«ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى» له «لجاءَهم العذاب» عاجلاً «ولياتينَّهم بغتةً وهم لا يشعرون» بوقت إتيانه.
فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)
«فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» عندما بدت لهم آيات اللّه غير المعتادة ، ذهبت عنهم الغفلة «فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ» فعادوا إلى شركهم بعد إخلاصهم للّه.
------------
(65) الفتوحات ج 1 /
208
يقول تعالى مخبرا عن جهل المشركين في استعجالهم عذاب الله أن يقع بهم ، وبأس الله أن يحل عليهم ، كما قال تعالى : ( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) [ الأنفال : 32 ] ، وقال هاهنا : ( ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب ) أي : لولا ما حتم الله من تأخير العذاب إلى يوم القيامة لجاءهم العذاب قريبا سريعا كما استعجلوه .
ثم قال : ( وليأتينهم بغتة ) أي : فجأة ، ( وهم لا يشعرون .)
قوله {ويستعجلونك بالعذاب} لما أنذرهم بالعذاب قالوا لفرط الإنكار: عجل لنا هذا العذاب وقيل: إن قائل ذلك النضر بن الحارث وأبو جهل حين قالا {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء} وقولهم {ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب} . وقوله {ولولا أجل مسمى} في نزول العذاب قال ابن عباس: يعني هو ما وعدتك ألا أعذب قومك وأؤخرهم إلى يوم القيامة بيانه {بل الساعة موعدهم} وقال الضحاك: هو مدة أعمارهم في الدنيا وقيل: المراد بالأجل المسمى النفخة الأولى قاله يحيى بن سلام وقيل: الوقت الذي قدره الله لهلاكهم وعذابهم؛ قاله ابن شجرة وقيل: هو القتل يوم بدر وعلى الجملة فلكل عذاب أجل لا يتقدم ولا يتأخر دليله قوله {لكل نبأ مستقر} . {لجاءهم العذاب} يعني الذي استعجلوه. {وليأتينهم بغتة} أي فجأة. {وهم لا يشعرون} أي لا يعلمون بنزوله عليهم. {يستعجلونك بالعذاب} أي يستعجلونك وقد أعد لهم جهنم وأنها ستحيط بهم لا محالة فما معنى الاستعجال وقيل: نزلت في عبدالله بن أبي أمية وأصحابه من المشركين حين قالوا {أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا} . قوله {يوم يغشاهم العذاب من فوقهم} قيل: هو متصل بما هو قبله؛ أي يوم يصيبهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم فإذا غشيهم العذاب أحاطت بهم جهنم وإنما قال {من تحت أرجلهم} للمقاربة وإلا فالغشيان من فوق أعم؛ كما قال الشاعر: علفتها تبنا وماء باردا ** وقال آخر: لقد كان قوَّاد الجياد إلى العدا ** عليهن غاب من قنى ودروع {ويقول ذوقوا} قرأ أهل المدينة والكوفة {نقول} بالنون الباقون بالياء واختاره أبو عبيد؛ لقوله {قل كفى بالله} ويحتمل أن يكون الملك الموكل بهم يقول {ذوقوا} والقراءتان ترجع إلى معنى أي يقول الملك بأمرنا ذوقوا.
ويستعجلك -أيها الرسول- هؤلاء المشركون من قومك بالعذاب استهزاء، ولولا أن الله جعل لعذابهم في الدنيا وقتًا لا يتقدم ولا يتأخر، لجاءهم العذاب حين طلبوه، وليأتينهم فجأة، وهم لا يشعرون به ولا يُحِسُّون.
يخبر تعالى عن جهل المكذبين للرسول وما جاء به، وأنهم يقولون -استعجالا للعذاب، وزيادة تكذيب- { مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } ؟
يقول تعالى: { وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى } مضروب لنزوله، ولم يأت بعد، { لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ } بسبب تعجيزهم لنا وتكذيبهم الحق، فلو آخذناهم بجهلهم، لكان كلامهم أسرع لبلائهم وعقوبتهم، ولكن -مع ذلك- فلا يستبطئون نزوله، فإنه سيأتيهم { بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }
فوقع كما أخبر اللّه تعالى، لما قدموا لـ "بدر" بطرين مفاخرين، ظانين
أنهم قادرون على مقصودهم، فأهانهم اللّه، وقتل كبارهم، واستوعب جملة أشرارهم، ولم يبق فيهم بيت إلا أصابته تلك المصيبة، فأتاهم العذاب من حيث لم يحتسبوا، ونزل بهم وهم لا يشعرون.
