Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


265. الموقف الخامس والستون بعد المائتين

سألت من الحق تعالى بشارة بسعادتي، وقد فعل ذلك مراراً، ولكن لتكرار البشارة لذة، فألقى عليَّ قوله: ﴿لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾[يونس: 10/92].

فبعد رجوعي إلى الحسّ، قلت : يارب!! هذا خطابك لفرعون، وأيّة مناسبة بين مطلوبي وهذا الخطاب؟! فألهمني في الحال بالطريق التي عودنيها: أن فرعون عاش م عاش سعيداً سيداً بل إ لهاً يعبد. ولما حضرت وفاته قبضه الله بعد توبته وإيمانه طاهراً مطهراً شهيداً. وهو في الآخرة ملك من ملوك الجنة، وأكثر الناس يأبون عليه ذلك؛ وأنت سعيد في الدنيا والآخرة، وأكثر الناس يأبون عليك ذلك، بما يرون ما خوّلك الله من النعم، وما بسط لك من المال والولد، والعزّ و الجاه العريض، وما نشر لك من الصيت الذي ملأ المعمورة مع مخالطتك الأرباب المناصب الدنيوية، ومشاركتك لهم في زيّهم، فهم يستبعدون جمع السعادتين لك. وأمَّا انتسابك إلى الطائفة العلية والفرقة الناجية فذلك عندهم أبعد وأبعد، وإنَّ كثيراً من الناس عن آياتنا الدالة على غنان عن طاعة الطائعين وعزتنا عن التأثر من عصيان العاصين لغافلون، غير منتبهين لجريان القضاء الأزلي كيف قدم من قدّم بلا علّة، وأخّر من أخّر بلا علّة، وأشقى وأسعد، وإلى علّيته ينتهي السند. فهل كان في تلك الحضرة قبيح أو صالح من الأعمال أو مقامات أو أحوال، أو غني أو فقير،  أو عزيز أو حقير، أو سبب خفي من العبد أو جلّي لما جرى به القلم العلي؟! فما هنالك إلاَّ عناية إلهية، وقدم صدق رباني، يختصّ برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. ولو كان له غرض ما ثبت فضله، وقد ثبت فضله،  لا يسأل عمَّا يفعل، فل تحجير عليه ولا قانون يحصره، فما في حضرة فضله كبيرة، ولا في حضرة عدله صغيرة، ل إله إلاَّ هو العزيز الحكيم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!