الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الحج: [الآية 28]

سورة الحج
لِّيَشْهَدُوا۟ مَنَٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا۟ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِىٓ أَيَّامٍ مَّعْلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلْأَنْعَٰمِ ۖ فَكُلُوا۟ مِنْهَا وَأَطْعِمُوا۟ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ ﴿28﴾

تفسير الجلالين:

«ليشهدوا» أي يحضروا «منافع لهم» في الدنيا بالتجارة أو في الآخرة أو فيهما أقوال «ويذكروا اسم الله في أيام معلومات» أي عشر ذي الحجة أو يوم عرفة أو يوم النحر إلى آخر أيام التشريق أقوال «على ما رزقهم من بهيمة الأنعام» الإبل والبقر والغنم التي تنحر في يوم العيد، وما بعده من الهدايا والضحايا «فكلوا منها» إذا كانت مستحبة «وأطعموا البائس الفقير» أي الشديد الفقر.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)

«وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ» الهاء من جهاده تعود على اللّه ، أي يتصفون بالجهاد ، أي في حال جهاده صفة الحق ، أي لا يرون مجاهدا إلا اللّه ، وذلك لأن الجهاد وقع فيه ، ولا يعلم أحد كيف الجهاد في اللّه إلا اللّه ، فإذا ردوا ذلك إلى اللّه وهو قوله : «حَقَّ جِهادِهِ» فنسب الجهاد إليه بإضافة الضمير ، فكان المجاهد لا هم ، أي لا يرون لأنفسهم عملا وإن كانوا محل ظهور الآثار . قال اللّه لموسى عليه السلام يا موسى اشكرني حق الشكر ، قال يا رب ومن يقدر على ذلك ، قال إذا رأيت النعمة مني فقد شكرتني حق الشكر - أخرجه


ابن ماجة في سننه - قال تعالى : «فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ» فكل عمل أضفته إلى اللّه عن ذوق ومشاهدة ، لا عن اعتقاد وحال بل عن مقام وعلم صحيح فقد أعطيت ذلك العمل حقه حيث رأيته ممن هو له «وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» تأمل هذه الآية

فإن لها وجهين كبيرين قريبين خلاف ما لها من الوجوه ، أي خففت عنكم في الحكم ، وما أنزلت عليكم ما يحرجكم ،

وينظر إلى هذا قوله تعالى : «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها»

وقوله تعالى : «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها»

وقوله عليه السلام : [ بعثت بالحنيفية السمحاء ]

وقوله عليه السلام : [ إن الدين يسر ]

فلا يكون الحق يراعي اليسر في الدين ورفع الحرج ويفتي المفتي بخلاف ذلك ، فإن النفوس أبت أن تقف عند الأحكام المنصوص عليها ، فأثبتت لها عللا وجعلتها مقصودة للشارع وطردتها ، وألحقت المسكوت عنه في الحكم بالمنطوق به بعلة جامعة اقتضاها نظر الجاعل المجتهد ، ولو لم يفعل لبقي المسكوت عنه على أصله من الإباحة والعافية ، فكثرت الأحكام بالتعليل وطرد العلة والقياس والرأي والاستحسان ،

وما كان ربك نسيا ، ولكن بحمد اللّه جعل اللّه في ذلك رحمة أخرى لنا ، لولا أن الفقهاء حجرت هذه الرحمة على العامة ، بإلزامهم إياها مذهب شخص معين لم يعينه اللّه ولا رسوله ، ولا دل عليه ظاهر كتاب ولا سنة صحيحة ولا ضعيفة ،

ومنعوه أن يطلب رخصة في نازلته في مذهب عالم آخر اقتضاه اجتهاده ، وشددوا في ذلك وقالوا هذا يفضي إلى التلاعب بالدين ، وتخيلوا أن ذلك دين ، وقد قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : [ إن اللّه تصدق عليكم فاقبلوا صدقته ]

فالرخص مما تصدق اللّه بها على عباده ، وقد أجمعنا على تقرير حكم المجتهد وعلى تقليد العامي له في ذلك الحكم لأنه عنده عن دليل شرعي ، سواء كان صاحب قياس أو غير قائل به ، فتلك الرخصة التي رآها الشافعي في مذهبه على ما اقتضاه دليله ،

وقد قررها الشرع فيمنع المفتي من المالكية المالكي المذهب أن يأخذ برخصة الشافعي التي تعبده بها الشارع –

وإنما أضفناها إلى الشارع لأن الشرع قررها - بمنعه مما يقتضيه الدليل في الأخذ به بأمر لا يقتضيه الدليل الذي لا أصل له ، وهو ربط الرجل نفسه بمذهب خاص لا يعدل عنه إلى غيره ،

ويحجر عليه ما لم يحجر الشرع عليه ، وهذا من أعظم الطوام وأشق الكلف على عباد اللّه ،

فالذي وسع الشرع بتقرير حكم المجتهدين في هذه الأمة ضيقه عوام الفقهاء ،

وأما الأئمة مثل أبي حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل والشافعي فحاشاهم من هذا ،


ما فعله واحد منهم قط ، ولا نقل عنهم أنهم قالوا لأحد اقتصر علينا ، ولا قلدني فيما أفتيك به ، بل المنقول عنهم خلاف هذا رضي اللّه عنهم ،

والوجه الآخر في قوله تعالى:" وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " رفع الحديث من النفس عند توجه الحكم بما لا يوافق الغرض وتمجه النفس ، فكأنه خاطب المؤمنين ومن وجد الحرج ليس بمؤمن ،

وهذا صعب جدا ، فإذا قال تعالى : «وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» فللإنسان إذا توجه عليه حكم بفتيا عالم من العلماء تصعب عليه أن يبحث عند العلماء المجتهدين ،

هل له في تلك النازلة حكم من الشرع أهون من ذلك ، فإن وجده عمل به وارتفع الحرج ، وإن وجد الإجماع في تلك النازلة على ذلك الحكم الذي صعب عليه ، قبله إن كان مؤمنا طيب النفس ، وعادت حزونته سهولة ،

ودفعه له قبولا لما حكم عليه به اللّه ، فيصح بذلك عنده إيمانه ، وهي علامة له على ثبوت الإيمان عنده ، ولما كان هذا المقام شامخا عسيرا على النفوس نيله ،

