«وقال الذين كفروا للذين آمنوا» أي في حقهم «لو كان» الإيمان «خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا» أي القائلون «به» أي القرآن «فسيقولون هذا» أي القرآن «إفك» كذب «قديم».
وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ لَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34) فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ (35)
أولو العزم من الرسل هم الذين لقوا الشدائد في تمهيد السبيل ، وهم الذين أرسلوا بالسيف لكمالهم .
(47) سورة محمّد مدنيّة
------------
(35) الفتوحات ج 4 /
347 - كتاب تلقيح الأذهان
وقوله تعالى : ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه ) أي : قالوا عن المؤمنين بالقرآن : لو كان القرآن خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه . يعنون بلالا وعمارا وصهيبا وخبابا وأشباههم وأقرانهم من المستضعفين والعبيد والإماء ، وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة وله بهم عناية . وقد غلطوا في ذلك غلطا فاحشا ، وأخطئوا خطأ بينا ، كما قال تعالى : ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ) [ الأنعام : 53 ] أي : يتعجبون : كيف اهتدى هؤلاء دوننا ; ولهذا قالوا : ( لو كان خيرا ما سبقونا إليه ) وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة : هو بدعة ; لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه ؛ لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها .
وقوله : ( وإذ لم يهتدوا به ) أي : بالقرآن ( فسيقولون هذا إفك ) أي : كذب ) قديم ) أي : مأثور عن الأقدمين ، فينتقصون القرآن وأهله ، وهذا هو الكبر الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بطر الحق ، وغمط الناس " .
قوله تعالى {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه} اختلف في سبب نزولها على ستة أقوال : الأول : أن أبا ذر الغفاري دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام بمكة فأجاب، واستجار به قومه فأتاه زعيمهم فأسلم، ثم دعاهم الزعيم فأسلموا، فبلغ ذلك قريشا فقالوا : غفار الحلفاء لو كان هذا خيرا ما سبقونا إليه، فنزلت هذه الآية، قال أبو المتوكل. الثاني : أن زنيرة أسلمت فأصيب بصرها فقالوا لها : أصابك اللات والعزى، فرد الله عليها بصرها. فقال عظماء قريش : لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة، فأنزل الله تعالى هذه الآية، قاله عروة بن الزبير. الثالث : أن الذين كفروا هم بنو عامر وغطفان وتميم وأسد وحنظلة وأشجع قالوا لمن أسلم من غفار وأسلم وجهينة ومزينة وخزاعة : لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقتنا إليه رعاة البهم إذ نحن أعز منهم، قاله الكلبي والزجاج، وحكاه القشيري عن ابن عباس. الرابع : وقال قتادة : نزلت في مشركي قريش، قالوا : لو كان ما يدعونا إليه محمد خيرا ما سبقنا إليه بلال وصهيب وعمار وفلان وفلان. الخامس : أن الذين كفروا من اليهود قالوا للذين آمنوا يعني عبدالله بن سلام وأصحابه : لو كان دين محمد حقا ما سبقونا إليه، قال أكثر المفسرين، حكاه الثعلبي. وقال مسروق : إن الكفار قالوا لو كان خيرا ما سبقتنا إليه اليهود، فنزلت هذه الآية. وهذه المعارضة من الكفار في قولهم : لو كان خيرا ما سبقونا إليه من أكبر المعارضات بانقلابها عليهم لكل من خالفهم، حتى يقال لهم : لو كان ما أنتم عليه خيرا ما عدلنا عنه، ولو كان تكذيبكم للرسول خيرا ما سبقتمونا إليه، ذكره الماوردي. ثم قيل : قوله {ما سبقونا إليه} يجوز أن يكون من قول الكفار لبعض المؤمنين، ويجوز أن يكون على الخروج من الخطاب إلي الغبة، كقوله تعالى {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم}[
يونس : 22]. {وإذ لم يهتدوا به} يعني الإيمان. وقيل القرآن. وقيل محمد صلى الله عليه وسلم. {فسيقولون هذا إفك قديم} أي لما لم يصيبوا الهدى بالقرآن ولا بمن جاء به عادوه ونسبوه إلى الكذب، وقالوا هذا إفك قديم، كما قالوا : أساطير الأولين وقيل لبعضهم : هل في القرآن : من جهل شيئا عاداه؟ فقال نعم، قال الله تعالى {وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} ومثله {بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه} [
يونس : 39].
وقال الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم للذين آمنوا به: لو كان تصديقكم محمدًا على ما جاء به خيرًا ما سبقتمونا إلى التصديق به، وإذ لم يهتدوا بالقرآن ولم ينتفعوا بما فيه من الحق فسيقولون: هذا كذب، مأثور عن الناس الأقدمين.
