«والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض» بالكفر والمعاصي «أولئك لهم اللعنة» البعد من رحمة الله «ولهم سوء الدار» العاقبة السيئة في الدار الآخرة وهي جهنم.
وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)
" فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً» يعني المكر المضاف إلى عباده والمكر المضاف إليه سبحانه فنفى المكر عنهم «يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ» فأتى بلفظ كل وهي حرف شمول فشملت كل نفس فما تركت شيئا في هذا الموضع «وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ» الكافر الذي ستر عنه هذا العلم في الحياة الدنيا «لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ» في الدار الآخرة حيث ينكشف الغطاء عن الأعين فيعلم من كان يجهل .
------------
(42) الفتوحات ج 1 /
698 - ج 4 /
249
هذا حال الأشقياء وصفاتهم ، وذكر مآلهم في الدار الآخرة ومصيرهم إلى خلاف ما صار إليه المؤمنون ، كما أنهم اتصفوا بخلاف صفاتهم في الدنيا ، فأولئك كانوا يوفون بعهد الله ويصلون ما أمر الله به أن يوصل ، وهؤلاء ( ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض ) كما ثبت في الحديث : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان " وفي رواية : " وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر " .
ولهذا قال : ( أولئك لهم اللعنة ) وهي الإبعاد عن الرحمة ، ( ولهم سوء الدار ) وهي سوء العاقبة والمآل ، ومأواهم جهنم وبئس القرار .
وقال أبو العالية في قوله : ( والذين ينقضون عهد الله ) الآية ، قال : هي ست خصال في المنافقين إذا كان فيهم الظهرة على الناس أظهروا هذه الخصال : إذا حدثوا كذبوا ، وإذا وعدوا أخلفوا ، وإذا ائتمنوا خانوا ، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه ، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل ، وأفسدوا في الأرض . وإذا كانت الظهرة عليهم أظهروا الثلاث الخصال : إذا حدثوا كذبوا ، وإذا وعدوا أخلفوا ، وإذا ائتمنوا خانوا .
قوله تعالى {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه} لما ذكر الموفين بعهده، والمواصلين لأمره، وذكر ما لهم ذكر عكسهم. نقض الميثاق : ترك أمره. وقيل : إهمال عقولهم، فلا يتدبرون بها ليعرفوا الله تعالى. {ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} أي من الأرحام. والإيمان بجميع الأنبياء. {ويفسدون في الأرض} أي بالكفر وارتكاب المعاصي {أولئك لهم اللعنة} أي الطرد والإبعاد من الرحمة. {ولهم سوء الدار} أي سوء المنقلب، وهو جهنم. وقال سعد بن أبي وقاص : والله الذي لا إله إلا هو ! إنهم الحرورية. قوله تعالى {الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} لما ذكر عاقبة المؤمن وعاقبة المشرك بين أنه تعالى الذي يبسط الرزق ويقدر في الدنيا، لأنها دار امتحان؛ فبسط الرزق على الكافر لا يدل على كرامته، والتقتير على بعض المؤمنين لا يدل على إهانتهم. {ويقدر} أي يضيق؛ ومنه {ومن قدر عليه رزقه} [الطلاق: 7] أي ضيق. وقيل {يقدر} يعطي بقدر الكفاية. {وفرحوا بالحياة الدنيا} يعني مشركي مكة؛ فرحوا بالدنيا ولم يعرفوا غيرها، وجهلوا ما عند الله؛ وهو معطوف على {ويفسدون في الأرض}. وفي الآية تقديم وتأخير؛ التقدير: والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض وفرحوا بالحياة الدنيا. {وما الحياة الدنيا في الآخرة} أي في جنبها. {إلا متاع} أي متاع من الأمتعة، كالقصعة والسكرجة. وقال مجاهد: شيء قليل ذاهب؛ من متع النهار إذا ارتفع؛ فلا بد له من زوال. ابن عباس: زاد كزاد الراعي. وقيل: متاع الحياة الدنيا ما يستمتع بها منها. وقيل: ما يتزود منها إلى الآخرة، من التقوى والعمل الصالح، {ولهم سوء الدار} ثم ابتدأ. {الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} أي يوسع ويضيق.
أما الأشقياء فقد وُصِفوا بضد صفات المؤمنين، فهم الذين لا يوفون بعهد الله بإفراده سبحانه بالعبادة بعد أن أكدوه على أنفسهم، وهم الذين يقطعون ما أمرهم الله بوصله مِن صلة الأرحام وغيرها، ويفسدون في الأرض بعمل المعاصي، أولئك الموصوفون بهذه الصفات القبيحة لهم الطرد من رحمة الله، ولهم ما يسوءهم من العذاب الشديد في الدار الآخرة.
