«ولا يصدنكم» يصرفنكم عن دين الله «الشيطان إنه لكم عدو مبين» بيِّن العداوة.
وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)
(1) إشارة لأبي عبد اللّه المصنف : أتى بلفظ «وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ» فكان ظهوره بالهوية فيها ولم يقل «وهو الذي في الأرض إله» فناب عنه الخليفة فيها ، ولو أتى بالهوية ما عبد غير اللّه في الأرض كما لم يعبد في السماء إلا هو .
وهذه شهادة من اللّه في حق المشركين ، فهو تنبيه عجيب ، فما ذكروا قط إلا الألوهية ، وما ذكروا الأشخاص ، ولكن لم يقبل اللّه منهم العذر بل قال «فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ» .
------------
(87) الفتوحات ج 3 /
310 - ج 2 /
591
ولا يصدنكم الشيطان ) أي : عن اتباع الحق ( إنه لكم عدو مبين )
قوله تعالى: {وإنه لعلم للساعة} قال الحسن وقتادة وسعيد بن جببر: يريد القرآن؛ لأنه يدل على قرب مجيء الساعة، أو به تعلم الساعة وأهوالها وأحوالها. وقال ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي وقتادة أيضا: إنه خروج عيسى عليه السلام، وذلك من أعلام الساعة. لأن الله ينزله من السماء قبيل قيام الساعة، كما أن خروج الدجال من أعلام الساعة. وقرأ ابن عباس وأبو هريرة وقتادة ومالك بن دينار والضحاك {وإنه لعلم للساعة} بفتح العين واللام أي أمارة. وقد روي عن عكرمة {وإنه للعلم} بلامين وذلك خلاف للمصاحف. وعن عبدالله بن مسعود. قال: لما كان ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم لقي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فتذاكروا الساعة فبدءوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده منها علم، ثم سألوا موسى فلم يكن عنده منها علم؛ فرد الحديث إلى عيسى ابن مريم قال: قد عهد إلي فيما دون وجبتها فأما وجبتها فلا يعلمها إلا الله عز وجل؛ فذكر خروج الدجال - قال: فأنزل فأقتله. وذكر الحديث، خرجه ابن ماجة في سننه. وفي صحيح مسلم (فبينما هو - يعني المسيح الدجال - إذ بعث الله المسيح بن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله...) الحديث... وذكر الثعلبي والزمخشري وغيرهما من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ينزل عيسى بن مريم عليه السلام من السماء على ثنية من الأرض المقدسة يقال لها أفيق بين ممصرتين وشعر رأسه دهين وبيده حربة يقتل بها الدجال فيأتي بيت المقدس والناس في صلاة العصر والإمام يؤم بهم فيتأخر الإمام فيقدمه عيسى ويصلي خلفه على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرب البيع والكنائس ويقتل النصارى إلا من آمن به). وروى خالد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم إنه ليس بيني وبينه نبي وإنه أول نازل فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقاتل الناس على الإسلام). قال الماوردي: وحكى ابن عيسى عن قوم أنهم قالوا إذا نزل عيسى رفع التكليف لئلا يكون رسولا إلى ذلك الزمان يأمرهم عن الله تعالى وينهاهم. وهذا قول مردود لثلاثة أمور؛ منها الحديث، ولأن بقاء الدنيا يقتضي التكليف فيها، ولأنه ينزل آمرا بمعروف وناهيا عن منكر. وليس يستنكر أن يكون أمر الله تعالى له مقصورا على تأييد الإسلام والأمر به والدعاء إليه. قلت: ثبت في صحيح مسلم وابن ماجة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لينزلن عيسى بن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد). وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنتم إذا نزل، ابن مريم فيكم وإمامكم منكم) وفي رواية (فأمكم منكم) قال ابن أبي ذئب: تدري (ما أمكم منكم) ؟ قلت: تخبرني، قال: فأمكم بكتاب ربكم وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم. قال علماؤنا رحمة الله عليهم: فهذا نص على أنه ينزل مجددا لدين النبي صلى الله عليه وسلم للذي درس منه، لا بشرع مبتدأ والتكليف باق؛ على ما بيناه هنا وفي كتاب التذكرة. وقيل: {وإنه لعلم للساعة} أي وإن إحياء عيسى الموتى دليل على الساعة وبعث الموتى؛ قال ابن إسحاق. قلت: ويحتمل أن يكون المعنى {وإنه} وإن محمدا صلى الله عليه وسلم لعلم للساعة؛ بدليل قوله عليه السلام: (بعثت أنا والساعة كهاتين) وضم السبابة والوسطى؛ خرجه البخاري ومسلم. وقال الحسن: أول أشراطها محمد صلى الله عليه وسلم. {فلا تمترن بها} فلا تشكون فيها؛ يعني في الساعة؛ قاله يحيى بن سلام. وقال السدي: فلا تكذبون بها، ولا تجادلون فيها فإنها كائنة لا محالة. {واتبعون} أي في التوحيد وفيما أبلغكم عن الله. {هذا صراط مستقيم} أي طريق قويم إلى الله، أي إلى جنته. وأثبت الياء يعقوب في قوله: {واتبعون} في الحالين، وكذلك {وأطيعون}. وأبو عمرو وإسماعيل عن نافع في الوصل دون الوقف، وحذف الباقون في الحالين. {ولا يصدنكم الشيطان} أي لا تغتروا بوساوسه وشبه الكفار. المجادلين؛ فإن شرائع الأنبياء لم تختلف في التوحيد ولا فيما أخبروا به من علم الساعة وغيرها بما تضمنته من جنه أو نار. {إنه لكم عدو مبين} تقدم في (البقرة) وغيرها.
ولا يصدَّنكم الشيطان بوساوسه عن طاعتي فيما آمركم به وأنهاكم عنه، إنه لكم عدو بيِّن العداوة.
{ وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ } عما أمركم الله به، فإن الشيطان { لَكُمْ عَدُوٌّ } حريص على إغوائكم، باذل جهده في ذلك.
( ولا يصدنكم ) لا يصرفنكم ( الشيطان ) عن دين الله ( إنه لكم عدو مبين ) .
(وَلا) الواو حرف عطف ولا ناهية (يَصُدَّنَّكُمُ) مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد وهو في محل جزم بلا الناهية والكاف مفعوله (الشَّيْطانُ) فاعل (إِنَّهُ) إن واسمها (لَكُمْ) متعلقان بعدو (عَدُوٌّ) خبر إن (مُبِينٌ) صفة عدو والجملة الاسمية تعليلية لا محل لها.
Traslation and Transliteration:
Wala yasuddannakumu alshshaytanu innahu lakum AAaduwwun mubeenun
And let not Satan turn you aside. Lo! he is an open enemy for you.
Ve Şeytan, sizi yoldan çıkarmasın; şüphe yok ki o, size apaçık bir düşmandır.
Que le Diable ne vous détourne point! Car il est pour vous un ennemi déclaré.
Und der Satan soll euch nicht davon abhalten! Gewiß, er ist für euch ein entschiedener Feind.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الزخرف (Az-Zukhruf - The Ornaments of Gold) |
ترتيبها |
43 |
عدد آياتها |
89 |
عدد كلماتها |
837 |
عدد حروفها |
3508 |
معنى اسمها |
الزُّخْرُفُ: الذَّهَبُ، وَسُمِّيَتْ كُلُّ زِينَةٍ زُخْرُفًا، وَالمُرَادُ بِـ(الزُّخْرُفِ): زَخْرَفَةُ الْبَيْتِ وَزِيْنَتُهُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِمَعْنَى (الزُّخْرُفِ)(1)، وَدِلَالَةُ هَذَا الْاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الزُّخْرُفْ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَمْ الزُّخْرُف) |
مقاصدها |
بَيَانُ حَقِيقَةِ الدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا الزَّائِلِ مُقَارَنَةً بِمَا أَعَدَّهُ اللهُ مِنْ نَعِيْمِ الآخِرَةِ لِلمُتَّقِينَ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَا يُوجَدُ سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ الصَّفْحِ عَنِ الْكُفَارِ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ ٥﴾، وَقالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ ٨٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الشُّورَى): خُتِمَتِ (الشُّورَى) بِذِكْرِ الْكِتَابِ الْكَرِيمِ؛ فَقَالَ: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ ...٥٢﴾، وَفُتِحَتِ (الزُّخْرُفُ) بِذِكْرِهِ، فَقَالَ: ﴿حمٓ ١ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ٢ إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ٣﴾. |