«وإنه» أي عيسى «لعلم للساعة» تعلم بنزوله «فلا تمترن بها» أي تشكن فيها، حذف منه نون الرفع للجزم، وواو الضمير لالتقاء الساكنين «و» قل لهم «اتبعون» على التوحيد «هذا» الذي آمركم به «صراط» طريق «مستقيم».
وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)
(1) إشارة لأبي عبد اللّه المصنف : أتى بلفظ «وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ» فكان ظهوره بالهوية فيها ولم يقل «وهو الذي في الأرض إله» فناب عنه الخليفة فيها ، ولو أتى بالهوية ما عبد غير اللّه في الأرض كما لم يعبد في السماء إلا هو .
وهذه شهادة من اللّه في حق المشركين ، فهو تنبيه عجيب ، فما ذكروا قط إلا الألوهية ، وما ذكروا الأشخاص ، ولكن لم يقبل اللّه منهم العذر بل قال «فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ» .
------------
(87) الفتوحات ج 3 /
310 - ج 2 /
591
وقوله : ( وإنه لعلم للساعة ) : تقدم تفسير ابن إسحاق : أن المراد من ذلك : ما بعث به عيسى ، عليه السلام ، من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ، وغير ذلك من الأسقام . وفي هذا نظر . وأبعد منه ما حكاه قتادة ، عن الحسن البصري وسعيد بن جبير : أي الضمير في ) وإنه ) ، عائد على القرآن ، بل الصحيح أنه عائد على عيسى [ عليه السلام ] ، فإن السياق في ذكره ، ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة ، كما قال تبارك وتعالى : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) أي : قبل موت عيسى ، عليه الصلاة والسلام ، ثم ( ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ) [ النساء : 159 ] ، ويؤيد هذا المعنى القراءة الأخرى : " وإنه لعلم للساعة " أي : أمارة ودليل على وقوع الساعة ، قال مجاهد : ( وإنه لعلم للساعة ) أي : آية للساعة خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة . وهكذا روي عن أبي هريرة [ رضي الله عنه ] ، وابن عباس ، وأبي العالية ، وأبي مالك ، وعكرمة ، والحسن وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم .
وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر بنزول عيسى [ ابن مريم ] ، عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا .
وقوله : ( فلا تمترن بها ) أي : لا تشكوا فيها ، إنها واقعة وكائنة لا محالة ، ( واتبعون ) أي : فيما أخبركم به ( هذا صراط مستقيم )
قوله تعالى: {وإنه لعلم للساعة} قال الحسن وقتادة وسعيد بن جببر: يريد القرآن؛ لأنه يدل على قرب مجيء الساعة، أو به تعلم الساعة وأهوالها وأحوالها. وقال ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي وقتادة أيضا: إنه خروج عيسى عليه السلام، وذلك من أعلام الساعة. لأن الله ينزله من السماء قبيل قيام الساعة، كما أن خروج الدجال من أعلام الساعة. وقرأ ابن عباس وأبو هريرة وقتادة ومالك بن دينار والضحاك {وإنه لعلم للساعة} بفتح العين واللام أي أمارة. وقد روي عن عكرمة {وإنه للعلم} بلامين وذلك خلاف للمصاحف. وعن عبدالله بن مسعود. قال: لما كان ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم لقي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فتذاكروا الساعة فبدءوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده منها علم، ثم سألوا موسى فلم يكن عنده منها علم؛ فرد الحديث إلى عيسى ابن مريم قال: قد عهد إلي فيما دون وجبتها فأما وجبتها فلا يعلمها إلا الله عز وجل؛ فذكر خروج الدجال - قال: فأنزل فأقتله. وذكر الحديث، خرجه ابن ماجة في سننه. وفي صحيح مسلم (فبينما هو - يعني المسيح الدجال - إذ بعث الله المسيح بن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله...) الحديث... وذكر