«والأرض فرشناها» مهدناها «فنعم الماهدون» نحن «ومن كل شيء» متعلق بقوله خلقنا زوجين.
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
فالحاصل من هذا أنه من لم يغب عن عبوديته للّه في كل حال ، فقد أدى ما خلق له وكان طائعا وسواء كان مطيعا أو مخالفا ، فإن العبد الآبق لا يخرجه إباقه عن الرق ، وإنما يخرجه عن لوازم العبودية ، من الوقوف بين يدي سيده لامتثال أوامره ومراسمه ، ألا ترى اسم العبودية ينسحب عليه سواء كان مطيعا أو مخالفا .
(52) سورة الطّور مكيّة
------------
(60) الفتوحات ج 3 /
124
( والأرض فرشناها ) أي : جعلناها فراشا للمخلوقات ، ( فنعم الماهدون ) أي : وجعلناها مهدا لأهلها .
قوله تعالى {والسماء بنيناها بأيد} لما بين هذه الآيات قال : وفي السماء آيات وعبر تدل على أن الصانع قادر على الكمال، فعطف أمر السماء على قصة قوم نوح لأنهما آيتان. ومعنى {بأيد} أي بقوة وقدرة. عن ابن عباس وغيره. {وإنا لموسعون} قال ابن عباس : لقادرون. وقيل : أي وإنا لذو سعة، وبخلقها وخلق غيرها لا يضيق علينا شيء نريده. وقيل : أي وإنا لموسعون الرزق على خلقنا. عن ابن عباس أيضا. الحسن : وإنا لمطيقون. وعنه أيضا : وإنا لموسعون الرزق بالمطر. وقال الضحاك : أغنيناكم؛ دليله {على الموسع قدره} [
البقرة : 236]. وقال القتبي : ذو سعه على خلقنا. والمعنى متقارب. وقيل : جعلنا بينهما وبين الأرض سعة. الجوهري : وأوسع الرجل أي صار ذا سعة وغنى، ومنه قوله تعالى {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون} أي أغنياء قادرون. فشمل جميع الأقوال. {والأرض فرشناها} أي بسطناها كالفراش على وجه الماء ومددناها. {فنعم الماهدون} أي فنعم الماهدون نحن لهم. والمعنى في الجمع التعظيم؛ مهدت الفراش مهدا بسطته ووطأته، وتمهيد الأمور تسويتها وإصلاحها. {ومن كل شيء خلقنا زوجين} أي صنفين ونوعين مختلفين. قال ابن زيد : أي ذكرا وأنثى وحلوا وحامضا ونحو ذلك. مجاهد. يعني الذكر والأنثى، والسماء والأرض، والشمس والقمر، والليل والنهار، والنور والظلام، والسهل والجبل، والجن والإنس، والخير والشر، والبكرة والعشي، وكالأشياء المختلفة الألوان من الطعوم والأراييح والأصوات. أي جعلنا هذا كهذا دلالة على قدرتنا، ومن قدر على هذا فليقدر على الإعادة. وقيل {ومن كل شيء خلقنا زوجين} لتعلموا أن خالق الأزواج فرد، فلا يقدر في صفته حركة ولا سكون، ولا ضياء ولا ظلام، ولا قعود ولا قيام، ولا ابتداء ولا انتهاء؛ إذ عز وجل وتر {ليس كمثله شيء} [
الشورى : 11]. {لعلكم تذكرون}.
والأرض جعلناها فراشًا للخلق للاستقرار عليها، فنعم الماهدون نحن.
{ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا } أي: جعلناها فراشًا للخلق، يتمكنون فيها من كل ما تتعلق به مصالحهم، من مساكن، وغراس، وزرع، وحرث وجلوس، وسلوك للطرق الموصلة إلى مقاصدهم ومآربهم، ولما كان الفراش، قد يكون صالحًا للانتفاع من كل وجه، وقد يكون من وجه دون وجه، أخبر تعالى أنه مهدها أحسن مهاد، على أكمل الوجوه وأحسنها، وأثنى على نفسه بذلك فقال: { فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ } الذي مهد لعباده ما اقتضته [حكمته] ورحمته وإحسانه.
( والأرض فرشناها ) بسطناها ومهدناها لكم ( فنعم الماهدون ) الباسطون نحن : قال ابن عباس : نعم ما وطأت لعبادي .
(وَالْأَرْضَ فَرَشْناها) معطوف على السماء بنيناها (فَنِعْمَ) الفاء حرف عطف وماض جامد لإنشاء المدح (الْماهِدُونَ) فاعل
Traslation and Transliteration:
Waalarda farashnaha faniAAma almahidoona
And the earth have We laid out, how gracious is the Spreader (thereof)!
Ve yeryüzünü yayıp döşedik, daha da güzel döşeriz.
Et la terre, Nous l'avons étendue. Et de quelle excellente façon Nous l'avons nivelée!
Und die Erde breiteten wir aus. Wie schön sind die Ebnenden.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الذاريات (Az-Zariyat - The Winnowing Winds) |
ترتيبها |
51 |
عدد آياتها |
60 |
عدد كلماتها |
360 |
عدد حروفها |
1510 |
معنى اسمها |
(الذَّارِيَاتُ): الرِّيَاحُ تَذْرُوْ التُّرَابَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ حَتَّى يَتَطَايَرُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الذَّارِيَاتِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) |
مقاصدها |
مُعَالَجَةُ إِنْكَارِ عَقِيدَةِ البَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَضَرْبُ الأَمْثِلَةِ عَلَى عُقُوبَةِ الأُمَمِ المُكَذِّبَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
مِنْ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَات، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويلِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظائِرَ؛ السُّورتينِ في رَكعةٍ ، (وَالطُّورَ والذَّارِيَاتِ) فِي رَكعةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَن الْوَعْدِ بِيَومِ البَعْثِ وَالنُّشُورِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٞ ٥﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوۡمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ ٦٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (ق): السُّوَرَتَانِ مَوْضُوْعُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ إِنْكَارُ الكُفَّارِ لِيَومِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ. |