«يستعجلونك بالعذاب» في الدنيا «وإن جهنم لمحيطه بالكافرين».
فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)
«فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» عندما بدت لهم آيات اللّه غير المعتادة ، ذهبت عنهم الغفلة «فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ» فعادوا إلى شركهم بعد إخلاصهم للّه.
------------
(65) الفتوحات ج 1 /
208
أي : يستعجلون بالعذاب ، وهو واقع بهم لا محالة .
قال شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة قال في قوله : ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) ، قال : البحر .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين . حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد ، حدثنا أبي عن مجالد ، عن الشعبي ; أنه سمع ابن عباس يقول : ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) : وجهنم هو هذا البحر الأخضر ، تنتثر الكواكب فيه ، وتكور فيه الشمس والقمر ، ثم يستوقد فيكون هو جهنم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عاصم ، حدثنا عبد الله بن أمية ، حدثني محمد بن حيي ، حدثنا صفوان بن يعلى ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " البحر هو جهنم " . قالوا : ليعلى ، فقال : ألا ترون أن الله يقول : ( نارا أحاط بهم سرادقها ) [ الكهف : 29 ] ، قال : لا والذي نفس يعلى بيده لا أدخلها أبدا حتى أعرض على الله ، ولا يصيبني منها قطرة حتى أعرض على الله عز وجل .
هذا تفسير غريب ، وحديث غريب جدا ، والله أعلم .
قوله {ويستعجلونك بالعذاب} لما أنذرهم بالعذاب قالوا لفرط الإنكار: عجل لنا هذا العذاب وقيل: إن قائل ذلك النضر بن الحارث وأبو جهل حين قالا {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء} وقولهم {ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب} . وقوله {ولولا أجل مسمى} في نزول العذاب قال ابن عباس: يعني هو ما وعدتك ألا أعذب قومك وأؤخرهم إلى يوم القيامة بيانه {بل الساعة موعدهم} وقال الضحاك: هو مدة أعمارهم في الدنيا وقيل: المراد بالأجل المسمى النفخة الأولى قاله يحيى بن سلام وقيل: الوقت الذي قدره الله لهلاكهم وعذابهم؛ قاله ابن شجرة وقيل: هو القتل يوم بدر وعلى الجملة فلكل عذاب أجل لا يتقدم ولا يتأخر دليله قوله {لكل نبأ مستقر} . {لجاءهم العذاب} يعني الذي استعجلوه. {وليأتينهم بغتة} أي فجأة. {وهم لا يشعرون} أي لا يعلمون بنزوله عليهم. {يستعجلونك بالعذاب} أي يستعجلونك وقد أعد لهم جهنم وأنها ستحيط بهم لا محالة فما معنى الاستعجال وقيل: نزلت في عبدالله بن أبي أمية وأصحابه من المشركين حين قالوا {أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا} . قوله {يوم يغشاهم العذاب من فوقهم} قيل: هو متصل بما هو قبله؛ أي يوم يصيبهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم فإذا غشيهم العذاب أحاطت بهم جهنم وإنما قال {من تحت أرجلهم} للمقاربة وإلا فالغشيان من فوق أعم؛ كما قال الشاعر: علفتها تبنا وماء باردا ** وقال آخر: لقد كان قوَّاد الجياد إلى العدا ** عليهن غاب من قنى ودروع {ويقول ذوقوا} قرأ أهل المدينة والكوفة {نقول} بالنون الباقون بالياء واختاره أبو عبيد؛ لقوله {قل كفى بالله} ويحتمل أن يكون الملك الموكل بهم يقول {ذوقوا} والقراءتان ترجع إلى معنى أي يقول الملك بأمرنا ذوقوا.
يستعجلونك بالعذاب في الدنيا، وهو آتيهم لا محالة إمَّا في الدنيا وإما في الآخرة، وإن عذاب جهنم في الآخرة لمحيط بهم، لا مفرَّ لهم منه.
هذا، وإن لم ينزل عليهم العذاب الدنيوي، فإن أمامهم العذاب الأخروي، الذي لا يخلص منهم أحد منه، سواء عوجل بعذاب الدنيا أو أمهل. { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } ليس لهم عنها معدل ولا متصرف، قد أحاطت بهم من كل جانب، كما أحاطت بهم ذنوبهم وسيئاتهم وكفرهم، وذلك العذاب، هو العذاب الشديد.
( يستعجلونك بالعذاب ) أعاده تأكيدا ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) جامعة لهم لا يبقى أحد منهم إلا دخلها .
(يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) سبق إعرابها.
(وَإِنَّ جَهَنَّمَ) الواو حالية وإن واسمها واللام المزحلقة (لَمُحِيطَةٌ) خبر إن والجملة حالية (بِالْكافِرِينَ) متعلقان بمحيطة.
Traslation and Transliteration:
YastaAAjiloonaka bialAAathabi wainna jahannama lamuheetatun bialkafireena
They bid thee hasten on the doom, when lo! hell verily will encompass the disbelievers
Senden, azabın, çabucak gelmesini isterler ve şüphe yok cehennem elbette kafirleri kuşatmıştır zaten.
Ils te demandent de hâter [la venue] du châtiment, tandis que l'Enfer cerne les mécréants de toutes parts.
Sie fordern dich zur Eile mit der Peinigung auf. Und gewiß, Dschahannam wird die Kafir doch komplett umfassen
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة العنكبوت (Al-Ankabut - The Spider) |
ترتيبها |
29 |
عدد آياتها |
69 |
عدد كلماتها |
982 |
عدد حروفها |
4200 |
معنى اسمها |
(العَنْكَبُوتُ): الأُنْثَى، وَذَكَرُها: عَنْكَبُ، والجَمْعُ: عَنَاكِبُ وعَنَاكِيبُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بضَرْبِ الْمَثَلِ (بِالْعَنْكَبُوتِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (العَنْكَبُوتِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ وَهَنِ كُلِّ مَا يُعْبَدُ مِن دُونِ اللهِ تَعَالَى وَبُطْلَانِ فِكْرِهِ وَعَقِيدَتِهِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْعَنْكَبُوتِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَمَن جَٰهَدَ فَإِنَّمَا يُجَٰهِدُ لِنَفۡسِهِۦٓۚ ...٦﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ ...٦٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْعَنْكَبُوتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْقَصَصِ):لَمَّا خَتَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (الْقَصَصَ) بِالأَمْرِ بِتَوحِيدِ اللهِ تَعَالَى قَائِلاً: ﴿وَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۘ ...٨٨﴾ نَاسَبَ ذَلِكَ افْتِتَاحَ (الْعَنْكَبُوتِ) بِقَولهِ: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢﴾. |