الثعلبي والزمخشري وغيرهما من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ينزل عيسى بن مريم عليه السلام من السماء على ثنية من الأرض المقدسة يقال لها أفيق بين ممصرتين وشعر رأسه دهين وبيده حربة يقتل بها الدجال فيأتي بيت المقدس والناس في صلاة العصر والإمام يؤم بهم فيتأخر الإمام فيقدمه عيسى ويصلي خلفه على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرب البيع والكنائس ويقتل النصارى إلا من آمن به). وروى خالد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم إنه ليس بيني وبينه نبي وإنه أول نازل فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقاتل الناس على الإسلام). قال الماوردي: وحكى ابن عيسى عن قوم أنهم قالوا إذا نزل عيسى رفع التكليف لئلا يكون رسولا إلى ذلك الزمان يأمرهم عن الله تعالى وينهاهم. وهذا قول مردود لثلاثة أمور؛ منها الحديث، ولأن بقاء الدنيا يقتضي التكليف فيها، ولأنه ينزل آمرا بمعروف وناهيا عن منكر. وليس يستنكر أن يكون أمر الله تعالى له مقصورا على تأييد الإسلام والأمر به والدعاء إليه. قلت: ثبت في صحيح مسلم وابن ماجة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لينزلن عيسى بن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد). وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنتم إذا نزل، ابن مريم فيكم وإمامكم منكم) وفي رواية (فأمكم منكم) قال ابن أبي ذئب: تدري (ما أمكم منكم) ؟ قلت: تخبرني، قال: فأمكم بكتاب ربكم وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم. قال علماؤنا رحمة الله عليهم: فهذا نص على أنه ينزل مجددا لدين النبي صلى الله عليه وسلم للذي درس منه، لا بشرع مبتدأ والتكليف باق؛ على ما بيناه هنا وفي كتاب التذكرة. وقيل: {وإنه لعلم للساعة} أي وإن إحياء عيسى الموتى دليل على الساعة وبعث الموتى؛ قال ابن إسحاق. قلت: ويحتمل أن يكون المعنى {وإنه} وإن محمدا صلى الله عليه وسلم لعلم للساعة؛ بدليل قوله عليه السلام: (بعثت أنا والساعة كهاتين) وضم السبابة والوسطى؛ خرجه البخاري ومسلم. وقال الحسن: أول أشراطها محمد صلى الله عليه وسلم. {فلا تمترن بها} فلا تشكون فيها؛ يعني في الساعة؛ قاله يحيى بن سلام. وقال السدي: فلا تكذبون بها، ولا تجادلون فيها فإنها كائنة لا محالة. {واتبعون} أي في التوحيد وفيما أبلغكم عن الله. {هذا صراط مستقيم} أي طريق قويم إلى الله، أي إلى جنته. وأثبت الياء يعقوب في قوله: {واتبعون} في الحالين، وكذلك {وأطيعون}. وأبو عمرو وإسماعيل عن نافع في الوصل دون الوقف، وحذف الباقون في الحالين. {ولا يصدنكم الشيطان} أي لا تغتروا بوساوسه وشبه الكفار. المجادلين؛ فإن شرائع الأنبياء لم تختلف في التوحيد ولا فيما أخبروا به من علم الساعة وغيرها بما تضمنته من جنه أو نار. {إنه لكم عدو مبين} تقدم في (البقرة) وغيرها.
وإن نزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة لدليل على قُرْبِ، وقوع الساعة، فلا تشُكُّوا أنها واقعة لا محالة، واتبعون فيما أخبركم به عن الله تعالى، هذا طريق قويم إلى الجنة، لا اعوجاج فيه.
{ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ } أي: وإن عيسى عليه السلام، لدليل على الساعة، وأن القادر على إيجاده من أم بلا أب، قادر على بعث الموتى من قبورهم، أو وإن عيسى عليه السلام، سينزل في آخر الزمان، ويكون نزوله علامة من علامات الساعة { فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا } أي: لا تشكن في قيام الساعة، فإن الشك فيها كفر. { وَاتَّبِعُونِ } بامتثال ما أمرتكم، واجتناب ما نهيتكم، { هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ } موصل إلى الله عز وجل.
