الفتوحات المكية

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


52. الموقف الثاني والخمسون

قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾[الشمس: 91/ 9 10].

الزكاة الطهارة؛ وتزكية النفس تطهيرها من دعواها ما ليس لها لنفسها، وكفّه عن غصب كمالات غيرها، والتحلي بها حتى تترك جميع الدعاوى الكاذبة، لأنَّ النفس تدعي الوجود مع الحق تعالى ـ، وهي فاجرة كاذبة في ادعائها، وغصبت الكمالات التابعة للوجود من العلم والقدرة والاختيار والفعل والترك فتحلت بها وادعتها، هي فاجرة في دعواها، لأن الوجود وكل كمال تابع للوجود فهو خاص بالحق تعالى ل شريك له في ذلك. فمن عرف أنه العدم الظاهر، وتحقق أنه لا علم ولا قدرة ولا فعل ول اختيار له، وأنه محل لفعل الحق تعالى فهو الفاعل فيه وبه، فهو الذي زكى نفسه وطهرها من الجور والفجور. ومن لم يعرف هذا وادعى خلافه، فهو الذي دسى نفسه: ﴿ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾.

والدس ستر الشيء وتغطيته، فمن ادعى له وجوداً مع الحق تعالى فقد ستر عدمه بوجود الحق تعالى وكذا من ادعى له كمالاً من علم وقدرة واختيار، فقد ستر عجزه وجهله وضعفه بعلم الحق تعالى وقدرته وقوته، ومن ادعى ما ليس فيه افتضح، إذا حصحص الحق واتضح.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!