أقسم بنفسه جل وتعالى عليه ، ولما لم يكن المحكوم عليهم يسمعون ذلك من اللّه وإنما حكم عليهم بذلك رسول اللّه الثابت صدقه ، النائب عن اللّه وخليفته في الأرض ،

لذلك أضاف الاسم إليه عناية به وشرفا له صلّى اللّه عليه وسلم ،

فقال : «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً»

«مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ» ،

فإبراهيم عليه السلام هو أبونا في الإسلام وهو الذي سمانا مسلمين «وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ» فنشهد نحن على الأمم بما أوحى اللّه تعالى به إلينا من قصص أنبيائه مع أممهم ، فالشهادة بالخبر الصادق كالشهادة بالعيان الذي لا ريب فيه ، مثل شهادة خزيمة ، بل الشهادة بالوحي أتم من الشهادة بالعين ، لأن خزيمة لو شهد شهادة عين لم تقم شهادته مقام اثنين ، «فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ» الاعتصام باللّه هو قوله صلّى اللّه عليه وسلم في الاستعاذة «وأعوذ بك منك»

فإنه لا يقاومه شيء من خلقه ، فلا يستعاذ به إلا منه «هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ".


(23) سورة المؤمنون مكيّة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

------------

(78) الفتوحات ج 2 / 148 - كتاب القسم الإلهي - الفتوحات ج 1 / 620 - ج 2 / 685 - كتاب القسم الإلهي - الفتوحات ج 3 / 50 - ج 4 / 85

تفسير ابن كثير:

قال ابن عباس : ( ليشهدوا منافع لهم ) قال : منافع الدنيا والآخرة; أما منافع الآخرة فرضوان الله ، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والربح والتجارات . وكذا قال مجاهد ، وغير واحد : إنها منافع الدنيا والآخرة ، كقوله : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) [ البقرة : 198 ] .

وقوله : ( ويذكروا اسم الله [ في أيام معلومات ] على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) قال شعبة [ وهشيم ] عن [ أبي بشر عن سعيد ] عن ابن عباس : الأيام المعلومات : أيام العشر ، وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به . ويروى مثله عن أبي موسى الأشعري ، ومجاهد ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وعطاء الخراساني ، وإبراهيم النخعي . وهو مذهب الشافعي ، والمشهور عن أحمد بن حنبل .

وقال البخاري : حدثنا محمد بن عرعرة ، حدثنا شعبة ، عن سليمان ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما العمل في أيام أفضل منها في هذه " قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال : " ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل ، يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء " .

ورواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . وقال الترمذي : حديث حسن غريب صحيح . وفي الباب عن ابن عمر ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وجابر .

قلت : وقد تقصيت هذه الطرق ، وأفردت لها جزءا على حدته ، فمن ذلك ما قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، أنبأنا أبو عوانة ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن ، من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهم من التهليل والتكبير والتحميد " وروي من وجه آخر ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، بنحوه . وقال البخاري : وكان ابن عمر ، وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر ، فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما .

وقد روى أحمد عن جابر مرفوعا : إن هذا هو العشر الذي أقسم الله به في قوله : ( والفجر وليال عشر ) [ الفجر : 1 ، 2 ] .

وقال بعض السلف : إنه المراد بقوله : ( وأتممناها بعشر ) [ الأعراف : 142 ] .

وفي سنن أبي داود : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذا العشر .

وهذا العشر مشتمل على يوم عرفة الذي ثبت في صحيح مسلم عن أبي قتادة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة ، فقال : " أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والآتية " .

ويشتمل على يوم النحر الذي هو يوم الحج الأكبر ، وقد ورد في حديث أنه أفضل الأيام عند الله .

وبالجملة ، فهذا العشر قد قيل : إنه أفضل أيام السنة ، كما نطق به الحديث ، ففضله كثير على عشر رمضان الأخير; لأن هذا يشرع فيه ما يشرع في ذلك ، من صيام وصلاة وصدقة وغيره ، ويمتاز هذا باختصاصه بأداء فرض الحج فيه .

وقيل : ذاك أفضل لاشتماله على ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر .

وتوسط آخرون فقالوا : أيام هذا أفضل ، وليالي ذاك أفضل . وبهذا يجتمع شمل الأدلة ، والله أعلم .

قول ثان في الأيام المعلومات : قال الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس : الأيام المعلومات : يوم النحر وثلاثة أيام بعده . ويروى هذا عن ابن عمر ، وإبراهيم النخعي ، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في رواية عنه .

قول ثالث : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي ابن المديني ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا ابن عجلان ، حدثني نافع; أن ابن عمر كان يقول : الأيام المعلومات والمعدودات هن جميعهن أربعة أيام ، فالأيام المعلومات يوم النحر ويومان بعده ، والأيام المعدودات ثلاثة أيام يوم النحر .

هذا إسناد صحيح إليه ، وقاله السدي : وهو مذهب الإمام مالك بن أنس ، ويعضد هذا القول والذي قبله قوله تعالى : ( على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) يعني به : ذكر الله عند ذبحها .

قول رابع : إنها يوم عرفة ، ويوم النحر ، ويوم آخر بعده . وهو مذهب أبي حنيفة .

وقال ابن وهب : حدثني ابن زيد بن أسلم ، عن أبيه أنه قال : المعلومات يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام التشريق .

وقوله : ( على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) يعني : الإبل والبقر والغنم ، كما فصلها تعالى في سورة الأنعام وأنها ( ثمانية أزواج ) الآية [ الأنعام : 143 ] .

وقوله ( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) استدل بهذه الآية من ذهب إلى وجوب الأكل من الأضاحي وهو قول غريب ، والذي عليه الأكثرون أنه من باب الرخصة أو الاستحباب ، كما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نحر هديه أمر من كل بدنة ببضعة فتطبخ ، فأكل من لحمها ، وحسا من مرقها .

وقال عبد الله بن وهب : [ قال لي مالك : أحب أن يأكل من أضحيته; لأن الله يقول : ( فكلوا منها ) : قال ابن وهب ] وسألت الليث ، فقال لي مثل ذلك .

