Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


48. الموقف الثامن والأربعون

ورد في خبر متواتر بين القوم، وإنْ ضعّفه الحفاظ من علماء الرسم: «من عرف نفسه عرف ربه».

يعني من عرف نفسه التي هي ربه المقيد، عرف ربه الذي هو نفسه المطلق. فإن حقيقة النفس هي الروح، وحقيقة الروح هي الحق تعالى واتّحد هنا الشرط والجزاء، والفرق بينهما التقييد والإطلاق، أعني اتحادهما معنى لا لفظاً. فإن كانت النفس لا تعرف بل هي مجهولة أبداً، فكذلك الرب لا يعرف أبداً. إذ المعلق على الممنوع ممنوع بل الرب تعالى أحق وأولى بعدم تعلق المعرفة به، فمعرفة الرب مشروطة بتقديم معرفة النفس. والتقديم رتبي لا زماني، إذ ليس في هذا المقام زمان، فل مساء عند ربك ولا صباح، والقضية الشرطية لا تقتضي وجود المقدم، بل ولا إمكانه ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾[الزمر: 39/65].وهو لا يشرك، بل لا يتصور منه الإشراك ﴿وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ﴾[الأنبياء: 21 /29].ولا يتصور من الملائكة دعوى الألوهية، وإن كانت النفس تعرف من وجه دون وجه وباعتبار، لا من كل وجه واعتبار، فكذلك الربّ، يعرف من وجه واعتبار دون كل الوجوه والاعتبارات.

ولذا ورد في الخبر: «أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه».

وورد أيضاً: «أنا أعلمكم بالله وأشدكم منه خشيةً»..

فالناس متفاوتون في معرفة نفوسهم، كما هم متفاوتون في معرفة ربّهم، بم لا يكاد ينحصر، ولا يدخل تحت ميزان..


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!