Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


356. الموقف السادس والخمسون بعد الثلاثمائة

سألني بعض الأخوان عن قول سيدنا ختم الولاية المحمدية رضي الله عنه في الباب الثالث والسبعين وثلاثماية من الفتوحات: (( وأما تعلق ذلك المشيئة الإلهية فإنه سر من أسرار الله نبّه الله عليه في قوله)).

﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ [إبراهيم:14/19 وفاطر: 35/16].

من باب الإشارة إلى غوامض الأسرار لأولي الأفهام أنه عين كل منعوت بحكم من وجود أو عدم ووجوب وإمكان ومحال فما ثم عين توصف بحكم إلاّ وهو ذلك العين.

محصل هذه الإشارة أنه لما كان الوجود الذات من حيث الاسم النور سارياً في كل نعت ومنعوت وحكم ومحكوم عليه ومحكوم به، مما له عين ثابتة، وما لا عين له إلاّ الاسم وما ثم إلا هذا، فالوجود ينعت بأنه وجود ذاتي وعرضي ويحكم عليه بذلك، والعدم ينعت بأنه عدم محض أو عدم إضافي. والوجوب ينعت ويحكم عليه بأنه وجوب ذاتي أو وجوب بالغير، والإمكان ينعت ويحكم عليه بأنه مستوى الطرفين لا يترجح أحدهما على الآخر إلا بمرجح. والمحال ينعت ويحكم عليه بأنه ما لا يتصور في العقل وجوده ولا عين له ثابتة، وأنه في مقابلة الوجود، فمتى تلفظ بالشيء صار اسمه حقيقة وجوده. ولما كان الأمر والشأن هكذا قال تعالى:﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾.

الخطاب لكل موجود في أي مرتبة من مراتب الوجود كان عينياً أو ذهنياً أو لفظياً أو خطياً، يتعلق الإعدام والذهاب بالمشيئة، وهولا يشأ، فإنه لو تصرف في شيء من ذلك مما سرى فيه النور الوجودي لكان ذلك التصرف تصرفاً في نفسه وذلك محال. فتعليق الإعدام والذهاب بالمشيئة إشارة إلى أنه عين كل شيء مما تقع عليه عبارة، أو تكون إليه إشارة. فهو لهذا لا يذهب شيئاً ولا يعدمه، وإنما تذهب الأشياء لأنفسه لتجلي الذات الأحدية التي تقتضي عدم ما سواها من الصور. فالأسماء الإلهية تقتضي وجود الصور، والذات الأحدية تقتضي إعدامها، فالعالم دائماً بين المقتضين فله في كل أن خلق جديد وآن وجوده آن انعدامه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!