( ويستعجلونك بالعذاب ) نزلت في النضر بن الحارث حين قال : فأمطر علينا حجارة من السماء ( ولولا أجل مسمى ) قال ابن عباس : ما وعدتك أني لا أعذب قومك ولا أستأصلهم وأؤخر عذابهم إلى يوم القيامة كما قال : " بل الساعة موعدهم " ( القمر - 46 ) ، وقال الضحاك : مدة أعمارهم ، لأنهم إذا ماتوا صاروا إلى العذاب ، وقيل : يوم بدر ، ( لجاءهم العذاب وليأتينهم ) يعني : العذاب وقيل الأجل ( بغتة وهم لا يشعرون ) بإتيانه .
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ) الواو حرف استئناف ومضارع وفاعله ومفعوله (بِالْعَذابِ) متعلقان بالفعل والجملة مستأنفة لا محل لها.
(وَ) الواو حالية (لَوْ لا) حرف شرط غير جازم (أَجَلٌ) مبتدأ (مُسَمًّى) صفة وخبر المبتدأ محذوف والجملة الاسمية ابتدائية لا محل لها (لَجاءَهُمُ) اللام واقعة في جواب لولا وماض ومفعوله (الْعَذابُ) فاعل والجملة جواب لولا لا محل لها (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ) الواو حرف عطف واللام موطئة للقسم ومضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والهاء مفعول به والفاعل مستتر (بَغْتَةً) حال والجملة جواب قسم محذوف لا محل لها.
(وَ) الواو حالية (هُمْ) مبتدأ (لا يَشْعُرُونَ) نافية ومضارع مرفوع والواو فاعله والجملة الفعلية خبر هم والجملة الاسمية حال.
Traslation and Transliteration:
WayastaAAjiloonaka bialAAathabi walawla ajalun musamman lajaahumu alAAathabu walayatiyannahum baghtatan wahum la yashAAuroona
They bid thee hasten on the doom (of Allah). And if a term had not been appointed, the doom would assuredly have come unto them (ere now). And verily it will come upon them suddenly when they perceive not.
Ve senden, azabın çarçabuk gelmesini isterler ve muayyen bir zamanı olmasaydı azap, gelip çatardı onlara ve azap, onlara apansız gelecek ve onların haberleri bile olmayacak.
Et ils te demandent de hâter [la venue] du châtiment. S'il n'y avait pas eu un terme fixé, le châtiment leur serait certes venu. Et assurément, il leur viendra soudain, sans qu'ils en aient conscience.
Und sie fordern dich zur Eile mit der Peinigung auf. Und gäbe es keine festgelegte Frist, gewiß käme die Peinigung zu ihnen. Und sie wird doch zu ihnen unerwartet kommen, während sie es nicht merken.
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة العنكبوت (Al-Ankabut - The Spider) |
ترتيبها |
29 |
عدد آياتها |
69 |
عدد كلماتها |
982 |
عدد حروفها |
4200 |
معنى اسمها |
(العَنْكَبُوتُ): الأُنْثَى، وَذَكَرُها: عَنْكَبُ، والجَمْعُ: عَنَاكِبُ وعَنَاكِيبُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بضَرْبِ الْمَثَلِ (بِالْعَنْكَبُوتِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (العَنْكَبُوتِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ وَهَنِ كُلِّ مَا يُعْبَدُ مِن دُونِ اللهِ تَعَالَى وَبُطْلَانِ فِكْرِهِ وَعَقِيدَتِهِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْعَنْكَبُوتِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَمَن جَٰهَدَ فَإِنَّمَا يُجَٰهِدُ لِنَفۡسِهِۦٓۚ ...٦﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ ...٦٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْعَنْكَبُوتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْقَصَصِ):لَمَّا خَتَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (الْقَصَصَ) بِالأَمْرِ بِتَوحِيدِ اللهِ تَعَالَى قَائِلاً: ﴿وَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۘ ...٨٨﴾ نَاسَبَ ذَلِكَ افْتِتَاحَ (الْعَنْكَبُوتِ) بِقَولهِ: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢﴾. |