Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة سبإ: [الآية 20]

سورة سبإ
وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُۥ فَٱتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴿20﴾

تفسير الجلالين:

«ولقد صدق» بالتخفيف والتشديد «عليهم» أي الكفار منهم سبأ «إبليس ظنه» أنهم بإغوائه يتبعونه «فاتبعوه» فصدق بالتخفيف في ظنه أو صدق بالشديد ظنه أي وجده صادقا «إلا» بمعنى لكن «فريقا من المؤمنين» لبيان أي هم المؤمنون لم يتبعوه.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (40) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41) فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (42) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (43) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)

وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (45) قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (46)


(1) ما : هنا اسم موصول أي الذي .


" قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ» وهي أن تقوم من أجل اللّه ، إذا رأيت من فعل اللّه في كونه ما أمرك أن تقوم له فيه ، إما غيرة وإما تعظيم «أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى» فقوله في القيام مثنى ، باللّه ورسوله ، فإنه من أطاع الرسول قد أطاع اللّه ، فقمت للّه بكتاب أو سنة ، لا تقوم عن هوى نفس ولا غيرة طبيعية ولا تعظيم كوني «وَفُرادى» إما باللّه خاصة أو لرسوله خاصة ، كما قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ لا أرى أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الحديث عني فيقول : أتل به عليّ قرآنا ؛ إنه واللّه لمثل القرآن أو أكثر ]

فقوله صلّى اللّه عليه وسلم [ أو أكثر ] في رفع المنزلة ، فإن القرآن بينه وبين اللّه فيه الروح الأمين ، والحديث من اللّه إليه ، ومعلوم أن القرب في الإسناد أعظم من البعد فيه ، ولو بشخص واحد ينقص في الطريق ، فبهذا كان الحديث أكثر من القرآن ، وغايته أن يكون إذا نزل عن هذه الطبقة مثله ، وما عدل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إلى الأكثرية إلا والأمر أكثر بلا شك ، فلا ينبغي لواعظ أن يخرج في وعظه عن الكتاب أو السنة

وقد يكون قوله : «مَثْنى» يريد به التعاون في القيام للّه تعالى في ذلك الأمر ، وصورة التعاون أن الشرع في نفس الأمر أنكر هذا الفعل ممن صدر عنه عليه ، فينبغي للعالم المؤمن أن يقوم مع المشرّع في ذلك فيعينه ، فيكون اثنان هو والشرع ، وفرادى أن يكون هذا المنكر لا يعلم أنه معين للشرع في إنكاره ووعظه ، فيقول قد انفردت بهذا الأمر ، وما هو إلا معين للشرع وللملك الذي يقول بلمته للفاعل لا تفعل ، إذ يقول له الشيطان بلمته افعل ، فيكون مع الملك مثنى ، فإن الملك مكلّف بأن ينهى العبد الذي قد ألزمه اللّه به أن ينهاه فيما كلفه اللّه به أن ينهاه عنه ، فيساعده الإنسان على ذلك ، فيكون ممن قام للّه في ذلك مثنى ، ويكون هذا الوعظ مع وعظ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مثنى «ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ، إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ» ولا تكون الفكرة إلا في دليل على صدقه أنه رسول من عند اللّه ، وهذا يعني أنه يوصل إلى معرفة الرسول بالدليل .

[ سورة سبإ (34) : آية 47 ]

قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47)


[ "قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ» الآية ]