وقال سفيان الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم : ( فكلوا منها ) قال : كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم فرخص للمسلمين ، فمن شاء أكل ، ومن شاء لم يأكل . وروي عن مجاهد ، وعطاء نحو ذلك .

قال هشيم ، عن حصين ، عن مجاهد في قوله ) فكلوا منها ) : هي كقوله : ( وإذا حللتم فاصطادوا ) [ المائدة : 2 ] ، ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) [ الجمعة : 10 ] .

وهذا اختيار ابن جرير في تفسيره ، واستدل من نصر القول بأن الأضاحي يتصدق منها بالنصف بقوله في هذه الآية : ( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) ، فجزأها نصفين : نصف للمضحي ، ونصف للفقراء .

والقول الآخر : أنها تجزأ ثلاثة أجزاء : ثلث له ، وثلث يهديه ، وثلث يتصدق به; لقوله في الآية الأخرى : ( فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ) [ الحج : 36 ] وسيأتي الكلام عليها عندها ، إن شاء الله ، وبه الثقة .

وقوله : ( البائس الفقير ) ، قال عكرمة : هو المضطر الذي عليه البؤس ، [ والفقير ] المتعفف .

وقال مجاهد : هو الذي لا يبسط يده . وقال قتادة : هو الزمن . وقال مقاتل بن حيان : هو الضرير .


تفسير الطبري :

