«رضوا بأن يكونوا مع الخوالف» جمع خالفة أي النساء اللاتي تخلَّفن في البيوت «وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون» الخير.
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)
«فَإِنْ تَوَلَّوْا» عما دعوتموهم إليه «فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ» أي في اللّه الكفاية يكفيني أمرهم
[ توحيد الاستكفاء ]
«لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» وهذا هو التوحيد الحادي عشر ، وهو توحيد الاستكفاء ، وهو من توحيد الهوية لما قال تعالى : «وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى» فأحالنا علينا بأمره فبادرنا لامتثال أمره ، فمنا من قال التعاون على البر والتقوى أن يرد كل واحد صاحبه إلى ربه في ذلك ، ويستكفي به فيما كلفه ،
وهو قوله : (واستعينوا بالله) خطاب تحقيق «عليه توكلت» التوكل اعتماد القلب على اللّه تعالى مع عدم الاضطراب عند فقد الأسباب الموضوعة في العالم ، التي من شأن النفوس أن تركن إليها ، فإن اضطرب فليس بمتوكل ، وهو من صفات المؤمنين «وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»
فإذا كان رب العرش والعرش محيط بعالم الأجسام وأنت من حيث جسميتك أقل الأجسام فاستكف باللّه ، الذي هو رب مثل هذا العرش ، ومن كان اللّه حسبه انقلب بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسه سوء ، وجاء في ذلك بما يرضي اللّه ، واللّه ذو فضل عظيم على من جعله حسبه .
(10) سورة يونس مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(129) الفتوحات ج 2 /
409 ، 199 ،
409
وقوله : ( وطبع على قلوبهم ) أي : بسبب نكولهم عن الجهاد والخروج مع الرسول في سبيل الله ، ( فهم لا يفقهون ) أي : لا يفهمون ما فيه صلاح لهم فيفعلوه ، ولا ما فيه مضرة لهم فيجتنبوه .
قوله تعالى: {رضوا بأن يكونوا مع الخوالف} {الخوالف} جمع خالفة؛ أي مع النساء والصبيان وأصحاب الأعذار من الرجال. وقد يقال للرجل : خالفة وخالف أيضا إذا كان غير نجيب؛ على ما تقدم. يقال : فلان خالفة أهله إذا كان دونهم. قال النحاس : وأصله من خلف اللبن يخلف إذا حمض من طول مكثه. وخلف فم الصائم إذا تغير ريحه؛ ومنه فلان خلف سوء؛ إلا أن فواعل جمع فاعلة ولا يجمع فاعل صفة على فواعل إلا في الشعر؛ إلا في حرفين، وهما فارس وهالك. وقوله تعالى في وصف المجاهدين {وأولئك لهم الخيرات} قيل : النساء الحسان؛ عن الحسن. دليله قوله عز وجل: {فيهن خيرات حسان} [
الرحمن : 70]. ويقال : هي خيرة النساء. والأصل خيرة فخفف؛ مثل هينة وهينة. وقيل : جمع خير. فالمعنى لهم منافع الدارين. وقد تقدم معنى الفلاح. والجنات : والبساتين. وقد تقدم أيضا.
رضي هؤلاء المنافقون لأنفسهم بالعار، وهو أن يقعدوا في البيوت مع النساء والصبيان وأصحاب الأعذار، وختم الله على قلوبهم؛ بسبب نفاقهم وتخلفهم عن الجهاد والخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله، فهم لا يفقهون ما فيه صلاحهم ورشادهم.
قال تعالى {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} أي: كيف رضوا لأنفسهم أن يكونوا مع النساء المتخلفات عن الجهاد، هل معهم فقه أو عقل دلهم على ذلك؟ أم طبع الله على قلوبهم فلا تعي الخير، ولا يكون فيها إرادة لفعل ما فيه الخير والفلاح؟ فهم لا يفقهون مصالحهم، فلو فقهوا حقيقة الفقه، لم يرضوا لأنفسهم بهذه الحال التي تحطهم عن منازل الرجال.
( رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ) يعني النساء . وقيل : مع أدنياء الناس وسفلتهم . يقال : فلان خالفة قومه إذا كان دونهم . ( وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون ) .
(رَضُوا) فعل ماض وفاعله والجملة مستأنفة.
(أن) ناصبة (يَكُونُوا) مضارع ناقص والواو اسمه، وهو منصوب وعلامة نصبه حذف النون، والمصدر المؤول في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بالفعل أي رضوا بكونهم..
(مَعَ) ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر.
(الْخَوالِفِ) مضاف إليه.
(وَطُبِعَ) فعل ماض مبني للمجهول.
(عَلى قُلُوبِهِمْ) نائب فاعل، والجملة معطوفة.
(فَهُمْ) مبتدأ، والفاء استئنافية، وجملة (لا يَفْقَهُونَ) خبر والجملة الاسمية مستأنفة.
Traslation and Transliteration:
Radoo bian yakoonoo maAAa alkhawalifi watubiAAa AAala quloobihim fahum la yafqahoona
They are content that they should be with the useless and their hearts are sealed, so that they apprehend not.
Onlar, oturup kalanlarla beraber olmaya razı olmuşlardır ve kalplerine mühür vurulmuştur onların, muhakkak ki onlar anlamazlar.
Il leur plaît, (après le départ des combattants) de demeurer avec celles qui sont restées à l'arrière. Leurs cœurs ont été scellés et ils ne comprennent rien.
Sie waren einverstanden, mit den Zurückgebliebenen zu sein. Und ihre Herzen wurden versiegelt, so begreifen sie nicht.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة التوبة (At-Tauba - The Repentance) |
ترتيبها |
9 |
عدد آياتها |
129 |
عدد كلماتها |
2506 |
عدد حروفها |
10873 |
معنى اسمها |
(التَّوْبَةُ): الاعْتِرَافُ بِالذَّنْبِ، وَالنَّدَمُ عَلَيهِ، والعَزْمُ عَلى عَدَمِ العَودَةِ إِلَيهِ. |
سبب تسميتها |
دَعْوةُ المُشْرِكِينَ إِلَى التَّوبَةِ إِلَى اللهِ والإِيمَانِ بِهِ؛ ولِذَا لَمْ تَبْدَأ السُّورةُ بالبَسْمَلَةِ. وتَوبَةُ اللهِ تَعَالَى عَلَى المُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ: (الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عن غَزْوَةِ تَبُوكَ) |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (التَّوْبَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (بَرَاءَة)، وَسُورَةَ (الفَاضِحَةِ)، وَسُورَةَ (العَذَابِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ أَحْوَالِ المُشْرِكِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَأَحْكَامِهِم، وبيَانُ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم .(حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد).
قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «تَعَلَّمُوا سُورَةَ بَرَاءَةَ، وَعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ». (أَثَرٌ صَحِيحٌ، سُنَنَ سَعِيدِ بِن مَنصُوْر) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (التَّوْبَةِ) بِآخِرهَا:
الحَدِيثُ عَنْ صِفَةِ إِعْرَاضِ المُشْرِكِين، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِ ...٣﴾، ، الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ ...١٢٩﴾ ...الآيَاتِ.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (التَّوْبَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الأَنْفَالِ):
ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَوَاخِرِ سُورَةِ (الأَنفَالِ) خِيَانةَ المُشْرِكِينَ للهِ ولِرسُولِهِ، فَقَالَ: ﴿وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدۡ خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ ...٧١﴾، ثُمَّ افتَتَحَ (التَّوْبَةَ) بِالبَرَاءَةِ مِنْهُم، فَقَالَ: ﴿بَرَآءَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١﴾. |