الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة القمر: [الآية 7]

سورة القمر
خُشَّعًا أَبْصَٰرُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ﴿7﴾

تفسير الجلالين:

«خاشعا» أي ذليلا، وفي قراءة خُشَّعا بضم الخاء وفتح الشين مشددة «أبصارهم» حال من الفاعل «يخرجون» أي الناس «من الأجداث» القبور «كأنهم جراد منتشر» لا يدرون أين يذهبون من الخوف والحيرة، والجملة حال من فاعل يخرجون وكذا قوله.

تفسير الشيخ محي الدين:

فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)

«فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ» في حضرة منيعة ، وما أقعدهم ذلك المقعد إلا صدقهم «عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ»

[ الاسم الإلهي القادر والمقتدر : ]

فإن الاقتدار يناسب الصدق ، فإن معناه القوي ، يقال : رمح صدق ، أي صلب قوي ، ولما كانت القوة صفة هذا الصادق ، حيث قوي على نفسه فلم يتزين بما ليس له ، والتزم الحق في أقواله وأحواله وأفعاله وصدق فيها ، أقعده الحق عند مليك مقتدر ، أي أطلعه على القوة الإلهية التي أعطته القوة في صدقه الذي كان عليه ، فإن الملك هو الشديد أيضا ، فهو مناسب للمقتدر ،

يقال : ملكت العجين إذا شددت عجنه ، فالمتقي ما نال مقعد الصدق إلا من كونه محقا ، لأنه صادق في تقواه «عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ» عند ملك ماضي الكلمة في ملكه ، لأنهم كل ما همّوا به انفعل لهم ، وحكم الاقتدار ما هو حكم القادر ،

فالاقتدار حكم القادر في ظهور الأشياء بأيدي الأسباب ، والأسباب هي المتصفة بكسب القدرة ، فهو تعالى المقتدر على كل ما يوجده عند سبب أو بسبب ، كيف شئت قل ، فما أوجده على أيدي الأسباب هو قوله : (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِين (وليست سوى الأسباب

- اعتبار –

اعترضت لي عقبة *** وسط الطريق في السفر

فأسفرت عن محن *** فيمن طغى أو من كفر

من دونها جهنم *** ذات زفير وسعر

ترمي من الغيظ وجوه *** المجرمين بشر

ربحورها قد سجرت *** وسقفها قد انفطر


وشمسها قد كورت *** ونجمها قد انكدر

أتيتكم أخبركم *** لتعرفوا معنى الخبر

ولا تقولوا مثل من *** قال فما تغني النذر؟

فكان من أمرهم *** ما قد سمعتم وذكر

قالوا : وقد دعاكم *** الداعي إلى شيء نكر

فيخرجون خشّعا *** مثل الجراد المنتشر

شعثا حفاة حسرا *** في يوم نحس مستمر

إلى عذاب وثوى *** إلى خلود في سقر

فلو ترى نبيهم ***حين دعاهم فازدجر

وقد دعا مرسله *** أني ضعيف فانتصر

فقال: ياعين انسكب *** وأنت يا أرض انفجر

حتى التقى الماء على *** أمر حكيم قد قدر

فاصطفقت أمواجه ***وذاكم البحر الزخر

فالحكم حكم فاصل *** والأمر أمر مستقر

وأمره واحدة *** كمثل لمح بالبصر

سفينة قامت من أل *** واح نجاة ودسر

تجري بعين حفظه *** وعدا لمن كان كفر

تسوقها الأرواح عن *** أمر مليك مقتدر

أنزلها الجود على ال *** جودي فقالوا:لا وزر

ناداهم الحق اخرجوا *** منها أنا عين الوزر

حطوا وقالوا : ربنا *** لديك نعم المستقر

فيا سماء أقلعي *** من سح ماء منهمر

وأنت يا أرض ابلعي *** ماءك واخزن واحتكر

قد قضي الأمر فمن *** كان عدوا قد غبر

تركتها تذكرة *** لكم فهل من مدّكر ؟

وكل ما كان وما *** يكون منكم مستطر

وإن ما يفعله *** في الكون من خير وشر

مقدّر مؤقت *** كذا أتانا في الزّبر

الموت سم ناقع *** والحشر أدهى وأمر

سفينكم أجسامكم *** في بحر دنيا قد زخر

وأنتم ركابها *** وأنتم على خطر

ما لكم من ساحل *** غير القضاء والقدر

فابتهلوا واجتهدوا *** فما من اللّه مفر

هذا الذي أشهدته *** في ليلتي حتى السحر

فازدجروا واعتبروا *** واتعظوا بمن غبر

فالكل واللّه بلا *** شك على ظهر سفر

(55) سورة الرحمن مدنيّة

------------

(55) الفتوحات ج 4 / 380 - ج 1 / 158 - ج 2 / 98 - ج 4 / 409 ، 296 - ج 3 / 114

تفسير ابن كثير:

