المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الحجرات: [الآية 4]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الحجرات | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (17)
لما منّ من منّ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالإسلام ،
قال تعالى تأنيسا له : «يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا»
ثم أمره أن يقول لهم فقال ، «قُلْ» يا محمد «لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ»
وآثر الحق تعالى محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم على نفسه حتى لا يجعل له نعتا فيما أجري عليه لسان ذم ،
فقال له : قل لهم : «بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ» معناه أنه لو منّ لكان المنّ للّه «أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ» ولو شاء لقال : بل أنا أمنّ عليكم أن هداكم اللّه بي للإيمان الذي رزقكم بتوحيده وأسعدكم به ، فما جعله تعالى محلا للمنّ كما منّوا بإسلامهم ،
فوبخوا ونبهوا بقوله : «بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ» والمنّ هنا من علم التطابق لم يقصد به المنّ ، لأنهم لما امتنوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بإسلامهم ، قال اللّه له : «قُلْ» يا محمد «بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ» أي إذا دخلتم في حضرة المنّ فالمنّ للّه لا لكم ، فما كان اللّه ليقول في المنّ ما قال ، ويكون منه ، وما كان اللّه ليدلنا على مكارم الأخلاق من العفو والصفح ويفعل معنا خلافه ،
فلله المنّة التي هي النعمة ، والامتنان الذي هو إعطاء المنّة ، لا المنّ سبحانه وتعالى ، فلما كانت المنة الواقعة منهم إنما هي على اللّه لا على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ، فإنهم ما انقادوا إلا إلى اللّه ، لأن الرسول ما دعاهم إلى نفسه ، وإنما دعاهم إلى اللّه ،
فكان قوله تعالى : «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» في دعواكم أنكم مؤمنون ، يعني في إيمانكم بما جئت به ، فإنه مما جئت به أن الهداية بيد اللّه ، يهدي بها من يشاء من عباده لا بيد المخلوق ، فعراهم من هذه الصفة أن تكون لهم كسبا ، فاللّه تعالى يمنّ على عباده بما يمتنّ عليهم من المنن الجسام ، فجميع نعمه الظاهرة والباطنة مننه ،
ولذا سميت مننا ، وليس للعباد أن يمتنوا لأن النعم ليست إلا لمن خلقها ، فلهذا كان المن من اللّه محمودا ، لأنه ينبه عباده بما أنعم عليهم ليرجعوا إليه ، وكان مذموما من العباد لأنه كذب محض .
------------
(17) الفتوحات ج 4 / 256 - ج 2 / 232 ، 221 ، 651 - ج 4 / 256 -ح 2 / 221 ، 74 ، 256 ، 221 - إيجاز البيان آية 41تفسير ابن كثير:
ثم إنه تعالى ذم الذين ينادونه من وراء الحجرات ، وهي بيوت نسائه ، كما يصنع أجلاف الأعراب ، فقال : ( أكثرهم لا يعقلون )
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
نزلت هذه الآيات الكريمة، في أناس من الأعراب، الذين وصفهم الله تعالى بالجفاء، وأنهم أجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، قدموا وافدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدوه في بيته وحجرات نسائه، فلم يصبروا ويتأدبوا حتى يخرج، بل نادوه: يا محمد يا محمد، [أي: اخرج إلينا]، فذمهم الله بعدم العقل، حيث لم يعقلوا عن الله الأدب مع رسوله واحترامه، كما أن من العقل وعلامته استعمال الأدب.
تفسير البغوي
( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات ) قرأ العامة بضم الجيم ، وقرأ أبو جعفر بفتح الجيم ، وهما لغتان ، وهي جمع الحجر ، والحجر جمع الحجرة فهي جمع الجمع .
قال ابن عباس : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية إلى بني العنبر وأمر عليهم عيينة بن حصن الفزاري ، فلما علموا أنه توجه نحوهم هربوا وتركوا عيالهم ، فسباهم عيينة بن حصن وقدم بهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذراري ، فقدموا وقت الظهيرة ، ووافقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائلا في أهله ، فلما رأتهم الذراري أجهشوا إلى آبائهم يبكون ، وكان لكل امرأة من نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ حجرة ، فعجلوا أن يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ] ، فجعلوا ينادون : يا محمد اخرج إلينا ، حتى أيقظوه من نومه ، فخرج إليهم فقالوا : يا محمد فادنا عيالنا ، فنزل جبريل عليه السلام فقال : إن الله يأمرك أن تجعل بينك وبينهم رجلا فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أترضون أن يكون بيني وبينكم سبرة بن عمرو ، وهو على دينكم ؟ فقالوا : نعم ، فقال سبرة : أنا لا أحكم بينهم إلا وعمي شاهد ، وهو الأعور بن بشامة ، فرضوا به ، فقال الأعور : أرى أن تفادي نصفهم وتعتق نصفهم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قد رضيت ، ففادى نصفهم وأعتق نصفهم ، فأنزل الله تعالى : " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون " ، وصفهم بالجهل وقلة العقل .
الإعراب:
(إِنَّ الَّذِينَ) إن واسمها (يُنادُونَكَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله والكاف مفعول به والجملة صلة (مِنْ وَراءِ) متعلقان بالفعل (الْحُجُراتِ) مضاف إليه (أَكْثَرُهُمْ) مبتدأ (لا) نافية (يَعْقِلُونَ) مضارع وفاعله والجملة خبر المبتدأ والجملة الاسمية خبر إن وجملة إن مستأنفة.