لما ذكر حال أهل الجنة ذكر أن أهل النار بعكس ما وصفهم به، فقال عنهم: { والَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ } أي: من بعد ما أكده عليهم على أيدي رسله، وغلظ عليهم، فلم يقابلوه بالانقياد والتسليم، بل قابلوه بالإعراض والنقص، { وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ } فلم يصلوا ما بينهم وبين ربهم بالإيمان والعمل الصالح، ولا وصلوا الأرحام ولا أدوا الحقوق، بل أفسدوا في الأرض بالكفر والمعاصي، والصد عن سبيل الله وابتغائها عوجا، { أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ } أي: البعد والذم من الله وملائكته وعباده المؤمنين، { وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } وهي: الجحيم بما فيها من العذاب الأليم.
( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) هذا في الكفار . ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ) أي : يؤمنون ببعض الأنبياء ويكفرون ببعض . وقيل : يقطعون الرحم . ( ويفسدون في الأرض ) أي : يعملون بالمعاصي ( أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) يعني : النار ، وقيل : سوء المنقلب لأن منقلب الناس دورهم .
(وَالَّذِينَ) اسم موصول مبتدأ والجملة مستأنفة (يَنْقُضُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة صلة (عَهْدَ) مفعول به (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه (مِنْ بَعْدِ) متعلقان بينقضون (مِيثاقِهِ) مضاف إليه (وَيَقْطَعُونَ) مضارع وفاعله والجملة معطوفة (ما) موصولية مفعول به (أَمَرَ اللَّهُ) ماض وفاعله والجملة صلة (بِهِ) متعلقان بأمر (أَنْ يُوصَلَ) أن ناصبة ومضارع مبني للمجهول منصوب ونائب فاعل مستتر والجملة في تأويل المصدر في محل جر بدل من الهاء في به (وَيُفْسِدُونَ) مضارع وفاعله والجملة معطوفة (فِي الْأَرْضِ) متعلقان بيفسدون (أُولئِكَ) اسم إشارة في محل رفع مبتدأ والكاف للخطاب والجملة خبر الذين (لَهُمُ اللَّعْنَةُ) مبتدأ مؤخر ومتعلقان بخبر مقدم والجملة خبر أولئك (وَلَهُمْ سُوءُ) مبتدأ مؤخر ومتعلقان بخبر مقدم والجملة معطوفة (الدَّارِ) مضاف إليه
Traslation and Transliteration:
Waallatheena yanqudoona AAahda Allahi min baAAdi meethaqihi wayaqtaAAoona ma amara Allahu bihi an yoosala wayufsidoona fee alardi olaika lahumu allaAAnatu walahum sooo alddari
And those who break the covenant of Allah after ratifying it, and sever that which Allah hath commanded should be joined, and make mischief in the earth: theirs is the curse and theirs the ill abode.
Allah'ın ahdini, ona söz verdikten sonra bozanlara ve Allah'ın ulaştırmayı emrettiği şeyi kesenlere ve yeryüzünde bozgunculuk edenlere gelince: Öyle kişilerdir onlar ki lanet onlara ve onlarındır kötü sonuç.
[Mais] ceux qui violent leur pacte avec Allah après l'avoir engagé, et rompent ce qu'Allah a commandé d'unir et commettent le désordre sur terre, auront la malédiction et la mauvaise demeure.
Und diejenigen, die das ihnen von ALLAH Auferlegte verletzen, nachdem sie es als verbindlich anerkannten, das abbrechen, dessen Verbindung ALLAH vorgeschrieben hat, und auf der Erde Verderben anrichten. Für diese ist Fluch vorgesehen, und für sie ist das Übel nach dem Diesseits bestimmt.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الرعد (Ar-Ra'd - The Thunder) |
ترتيبها |
13 |
عدد آياتها |
43 |
عدد كلماتها |
854 |
عدد حروفها |
3450 |
معنى اسمها |
(الرَّعْدُ): الصَّوتُ القَوِيُّ الَّذِي يُسْمَعُ مِنَ السَّحَابِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ صِفَةِ تَسْبِيحِ الرَّعْدِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقْصِدِ العَامِّ للسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الرَّعْدِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ الأَدِلَّةِ العَدِيدَةِ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تعَالَى وَتَوحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾، فَفِي الحَدِيثِ الطَّوِيْلِ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ﴿الٓر﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الرَّعْدِ) بِآخِرِهَا:
ذِكْرُ القُرْآنِ الكَرِيمِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ...١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَٰبِ ...٤٣﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الرَّعْدِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام):
قَالَ عَنِ القُرْآنِ فِي آخِرِ (يُوسُفَ عليه السلام): ﴿مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ ...١١١﴾، وَوَصَفَ المُعْرِضِينَ عَنْهُ فِي أَوَّلِ (الرَّعْدِ) فَقَالَ: ﴿الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ ١﴾. |