( وإنه ) يعني عيسى عليه السلام ( لعلم للساعة ) يعني نزوله من أشراط الساعة يعلم به قربها ، وقرأ ابن عباس وأبو هريرة وقتادة : " وإنه لعلم للساعة " بفتح اللام والعين أي أمارة وعلامة .
وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عادلا يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ويضع الجزية ، وتهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام " .
ويروى : " أنه ينزل على ثنية بالأرض المقدسة ، وعليه ممصرتان ، وشعر رأسه دهين ، وبيده حربة وهي التي يقتل بها الدجال ، فيأتي بيت المقدس والناس في صلاة العصر ، فيتأخر الإمام فيقدمه عيسى ويصلي خلفه على شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ، ويخرب البيع والكنائس ، ويقتل النصارى إلا من آمن به " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا ابن بكير ، حدثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري أن أبا هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم " ؟
وقال الحسن وجماعة : " وإنه " يعني وإن القرآن لعلم للساعة يعلمكم قيامها ، ويخبركم بأحوالها وأهوالها ( فلا تمترن بها ) فلا تشكن فيها ، قال ابن عباس : لا تكذبوا بها ( واتبعون ) على التوحيد ( هذا ) الذي أنا عليه ( صراط مستقيم ) .
الواو حرف عطف وإن واسمها (لَعِلْمٌ) اللام المزحلقة وعلم خبر إن (لِلسَّاعَةِ) متعلقان بمحذوف صفة علم والجملة معطوفة على ما قبلها (فَلا) الفاء الفصيحة ولا ناهية (تَمْتَرُنَّ) مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعله والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم (بِها) متعلقان بالفعل (وَاتَّبِعُونِ) الواو حرف عطف وأمر مبني على حذف النون والواو فاعله والنون للوقاية وياء المتكلم المحذوفة للتخفيف مفعول به (هذا) مبتدأ (صِراطٌ) خبر (مُسْتَقِيمٌ) صفة والجملة الاسمية تعليلية وجملة اتبعون مقول قول محذوف
Traslation and Transliteration:
Wainnahu laAAilmun lilssaAAati fala tamtarunna biha waittabiAAooni hatha siratun mustaqeemun
And lo! verily there is knowledge of the Hour. So doubt ye not concerning it, but follow Me. This is the right path.
Onun gökten inmesi, kıyametin yaklaştığını bildirir, sakın kıyamet hakkında şüpheye düşmeyin ve uyun bana; budur doğru yol.
Il sera un signe au sujet de l'Heure. N'en doutez point. Et suivez-moi: voilà un droit chemin.
Und gewiß er ist doch ein Wissen für die Stunde. So zweifelt sie nicht an und folgt Mir! Dies ist ein geradliniger Weg.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الزخرف (Az-Zukhruf - The Ornaments of Gold) |
ترتيبها |
43 |
عدد آياتها |
89 |
عدد كلماتها |
837 |
عدد حروفها |
3508 |
معنى اسمها |
الزُّخْرُفُ: الذَّهَبُ، وَسُمِّيَتْ كُلُّ زِينَةٍ زُخْرُفًا، وَالمُرَادُ بِـ(الزُّخْرُفِ): زَخْرَفَةُ الْبَيْتِ وَزِيْنَتُهُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِمَعْنَى (الزُّخْرُفِ)(1)، وَدِلَالَةُ هَذَا الْاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الزُّخْرُفْ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَمْ الزُّخْرُف) |
مقاصدها |
بَيَانُ حَقِيقَةِ الدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا الزَّائِلِ مُقَارَنَةً بِمَا أَعَدَّهُ اللهُ مِنْ نَعِيْمِ الآخِرَةِ لِلمُتَّقِينَ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَا يُوجَدُ سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ الصَّفْحِ عَنِ الْكُفَارِ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ ٥﴾، وَقالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ ٨٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الشُّورَى): خُتِمَتِ (الشُّورَى) بِذِكْرِ الْكِتَابِ الْكَرِيمِ؛ فَقَالَ: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ ...٥٢﴾، وَفُتِحَتِ (الزُّخْرُفُ) بِذِكْرِهِ، فَقَالَ: ﴿حمٓ ١ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ٢ إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ٣﴾. |