- الوجه الأول - «قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ» فيما بلغه عن اللّه إليهم «فَهُوَ لَكُمْ» «إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ» فإنه تعالى هو الذي استخدمه في التبليغ . واعلم أن أجر التبليغ على قدر ما ناله في البلاغ من المشقة من المخالفين له من أمته التي بعث إليها ، ولما قاساه ، ولا يعلم قدر ذلك من كل رسول إلا اللّه ، واعلم أن اللّه تعالى له المنة على عباده بأن هداهم للإيمان برسله ، فوجب شكر اللّه وحلاوة الرسول ، فيضمنها اللّه عنهم بأن جعل أجر رسوله صلّى اللّه عليه وسلم عليه ، وضم في ذلك الأجر ما يجب على المؤمنين من الحلاوة لما هداهم اللّه به ، وذلك على نوعين : النوع الواحد على قدر معرفتهم بمنزلته ممن أرسله إليهم وهو اللّه ، فإن اللّه تعالى فضّل بعضهم على بعض ، والنوع الثاني على قدر ما جاء به في رسالته ، مما هو بشرى لصاحب تلك الصفة التي من قامت به كان سعيدا عند اللّه ، فما كان ينبغي أن يقابله به ذلك الرجل هو الذي يعطيه الحق ، فإن ساوى حال المؤمن قدر الرسالة كان ، وإن قصر حاله عما تقتضيه تلك الرسالة من التعظيم فإن اللّه يكرمه ، لا ينظر إلى جهل الجاهل بتعظيم قدرها ، فيوفيه الحق تعالى على قدر علمه فيها ، فانظر ما للرسول عليه السلام من الأجور ، فأجر التبليغ أجر استحقاق ، وأما من سأل من الصحابة عن أمر من الأمور ، مما لم ينزل فيه قرآن ، فنزل فيه قرآن من أجل سؤاله ، فإن للرسول على ذلك السائل أجر استحقاق ينوب اللّه عنه فيه ، زائدا على الأجر الذي له من اللّه ، وأما من رد رسالته من أمته التي بعث إليها فإن له عند اللّه أيضا أجر المصيبة ، وللمصاب فيما يحب أجر ، فأجره على اللّه أيضا على عدد من رد ذلك من أمته ، بلغوا ما بلغوا ، وله من أجر المصاب أجر مصائب العصاة ، فإنه نوع من أنواع الرزايا في حقه ، فإنه ما جاء بأمر يطلب العمل به ، إلا والذي يترك العمل به قد عصى ، فللرسول أجر المصيبة والرزية ، وهذا كله على اللّه الوفاء به لكل رسول - الوجه الثاني - «قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ» فإن اللّه تعالى اختص محمدا صلّى اللّه عليه وسلم بفضيلة لم ينلها غيره من الرسل ،

فإنه تعالى قال لكل رسول (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ)

*وعاد فضل هذه الفضيلة على أمته ، ورجع حكمه صلّى اللّه عليه وسلم إلى حكم الرسل قبله في إبقاء أجره على اللّه ، فأمره الحق أن يأخذ أجره الذي له على رسالته من أمته ، وهو أن يوادوا قرابته ، فبعد أن قال تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه وسلم أن يقول لأمته (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) أي على تبليغ ما جئت به إليكم (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ولم يقل إنّه ليس له أجر على اللّه ولا إنّه


بقي له أجر على اللّه ، وذلك ليجدد له النعم بتعريف ما يسرّ به فقيل له بعد هذا : قل لأمتك أمرا ما قاله رسول لأمته «قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ» فما أسقط الأجر عن أمته في مودتهم للقربى ، وإنما رد ذلك الأجر بعد تعيينه عليهم ، فعاد ذلك الأجر عليهم الذي كان يستحقه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، فيعود فضل المودة على أهل المودة ، فما يدري أحد ما لأهل المودة في قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من الأجر إلا اللّه .

------------

(46) الفتوحات ج 3 / 561 ، 563 - ج 2 / 620

تفسير ابن كثير:

لما ذكر [ الله ] تعالى قصة سبأ وما كان من أمرهم في اتباعهم الهوى والشيطان ، أخبر عنهم وعن أمثالهم ممن اتبع إبليس والهوى ، وخالف الرشاد والهدى ، فقال : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ) .

قال ابن عباس وغيره : هذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن إبليس حين امتنع من السجود لآدم ، ثم قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] ، ثم قال : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) [ الأعراف : 17 ] والآيات في هذا كثيرة .

وقال الحسن البصري : لما أهبط الله آدم من الجنة ومعه حواء ، هبط إبليس فرحا بما أصاب منهما ، وقال : إذا أصبت من الأبوين ما أصبت ، فالذرية أضعف وأضعف . وكان ذلك ظنا من إبليس ، فأنزل الله عز وجل : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين ) فقال عند ذلك إبليس : " لا أفارق ابن آدم ما دام فيه الروح ، أعده وأمنيه وأخدعه " . فقال الله : " وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما لم يغرغر بالموت ، ولا يدعوني إلا أجبته ، ولا يسألني إلا أعطيته ، ولا يستغفرني إلا غفرت له " . رواه ابن أبي حاتم .


