الفتوحات المكية

الحضرات الإلهية والأسماء ءالحسنى

وهو الباب 558 من الفتوحات المكية

(النور حضرة النور)

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[96] - (النور حضرة النور)

النور نوران نور العلم والعمل *** ونور موجدنا الموصوف بالأزل‏

طلبت شخصا عسى أحظى برؤيته *** من حضرتي صاعد العلة العلل‏

ولم أعرج على كون أمر به *** حبا ولا كان ذاك الكون في أملي‏

حتى مررت بشخص لست أعرفه *** فلم يزل مؤنسي فيه ولم يزل‏

فقلت ما ذا فقالوا الحق قلت لهم *** هذا الذي كنت أبغيه مع النحل‏

[إن الوجود الحق هو النور]

يدعى صاحبها عبد النور قال الله تعالى الله نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ وقال في معرض الامتنان وجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ وما يمشي إلا بنفسه فعين نفسه قد يكون عين نوره وليس وجوده سوى الوجود الحق وهو النور فهو يمشي في الناس بربه وهم لا يشعرون كما

قال إذا أحب الله عبدا كان سمعه الذي يسمع به‏

وذكر في هذا الخبر جميع قواه وأعضائه‏

إلى أن قال ورجله التي يسعى بها

وما مشى في الناس إلا برجله في حال مشيه بربه فهو الحق ليس غيره فأزال بنوره ظلمة الكون الحادث فإنه ما حدث شي‏ء لأن عين الممكن ما زال في شيئية ثبوته ما له وجود وإنما ذلك حكم عينه في الوجود الحق فقال تعالى لنبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ فهو قوله فيمن لا يعلم كَمَنْ مَثَلُهُ في الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها وهو ما بقي من الممكنات في شيئية ثبوتها لا حكم لها في الوجود الحق ولا بد أن يبقى منها ما لا حكم له في الوجود الحق لأن الأمر لا نهاية فيه فلا يفرغ فكل عين ظهر لها حكم في الوجود الحق فإن ثم عينا ما ظهر لها حكم في الوجود الحق فهي في الظلمات حتى تظهر فيبقى غيرها كذلك من لا يعلم حتى يعلم فيلحق بأصحاب النور ولا بد أن يبقى من لا يعلم فنور الوجود ينفر ظلمة العدم ونور العلم ينفر ظلمة الجهل‏

[إن للأنوار درجات في الفضيلة]

ثم لتعلم إن الأنوار وإن اجتمعت في الإضاءة والتنفير فإن لها درجات في الفضيلة كما إن لها أعيانا محسوسة كنور الشمس والقمر والنجم والسراج والنار والبرق وكل نور محسوس أو منور وأعيانا معقولة كنور العلم ونور الكشف وهذه أنوار البصائر والأبصار وهذه الأنوار المحسوسة والمعنوية على طبقات يفضل بعضها بعضا فنقول عالم واعلم ومدرك وأدرك كما تقول في المحسوس نير وأنور أين نور الشمس من نور السراج كما أيضا يتفاضلون في الإحراق فإن الإضاءة محرقة مذهبة على قدر قوة النور وضعفه وقد ورد حديث السبحات المحرقة والسبحات الأنوار الوجهية هنا نقول إنه بالحجب قيل هذا العالم فإذا ارتفعت الحجب لاحت سبحات الوجه فذهب اسم العالم وقيل هذا هو الحق وهذا لا يرتفع عموما فلا يرتفع اسم العالم لكن قد يرتفع خصوصا في حق قوم ولكن لا يرتفع دائما في البشر لما هو عليه من جمعية الوجود وما ارتفع إلا في حق العالين وهم المهيمون الكروبيون وهذا يكون في البشر في أوقات‏

إذا كان عين العبد فالعبد باطن *** وإن كان سمع الحق فالحق سامع‏

فما الأمر إلا بين فرض ونفلة *** وأنت وعين الحق للكل جامع‏

فحق وخلق لا يزال مؤبدا *** فمعط وجود العين وقتا ومانع‏

إذا كان عين العبد فالليل حالك *** وإن كان عين الحق فالنور ساطع‏

فما أنت إلا بين شرق ومغرب *** فشمسك في غرب وبدرك طالع‏

[نور على النور]

وأما النور الذي على النور فهو النور المجعول على النور الذاتي فالنور على النور هو قوله نُورٌ عَلى‏ نُورٍ يَهْدِي الله لِنُورِهِ من يَشاءُ وهو أحد النورين والنور الواحد من النورين مجعول بجعل الله على النور الآخر فهو حاكم عليه والنور المجعول عليه هذا النور متلبس به مندرج فيه فلا حكم إلا للنور المجعول وهو الظاهر وهذا حكم نور الشرع على نور العقل‏

فليس له سوى التسليم فيه *** وليس له سوى ما يصطفيه‏

فإن أولته لم تحظ منه *** بعلم في القيامة ترتضيه‏

فتحشر في ظلمة جهلك ما لك نور تمشي به ولا يسعى بين يديك فترى أين تضع قدميك ومن لَمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً فَما لَهُ من نُورٍ ولكِنْ جَعَلْناهُ يعني الشرع الموحى به نُوراً نَهْدِي به من نَشاءُ من عِبادِنا وهو قوله وجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ جعلنا الله من أهل الأنوار المجعولة آمين‏


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!