فيه ثلاث وعشرون مسألة: الأولى: قوله تعالى {ليشهدوا} أي أذن بالحج يأتوك رجالا وركبانا ليشهدوا؛ أي ليحضروا. والشهود الحضور. {منافع لهم} أي المناسك، كعرفات والمشعر الحرام. وقيل المغفرة. وقيل التجارة. وقيل هو عموم؛ أي ليحضروا منافع لهم، أي ما يرضي الله تعالى من أمر الدنيا والآخرة؛ قال مجاهد وعطاء واختاره ابن العربي؛ فإنه يجمع ذلك كله من نسك وتجارة ومغفرة ومنفعة دنيا وأخرى. ولا خلاف في أن المراد بقوله{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}[البقرة : 198] التجارة. الثانية: {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} قد مضى في {البقرة} الكلام في الأيام المعلومات والمعدودات. والمراد بذكر اسم الله ذكر التسمية عند الذبح والنحر؛ مثل قولك : باسم الله والله أكبر، اللهم منك ولك. ومثل قولك عند الذبح {إن صلاتي ونسكي}[الأنعام : 162] الآية. وكان الكفار يذبحون على أسماء أصنامهم، فبين الرب أن الواجب الذبح على اسم الله؛ وقد مضى في {الأنعام}. الثالثة: واختلف العلماء في وقت الذبح يوم النحر؛ فقال مالك رضي الله عنه : بعد صلاة الإمام وذبحه؛ إلا أن يؤخر تأخيرا يتعدى فيه فيسقط الاقتداء به. وراعى أبو حنيفة الفراغ من الصلاة دون ذبح. والشافعي دخول وقت الصلاة ومقدار ما توقع فيه الخطبتين؛ فاعتبر الوقت دون الصلاة، هذه رواية المزني عنه، وهو قول الطبري. وذكر الربيع عن البويطي قال قال الشافعي : ولا يذبح أحد حتى يذبح الإمام إلا أن يكون ممن لا يذبح، فإذا صلى وفرغ من الخطبة حل الذبح. وهذا كقول مالك. وقال أحمد : إذا انصرف الإمام فاذبح. وهو قول إبراهيم. وأصح هذه الأقوال قول مالك؛ لحديث جابر بن عبدالله قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدينة، فتقدم رجال فنحروا وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم خرجه مسلم والترمذي وقال : وفي الباب عن جابر وجندب وأنس وعويمر بن أشقر وابن عمر وأبي زيد الأنصاري، وهذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم ألا يضحى بالمصر حتى يصلي الإمام. وقد احتج أبو حنيفة بحديث البراء، وفيه : (ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين). خرجه مسلم أيضا. فعلق الذبح على الصلاة ولم يذكر الذبح، وحديث جابر يقيده. وكذلك حديث البراء أيضا، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا) الحديث. وقال أبو عمر بن عبدالبر : لا أعلم خلافا بين العلماء أن من ذبح قبل الصلاة وكان من أهل المصر أنه غير مضح؛ لقوله عليه السلام : (من ذبح قبل الصلاة فتلك شاة لحم). الرابعة: وأما أهل البوادي ومن لا إمام له فمشهور مذهب مالك يتحرى وقت ذبح الإمام، أو أقرب الأئمة إليه. وقال ربيعة وعطاء فيمن لا إمام له : إن ذبح قبل طلوع الشمس لم يجزه، ويجزيه إن ذبح بعده. وقال أهل الرأي : يجزيهم من بعد الفجر. وهو قول ابن المبارك، ذكره عنه الترمذي. وتمسكوا بقوله تعالى{ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام}، فأضاف النحر إلى اليوم. وهل اليوم من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس، قولان. ولا خلاف أنه لا يجزى ذبح الأضحية قبل طلوع الفجر من يوم النحر. الخامسة: واختلفوا كم أيام النحر؟ فقال مالك : ثلاثة، يوم النحر، ويومان بعده. وبه قال أبو حنيفة والثوري وأحمد بن حنبل، وروي ذلك عن أبي هريرة وأنس بن مالك من غير اختلاف عنهما. وقال الشافعي : أربعة، بيوم النحر وثلاثة بعده. وبه قال الأوزاعي، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، وروي عنهم أيضا مثل قول مالك وأحمد. وقيل : (هو يوم النحر خاصة وهو العاشر من ذي الحجة)؛ وروي عن ابن سيرين. وعن سعيد بن جبير وجابر بن زيد أنهما قالا : النحر في الأمصار يوم واحد وفي منى ثلاثة أيام. وعن الحسن البصري في ذلك ثلاث روايات : إحداها كما قال مالك، والثانية كما قال الشافعي، والثالثة إلى آخر يوم من ذي الحجة؛ فإذا أهل هلال المحرم فلا أضحى. قلت : وهو قول سليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبدالرحمن، ورويا حديثا مرسلا مرفوعا خرجه الدارقطني : الضحايا إلى هلال ذي الحجة؛ ولم يصح، ودليلنا قوله تعالى{في أيام معلومات} الآية، وهذا جمع قلة؛ لكن المتيقن منه الثلاثة، وما بعد الثلاثة غير متيقن فلا يعمل به. قال أبو عمر بن عبدالبر : أجمع العلماء على أن يوم النحر يوم أضحى، وأجمعوا أن لا أضحى بعد انسلاخ ذي الحجة، ولا يصح عندي في هذه إلا قولان : أحدهما : قول مالك والكوفيين. والآخر : قول الشافعي والشاميين؛ وهذان القولان مرويان عن الصحابة فلا معنى للاشتغال بما خالفهما؛ لأن ما خالفهما لا أصل له في السنة ولا في قول الصحابة، وما خرج عن هذين فمتروك لهما. وقد روي عن قتادة قول سادس، وهو أن الأضحى يوم النحر وستة أيام بعده؛ وهذا أيضا خارج عن قول الصحابة فلا معنى له. السادسة: واختلفوا في ليالي النحر هل تدخل مع الأيام فيجوز فيها الذبح أو لا ؛ فروي عن مالك في المشهور أنها لا تدخل فلا يجوز الذبح بالليل. وعليه جمهور أصحابه وأصحاب الرأي؛ لقوله تعالى{ويذكروا اسم الله في أيام} فذكر الأيام، وذكر الأيام دليل على أن الذبح في الليل لا يجوز. وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور : الليالي داخلة في الأيام ويجزى الذبح فيها. وروي عن مالك وأشهب نحوه، ولأشهب تفريق بين الهدي والضحية، فأجاز الهدي ليلا ولم يجز الضحية ليلا. السابعة: قوله تعالى{على ما رزقهم} أي على ذبح ما رزقهم. {من بهيمة الأنعام} والأنعام هنا الإبل والبقر والغنم. وبهيمة الأنعام هي الأنعام، فهو كقولك صلاة الأولى، ومسجد الجامع. الثامنة: قوله تعالى{فكلوا منها} أمر معناه الندب عند الجمهور. ويستحب للرجل أن يأكل من هديه وأضحيته وأن يتصدق بالأكثر، مع تجويزهم الصدقة بالكل وأكل الكل. وشذت طائفة فأوجبت الأكل والإطعام بظاهر الآية. ولقول عليه السلام : (فكلوا وادخروا وتصدقوا). قال الكيا : قوله تعالى{فكلوا منها وأطعموا} يدل على أنه لا يجوز بيع جميعه ولا التصدق بجميعه. التاسعة: دماء الكفارات لا يأكل منها أصحابها. ومشهور مذهب مالك رضي الله عنه أنه لا يأكل من ثلاث : جزاء الصيد، ونذر المساكين وفدية الأذى، ويأكل مما سوى ذلك إذا بلغ محله واجبا كان أو تطوعا، ووافقه على ذلك جماعة من السلف وفقهاء الأمصار. العاشرة: فإن أكل مما منع منه فهل يغرم قدر ما أكل أو يغرم هديا كاملا؛ قولان في مذهبنا، وبالأول قال ابن الماجشون. قال ابن العربي : وهو الحق، لا شيء عليه غيره. وكذلك لو نذر هديا للمساكين فيأكل منه بعد أن بلغ محله لا يغرم إلا ما أكل - خلافا للمدونة - لأن النحر قد وقع، والتعدي إنما هو على اللحم، فيغرم قدر ما تعدى فيه. قوله تعالى{وليوفوا نذورهم} يدل على وجوب إخراج النذر إن كان دما أو هديا أو غيره، ويدل ذلك على أن النذر لا يجوز أن يأكل منه وفاء بالنذر، وكذلك جزاء الصيد وفدية الأذى؛ لأن المطلوب أن يأتي به كاملا من غير نقص لحم ولا غيره، فإن أكل من ذلك كان عليه هدي كامل. والله أعلم. الحادية عشرة: هل يغرم قيمة اللحم أو يغرم طعاما؛ ففي كتاب محمد عن عبدالملك أنه يغرم طعاما. والأول أصح؛ لأن الطعام إنما هو في مقابلة الهدي كله عند تعذره عبادة، وليس حكم التعدي حكم العبادة. الثانية عشرة: فإن عطب من هذا الهدي المضمون الذي هو جزاء الصيد وفدية الأذى ونذر المساكين شيء قبل محله أكل منه صاحبه وأطعم منه الأغنياء والفقراء ومن أحب، ولا يبيع من لحمه ولا جلده ولا من قلائده شيئا. قال إسماعيل بن إسحاق : لأن الهدي المضمون إذا عطب قبل أن يبلغ محله كان عليه بدله، ولذلك جاز أن يأكل منه صاحبه ويطعم. فإذا عطب الهدي التطوع قبل أن يبلغ محله لم يجز أن يأكل منه ولا يطعم؛ لأنه لما لم يكن عليه بدله خيف أن يفعل ذلك بالهدي وينحر من غير أن يعطب، فاحتيط على الناس، وبذلك مضى العمل. وروى أبو داود عن