تفسير الطبري :

قوله تعالى: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه} فيه أربع قراءات : قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو وابن كثير وابن عامر ويروى عن مجاهد، {ولقد صدق عليهم} بالتخفيف {إبليس} بالرفع {ظنه} بالنصب؛ أي في ظنه. قال الزجاج : وهو على المصدر أي {صدق عليهم} ظنا ظنه إذ صدق في ظنه؛ فنصب على المصدر أو على الظرف. وقال أبو علي: "ظنه" نصب لأنه مفعول به؛ أي صدق الظن الذي ظنه إذ قال: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} الأعراف : 16] وقال: {لأغوينهم أجمعين} الحجر : 39]؛ ويجوز تعدية الصدق إلى المفعول به، ويقال : صدق الحديث، أي في الحديث. وقرأ ابن عباس يحيى بن وثاب والأعمش وعاصم وحمزة والكسائي: "صدق" بالتشديد "ظنه" بالنصب بوقوع الفعل عليه. قال مجاهد : ظن ظنا فكان كما ظن فصدق ظنه. وقرأ جعفر بن محمد وأبو الهجهاج: "صدق عليهم" بالتخفيف "إبليس" بالنصب "ظنه" بالرفع. قال أبو حاتم : لا وجه لهذه القراءة عندي، والله تعالى أعلم. وقد أجاز هذه القراءة الفراء وذكرها الزجاج وجعل الظن فاعل "صدق" "إبليس" مفعول به؛ والمعنى : أن إبليس سول له ظنه فيهم شيئا فصدق ظنه، فكأنه قال : ولقد صدق عليهم ظن إبليس. و"على" متعلقة بـ "صدق"، كما تقول : صدقت عليك فيما ظننته بك، ولا تتعلق بالظن لاستحالة تقدم شيء. من الصلة على الموصول. والقراءة الرابعة: "ولقد صدق عليهم إبليس ظنه" برفع إبليس والظن، مع التخفيف في "صدق" على أن يكون ظنه بدلا من إبليس وهو بدل الاشتمال. ثم قيل : هذا في أهل سبأ، أي كفروا وغيروا وبدلوا بعد أن كانوا مسلمين إلا قوما منهم آمنوا برسلهم. وقيل : هذا عالم، أي صدق إبليس ظنه على الناس كلهم إلا من أطاع الله تعالى؛ قال مجاهد. وقال الحسن : لما أهبط آدم عليه السلام من الجنة ومعه حواء وهبط إبليس قال إبليس : أما إذ أصبت من الأبوين ما أصبت فالذرية أضعف وأضعف! فكان ذلك ظنا من إبليس، فأنزل الله تعالى: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه}. وقال ابن عباس : إن إبليس قال : خلقت من نار وخلق آدم من طين والنار تحرق كل شيء {لأحتنكن ذريته إلا قليلا} الإسراء : 62] فصدق ظنه عليهم. وقال زيد بن أسلم : إن إبليس قال يا رب أرأيت هؤلاء الذين كرمتهم وشرفتهم وفضلتهم علي لا تجد أكثرهم شاكرين، ظنا منه فصدق عليهم إبليس ظنه. وقال الكلبي : إنه ظن أنه إن أغواهم أجابوه وإن أضلهم أطاعوه، فصدق ظنه. "فاتبعوه" قال الحسن : ما ضربهم بسوء ولا بعصا وإنما ظن ظنا فكان كما ظن بوسوسته. {إلا فريقا من المؤمنين} نصب على الاستثناء، وفيه قولان : أحدهما أنه يراد به بعض المؤمنين، لأن كثيرا من المؤمنين من يذنب وينقاد لإبليس في بعض المعاصي، أي ما سلم من المؤمنين أيضا إلا فريق وهو المعنى بقوله تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} الحجر : 42]. فأما ابن عباس فعنه أنه قال : هم المؤمنون كلهم، فـ "من" على هذا للتبيين لا للتبعيض، فإن قيل : كيف علم إبليس صدق ظنه وهو لا يعلم الغيب؟ قيل له : لما نفذ له في آدم ما نفذ غلب على ظنه أنه ينفذ له مثل ذلك في ذريته، وقد وقع له تحقيق ما ظن. وجواب آخر وهو ما أجيب من قوله تعالى {واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} الإسراء : 64] فأعطي القوة والاستطاعة، فظن أنه يملكهم كلهم بذلك، فلما رأى أنه تأب على آدم وأنه سيكون له نسل. يتبعونه إلى الجنة وقال: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} الحجر : 42] علم أن له تبعا ولآدم تبعا؛ فظن أن تبعه أكثر من تبع آدم، لما وضع في يديه من سلطان الشهوات، ووضعت الشهوات في أجواف الآدميين، فخرج على ما ظن حيث نفخ فيهم وزين في أعينهم تلك الشهوات، ومدهم إليها بالأماني والخدائع، فصدق عليهم الذي ظنه، والله أعلم.

التفسير الميسّر:

ولقد ظن إبليس ظنًا غير يقين أنه سيضل بني آدم، وأنهم سيطيعونه في معصية الله، فصدَّق ظنه عليهم، فأطاعوه وعصوا ربهم إلا فريقًا من المؤمنين بالله، فإنهم ثبتوا على طاعة الله.

