Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


25. الموقف الخامس والعشرون

قال في الحكم: «لولا ميادين النفوس، ما تحقق سير السائرين».

معناه لولا ما يكون فيه سير معنوي، ويحصل فيه تردّد وصعود وهبوط، وهي صفات النفس المعبّر عنها بالميادين، أي المجالات المتسعة، والسير فيها بقطع وصلته وتبديل صفاتها ومحو آثارها وعاداتها. والنفس حقيقة واحدة ولكن تعددت باعتبار تعدد صفاتها وتباين مقتضياتها فيقال: أمّارة لوّامة ملهمة مطمئنة... ما تحقّق سير السائرين، أي ما ثبت ونسب سير لسائر، لأنه ليس هنالك شيء محسوس يسير فيه السالك حتى يقطعه وإنما هو سير معنوي في مجالات معنوية، وهي النفوس التي يكون سير السالك فيها؛ وقطعها كناية عن تبديل صفاتها البهيمية بالصفات الإلهية، بمعنى أنه يملكها، حتى يضع كلّ وصف في محله اللائق به، ويصرف كل وصف مصرفه، وأما محو الصفات بمعنى زواله بالكليّة فهو غير واقع لأنها لو محيت لمحيت النفس رأساً وانعدمت. ولا يتوهم متوهم أنَّ السالك سائر إلى الله في مسافة محسوسة، وأنَّ الوصول إلى الله وصول محسوس. فإن هذا وهم باطل، وجهل عاطل، لأن من هو أقرب للإنسان من حبل الوريد ومن الجليس، كيف يتوهم السير والوصول إليه؟! لا مسافة بينك وبينه تقطعها رحلتك، وتطويها وصلتك، فل يصح إطلاق السير إلى الله تعالى إلاَّ بنوع من المجاز وهو أنه لما كان السالك السائر في ميادين النفوس، إذا قطع تلك العقبات المعنوية يصل إلى العلم بالله تعالى صحّ أن يقال: سار إلى الله، وإلاَّ فجلّ ربّنا أن يسير إليه أحد ويصل إليه. فإنه أقرب إليك من نفسك التي تتخيّل مغايرتها لله تعالى وأنها سائرة إليه وواصلة.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!