ناجية الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بهدي وقال : (إن عطب منها شيء فانحره ثم اصبغ نعله في دمه ثم خل بينه وبين الناس). وبهذا الحديث قال مالك والشافعي في أحد قوليه، وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي ومن اتبعهم في الهدي التطوع : لا يأكل منها سائقها شيئا، ويخلى بينها وبين الناس يأكلونها. وفي صحيح مسلم : (ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك). وبظاهر هذا النهي قال ابن عباس والشافعي في قوله الآخر، واختاره ابن المنذر، فقالا : لا يأكل منها ولا أحد من أهل رفقته. قال أبو عمر : قوله عليه السلام (ولا يأكل منها أحد ولا أحد من أهل رفقتك) لا يوجد إلا في حديث ابن عباس. وليس ذلك في حديث هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية. وهو عندنا أصح من حديث ابن عباس، وعليه العمل عند الفقهاء. ويدخل في قوله عليه السلام : (خل بينها وبين الناس) أهل رفقته وغيرهم. وقال الشافعي وأبو ثور : ما كان من الهدي أصله واجبا فلا يأكل منه، وما كان تطوعا ونسكا أكل منه وأهدى وادخر وتصدق. والمتعة والقران عنده نسك. ونحوه مذهب الأوزاعي. وقال أبو حنيفة وأصحابه : يأكل من هدي المتعة والتطوع، ولا يأكل مما سوى ذلك مما وجب بحكم الإحرام. وحكي عن مالك : لا يأكل من دم الفساد. وعلى قياس هذا لا يأكل من دم الجبر؛ كقول الشافعي والأوزاعي. تمسك مالك بأن جزاء الصيد جعله الله للمساكين بقوله تعالى{أو كفارة طعام مساكين}[المائدة : 95]. وقال في فدية الأذى{ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}[البقرة : 196]. وقال صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة : (أطعم ستة مساكين مدين لكل مسكين أو صم ثلاثة أيام أو انسك شاة). ونذر المساكين مصرح به، وأما غير ذلك من الهدايا فهو باق على أصل قوله{والبدن جعلناها لكم من شعائر الله} إلى قوله {فكلوا منها}[الحج : 36]. وقد أكل النبي صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه من الهدي الذي جاء به وشربا من مرقه. وكان عليه السلام قارنا في أصح الأقوال والروايات؛ فكان هديه على هذا واجبا، فما تعلق به أبو حنيفة غير صحيح. والله أعلم. وإنما أذن الله سبحانه من الأكل من الهدايا لأجل أن العرب كانت لا ترى أن تأكل من نسكها، فأمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم؛ فلا جرم كذلك شرع وبلغ، وكذلك فعل حين أهدى وأحرم صلى الله عليه وسلم. الثالثة عشرة: {فكلوا منها} قال بعض العلماء : قوله تعالى{فكلوا منها} ناسخ لفعلهم، لأنهم كانوا يحرمون لحوم الضحايا على أنفسهم ولا يأكلون منها - كما قلناه في الهدايا - فنسخ الله ذلك بقوله{فكلوا منها} وبقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من ضحى فليأكل من أضحيته) ولأنه عليه السلام أكل من أضحيته وهديه. وقال الزهري : من السنة أن تأكل أولا من الكبد. الرابعة عشرة: ذهب أكثر العلماء إلى أنه يستحب أن يتصدق بالثلث ويطعم الثلث ويأكل هو وأهله الثلث. وقال ابن القاسم عن مالك : ليس عندنا في الضحايا قسم معلوم موصوف. قال مالك في حديثه : وبلغني عن ابن مسعود، وليس عليه العمل. روى الصحيح وأبو داود قال : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ثم قال : (يا ثوبان، أصلح لحم هذه الشاة) قال : فما زلت أطعمه منها حتى قدم المدينة. وهذا نص في الفرض. واختلف قول الشافعي؛ فمرة قال : يأكل النصف ويتصدق بالنصف لقوله تعالى{فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير{ فذكر شخصين. وقال مرة : يأكل ثلثا ويهدي ثلثا ويطعم ثلثا، لقوله تعالى{فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر}الحج : 36] فذكر ثلاثة. الخامسة عشرة: المسافر يخاطب بالأضحية كما يخاطب بها الحاضر؛ إذ الأصل عموم الخطاب بها، وهو قول كافة العلماء. وخالف في ذلك أبو حنيفة والنخعي، وروي عن علي؛ والحديث حجة عليهم. واستثنى مالك من المسافرين الحاج بمنى، فلم ير عليه أضحية، وبه قال النخعي. وروي ذلك عن الخليفتين أبي بكر وعمر وجماعة من السلف رضي الله عنهم؛ لأن الحاج إنما هو مخاطب في الأصل بالهدي. فإذا أراد أن يضحي جعله هديا، والناس غير الحاج إنما أمروا بالأضحية ليتشبهوا بأهل منى فيحصل لهم حظ من أجرهم. السادسة عشرة: اختلف العلماء في الادخار على أربعة أقوال. روي عن علي وابن عمر رضي الله عنهما من وجه صحيح أنه لا يدخر من الضحايا بعد ثلاث. وروياه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي. وقالت جماعة : ما روي من النهي عن الادخار منسوخ؛ فيدخر إلى أي وقت أحب. وبه قال أبو سعيد الخدري وبريدة الأسلمي، وقالت فرقة : يجوز الأكل منها مطلقا. وقالت طائفة : إن كانت بالناس حاجة إليها فلا يدخر، لأن النهي إنما كان لعلة وهي قوله عليه السلام : (إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت) ولما ارتفعت ارتفع المنع المتقدم لارتفاع موجبه، لا لأنه منسوخ. وتنشأ هنا مسألة أصولية : وهي الفرق بين رفع الحكم بالنسخ ورفعه لارتفاع علته. أعلم أن المرفوع بالنسخ لا يحكم به أبدا، والمرفوع لارتفاع علته يعود الحكم لعود العلة؛ فلو قدم على أهل بلدة ناس محتاجون في زمان الأضحى؛ ولم يكن عند أهل ذلك البلد سعة يسدون بها فاقتهم إلا الضحايا لتعين عليهم ألا يدخروها فوق ثلاث كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. الثامنة عشرة: الأحاديث الواردة في هذا الباب بالمنع والإباحة صحاح ثابتة. وقد جاء المنع والإباحة معا؛ كما هو منصوص في حديث عائشة وسلمة بن الأكوع وأبي سعيد الخدري رواها الصحيح. وروى الصحيح عن أبي عبيد مولى ابن أزهر أنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب قال : ثم صليت العيد مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال : فصلى لنا قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث ليال فلا تأكلوها. وروي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث. قال سالم : فكان ابن عمر لا يأكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث. وروى أبو داود عن نبيشة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنا كنا نهيناكم عن لحومها فوق ثلاث لكي تسعكم جاء الله بالسعة فكلوا وادخروا واتجروا إلا أن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل). قال أبو جعفر النحاس : وهذا القول أحسن ما قيل في هذا حتى تتفق الأحاديث ولا تضاد، ويكون قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعثمان محصور، لأن الناس كانوا في شدة محتاجين، ففعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمت الدافة. والدليل على هذا ما حدثنا إبراهيم بن شريك قال : حدثنا أحمد قال حدثنا ليث قال حدثني الحارث بن يعقوب عن يزيد بن أبي يزيد عن امرأته أنها سألت عائشة رضي الله عنها عن لحوم الأضاحي فقالت : قدم علينا علي بن أبي طالب من سفر فقدمنا إليه منه، فأبى أن يأكل حتى يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال(كل من ذي الحجة إلى ذي الحجة). وقال الشافعي : من قال بالنهي عن الادخار بعد ثلاث لم يسمع الرخصة. ومن قال بالرخصة مطلقا لم يسمع النهي عن الادخار. ومن قال بالنهي والرخصة سمعهما جميعا فعمل بمقتضاهما. والله أعلم. وسيأتي في سورة {الكوثر} الاختلاف في وجوب الأضحية وندبيتها وأنها ناسخة لكل ذبح تقدم، إن شاء الله تعالى. التاسعة عشرة: قوله تعالى{وأطعموا البائس الفقير} {الفقير} من صفة البائس، وهو الذي ناله البؤس وشدة الفقر؛ يقال : بئس يبأس بأسا إذا افتقر؛ فهو بائس. وقد يستعمل فيمن نزلت به نازلة دهر وإن لم يكن فقيرا؛ ومنه قوله عليه السلام : (لكن البائس سعد بن خولة). ويقال : رجل بئيس أي شديد. وقد بؤس يبؤس بأسا إذ اشتد؛ ومنه قوله تعالى{وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس}[الأعراف : 165] أي شديد. وكلما كان التصدق بلحم الأضحية أكثر كان الأجر أوفر. وفي القدر الذي يجوز أكله خلاف قد ذكرناه؛ فقيل النصف؛ لقوله{فكلوا}، {وأطعموا} وقيل الثلثان؛ لقوله : (ألا فكلوا وادخروا واتجروا) أي اطلبوا الأجر بالإطعام. واختلف في الأكل والإطعام؛ فقيل واجبان. وقيل مستحبان. وقيل بالفرق بين الأكل والإطعام؛ فالأكل مستحب والإطعام واجب؛ وهو قول الشافعي. الموفية عشرين: قوله تعالى{ثم ليقضوا تفثهم} أي ثم ليقضوا بعد نحر الضحايا والهدايا ما بقي عليهم من أمر الحج؛ كالحلق ورمي الجمار وإزالة شعث ونحوه. قال ابن عرفة : أي ليزيلوا عنهم أدرانهم. وقال الأزهري : التفث الأخذ من الشارب وقص الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة؛ وهذا عند الخروج من الإحرام. وقال النضر بن شميل : التفث في كلام العرب إذهاب الشعث وسمعت الأزهري يقول : التفث في كلام العرب لا يعرف إلا من قول ابن عباس وأهل التفسير. وقال الحسن : (هو إزالة قشف الإحرام. وقيل : التفث مناسك الحج كلها)، رواه ابن عمر وابن عباس. قال ابن العربي : لو صح عنهما لكان حجة لشرف الصحبة والإحاطة باللغة، قال : وهذه اللفظة غريبة لم يجد أهل العربية فيها شعرا ولا أحاطوا بها خبرا؛ لكني تتبعت التفث لغة فرأيت أبا عبيدة معمر بن المثنى قال : إنه قص الأظفار وأخذ الشارب، وكل ما يحرم على المحرم إلا النكاح. قال : ولم يجيء فيه شعر يحتج به. وقال صاحب العين : التفث هو الرمي والحلق والتقصير والذبح وقص الأظفار والشارب والإبط. وذكر الزجاج والفراء نحوه، ولا أراه أخذوه إلا من قول العلماء. وقال قطرب : تفث الرجل إذا كثر وسخه. قال أمية بن أبي الصلت : حفوا رؤوسهم لم يحلقوا تفثا ** ولم يسلوا لهم قملا وصئبانا وما أشار إليه قطرب هو الذي قال ابن وهب عن مالك، وهو الصحيح في التفث. وهذه صورة إلقاء التفث لغة، وأما حقيقته الشرعية فإذا نحر الحاج أو المعتمر هديه وحلق رأسه وأزال وسخه وتطهر وتنقى ولبس فقد أزال تفثه ووفى نذره؛ والنذر ما لزم الإنسان والتزمه. قلت : ما حكاه عن قطرب وذكر من الشعر قد ذكره في تفسيره الماوردي وذكر بيتا آخر فقال : قضوا تفثا ونحبا ثم ساروا ** إلى نجد وما انتظروا عليا وقال الثعلبي : وأصل التفث في اللغة الوسخ؛ تقول العرب للرجل تستقذره : ما أتفثك؛ أي ما أوسخك وأقذرك. قال أمية بن أبي الصلت : ساخين آباطهم لم يقذفوا تفثا ** وينزعوا عنهم قملا وصئبانا الماوردي : قيل لبعض الصلحاء ما المعنى في شعث المحرم؟ قال : ليشهد الله تعالى منك الإعراض عن العناية بنفسك فيعلم صدقك في بذلها لطاعته. الحاديةوالعشرون: قوله تعالى{وليوفوا نذورهم} أمروا بوفاء النذر مطلقا إلا ما كان معصية؛ لقوله عليه السلام : (لا وفاء لنذر في معصية الله)، وقوله : (من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه) {وليطوفوا بالبيت العتيق} الطواف المذكور في هذه الآية هو طواف الإفاضة الذي هو من واجبات الحج. قال الطبري : لا خلاف بين المتأولين في ذلك. الثانية والعشرون: للحج ثلاثة أطواف : طواف القدوم، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع. قال إسماعيل بن إسحاق : طواف القدوم سنة، وهو ساقط عن المراهق وعن المكي وعن كل من يحرم بالحج من مكة. قال : والطواف الواجب الذي لا يسقط بوجه من الوجوه، وهو طواف الإفاضة الذي يكون بعد عرفة؛ قال الله تعالى{ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق}. قال : فهذا هو الطواف المفترض في كتاب الله عز وجل، وهو الذي يحل به الحاج من إحرامه كله. قال الحافظ أبو عمر : ما ذكره إسماعيل في طواف الإفاضة هو قول مالك عند أهل المدينة، وهي رواية ابن وهب وابن نافع وأشهب عنه. وهو قول جمهور أهل العلم من فقهاء أهل الحجاز والعراق. وقد روى ابن القاسم وابن عبدالحكم عن مالك أن طواف القدوم واجب. وقال ابن القاسم في غير موضع من المدونة ورواه أيضا عن مالك : الطواف الواجب طواف القادم مكة. وقال : من نسي الطواف في حين دخوله مكة أو نسي شوطا منه، أو نسي السعي أو شوطا منه حتى رجع إلى بلده ثم ذكره، فإن لم يكن أصاب النساء رجع إلى مكة حتى يطوف بالبيت ويركع ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يهدي. وإن أصاب النساء رجع فطاف وسعى، ثم اعتمر وأهدى. وهذا كقوله فيمن نسي طواف الإفاضة سواء. فعلى هذه الرواية الطوافان جميعا واجبان، والسعي أيضا. وأما طواف الصدر وهو المسمى بطواف الوداع فروى ابن القاسم وغيره عن مالك فيمن طاف طواف الإفاضة على غير وضوء : أنه يرجع من بلده فيفيض إلا أن يكون تطوع بعد ذلك. وهذا مما أجمع عليه مالك وأصحابه، وأنه يجزيه تطوعه عن الواجب المفترض عليه من طوافه. وكذلك أجمعوا أن من فعل في حجه شيئا تطوع به من عمل الحج، وذلك الشيء واجب في الحج قد جاز وقته، فإن تطوعه ذلك يصير للواجب لا للتطوع؛ بخلاف الصلاة. فإذا كان التطوع ينوب عن الفرض في الحج كان الطواف لدخول مكة أحرى أن ينوب عن طواف الإفاضة، إلا ما كان من الطواف بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر أو بعده للوداع. ورواية ابن عبدالحكم عن مالك بخلاف ذلك؛ لأن فيها أن طواف الدخول مع السعي ينوب عن طواف الإفاضة لمن رجع إلى بلده مع الهدي، كما ينوب طواف الإفاضة مع السعي لمن لم يطف ولم يسع حين دخوله مكة مع الهدي أيضا عن طواف القدوم. ومن قال هذا قال : إنما قيل لطواف الدخول واجب ولطواف الإفاضة واجب لأن بعضهما ينوب عن بعض، ولأنه قد روي عن مالك أنه يرجع من نسي أحدهما من بلده على ما ذكرنا، ولأن الله عز وجل لم يفترض على الحاج إلا طوافا واحدا بقوله{وأذن في الناس بالحج}، وقال في سياق الآية{وليطوفوا بالبيت العتيق} والواو عندهم في هذه الآية وغيرها لا توجب رتبة إلا بتوقيف. وأسند الطبري عن عمرو بن أبي سلمة قال : سألت زهيرا عن قوله تعالى{وليطوفوا بالبيت العتيق} فقال : هو طواف الوداع. وهذا يدل على أنه واجب، وهو أحد قولي الشافعي؛ لأنه عليه السلام رخص للحائض أن تنفر دون أن تطوفه، ولا يرخص إلا في الواجب. الثالثة والعشرون: اختلف المتأولون في وجه صفة البيت بالعتيق؛ فقال مجاهد والحسن : العتيق القديم. يقال : سيف عتيق، وقد عتق أي قدم؛ وهذا قول يعضده النظر. وفي الصحيح (أنه أول مسجد وضع في الأرض). وقيل عتيقا لأن الله أعتقه من أن يتسلط عليه جبار بالهوان إلى انقضاء الزمان؛ قال معناه ابن الزبير مجاهد. وفي الترمذي عن عبدالله بن الزبير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار) قال : هذا حديث حسن صحيح، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. فإن ذكر ذاكر الحجاج بن يوسف ونصبه المنجنيق على الكعبة حتى كسرها قيل له : إنما أعتقها عن كفار الجبابرة؛ لأنهم إذا أتوا بأنفسهم متمردين ولحرمة البيت غير معتقدين، وقصدوا الكعبة بالسوء فعصمت منهم ولم تنلها أيديهم، كان ذلك دلالة على أن الله عز وجل صرفهم عنها قسرا. فأما المسلمون الذين اعتقدوا حرمتها فإنهم إن كفوا عنها لم يكن في ذلك من الدلالة على منزلتها عند الله مثل ما يكون منها في كف الأعداء؛ فقصر الله تعالى هذه الطائفة عن الكف بالنهي والوعيد، ولم يتجاوزه إلى الصرف بالإلجاء والاضطرار، وجعل الساعة موعدهم، والساعة أدهى وأمر. وقالت طائفة : سمي عتيقا لأنه لم يملك موضعه قط. وقالت فرقة : سمي عتيقا لأن الله عز وجل يعتق فيه رقاب المذنبين من العذاب. وقيل : سمي عتيقا لأنه أعتق من غرق الطوفان؛ قال ابن جبير. وقيل : العتيق الكريم. والعتق الكرم. قال طرفة يصف أذن الفرس : مؤللتان تعرف العتق فيهما ** كسامعتي مذعورة وسط ربرب وعتق الرقيق : الخروج من ذل الرق إلى كرم الحرية. ويحتمل أن يكون العتيق صفة مدح تقتضي جودة الشيء؛ كما قال عمر : حملت على فرس عتيق؛ الحديث. والقول الأول أصح للنظر والحديث الصحيح. قال مجاهد : خلق الله البيت قبل الأرض بألفي عام، وسمي عتيقا لهذا؛ والله أعلم.