تفسير السعدي

ثم ذكر أن قوم سبأ من الذين صدَّق عليهم إبليس ظنه, حيث قال لربه: { فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } وهذا ظن من إبليس, لا يقين, لأنه لا يعلم الغيب, ولم يأته خبر من اللّه, أنه سيغويهم أجمعين, إلا من استثنى، فهؤلاء وأمثالهم, ممن صدق عليه إبليس ظنه, ودعاهم وأغواهم، { فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ممن لم يكفر بنعمة اللّه, فإنه لم يدخل تحت ظن إبليس.

ويحتمل أن قصة سبأ, انتهت عند قوله: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }

ثم ابتدأ فقال: { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ } أي: على جنس الناس, فتكون الآية عامة في كل من اتبعه.


تفسير البغوي

قوله - عز وجل - : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ) قرأ أهل الكوفة : " صدق " بالتشديد أي : ظن فيهم ظنا حيث قال : " فبعزتك لأغوينهم أجمعين " ( ص 82 ) ، " ولا تجد أكثرهم شاكرين " ( الأعراف 17 ) فصدق ظنه وحققه بفعله ذلك بهم واتباعهم إياه ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ، أي : صدق عليهم في ظنه بهم ، أي : على أهل سبأ . وقال مجاهد : على الناس كلهم إلا من أطاع الله ( فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين ) قال السدي عن ابن عباس : يعني المؤمنين كلهم لأن المؤمنين لم يتبعوه في أصل الدين ، وقد قال الله تعالى : " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " ( الحجر - 42 ) ، يعني : المؤمنين . وقيل : هو خاص بالمؤمنين الذين يطيعون الله ولا يعصونه .

قال ابن قتيبة : إن إبليس لما سأل النظرة فأنظره الله ، قال لأغوينهم ولأضلنهم ، لم يكن مستيقنا وقت هذه المقالة أن ما قاله فيهم يتم وإنما قاله ظنا ، فلما اتبعوه وأطاعوه صدق عليهم ما ظنه فيهم .

قال الحسن : إنه لم يسل عليهم سيفا ولا ضربهم بسوط وإنما وعدهم ومناهم فاغتروا .


الإعراب:

(وَلَقَدْ) سبق إعرابها (صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ) ماض وفاعله والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما (ظَنَّهُ) مفعول به والهاء مضاف إليه والجملة معطوفة (فَاتَّبَعُوهُ) الجملة معطوفة (إِلَّا) أداة استثناء (فَرِيقاً) مستثنى بإلا منصوب (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) متعلقان بمحذوف صفة لفريقا

---

Traslation and Transliteration:

Walaqad saddaqa AAalayhim ibleesu thannahu faittabaAAoohu illa fareeqan mina almumineena

بيانات السورة

اسم السورة سورة سبإ (Saba - Sheba)
ترتيبها 34
عدد آياتها 54
عدد كلماتها 884
عدد حروفها 3510
معنى اسمها سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ (سَبَأٍ) فَقَالَ: «هُوَ رَجُلٌ وُلِدَ لهُ عَشْرَةٌ، سَكَنَ اليَمَنَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ، وَالشَّامَ مِنْهُم أَرْبَعَةٌ» - (حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)- وَالمُرَادُ (بِسَبَأٍ) مَمْلَكَةُ سَبَأٍ
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ قِصَّةِ مَمْلَكَةِ سَبَأٍ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسْمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (سَبَأ)
مقاصدها إِظْهَارُ النِّعَمِ عَلَى الْعِبَادِ، وَمَوقِفِهِم مِنْهَا بَينَ شَاكِرٍ لَهَا وَكَافِرٍ بِهَا
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا
فضلها لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (سَبَأٍ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مَوْقِفِ الكُفَّار مِنَ السَّاعَةِ، فقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَأۡتِينَا ٱلسَّاعَةُۖ ...٣﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَقَدۡ كَفَرُواْ بِهِۦ مِن قَبۡلُۖ وَيَقۡذِفُونَ بِٱلۡغَيۡبِ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ ٥٣﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (سَبَأٍ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الأَحْزَابِ): لَمَّا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى المُؤمِنِينَ بِالقَولِ السَّدِيدِ فِي آخِرِ (الأَحْزَابِ) بِقَولِهِ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠﴾، ضَرَبَ مَثَلًا لِلْقَولِ غَيرِ السَّدِيدِ فِي إِنْكَارِ السَّاعَةِ فِي مُفْتَتَحِ (سَبَإٍ) فَقَالَ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ...٣﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!