الفتوحات المكية

الحضرات الإلهية والأسماء ءالحسنى

وهو الباب 558 من الفتوحات المكية

«حضرة الملك والملكوت وهو الاسم الملك»

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[4] - «حضرة الملك والملكوت وهو الاسم الملك»

إن المليك هو الشديد فكن به *** ملكا على الأعداء حتى تمتلك‏

فإذا ملكت النفس عن تصريفها *** فيما تريد تكن به نعم الملك‏

وأيضا

إن المليك هو الشديد فكن به *** وله مليكا في القيامة تسعد

لو لم يكن من ملكه إلا الذي *** يوم القيامة في السعادة تشهد

[عالم الغيب وعالم الشهادة]

اعلم أن الملك والملكوت لهما الاسم الظاهر والباطن وهو عالم الغيب وعالم الشهادة وعالم الخلق وعالم الأمر وهو الملك المقهور فإن لم يكن مقهورا تحت سلطان الملك فليس بملك ومن كان باختيار ملكه لا باختيار نفسه في تصرفه فيه فليس ذلك بملك ولا ملك بل منزلة من هو بهذه المثابة في ملكه منزلة المتنفل في العبادة فهو عبد اختيار لا عبد اضطرار يعزل ملكه إذا شاء ويوليه إذا شاء والملك المجبور المضطر ليس كذلك فهو تحت سلطان الملك فإذا نفذ أمره في ظاهر ملكه وفي باطنه فذلك الملكوت وإن اقتصر في النفوذ على الظاهر وليس له على الباطن سبيل فذلك الملك وقد ظهرت هاتان الصفتان بوجود المؤمن والمنافق في اتباع الرسل صلوات الله عليهم فمنهم من اتبعه في ظاهره وباطنه وهو المؤمن المسلم ومنهم من اتبعه في ظاهره لا في باطنه وذلك المنافق ومنهم من اتبعه في باطنه لا في ظاهره فذلك المؤمن العاصي وما جعل الله للإنسان عينين إلا ليدرك بهما هاتين الصفتين عين حس وعين عقل بصيرة وبصر لأنه لما خلق من كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ خلق لإدراكهما عينين ولما أضاف إلى نفسه الأعين بلفظ الجمع ليدل على الكثرة فكل عين حافظة مدركة لأمر ما بأي وجه كان فهي عين الحق الذي له الحفظ والإدراك فذلك سبب الجمع فيها

فهو الحفيظ بنفسه وبخلقه *** وهو العليم بما له من حقه‏

بل وصف نفسه تعالى بالمشيئة والاختيار أثبت بذلك عندنا شرعا لا عقلا إن له تصرفا في نفسه وهذا حكم يحيله النظر العقلي بعين البصيرة على الله ويصححه الخبر الشرعي والعين البصري في اختلاف الصور عليه التي يتجلى فيها وبه ثبت يَمْحُوا الله ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وإِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ويَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ولَوْ أَرادَ الله أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى‏ ففي هذا كله وجه إلى أحدية متعلق الإرادة ووجه إلى التصرف في التعلق والتصرف في التعلق تصرف في الإرادة والإرادة إما ذاته على مذهب نفاة الزائد وإما صفته على مذهب مثبتي الصفات زائدة والصحيح في غير هذين القولين وهو أن الإرادة ليست بأمر زائد على الذات ولا هي عين الذات وإنما هي تعلق خاص للذات أثبته الممكن لإمكانه في القبول لأحد الأمرين على البدل لو لا معقولية هذين الأمرين ومعقولية القبول من الممكن ما ثبت للإرادة ولا للاختيار حكم ولا ظهر له في العبارات اسم فمن حضر مع الحق في حضرة الملك والملكوت ولم يعرف العالم ولا ما هو ولا عرف نسبته من الحق ولا نسبة الحق منه فما حضر في هذه الحضرة بوجه من الوجوه ولا كان له حظ في الاسم الملك‏


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!