الفتوحات المكية

الحضرات الإلهية والأسماء ءالحسنى

وهو الباب 558 من الفتوحات المكية

«حضرة التقديس وهو الاسم القدوس»

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[5] - «حضرة التقديس وهو الاسم القدوس»

من طهر النفس التي لا تنجلي *** أعلامها فينا يكن قدوسا

ويرد ملكا طاهرا ذا عفة *** من كان في تصريفه إبليسا

إلى القدوس أعملت المطايا *** لا حظي بالزكاة وبالطهور

وبالعرش المحيط وساكنيه *** وبالأمر العلى من الأمور

فإن القدس ليس له نظير *** به أحيى له وبه نشوري‏

وإن الحق ليس به خفاء *** وصدر الحق منا في الصدور

[الأسماء النواقص هي التي لا تتم إلا بصلة]

سبوح قدوس مطهر من الأسماء النواقص والأسماء النواقص هي التي لا تتم إلا بصلة وعائد فإن من أسمائه سبحانه الذي وما في قوله الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ وفي قوله الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ والْحَياةَ وأما ما في قوله تعالى والسَّماءِ وما بَناها في بعض وجوه ما في هذا الموضع فإن ما قد تكون هنا مصدرية وقد تكون بمعنى الذي فتكون ناقصة فتكون هنا اسما لله عز وجل‏

[خلق الأسباب والمسببات‏]

فاعلم إن الله لما خلق الأسباب وجعلها الظاهرة لعباده وفعل المسببات عندها وتخيل الناظرون أنها ما خلقت إلا بها وهذا هو الذي أضل الخلق عن طريق الهدى والعلم وحجبهم عن‏

الوجه الخاص الذي لله في كل كائن فاعلم إن ذلك اللفظ المسمى اسما ناقصا وهو ما ومن والذي وأخوات هذه الأسماء إنما مسماها السبب الذي احتجب الله به عن خلقه في خلقه هذه المسببات فهو القدوس أي المطهر عن نسبة الأسماء النواقص إليه لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فأنت بخير النظرين إما أن يكون كشفك إن الحق هو الظاهر في مظاهر الممكنات فيكون التقديس للممكنات بوجود الحق وظهوره في أعيانها فتقدست به عما كان ينسب إليها من الإمكان والاحتمالات والتغييرات فليس إلا أمر واحد وأعيان كثيرة كل عين في أحديتها لا تتغير عين لعين بل يظهر بعضها لبعض ويخفى بعضها عن بعض بحسب صورة الممكن وإما أن يكون الحق عين المظهر ويكون الظاهر أحكام أعيان الممكنات الثابتة أزلا التي لا يصح لها وجود فيكون التقديس للحق لأجل ما ظهر من تغير أحكام الممكنات في عين الوجود الحق أي الحق مقدس قدوس عن تغيره في نفسه بتغير هذه الأحكام كما تقول في الزجاج المتلون بألوان شتى إذا ضرب النور فيه وانبسط نور الشعاع مختلف الألوان لأحكام أعيان التلون في الزجاج ونحن نعلم أن النور ما انصبغ بشي‏ء من تلك الألوان مع شهود الحس لتلون النور بألوان مختلفة فتقدس ذلك النور في نفسه عن قبول التلون في ذاته بل نشهد له بالبراءة من ذلك ونعلم أنه لا يمكن أن ندركه إلا هكذا فكذلك وإن نزهنا الحق عن قيام تغيير ما أعطته أحكام أعيان الممكنات فيه عن أن يقوم به تغيير في ذاته بل هو القدوس السبوح ولكن لا يكون الأمر إلا هكذا في شهود العين لأن الأعيان الثابتة في أنفسها هذه صورتها وكذلك روح القدوس تارة يتجلى في صورة دحية وغيره وتجلى وقد سد الأفق وتجلى في صورة الدر وتنوعت عليه الصور أو تنوع في الصور ونعلم أنه من حيث إنه روح القدس مطهر عن التغيير في ذاته ولكن هكذا ندركه كما أنه إذا نزل بالآيات على من نزل من عباد الله والآيات متنوعة فإن القرآن متنوع ينطبع عند النازل عليه في قلبه بصورة ما نزل به عليه فتغير على المنزل عليه الحال لتغيير الآيات والكلام من حيث ما هو كلام الله واحد لا يقبل التغيير والروح من حيث ما هو لا يقبل التغيير فالكلام قدوس والروح قدوس والتغيير موجود فتنظر في مدلول الآيات فإذا كان مدلولها الممكنات فالتقديس للحق وإذا كان مدلول الآية الحق فما هو من حيث عينه لأنه قدوس وإنما هو من حيث اسم ما إلهي من الأسماء وهذه فائدة الدلالة


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!