التفسير الميسّر:

وأعلِمْ- يا إبراهيم- الناس بوجوب الحج عليهم يأتوك على مختلف أحوالهم مشاةً وركبانًا على كل ضامر من الإبل، وهو: (الخفيف اللحم من السَّيْر والأعمال لا من الهُزال)، يأتين من كل طريق بعيد؛ ليحضروا منافع لهم من: مغفرة ذنوبهم، وثواب أداء نسكهم وطاعتهم، وتكَسُّبِهم في تجاراتهم، وغير ذلك؛ وليذكروا اسم الله على ذَبْح ما يتقربون به من الإبل والبقر والغنم في أيام معيَّنة هي: عاشر ذي الحجة وثلاثة أيام بعده؛ شكرًا لله على نعمه، وهم مأمورون أن يأكلوا مِن هذه الذبائح استحبابًا، ويُطعموا منها الفقير الذي اشتد فقره.

تفسير السعدي

ثم ذكر فوائد زيارة بيت الله الحرام، مرغبا فيه فقال: { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ } أي: لينالوا ببيت الله منافع دينية، من العبادات الفاضلة، والعبادات التي لا تكون إلا فيه، ومنافع دنيوية، من التكسب، وحصول الأرباح الدنيوية، وكل هذا أمر مشاهد كل يعرفه، { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } وهذا من المنافع الدينية والدنيوية، أي: ليذكروا اسم الله عند ذبح الهدايا، شكرا لله على ما رزقهم منها، ويسرها لهم، فإذا ذبحتموها { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ } أي: شديد الفقر


