«قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين» كافرين هم قوم لوط.
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
فالحاصل من هذا أنه من لم يغب عن عبوديته للّه في كل حال ، فقد أدى ما خلق له وكان طائعا وسواء كان مطيعا أو مخالفا ، فإن العبد الآبق لا يخرجه إباقه عن الرق ، وإنما يخرجه عن لوازم العبودية ، من الوقوف بين يدي سيده لامتثال أوامره ومراسمه ، ألا ترى اسم العبودية ينسحب عليه سواء كان مطيعا أو مخالفا .
(52) سورة الطّور مكيّة
------------
(60) الفتوحات ج 3 /
124
( قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ) يعنون قوم لوط .
قوله تعالى {قال فما خطبكم أيها المرسلون} لما تيقن إبراهيم عليه السلام أنهم ملائكة بإحياء العجل والبشارة قال لهم {فما خطبكم} أي ما شأنكم وقصتكم {أيها المرسلون} {قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين} يريد قوم لوط. {لنرسل عليهم حجارة من طين} أي لنرجمهم بها. {مسومة} أي معلمة. قيل : كانت مخططة بسواد وبياض. وقيل : بسواد وحمرة. وقيل {مسومة} أي معروفة بأنها حجارة العذاب. وقيل : على كل حجر اسم من يهلك به. وقيل : عليها أمثال الخواتيم. وقد مضى هذا كله في [هود]. فجعلت الحجارة تتبع مسافريهم وشذاذهم فلم يفلت منهم مخبر. {عند ربك} أي عند الله وقد أعدها لرجم من قضى برجمه. ثم قيل : كانت مطبوخة طبخ الآجر، قال ابن زيد؛ وهو معنى قوله تعالى {حجارة من سجيل} [
الحجر : 74] على ما تقدم بيانه في [هود]. وقيل : هي الحجارة التي نراها وأصلها طين، وإنما تصير حجارة بإحراق الشمس إياها على مر الدهور. وإنما قال {من طين} ليعلم أنها ليست حجارة الماء التي هي البرد. حكاه القشيري. قوله تعالى {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين} أي لما أردنا إهلال قوم لوط أخرجنا من كان في قومه من المؤمنين؛ لئلا يهلك المومنون، وذلك قوله تعالى {فأسر بأهلك}[
هود : 81]. {فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} يعني لوطا وبنتيه وفيه إضمار؛ أي فما وجدنا فيها غير أهل بيت. وقد يقال بيت شريف يراد به الأهل. وقوله {فيها}كناية عن القرية ولم يتقدم لها ذكر؛ لأن المعنى مفهوم. وأيضا فقوله تعالى {إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين} يدل على القرية؛ لأن القوم إنما يسكنون قرية. وقيل : الضمير فيها للجماعة. والمؤمنون والمسلمون هاهنا سواء فجنس اللفظ لئلا يتكرر، كما قال {إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله} [
يوسف : 86]. وقيل : الإيمان تصديق القلب، والإسلام الانقياد بالظاهر، فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا. فسماهم في الآية الأولى مؤمنين؛ لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم. وقد مضى الكلام في هذا المعنى في [البقرة]وغيرها. وقوله {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا} [
الحجرات : 14] يدل على الفرق بين الإيمان والإسلام وهو مقتضى حديث جبريل عليه السلام في صحيح مسلم وغيره. وقد بيناه في غير موضع. {وتركنا فيها آية} أي عبرة وعلامة لأهل ذلك الزمان ومن بعدهم؛ نظيره {ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون} [
العنكبوت : 35]. ثم قيل : الآية المتروكة نفس القرية الخربة. وقيل : الحجارة المنضودة التي رجموا بها هي الآية. {للذين يخافون} لأنهم المنتفعون.
قال إبراهيم عليه السلام، لملائكة الله: ما شأنكم وفيم أُرسلتم؟ قالوا: إن الله أرسلنا إلى قوم قد أجرموا لكفرهم بالله؛ لنهلكهم بحجارة من طين متحجِّر، معلَّمة عند ربك لهؤلاء المتجاوزين الحدَّ في الفجور والعصيان.
{ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ } وهم قوم لوط، قد أجرموا ، أشركوا بالله، وكذبوا رسولهم، وأتوا الفاحشة الشنعاء التي ما سبقهم إليها أحد من العالمين.
( قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ) يعني : قوم لوط .
(قالُوا) ماض وفاعله والجملة مستأنفة (إِنَّا) إن واسمها (أُرْسِلْنا) ماض مبني للمجهول ونا نائب فاعل والجملة خبر إن (إِلى قَوْمٍ) متعلقان بالفعل (مُجْرِمِينَ) صفة والجملة الاسمية مقول القول
Traslation and Transliteration:
Qaloo inna orsilna ila qawmin mujrimeena
They said: Lo! we are sent unto a guilty folk,
Onlar, şüphe yok ki biz demişlerdi, mücrim bir topluluğa gönderildik.
Ils dirent: «Nous avons été envoyés vers des gens criminels,
Sie sagten: "Gewiß, wir wurden zu schwer verfehlenden Leuten entsandt,
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الذاريات (Az-Zariyat - The Winnowing Winds) |
ترتيبها |
51 |
عدد آياتها |
60 |
عدد كلماتها |
360 |
عدد حروفها |
1510 |
معنى اسمها |
(الذَّارِيَاتُ): الرِّيَاحُ تَذْرُوْ التُّرَابَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ حَتَّى يَتَطَايَرُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الذَّارِيَاتِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) |
مقاصدها |
مُعَالَجَةُ إِنْكَارِ عَقِيدَةِ البَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَضَرْبُ الأَمْثِلَةِ عَلَى عُقُوبَةِ الأُمَمِ المُكَذِّبَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
مِنْ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَات، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويلِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظائِرَ؛ السُّورتينِ في رَكعةٍ ، (وَالطُّورَ والذَّارِيَاتِ) فِي رَكعةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَن الْوَعْدِ بِيَومِ البَعْثِ وَالنُّشُورِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٞ ٥﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوۡمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ ٦٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (ق): السُّوَرَتَانِ مَوْضُوْعُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ إِنْكَارُ الكُفَّارِ لِيَومِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ. |