المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة ابراهيم: [الآية 18]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة ابراهيم | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (51) هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (52)
[ «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» ]
-الوجه الأول - «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» فهو بلاغ للإنسان من كونه من الناس «وَلِيُنْذَرُوا بِهِ» من كونه على قدم غرور وخطر فيحذرو «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ»
أي بفعل ما يريد ما ثمّ آخر يرده عن إرادته فيك ويصده «وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ»
بما أشهدهم على نفسه أنه ربه ، ليقوم بما يجب على المملوك في حق سيده الذي أقر له بالملك ، فإن التذكر لا يكون إلا عن علم متقدم منسي ، فيذكره من يعلم ذلك ، فالقرآن بلاغ من وجه وإنذار من وجه وإعلام من وجه وتذكرة لما نسيه من وجه ، والمخاطب بهذا كله واحد العين وهو الإنسان
- الوجه الثاني -ميز اللّه بين طبقات العالم ليعلموا أن اللّه قد رفع بعضهم فوق بعض درجات فقال : «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» يريد طائفة مخصوصة لا يعقلون منه سوى أنه بلاغ ، يسمعون حروفه إيمانا بها أنها من عند اللّه لا يعرفون غير ذلك «وَلِيُنْذَرُوا بِهِ» في حق طائفة أخرى عينها بهذا الخطاب «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ» في حق طائفة أخرى عينها بهذا الخطاب ، وأراد بالعلم هنا الإيمان ، وهو الذي يعول عليه في السعادة ، فإن اللّه به أمر ،
وسميناه علما لكون المخبر هو اللّه فقال : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) وقال تعالى : «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ» «وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ» في حق طائفة أخرى وهم العلماء باللّه وبالأمر على ما هو عليه ، فيتذكر أرباب العقول ما كانوا قد علموه قبل ، أي ما جاءوا بما تحيله الأدلة الغامض إدراكها ،
فإنها لب الدلالات ، والقرآن واحد في نفسه ، تكون الآية منه تذكرة لذي اللب ، وتوحيدا لطالب العلم بتوحيده ، وإنذارا للمترقب الحذر ، وبلاغا للسامع ليحصل له أجر السماع ، كالأعجمي الذي لا يفهم اللسان ، فيسمع
فيعظم كلام اللّه من حيث نسبته إلى اللّه ، ولا يعرف معنى ذلك اللفظ حتى يشرح له بلسانه ويترجم له عنه .
(15) سورة الحجر مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(51) الفتوحات ج 4 / 268 - ج 3 / 85 - ج 1 / 513">513 - ج 3 / 85 - ج 1 / 326 - ج 3 / 85 - ج 1 / 513">513 - ج 3 / 544تفسير ابن كثير:
هذا مثل ضربه الله تعالى لأعمال الكفار الذين عبدوا مع الله غيره ، وكذبوا رسله ، وبنوا أعمالهم على غير أساس صحيح; فانهارت وعدموها أحوج ما كانوا إليها ، فقال تعالى : ( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم ) أي : مثل أعمال الذين كفروا يوم القيامة إذا طلبوا ثوابها من الله تعالى; لأنهم كانوا يحسبون أنهم على شيء ، فلم يجدوا شيئا ، ولا ألفوا حاصلا إلا كما يتحصل من الرماد إذا اشتدت به الريح العاصفة ( في يوم عاصف ) أي : ذي ريح عاصفة قوية ، فلا [ يقدرون على شيء من أعمالهم التي كسبوها في الدنيا إلا كما ] يقدرون على جمع هذا الرماد في هذا اليوم ، كما قال تعالى : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) [ الفرقان : 23 ] وقال تعالى : ( مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته ) [ آل عمران : 117 ] ، وقال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ) [ البقرة : 264 ] .
وقال في هذه الآية : ( ذلك هو الضلال البعيد ) أي : سعيهم وعملهم على غير أساس ولا استقامة حتى فقدوا ثوابهم أحوج ما هم إليه ، ( ذلك هو الضلال البعيد ) .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يخبر تعالى عن أعمال الكفار التي عملوها: إما أن المراد بها الأعمال التي عملوها لله، بأنها في ذهابها وبطلانها واضمحلالها كاضمحلال الرماد، الذي هو أدق الأشياء وأخفها، إذا اشتدت به الريح في يوم عاصف شديد الهبوب، فإنه لا يبقى منه شيئا، ولا يقدر منه على شيء يذهب ويضمحل، فكذلك أعمال الكفار { لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ } ولا على مثقال ذرة منه لأنه مبني على الكفر والتكذيب.
{ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ } حيث بطل سعيهم واضمحل عملهم، وإما أن المراد بذلك أعمال الكفار التي عملوها ليكيدوا بها الحق، فإنهم يسعون ويكدحون في ذلك ومكرهم عائد عليهم ولن يضروا الله ورسله وجنده وما معهم من الحق شيئا.
تفسير البغوي
( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم ) يعني : أعمال الذين كفروا بربهم - كقوله تعالى : ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم ) ( الزمر - 60 ) - أي : ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة ( كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ) وصف اليوم بالعصوف ، والعصوف من صفة الريح لأن الريح تكون فيها ، كما يقال : يوم حار ويوم بارد ، لأن الحر والبرد فيه .
وقيل : معناه : في يوم عاصف الريح ، فحذف الريح لأنها قد ذكرت من قبل . وهذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار ، يريد : أنهم لا ينتفعون بأعمالهم التي عملوها في الدنيا لأنهم أشركوا فيها غير الله كالرماد الذي ذرته الريح لا ينتفع به ، فذلك قوله تعالى :
( لا يقدرون ) يعني : الكفار ( مما كسبوا ) في الدنيا ( على شيء ) في الآخرة ( ذلك هو الضلال البعيد ) .
الإعراب:
(مَثَلُ) مبتدأ (الَّذِينَ) موصول مضاف إليه والجملة مستأنفة (كَفَرُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (بِرَبِّهِمْ) متعلقان بكفروا (أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ) مبتدأ والهاء مضاف إليه ومتعلقان بالخبر والجملة استئنافية (اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ) ماض والتاء للتأنيث والريح فاعله ومتعلقان باشتدت والجملة صفة لرماد (فِي يَوْمٍ) متعلقان باشتدت (عاصِفٍ) صفة ليوم (لا يَقْدِرُونَ) لا نافية ومضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة مستأنفة (مِمَّا) ما موصولية ومتعلقان بمحذوف حال (كَسَبُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (عَلى شَيْءٍ) متعلقان بيقدرون (ذلِكَ) ذا اسم إشارة مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب (هُوَ) مبتدأ ثان (الضَّلالُ) خبر هو والجملة خبر ذلك (الْبَعِيدُ) صفة الضلال.