تفسير البغوي

( ليشهدوا ) ليحضروا ( وهي رواية ابن زيد عن ابن عباس ، قال : الأسواق وقال مجاهد : التجارة وما يرضى الله به من أمر الدنيا والآخرة . ( ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ) يعني عشر ذي الحجة في قول أكثر المفسرين قيل لها " معلومات " للحرص على علمها بحسابها من أجل وقت الحج في آخرها ويروى عن علي رضي الله عنه أنها يوم النحر وثلاثة أيام بعده وفي رواية عطاء عن ابن عباس أنها يوم عرفة والنحر وأيام التشريق وقال مقاتل : المعلومات أيام التشريق . ( على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) يعني الهدايا ، والضحايا تكون من النعم وهي الإبل والبقر والغنم

واختار الزجاج أن الأيام المعلومات يوم النحر وأيام التشريق لأن الذكر على بهيمة الأنعام يدل على التسمية على نحرها ونحر الهدايا يكون في هذه الأيام . ( فكلوا منها ) أمر إباحة وليس بواجب وإنما قال ذلك لأن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون من لحوم هداياهم شيئا واتفق العلماء على أن الهدي إذا كان تطوعا يجوز للمهدي أن يأكل منه وكذلك أضحية التطوع لما

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري ، أخبرنا أحمد بن علي الكشميهني ، أخبرنا علي بن حجر ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال في قصة حجة الوداع : وقدم علي ببدن من اليمن وساق رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة بدنة فنحر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين بدنة بيده ونحر علي ما بقي ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤخذ بضعة من كل بدنة فتجعل في قدر فأكلا من لحمها وحسيا من مرقها .

واختلفوا في الهدي الواجب بالشرع هل يجوز للمهدي أن يأكل منه شيئا؟ مثل دم التمتع والقران والدم الواجب بإفساد الحج وفواته وجزاء الصيد؟

فذهب قوم إلى أنه لا يجوز أن يأكل منه شيئا وبه قال الشافعي ، وكذلك ما أوجبه على نفسه بالنذر وقال ابن عمر : لا يأكل من جزاء الصيد والنذر ويأكل مما سوى ذلك ، وبه قال أحمد وإسحاق ، وقال مالك : يأكل من هدي التمتع ومن كل هدي وجب عليه إلا من فدية الأذى وجزاء الصيد والمنذور وعند أصحاب الرأي يأكل من دم التمتع والقران ولا يأكل من واجب سواهما

قوله عز وجل ( وأطعموا البائس الفقير ) يعني الزمن الفقير الذي لا شيء له و " البائس " الذي اشتد بؤسه والبؤس شدة الفقر


الإعراب:

(لِيَشْهَدُوا) اللام لام التعليل والمضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل بحذف النون والواو فاعل والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر متعلقان بأذن (مَنافِعَ) مفعول به (لَهُمْ) متعلقان بمنافع (وَيَذْكُرُوا) الجملة معطوفة على يشهدوا وإعرابها مثلها (اسْمَ) مفعول به (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه (فِي أَيَّامٍ) متعلقان بيذكروا (معدودات) صفة لأيام مجرور بالكسرة (عَلى) حرف جر (ما) موصولية متعلقان بيذكروا (رَزَقَهُمْ) ماض فاعله مستتر والهاء مفعوله والميم للجماعة والجملة صلة (مِنْ بَهِيمَةِ) متعلقان برزقهم (الْأَنْعامِ) مضاف إليه (فَكُلُوا) الفاء الفصيحة وأمر فاعله والجملة لا محل لها لأنها وقعت جواب شرط غير جازم (مِنْها) متعلقان بكلوا (وَأَطْعِمُوا) الجملة معطوفة وإعرابها مثلها (الْبائِسَ) مفعول به (الْفَقِيرَ) صفة منصوبة

---

Traslation and Transliteration:

Liyashhadoo manafiAAa lahum wayathkuroo isma Allahi fee ayyamin maAAloomatin AAala ma razaqahum min baheemati alanAAami fakuloo minha waatAAimoo albaisa alfaqeera

بيانات السورة

اسم السورة سورة الحج (Al-Hajj - The Pilgrimage)
ترتيبها 22
عدد آياتها 78
عدد كلماتها 1279
عدد حروفها 5196
معنى اسمها (الحَجُّ): مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلامِ، فُرِضَ علَى الْمُسْلِمِ المُكَلَّفِ مَرَّةً فِي العُمُرِ لِمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا
سبب تسميتها ذِكْرُ أَصْلِ فَرِيضَةِ (الحَجِّ) عَلَى لِسَانِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام
أسماؤها الأخرى لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الحَجِّ)
مقاصدها تَعْظِيمُ اللهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمُ شَعَائِرَهِ وَأَحْكَامِهِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَين، سَأَلَ عُقْبَةُ بنُ عَامِرٍ رضي الله عنه رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَفُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ عَلَى سَائِرِ الْقُرْآنِ بِسَجْدَتَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ. (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الحَجِّ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ السَّاعَةِ وَمَشَاهِدِهَا، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ ١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا ...٧٨﴾، وَذَلِكَ يَومُ القِيَامَةِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الحَجِّ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الأَنْبِيَاءِ عليه السلام): لَمَّا خَتَمَ اللهُ تعَالَى سُورَةَ (الأَنْبِيَاءِ) بِتَوبِيخِ الكُفَّارِ بِقَولِهِ: ﴿وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ١١٢﴾ نَاسَبَ ذَلِكَ افْتِتَاحَ (الحَجِّ) بِالأَمْرِ بِتَقْوَى اللهِ؛ فَقَالَ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ ١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!