traslation and Transliteration:
Waatoo alnnisaa saduqatihinna nihlatan fain tibna lakum AAan shayin minhu nafsan fakuloohu haneean mareean
And give unto the women (whom ye marry) free gift of their marriage portions; but if they of their own accord remit unto you a part thereof, then ye are welcome to absorb it (in your wealth).
Kadınlarınızın mehirlerini bir bağış olarak verin, ama onlar, gönül hoşluğuyla mehirlerinin bir miktarını size bağışlarlarsa o vakit de onu içinize sindire sindire ve afiyetle yiyin.
Et donnez aux épouses leur mahr, de bonne grâce. Si de bon gré, elles vous en abandonnent quelque chose, disposez-en alors à votre aise et de bon cœur.
Und gebt den Frauen ihreMorgengabe als Nihla. Und sollten sie für euch auf etwas davon freiwillig verzichten, dann nehmt es als Gutes Unschädliches an.