أي: قال الكفار بالحق معاندين له ورادين لدعوته: { لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ } أي: ما سبقنا إليه المؤمنون أي: لكنا أول مبادر به وسابق إليه وهذا من البهرجة في مكان، فأي دليل يدل على أن علامة الحق سبق المكذبين به للمؤمنين؟ هل هم أزكى نفوسا؟ أم أكمل عقولا؟ أم الهدى بأيديهم؟ ولكن هذا الكلام الذي صدر منهم يعزون به أنفسهم بمنزلة من لم يقدر على الشيء ثم طفق يذمه ولهذا قال: { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ } أي: هذا السبب الذي دعاهم إليه أنهم لما لم يهتدوا بهذا القرآن وفاتهم أعظم المواهب وأجل الرغائب قدحوا فيه بأنه كذب وهو الحق الذي لا شك فيه ولا امتراء يعتريه.
( وقال الذين كفروا ) من اليهود ( للذين آمنوا لو كان ) [ دين محمد - صلى الله عليه وسلم - ] ( خيرا ما سبقونا إليه ) يعني عبد الله بن سلام وأصحابه .
وقال قتادة : نزلت في مشركي مكة ، قالوا : لو كان ما يدعونا إليه محمد خيرا ما سبقنا إليه فلان وفلان .
وقال الكلبي : الذين كفروا : أسد وغطفان ، قالوا للذين آمنوا يعني : جهينة ومزينة : لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقنا إليه رعاء البهم .
قال الله تعالى : ( وإذ لم يهتدوا به ) يعني بالقرآن كما اهتدى به أهل الإيمان ( فسيقولون هذا إفك قديم ) كما قالوا أساطير الأولين .
(وَقالَ الَّذِينَ) حرف عطف وماض وفاعله والجملة معطوفة على ما قبلها (كَفَرُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (لِلَّذِينَ) متعلقان بقال (آمَنُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (لَوْ) شرطية غير جازمة (كانَ خَيْراً) كان وخبرها واسمها مستتر والجملة ابتدائية (ما) نافية (سَبَقُونا) ماض وفاعله ومفعوله (إِلَيْهِ) متعلقان بالفعل والجملة جواب الشرط لا محل لها (وَإِذْ) ظرف لما مضى من الزمن (لَمْ يَهْتَدُوا) مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعله والجملة في محل جر بالإضافة (بِهِ) متعلقان بالفعل (فَسَيَقُولُونَ) حرف عطف والسين للاستقبال ومضارع مرفوع والواو فاعله والجملة معطوفة على ما قبلها (هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) مبتدأ وخبره وقديم صفة والجملة الاسمية مقول القول.
Traslation and Transliteration:
Waqala allatheena kafaroo lillatheena amanoo law kana khayran ma sabaqoona ilayhi waith lam yahtadoo bihi fasayaqooloona hatha ifkun qadeemun
And those who disbelieve say of those who believe: If it had been (any) good, they would not have been before us in attaining it. And since they will not be guided by it, they say: This is an ancient lie;
Kafir olanlar, inananlara dediler ki: Eğer bir hayır olsaydı onlar, bizi geçemezlerdi ve Kur'an'la doğru yolu bulmadıkları için de diyecekler ki bu, çok eski bir yalan.
Et ceux qui ont mécru dirent à ceux qui ont cru: «Si ceci était un bien, ils (les pauvres) ne nous y auraient pas devancés». Et comme ils ne se seront pas laissés guider par lui ils diront: «Ce n'est qu'un vieux mensonge!»
Und diejenigen, die Kufr betrieben haben, sagten zu denjenigen, die den Iman verinnerlichten: "Wäre er etwas Gutes, wären sie zu ihm uns nicht zuvorgekommen." Und da sie durch ihn keine Rechtleitung fanden, so werden sie sagen: "Dies ist eine alte Ifk-Lüge."
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الأحقاف (Al-Ahqaf - The Wind-Curved Sandhills) |
ترتيبها |
46 |
عدد آياتها |
35 |
عدد كلماتها |
646 |
عدد حروفها |
2602 |
معنى اسمها |
الأَحْقَافُ جَمْعُ (حِقْفٍ)، وَهُوَ مَا اعْوَجَّ مِنَ الرَّمْلِ وَاسْتَطَالَ، وَالمُرَادُ (بالأحْقَافِ) دِيَارُ قَومِ عَادٍ فِي الْيَمَنِ، وَكَانَتْ مَلِيئَةً بِالتِّلالِ العَظِيمَةِ مِنَ الرِّمَالِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الأَحْقَافِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الأحْقَافِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَمْ الأَحْقَافِ) |
مقاصدها |
تَذْكِيرُ الْكَافِرِينَ بِنِعَمِ اللهِ، وَإِقَامَةِ الحُجَّةَ عَلَيهِم بِالرُّسُلِ، وَبَيَانُ عَاقِبَتِهِمْ فِي الدَّارَين |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الأَحْقَافِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ وَصْفِ أَهْلِ البَاطِلِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿... وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعۡرِضُونَ ٣﴾، وَقَالَ فِي آخِرِ آيَةٍ مِنْهَا: ﴿...فَهَلۡ يُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٥٣﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْأَحْقَافِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْجَاثِيَةِ): خُتِمَتِ (الجَاثِيَةُ) بِاسْمِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ؛ فَقَالَ: ﴿...وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ٣٧﴾، وَافْتُتِحَتِ (الأَحْقَافُ) بِهِمَا؛ فَقَالَ: ﴿حمٓ ١ تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ٢﴾. |