( خشعا أبصارهم ) أي : ذليلة أبصارهم ( يخرجون من الأجداث ) وهي : القبور ، ( كأنهم جراد منتشر ) أي : كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم إلى موقف الحساب إجابة للداعي ( جراد منتشر ) في الآفاق ; ولهذا قال :


تفسير الطبري :

قوله تعالى {اقتربت الساعة وانشق القمر} {اقتربت} أي قربت مثل {أزفت الآزفة} [النجم : 57] على ما بيناه. فهي بالإضافة إلى ما مضى قريبة؛ لأنه قد مضى أكثر الدنيا كما روى قتادة عن أنس قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كادت الشمس تغيب فقال : (ما بقي من دنياكم فيما مضى إلا مثل ما بقي من هذا اليوم فيما مضى) وما نرى من الشمس إلا يسيرا. وقال كعب ووهب : الدنيا ستة آلاف سنة. قال وهب : قد مضى منها خمسة آلاف سنة وستمائة سنة. ذكره النحاس. قوله تعالى {وانشق القمر} أي وقد انشق القمر. وكذا قرأ حذيفة {اقتربت الساعة وقد انشق القمر} بزيادة {قد} وعلى هذا الجمهور من العلماء؛ ثبت ذلك في صحيح البخاري وغيره من حديث ابن مسعود وابن عمر وأنس وجبير بن مطعم وابن عباس رضي الله عنهم. وعن أنس قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية، فانشق القمر بمكة مرتين فنزلت {اقتربت الساعة وانشق القمر} إلى قوله {سحر مستمر} يقول ذاهب قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. ولفظ البخاري عن أنسى قال : انشق القمر فرقتين. وقال قوم : لم يقع انشقاق القمر بعد وهو منتظر؛ أي اقترب قيام الساعة وانشقاق القمر؛ وأن الساعة إذا قامت انشقت السماء بما فيها من القمر وغيره. وكذا قال القشيري. وذكر الماوردي : أن هذا قول الجمهور، وقال : لأنه إذا انشق ما بقي أحد إلا رآه؛ لأنه آية والناس في الآيات سواء. وقال الحسن : اقتربت الساعة فإذا جاءت انشق القمر بعد النفخة الثانية. وقيل {وانشق القمر} أي وضح الأمر وظهر؛ والعرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح؛ قال : أقيموا بني أمي صدور مطيكم ** فإني إلى حي سواكم لأميل فقد حمت الحاجات والليل مقمر ** وشدت لطيات مطايا وأرحل وقيل : انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه بطلوعه في أثنائها، كما يسمى الصبح فلقا؛ لانفلاق الظلمة عنه. وقد يعبر عن انفلاقه بانشقاقه كما قال النابغة : فلما أدبروا ولهم دوي ** دعانا عند شق الصبح داع قلت : وقد ثبت بنقل الآحاد العدول أن القمر انشق بمكة، وهو ظاهر التنزيل، ولا يلزم أن يستوي الناس فيها؛ لأنها كانت آية ليلية؛ وأنها كانت باستدعاء النبي صلى الله عليه وسلم من الله تعالى عند التحدي. فروي أن حمزة بن عبدالمطلب حين أسلم غضبا من سب أبي جهل الرسول صلى الله عليه وسلم طلب أن يريه آية يزداد بها يقينا في إيمانه. وقد تقدم في الصحيح أن أهل مكة هم الذين سألوا وطلبوا أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر فلقتين كما في حديث ابن مسعود وغيره. وعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال : ألا إن الساعة قد اقتربت، وأن القمر قد انشق على عهد نبيكم صلى الله عليه وسلم. وقد قيل : هو على التقديم والتأخير، وتقديره انشق القمر واقتربت الساعة؛ قاله ابن كيسان. وقد مر عن الفراء أن الفعلين إذا كانا متقاربي المعنى فلك أن تقدم وتؤخر عند قوله تعالى {ثم دنا فتدلى} [النجم : 8]. قوله تعالى {وإن يروا آية يعرضوا} هذا يدل على أنهم رأوا انشقاق القمر. قال ابن عباس : اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا : إن كنت صادقا فاشقق لنا القمر فرقتين، نصف على أبي قبيس ونصف على قعيقعان؛ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن فعلت تؤمنون) قالوا : نعم؟ وكانت ليلة بدر، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يعطيه ما قالوا؛ فانشق القمر فرقتين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي المشركين : (يا فلان يا فلان اشهدوا). وفي حديث ابن مسعود : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش : هذا من سحر بن أبي كبشة؛ سحركم فاسألوا السفار؛ فسألوهم فقالوا : قد رأينا القمر انشق فنزلت {اقتربت الساعة وانشق القمر. وإن يروا آية يعرضوا} أي إن يروا آية تدل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم أعرضوا عن الإيمان {ويقولوا سحر مستمر} أي ذاهب؛ من قولهم : مر الشيء واستمر إذا ذهب؛ قال أنس وقتادة ومجاهد والفراء والكسائي وأبو عبيدة، واختاره النحاس. وقال أبو العالية والضحاك : محكم قوي شديد، وهو من المرة وهي القوة؛ كما قال لقيط : حتى استمرت على شزر مريرته ** مر العزيمة لا قحما ولا ضرعا وقال الأخفش : هو مأخوذ من إمرار الحبل وهو شدة فتله. وقيل : معناه مر من المرارة. يقال : أمر الشيء صار مرا، وكذلك مر الشيء يمر بالفتح مرارة فهو مر، وأمره غيره ومره. وقال الربيع : مستمر نافذ. يمان : ماض. أبو عبيدة : باطل. وقيل : دائم. قال : وليس على شيء قويم بمستمر أي بدائم. وقيل : يشبه بعضه بعضا؛ أي قد استمرت أفعال محمد على هذا الوجه فلا. يأتي بشيء له حقيقة بل الجميع تخييلات. وقيل : معناه قد مر من الأرض إلى السماء.{وكذبوا} نبينا {واتبعوا أهواءهم} أي ضلالاتهم واختياراتهم. {وكل أمر مستقر} أي يستقر بكل عامل عمله، فالخير مستقر بأهله في الجنة، والشر مستقر بأهله في النار. وقرأ شيبة {مستقر} بفتح القاف؛ أي لكل شيء وقت يقع فيه من غير تقدم وتأخر. وقد روي عن أبي جعفر بن القعقاع {وكل أمر مستقر} بكسر القاف والراء جعله نعتا لأمر و{كل} على هذا يجوز أن يرتفع بالابتداء والخبر محذوف، كأنه قال : وكل أمر مستقر في أم الكتاب كائن. ويجوز أن يرتفع بالعطف على الساعة؛ المعنى : اقتربت الساعة وكل أمر مستقر؛ أي اقترب استقرار الأمور يوم القيامة. ومن رفعه جعله خبرا عن {كل}. قوله تعالى {ولقد جاءهم من الأنباء} أي من بعض الأنباء؛ فذكر سبحانه من ذلك ما علم أنهم يحتاجون إليه، وأن لهم فيه شفاء. وقد كان هناك أمور أكثر من ذلك، وإنما اقتص علينا ما علم أن بنا إليه حاجة وسكت عما سوى ذلك؛ وذلك قوله تعالى {ولقد جاءهم من الأنباء} أي جاء هؤلاء الكفار من أنباء الأمم الخالية {ما فيه مزدجر} أي ما يزجرهم عن الكفر لو قبلوه. وأصله مزتجر فقلبت التاء دالا؛ لأن التاء حرف مهموس والزاي حرف مجهور، فأبدل من التاء دالا توافقها في المخرج وتوافق الزاي في الجهر. و{مزدجر} من الزجر وهو الانتهاء، يقال : زجره وازدجره فانزجر وازدجر، وزجرته أنا فانزجر أي كففته فكف، كما قال : فأصبح ما يطلب الغانيا ** ت مزدجرا عن هواه ازدجارا وقرئ {مزجر} بقلب تاء الافتعال زايا وإدغام الزاي فيها؛ حكاه الزمخشري. قوله تعالى {حكمة بالغة} يعني القران وهو بدل من {ما} من قوله {ما فيه مزدجر} ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف؛ أي هو حكمة. {فما تغن النذر} إذا كذبوا