Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

البحث في كتاب الفتوحات المكية

عرض الصفحة 109 - من الجزء 2 - [القسم الثاني من ذوات ملك القدس‏]

  االصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 109 - من الجزء 2 - [القسم الثاني من ذوات ملك القدس‏]


في القرآن أن يقول قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ فاستروحنا من هذا أن حكمه حكم البشر إلا ما خصه الله به من التقريب الإلهي الذي ورد وثبت عندنا وقد ثبت عنه أنه قال إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر وأرضى كما يرضى البشر

والرضي والغضب من صفات النفس الحيوانية في البشر لا من صفات النفس الناطقة وإن اتصفت النفوس الناطقة بالرضى والغضب فما هو على حد ما أراده‏

بقوله أغضب كما يغضب البشر وأرضى كما يرضى البشر

وإنما قلنا بإضافة ذلك إلى النفس الحيوانية لما نشاهده من الحيوانات من ذلك وقد ثبت النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم‏

وجميع الحيوان كله من صفته المباشرة التي بحقيقتها سمي الإنسان بشرا وبهذا القدر تبين فضل الملك على الإنسان في العبادة لكونه لا يفتر لأن حقيقة نشأته تعطيه أنه لا يفتر فتقديسه ذاتي لأن تسبيحه لا يكون إلا عن حضور مع المسبح وليس تسبيحه إلا لمن أوجده فهو مقدس الذات عن الغفلات فلم تشغله نشأته الطبيعية النورية عن تسبيح خالقه على الدوام مع كونهم من حيث نشأتهم يختصمون كما أن البشر من حيث نشأته تنام عينه ولا ينام قلبه ولم يعط البشر قوة الملك في ذلك لأن الطبيعة يختلف مزاجها في الأشخاص وهذا مشهود بالضرورة في عالم العناصر فكيف بمن هو في نسبته إلى الطبيعة أقرب من نسبة العناصر إليها وعلى قدر ما يكون بين الطبيعة المجردة وبين ما يتولد عنها من وسائط المولدات يكثف الحجاب وتترادف الظلم فأين نسبة آخر موجود من الأناسي من ربه من حيث خلق جسد آدم بيديه من نسبة آدم إلى ربه من حيث خلقه بيديه‏

فآدم يقول خلقني ربي بيديه وابنه شيث يقول بيني وبين يدي ربي أبى‏

وهكذا الموجودات الطبيعية مع الطبيعة من ملك وفلك وعنصر وجماد ونبات وحيوان وإنسان وملك مخلوق من نفس إنسان وهذا الملك آخر موجود طبيعي ولا يعرف ذلك من أصحابنا إلا القليل فكيف من ليس من أهل الايمان والكشف‏

[القسم الثاني من ذوات ملك القدس‏]

وأما القسم الذي تقديسه لا من ذاته فهي كل ذات يتخلل شهودها خالقها غفلات فالأحيان التي تكون فيها حاضرة مع خالقها هي من ملك القدس وسنبين ما ذكرناه في سؤاله ما القدس إذا أجبنا عنه بعد هذا إن شاء الله‏

[من صفات ملك القدس‏]

فمن صفات ملك القدس التباعد عن الطبيعة بالأصل والتباعد عن مشاهدة آثار الأسماء الإلهية بمشاهدة الأسماء الإلهية لا من كونها مؤثرة بل بما تستحقه الألوهية والذات فإذا كان القدس عين الملك وأضيف إلى عينه لاختلاف اللفظ واختلاف معنى الملك والقدس فإنه يدل على المبالغة في الطهارة والمبالغة في الطهر هي نسبة في الطهر ما هي عين الطهر لوجود الطهر دونها وما هي غير الطهر فإن المبالغة ليست سوى استقصاء هذه الصفة فيكون ملك القدس استقصاء وهو المبالغة فيه فيكون سؤاله عن صفاته الذاتية فإن لهذه المراتب نشأت في المعاني كالنشأة الطبيعية وقد علمت أن النش‏ء الطبيعي كما أخبر الله مخلقة وغير مخلقة أي تامة الخلق وغير تامة الخلق والغير التامة الخلق داخل في قوله أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ فأعطى النقص خلقه أن يكون نقصا فالزيادة على النقص الذي هو عينه لو كانت لكانت نقصا فيه ولم يعط النقص خلقه فتمام النقص أن يكون نقصا

(السؤال الرابع عشر ومائة) ما القدس‏

الجواب الطهارة وهي ذاتية وعرضية فالذاتية كتقديس الحضرة الإلهية التي أعطيها الاسم القدوس فهي القدس عن إن تقبل التأثر فيها من ذاتها فإن قبول الأثر تغيير في القابل وإن كان التغيير عبارة عن زوال عين بعين إما في محل أو مكان فيوصف المحل أو المكان بالتغيير ومعنى ذلك أنه كان هذا المحل مثلا أصفر فصار أخضر أو كان ساكنا فصار متحركا فتغير المحل أي قبل الغير فالقدس والقدوس لا يقبل التغيير جملة واحدة

[القدس العرضي أو التقديس بالرياضات‏]

وأما القدس العرضي فيقبل الغير وهو النقيض وما تفاوت الناس إلا في القدس العرضي فمن ذلك تقديس النفوس بالرياضات وهي تهذيب الأخلاق وتقديس المزاج بالمجاهدات وتقديس العقول بالمكاشفات والمطالعات وتقديس الجوارح بالوقوف عند الأوامر والنواهي المشروعات ونقيض هذا القدس ما يضاده مما لا يجتمع معه في محل واحد في زمان واحد فهذا هو القدس الذي ذكرنا ملكه‏

[حظيرة القدس‏]

فالقدس العارض لا يكون إلا في المركبات فإذا اتصف المركب بالقدس فذلك المسمى حظيرة القدس أي المانعة قبول ما يناقض كونها قدسا ومهما لم تمنع فلا تكون حظيرة قدس فإن الحظر المنع وما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً أي ممنوعا فالقدس حقيقة إلهية سيالة سارية في المقدسين‏



- الفتوحات المكية - الصفحة 109 - من الجزء 2


 
  االصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 
عرض الأبواب الفصل الأول فى المعارف الفصل الثانى فى المعاملات الفصل الرابع فى المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس فى المنازلات الفصل الثالث فى الأحوال الفصل السادس فى المقامات (هجيرات الأقطاب)
الباب الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع


Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!