الفتوحات المكية

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


197. الموقف السابع والتسعون بعد المائة

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[المائدة: 5/ 35].

في الآية إشارة لبيان سلوك طريق المعرفة، أمر تعالى المؤمنين بالتقوى، وهو المعبّر عنه عند القوم بمقام التوبة، الذي هو الأساس لسلوك الطريق، و المفتاح للوصول لمقام التحقيق، فمن أعطيه أعطي الوصول، ومن حرمه حرم الوصول، كما قال بعض السادة "ما حرموا الوصول إلاَّ بتضييع الأصول".

﴿وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ﴾[المائدة: 5/ 35].

أي بعد إحكام مقام التوبة بشرائطه؛ اطلبوا الوسيلة، وهو الشيخ الكامل بالنسبة العارف بالطريق، وبالعلل العائقة، والأمراض المانعة، في الوصول إلى العلم بالله تعالى الحاذق الخبير بالمعالجة والأمزجة و الأدوية، وما يوافق منها، وقد انعقد إجماع أهل الله تعالى " أنه لابدَّ من الوسيلة، وهو الشيخ في طريق العمل بالله تعالى ، ولا تغني عنه الكتب، وذلك عند ورود الواردات، وبوارق التجلّيات والواقعات، ليبيّن للمريد المقبول من المردود، والصحيح من السقيم، وأم بداية السلوك فيكتفي بالكتب المصنفة في المعاملة والمجاهدة المطلقة.

﴿وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ ﴾[المائدة: 5/ 35].

أمر بالجهاد بعد الظفر بالشيخ، وهو جهاد خاص يكون بحسب أمر الشيخ وم يرسمه للمريد، فإنَّ المجاهدة بغير شيخ لا يعوّل عليها، إلاَّ في النادر، فليس هو جهاد واحد على طريق واحد، لأن الاستعدادات مختلفة، و الأمزجة متباينة، فلربما يكون الأمر النافع لزيد مضراً بعمرو وبالعكس.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!