وخالفوا كما قال الله تعالى {وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون} [يونس : 101] فـ {ما} نفي أي ليست تغني عنهم النذر. ويجوز أن يكون استفهاما بمعنى التوبيخ؛ أي فأي شيء تغني، النذر عنهم وهم معرضون عنها و {النذر} يجوز أن تكون بمعنى الإنذار، ويجوز أن تكون جمع نذير. {فتول عنهم} أي أعرض عنهم. قيل : هذا منسوخ بآية السيف. وقيل : هو تمام الكلام. {يوم يدع الداعي إلى شيء نكر} العامل في {يوم} {يخرجون من الأجداث} أو {خشعا} أو فعل مضمر تقديره واذكر يوم. وقيل : على حذف حرف الفاء وما عملت فيه من جواب الأمر، تقديره : فتول عنهم فإن لهم يوم يدعو الداعي. وقيل : تول عنهم يا محمد فقد أقمت الحجة وأبصرهم يوم يدعو الداعي. وقيل : أي أعرض عنهم يوم القيامة ولا تسأل عنهم وعن أحوالهم، فإنهم يدعون {إلى شيء نكر} وينالهم عذاب شديد. وهو كما تقول : لا تسأل عما جرى على فلان إذا أخبرته بأمر عظيم. وقيل : أي وكل أمر مستقر يوم يدعوا الداعي. وقرأ ابن كثير {نكر} بإسكان الكاف، وضمها الباقون وهما لغتان كعسر وعسر وشغل وشغل، ومعناه الأمر الفظيع العظيم وهو يوم القيامة. والداعي هو إسرافيل عليه السلام. وقد روي عن مجاهد وقتادة أنهما قرأ {إلى شيء نكر} بكسر الكاف وفتح الراء على الفعل المجهول. {خشعا أبصارهم} الخشوع في البصر الخضوع والذلة، وأضاف الخشوع إلى الأبصار لأن أثر العز والذل يتبين في ناظر الإنسان؛ قال الله تعالى {أبصارها خاشعة} [النازعات : 9] وقال تعالى {خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي} [الشورى : 45]. ويقال : خشع واختشع إذا ذل. وخشع ببصره أي غضه. وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو {خاشعا} بالألف ويجوز في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد، نحو {خاشعا أبصارهم} والتأنيث نحو {خاشعة أبصارهم} [القلم : 43] ويجوز الجمع نحو {خشعا أبصارهم} قال : وشباب حسن أوجههم ** من إياد بن نزار بن معد و {خشعا} جمع خاشع والنصب فيه على الحال من الهاء والميم في {عنهم} فيقبح الوقف على هذا التقدير على {عنهم}. ويجوز أن يكون حالا من المضمر في {يخرجون} فيوقف على {عنهم}. وقرئ {خشع أبصارهم} على الابتداء والخبر، ومحل الجملة النصب على الحال، كقوله : وجدته حاضراه الجود والكرم قوله تعالى {يخرجون من الأجداث} أي القبور واحدها جدث. {كأنهم جراد منتشر} وقال في موضع آخر {يوم يكون الناس كالفراش المبثوث} [القارعة : 4] فهما صفتان في وقتين مختلفين؛ أحدهما : عند الخروج من القبور، يخرجون فزعين لا يهتدون أين يتوجهون، فيدخل بعضهم في بعض؛ فهم حينئذ كالفراش المبثوث بعضه في بعض لا جهة له يقصدها الثاني : فإذا سمعوا المنادي قصدوه فصاروا كالجراد المنتشر؛ لأن الجراد له جهة يقصدها. و{مهطعين إلى الداعي} معناه مسرعين؛ قاله أبو عبيدة. ومنه قول الشاعر : بدجلة دارهم ولقد أراهم ** بدجلة مهطعين إلى السماع الضحاك : مقبلين. قتادة : عامدين. ابن عباس : ناظرين. عكرمة : فاتحين آذانهم إلى الصوت. والمعنى متقارب. يقال : هطع الرجل يهطع هطوعا إذا أقبل على الشيء ببصره لا يقلع عنه؛ وأهطع إذا مد عنقه وصوب رأسه. قال الشاعر : تعبدني نمر بن سعد وقد أرى ** ونمر بن سعد لي مطيع ومهطع وبعير مهطع : في عنقه تصويب خلقة. وأهطع في عدوه أي أسرع. {يقول الكافرون هذا يوم عسر} يعني يوم القيامة لما ينالهم فيه من الشدة.

