الفتوحات المكية

الحضرات الإلهية والأسماء ءالحسنى

وهو الباب 558 من الفتوحات المكية

(الضار حضرة الضرر)

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[94] - (الضار حضرة الضرر)

إذا كان إضراري وضري بمؤنسي *** فلا زال ضري مؤنسي ومصاحبي‏

لقد أنست نفسي به حين جاءني *** فلله من خل وفي وصاحب‏

أسير به تيها وعجبا ونخوة *** لذلك قد هانت على مطالبي‏

يطالبني في كل وقت بدينه *** ففزت به إذ كان حبي مطالبي‏

ولما وسعت الكل ضاقت برحبها *** على نواحي الأرض من كل جانب‏

[الإنسان الكامل ضرتان‏]

يدعى صاحبها عبد الضار فهو والإنسان الكامل ضرتان لأنه ما نازعه أحد في سورته إلا من أوجده على صورته فأول ضار كان هو حيث ضر نفسه ولهذا لم يدع أحد الألوهة ممن ادعيت فيه إلا الإنسان وهذا ضرر معنوي بين الصورتين وما رَمَيْتَ فضره إِذْ رَمَيْتَ فتضرر فإن نفا أضر بصاحبه وإن أثبت أضر بنفسه ولا بد من نفي وإثبات فلا بد من الضرر فهو الضار للصورتين لاحدية الصورة فإنه إذا نزل فيها أحدهما ارتحل الآخر حكما فإن ظلم نفسه أضر بها وإن ظلم لنفسه أضر بمثله ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ إلا هو وهذه حضرة سرها دقيق لأنها بين الحق والإنسان الكامل فكل ضرر في الكون فليس إلا منع الغرض أن يكون وهو عرض بالنظر إلى هذا الأصل وهو محقق في هذه العين قد نبه الشارع على إن الأولى والآخرة ضرتان إن أسخطت الواحدة أرضيت الأخرى والذات الأولى معلومة والذات الأخرى أيضا معلومة ولَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ فإنها عين كونك من الأولى لأنها تفنيك بظهورها وتردك إلى حكم العدم والآخرة لا تفني الأولى ولكن تندرج الأولى فيها إذا كان الظهور للآخرة فالأولى لا تمييز فيها فتجمع بين الضدين والآخرة ليست كذلك فبهذا تميزت عن الأولى فَرِيقٌ في الْجَنَّةِ وفَرِيقٌ في السَّعِيرِ فيلتذ المعذب بالعذاب القائم به في الدنيا لأنه على صورة الأولى في الجمع بين الضدين وفي الآخرة ما له هذا الحكم فَرِيقٌ في الْجَنَّةِ وفَرِيقٌ في السَّعِيرِ وامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ فأنت الآخرة فعينك خير لك فإنك لا التذاذ لك إلا بوجودك فما يلتذ شي‏ء بشي‏ء إلا بما يقوم به وكذلك لا يتألم إلا بما يقوم به‏

فحضرة النفع حضرة الضرر *** في كل عين عين من البشر

لو رفع الضر لم يكن بشر *** ولا بدا الاشتراك في الصور

فالبعل هو الذي يعطي كل ضرة حقها من نفسه وإن أضر ذلك الحق بالأخرى فلعدم إنصافها في ذلك وليس البعل هنا بين الصورتين إلا ما قررناه من حقيقة الحقائق المعقولة التي لها الحدوث في الحادث والقدم في القديم ويظهر ذلك بالاشتراك في الأسماء فسماك بما سمى به نفسه وما سماك ولكن الحقيقة الكلية جمعت بين الحق والخلق فأنت العالم وهو العالم لكن أنت حادث فنسبة العلم إليك حادثة وهو قديم فنسبة العلم إليه قديم والعلم واحد في عينه وقد اتصف بصفة من كان نعتا له فافهم والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!