التفسير الميسّر:

ذليلة أبصارهم يخرجون من القبور كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم للحساب جرادٌ منتشر في الآفاق، مسرعين إلى ما دُعُوا إليه، يقول الكافرون: هذا يوم عسر شديد الهول.

تفسير السعدي

{ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ } أي: من الهول والفزع الذي وصل إلى قلوبهم، فخضعت وذلت، وخشعت لذلك أبصارهم.

{ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ } وهي القبور، { كَأَنَّهُمْ } من كثرتهم، وروجان بعضهم ببعض { جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ } أي: مبثوث في الأرض، متكاثر جدا،


تفسير البغوي

( خشعا أبصارهم ) قرأ أبو عمرو ، ويعقوب ، وحمزة ، والكسائي : " خاشعا " على الواحد ، وقرأ الآخرون : " خشعا " - بضم الخاء وتشديد الشين - على الجمع . ويجوز في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد والجمع والتذكير والتأنيث ، تقول : مررت برجال حسن أوجههم ، وحسنة أوجههم ، وحسان أوجههم ، قال الشاعر :

ورجال حسن أوجههم

من إياد بن نزار بن معد

وفي قراءة عبد الله : " خاشعة أبصارهم " أي : ذليلة خاضعة عند رؤية العذاب .

( يخرجون من الأجداث ) من القبور ( كأنهم جراد منتشر ) منبث حيارى ، وذكر المنتشر على لفظ الجراد ، نظيرها : " كالفراش المبثوث " ، ( القارعة - 4 ) وأراد أنهم يخرجون فزعين لا جهة لأحد منهم يقصدها ، كالجراد لا جهة لها ، تكون مختلطة بعضها في بعض .


الإعراب:

(خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) حال وأبصارهم فاعل خشعا (يَخْرُجُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله (مِنَ الْأَجْداثِ) متعلقان بالفعل والجملة حال (كَأَنَّهُمْ) كأن واسمها (جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) خبرها ومنتشر صفة جراد والجملة الاسمية حال.

---

Traslation and Transliteration:

KhushshaAAan absaruhum yakhrujoona mina alajdathi kaannahum jaradun muntashirun

بيانات السورة

اسم السورة سورة القمر (Al-Qamar - The Moon)
ترتيبها 54
عدد آياتها 55
عدد كلماتها 342
عدد حروفها 1438
معنى اسمها (القَمَرُ): مَعْرُوفٌ، وَهُوَ الْجِرْمُ السَّمَاوِيِّ الَّذِي يَظْهَرُ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُعْجِزَةِ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْقَمَرِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ ﴾
مقاصدها بَيَانُ عَاقِبَةِ الْمُكَذِّبِينَ بِمُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ عليه السلام
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، وَقَدْ سَألَ أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ ﷺ آيَةً فَانْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ مَرَّتَيْنِ؛ فَنَزَلَتْ: ﴿ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ ١ وَإِن يَرَوۡاْ ءَايَةٗ يُعۡرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحۡرٞ مُّسۡتَمِرّٞ ٢﴾. (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ التِّرمِذيُّ)
فضلها تُسَنُّ قِٓۚرَاءَتُهَا فِي صَلاَةِ العِيدَيْنِ، فَقَٓۚدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقْٓۚرَأُ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى بِـ ﴿قٓۚ﴾ و ﴿ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ﴾ (رَوَاهُ مُسْلِم). مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقٓۚرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّوِيْلِ قَٓۚالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْٓۚرَأُ النَّظائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وَاقْٓۚتَرَبَتْ وَالْحَاقَّٓۚةَ) فِي رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (القَمَرِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ تَقْرِيرِ أَمْرِ السَّاعَةِ، فَقَالَ فِي مُفْتَتَحِهَا: ﴿ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ ١﴾، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِهَا: ﴿بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوۡعِدُهُمۡ وَٱلسَّاعَةُ أَدۡهَىٰ وَأَمَرُّ ٤٦﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (القَمَرِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النَّجْمِ): تَحَدَّثَتِ السُّورَتَانِ عَنْ حَادِثَتَينِ سَمَاوِيَّتَين؛ فَنَاسَبَ تَتَابُعُهُمَ.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!